ردا على مقالة (من مفارقات الزمن الكوردي السياسي صلاح بدرالدين)

زانا خليل

“أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طين”

كان هذا رد الشيطان عندما سئل ما الذي أخرجك من الجنة ؟ بالتأكيد : هي الأنا المتصخمة حب الذات والغرور والأنانية والاستعلاء وقد بات هذا المرض من معطيات هذا العصر وكانت من إفرازات الأنظمة السياسية والاجتماعية التي رسختها بين الشعوب ويقول ا.د.عبد الرحمن إبراهيم أستاذ الطب النفسي عن هؤلاءالمحبون لذواتهم أو مايطلق عليهم “اضطراب الشخصية النرجسية” NarcissisticPersonalityDisorder :
“يمتلك أصحاب الشخصية النرجسية إحساساً بالعظمة يشي عن مدى أهميتهم وفرديتهم ، فيرون أنفسهم بغاية الأهمية عباقرة ويميلون ليكونوا في علاقاتهم مع الآخرين متعجرفين متعالين متكبرين، وعندما يتحدثون ينشغلون دائماً بتحقيقاتهم الشخصية ولا يحبون أن يقاطعهم أحد، وعندهم حاجة كبيرة لجذب الانتباه المستمر والإعجاب، وإحساسهم بالاستحقاق يقودهم إلى توقع أفعال معينة من الآخرين يقومون بها تجاههم دون أن يكون لهم مسؤوليات مقابلة، وقد يغضبون غضباً كبيراً عندما لا يحصلون على توقعاتهم، وهذا الشعور بالاستحقاق يقودهم إلى انتقاد الآخرين من أجل أهدافهم الشخصية دون الاهتمام بحاجات الآخرين وحقوقهم ..”

ومن المؤلم أن يظهر بين مثقفينا الكورد من ينتهج هذا السلوك المرضي كما لو أنهم بلغوا ذروة المعرفة وهذا ما يكتشفه القارئ من مقالة برزومحمود (من مفارقات الزمن الكوردي السياسي صلاح بدرالدين) المنشورة في موقع ولاتي مه -18 أيلول 2011 حيث ينتهك الآخر ويسلب أفكاره دون مراعاة لقيم أو أخلاق هم من يرعونها في المقام الأول نظرا لإنتماءاتهم الأدبية والسياسية وحملهم للرسالة في مجتمعاتهم …
يبدأ برزو مقاله بالحديث عن السياسي صلاح بدرالدين أنه يتميز “بمؤهلات سياسية وثقافية ذات مستوى جيد، بالإضافة إلى أنه أمضى معظم حياته يناضل في سبيل قضية شعبه وفق رؤيته وإمكانياته المتاحة، ولا يمكن أن نتجاوز اسمه عند الحديث حول الحركة الكوردية في سوريا منذ ستينيات القرن الماضي وحتى الآن” لكنه ارتكب جريمة بحقه ِحين لم يتوقف عند مقالاته المنشورة وخاصة مقاله “اللغة الكوردية وانعدام التواصل الثقافي الكوردي” المنشور في موقع (ولاتي مه) الذي يعتبرها من فتوحاته بالرغم من أنها مقالة عادية مكررة يطرح فيها أفكارا مطروقة منذ سنوات وكيف يتوقف بدرالدين عند رسالة الكاتبة المبتدئة نارين متيني ومقالات سيامند إبراهيم المتواضعة – تصوروا –  !!؟
لن أتحدث عن مؤهلات السياسي صلاح بدرالدين المعروفة وخدماته للثقافة الكردية وكما يعترف برزو بأنه يعرفها بل سأوضح نقطة هامة غابت عن ذهن ناقدنا الجهبذ يرزو وهي بأن السياسي صلاح بدرالدين يعالج ظاهرة ليس بمنظور برزو الضيق بل أنه يعالج قضية مصيرية للشعب السوري وهي الثورة وموقف المرأة الكوردية منها تجلت واضحة في رسالة نارين – وهي شاعرة معروفة لها حضورها بين المثقفين الكورد وناشطة في الحراك الشبابي – كذلك موقف المثقف الكردي من هذه الثورة فالكاتب سيامند إبراهيم مع إمكانياته المتواضعة ظل ملازما للحراك الشبابي قولا وعملا ترجمها على أرض الواقع من خلال مشاركته في معظم المظاهرات الجمعية والليلية – في الوقت الذي غاب  برزو وأمثاله عن هذا الحراك –
ويعتبرالكاتب سيامند إبراهيم من أبرز المنتقدين للمارسات الخاطئة للساسة الكورد في أحاديثه وكتاباته منذ انتفاضة قامشلو 2004 وحتى يومنا هذا دفع ثمن مواقفه الملاحقة والاعتقال أي أنه متصالح مع ذاته وله وجه واحد على عكس برزو وأمثاله ..؟
أخيرا أريد أن أهمس في إذن برزو :
لماذا تملك حق الإعجاب بأسماء مقربة منك مثل : دهام حسن وخالص مسور وسربست نبي وتنتهك حق الآخر بالإعجاب بأسماء أخرى   
أيها الناقد العظيم كم فرحت بمقالاتك الأخيرة عن الموسيقا ومؤهلاتك في عالم الغناء – كانت مفاجأة لنا – واكتشافاتك الرائعة في عالم النوطة الموسيقية وكنا نتوقع أن تتحفنا بمقالات عن الأصوات النشاز في الموسيقا الشرقية أو دراسة عن الكمنجة وعمالقتها أمثال: أولاد  كني ورمو وبكرو وتترك هؤلاء الكتاب في مواجهة القمع دون المساس بقناعاتهم
أننا نعيش في مرحلة جد مفصلية في تاريخ شعبنا وخطيرة للغاية وعلينا أن نسارع إلى إيجاد دواء لمعالجة هذا المرض الخطير (الأنا) ونكرس ثقافة مغايرة للثقافة التي كرستها السلطة خلال أربعين سنة وهي ثقافة الإقصاء والاستعلاء وعدم قبول الآخر

واللبيب من الإشارة يفهم ؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…