كلاهم وقودهم الشباب من دون الاربعين, عسكر النظام وعسكر الثورة من نفس الفئة, حيث وزعت بين المعسكرين, انها حرب طاحنة تدور رحاها بين الخمسة والستين في المائة من المجتمع السوري, هم ضحاياها وهم شهداءها وشرارتها, ما عداها خارج دائرة الحلبة, المعارضة بخارجها وداخلها والاحزاب بيمينها ويسارها والمستقلون بشيوخها و نساءها, متفرجين وراكضين خلف الثورة يستظلون بظلها, وتتلحف بقصصها و مآثرها حتى تأخذها النوم, ونفيق ليت كنا لا نفيق على ضرب البشر و قلع كل عضو نادى بالضد او حدق بعنف او بال على مقدس!, شهداؤهم يتكرمون بالمال والموسيقى, وهم احياء عند ربهم يرزقون, اما قتلانا يدخلونهم(بضم الياء وشد الخاء) جهنم وهم احياء, بآلات التعذيب وقطعهم اربا اربا, ومن ثم رميهم في النهر الذي عاصى التوجه الى قبلة الجنوب مخالفا وعاصيا بوصلة وتقاليد مسارات انهار الدنيا, كل عاص مصيره العاصي!.
شئنا ام ابينا, ان المنطقة برمتها في رهن الحماية الدولية, مستقرة كانت ام منتفضة, كالبقرة الحلوبة والتي تحتاج الى من يرعاها و يغذيها طمعا في حليبها او كسبا في وليدها, هذه الحماة من الدول ايضا مختلفة على الاستحقاقات حول حصتها من الكعكة والتي ستتألف من جديد بنكهتها و طعمها و حجمها و حتى في شكلها, و عندئذ قد تتغير مواطئ القدم في جغرافية حماتنا, وقد تتبدل اساليبها في النصح والمشورة, ليس المهم من الغالب ومن المغلوب, ليسوا في عجلة من امرهم, في النهاية تبقى البقرة كما هي في حاجة الى المزيد من الرعاية والاهتمام, والى يد او آلة تمسك بحلمتها لتدر الهدف المطلوب.
الم تكن هذه الشعوب المنتفضة يوما ما, بارضها و عليائها تحت الحماية العثمانية؟, كم انتفاضة اندلعت وتمردات وقعت في زمن “عثمان”, وهتفنا الاستعمار على الحماية والنجدة, الم تكن اجدادنا هم الذين قادوا الثورات والانتفاضات في كل ارجاء سوريا من شمالها الى جنوبها و من شرقها الى غربها ضد المستعمرين والانتدابيين! وها نحن نطلب مجددا حمايتها و مظلتها المريحة جدا !!.
من الافضل ان نطلب من الامم الجائعة, ان يتركوا شأننا, وان لا يساهموا في رسم مصائرنا, الشعب والنظام سيحسمان امرهما في النهاية, وعلى قول الشاعر: اما حياة تسر الصديق واما ممات تغيظ العدا, دعونا نصنع تاريخنا بأيدينا, كي نستطيع ان نقبض على قوانينه, ونظل اسياد انفسنا وعلى الواقع والوقائع, بالتحدي نحن قادرون التغلب على المعوقات التي تعترض طريقنا, لان التحدي وحده هو مبعث الامل و مصدر انبعاث القدرة والحماية الذاتية, الحنين الى الاستعمار امر مدهش للغاية, والتسليم الى قبول الانتداب من جديد ايضا امر مخجل, والدعوة الى الحماية الدولية مسألة فيها جهل و عجل.