خالص مسور
كان ماركس نصيراً للقوميات وحق تقرير المصير للشعوب، ولكن دوماً تبعاً لمصلحة الطبقة العاملة أي أن الأولوية هنا للطبقة العاملة وليس للقومية، وفي حالة تعارض مصالح الطبقة العاملة مع مصلحة القومية كان الخلاف يحسم لصالح الطبقة.
وكان ماركس يرى أن هناك عيب مشترك بين اشتراكيي الأمتين السائدتين الانكليزية والروسية وعدم فهم واجباتهما تجاه الأمم المضطهدة، وانهما غائصتان في الأوهام المستقاة من برجوازية الأمة الكبيرة السائدة.
وكان ماركس يرى أن هناك عيب مشترك بين اشتراكيي الأمتين السائدتين الانكليزية والروسية وعدم فهم واجباتهما تجاه الأمم المضطهدة، وانهما غائصتان في الأوهام المستقاة من برجوازية الأمة الكبيرة السائدة.
وأن ماركس وانكليز كانا يقدران أهمية مسالة القوميات وفقاً للأوضاع والظروف التاريخية للبلد المعني.
فحينما قامت حركة نبلاء البولونيين القومية تشائم منها إنجلز وكان لايعتقد بنجاح انتفاضات النبلاء البولونيين الذي وصف ماركس دورهم في التاريخ عام 1851م بـ(الحماقات الجريئة)، ولكن وبما أن الإنتفاضة قد اندلعت لذا فقد تعاطف كل من ماركس وانجلز مع الحركة تعاطفاً حاراً، رغم أنها كانت حركة نبلاء معادون للفلاحين.
ولكن – وكما قلنا- فإن ماركس كان في تطرقه للسياسة الأممية يأخذ بعين الاعتبار البلدان لا القوميات، أي أن مسالة القوميات تحتل شأناً ثانوياً بالنسبة الى المسألة العمالية، ولكنه لم يكن ليجهل القوميات أبداً ويرى لها الحق في تقرير المصير ولو أدى ذلك إلى الانفصال، ولكن أعتقد أن مقولة ماركس هذه أي حق الشعوب في الإنفصال لم يطبقه السوفييت، كما لم يوافق الروس على انفصال أو حتى استفتاء أي من الحمهوريات الأربع عشرة المرتبطة مع روسيا في وحدة سياسية، وكان الحجة في هذا هو أن انفصال أي من هذه الجمهوريات معناها الإنضمام إلى الحرس الأبيض أو المعسكر الغربي المعادي للسوفييت.
وينصح ماركس الطبقة العاملة بألا تجعل من مسالة القوميات صنماً للعبادة، وفي هذا إشارة واضحة إلى أن مسالة القوميات لم تكن من أولويات الحركة الإشتراكية العمالية.
ولكن وفي نفس الوقت كان ماركس يرى بأن الحركات القومية الجماهيرية إذا ما اندلعت فإن تأييدها واجب أممي، وأن الوقوف في وجهها أو النفور منها هو التعصب القومي ذاته من قبل شعوب الدول السائدة.
وهنا سنأتي إلى مسالة القومية الإيرلندية وانفصال ايرلندة عن انكلترة.
فنقول: وقف منها ماركس في البداية موقف الشجب والرفض والإستنكار، ليعود بعد تطور ونضوج مفاهيمه السياسية تجاه القوميات، إلى تأييد الحركة ومساندتها بأشد العزم والتصميم.
وحول هذا يقول ماركس:( لقد حاولت جهدي بجميع الوسائل إثارة العمال الإنكليز للتظاهر في سبيل تأييد الحركة الفينيانية – وهي حركة البرجوازيين الإيرلنديين الذين طالبوا بتحويل الفلاحين المستأجرين إلى مالكين للأراضي- …فيمامضى، كنت اعتبر إنفصال إيرلندة عن إنكلترا أمراً مستحيلاً.
أما اليوم فإني أعتبر هذا الإنفصال أمراً محتوماً، ولو أدى الأمر بعد الإنفصال إلى الاتحاد الفيدرالية)- رسالة ماركس إلى إنكلز 2 تشرين الثاني 1867م..
ولهذا نصح ماركس العمال الإنكليز بأن يجعلوا من انفصال إيرلندة عن إنكلترة نقطة من نقاط برنامجهم العمالي.
وذلك كان الشكل الشرعي الوحيد الذي يراه ماركس للمسألة الإيرلندية ودعا الإيرلنديين في نفس الوقت إلى التمسك بالحكم الذاتي والثورة الزراعية في آن واحد، وأن من العار على إنكلترة استعباد الشعب الإيرلندي.
ولهذا رآى ماركس أن مصالح الطبقة العاملة الانكليزية المباشرة المطلقة توجب قطعها لصلاتها بإيرلندة آنذاك.
ويتابع ماركس القول: لقد اعتقدت طويلاً أن بالإمكان القضاء على النظام الإيرلندي بفضل نهوض الطبقة العاملة الإنكليزية، وقد دافعت دائماً عن هذا الراي في جميع طروحاتي.
غير أن دراسة المسألة بمزيد من التعمق اقنعتني بالعكس، بأن الطبقة العاملة الإنكليزية لن تتمكن من القيام بأي شيء إذا لم تتخلص من إيرلندة….
أي أن الطبقة العاملة الإنكليزية سوف لن تتحرر ما لم تتحرر إيرلندة من النير الإنكليزي.
في الحقيقة نرى هنا – وبجلاء- تضارباً في الأقوال وتقلباً في الأهواء في آراء ماركس حول القومية الإيرلندة، والتي اصبحت صورة لموقف ماركس من القوميات ككل.
أي أن ماركس في البداية كان يرى بأن الحركة العمالية في الأمة السائدة لا الحركة القومية في الأمة المسودة هي التي ستحرر إيرلندة قبل أن يثيت لديه العكس، لأنه كان يعتقد بأن انتصار الطبقة العاملة في العالم هي وحدها التي ستحرر جميع القوميات تحريراً تاماً، أي بما معناه – وكما ألمحنا قبلاً- أن الأولوية في التحرر هي للطبقة العاملة أولاً ليتلوها تحرر القوميات ثانياً.
كما كان ماركس يرى أنه من المستحيل أن يأخذ المرء مسبقا بالحسبان جميع الصلات المتبادلة الممكنة بين الحركات التحررية البرجوازية في الأمم المسودة وبين الحركات التحررية البروليتارية في الأمة السائدة.
ففي ايرلندة كانت الظروف قد تغيرت ووقعت خلالها الطبقة العاملة الإنكليزية مدة طويلة من الزمن تحت تأثير الليبراليين وفقدت دورها القيادي، أما الحركة التحررية البرجوازية في إيرلندة فقد اشتد ساعدها واتخذت أشكالا ثورية حيث كانت الثورة البرجوازية قد انتهت بوجه عام في إنكلترة، ولكنها لم تنته في إيرلندة بعد، وبما أن الحركة القومية البرجوازية الإيرلندية قد قامت لذا فقد نصح ماركس العمال الإنكليز بمساندتها بدفعها دفعاً ثورياً، وبالسير بها حتى النهاية حتى تحقيق النجاح حرصاً على مصلحة حريتهم بالذات.
وهكذا أعاد ماركس النظر في رأيه من المسألة الإيرلندية وأصلحه وهو يقول: إنها مصيبة على شعب أن يستعبد شعباً آخر.
………………………
فحينما قامت حركة نبلاء البولونيين القومية تشائم منها إنجلز وكان لايعتقد بنجاح انتفاضات النبلاء البولونيين الذي وصف ماركس دورهم في التاريخ عام 1851م بـ(الحماقات الجريئة)، ولكن وبما أن الإنتفاضة قد اندلعت لذا فقد تعاطف كل من ماركس وانجلز مع الحركة تعاطفاً حاراً، رغم أنها كانت حركة نبلاء معادون للفلاحين.
ولكن – وكما قلنا- فإن ماركس كان في تطرقه للسياسة الأممية يأخذ بعين الاعتبار البلدان لا القوميات، أي أن مسالة القوميات تحتل شأناً ثانوياً بالنسبة الى المسألة العمالية، ولكنه لم يكن ليجهل القوميات أبداً ويرى لها الحق في تقرير المصير ولو أدى ذلك إلى الانفصال، ولكن أعتقد أن مقولة ماركس هذه أي حق الشعوب في الإنفصال لم يطبقه السوفييت، كما لم يوافق الروس على انفصال أو حتى استفتاء أي من الحمهوريات الأربع عشرة المرتبطة مع روسيا في وحدة سياسية، وكان الحجة في هذا هو أن انفصال أي من هذه الجمهوريات معناها الإنضمام إلى الحرس الأبيض أو المعسكر الغربي المعادي للسوفييت.
وينصح ماركس الطبقة العاملة بألا تجعل من مسالة القوميات صنماً للعبادة، وفي هذا إشارة واضحة إلى أن مسالة القوميات لم تكن من أولويات الحركة الإشتراكية العمالية.
ولكن وفي نفس الوقت كان ماركس يرى بأن الحركات القومية الجماهيرية إذا ما اندلعت فإن تأييدها واجب أممي، وأن الوقوف في وجهها أو النفور منها هو التعصب القومي ذاته من قبل شعوب الدول السائدة.
وهنا سنأتي إلى مسالة القومية الإيرلندية وانفصال ايرلندة عن انكلترة.
فنقول: وقف منها ماركس في البداية موقف الشجب والرفض والإستنكار، ليعود بعد تطور ونضوج مفاهيمه السياسية تجاه القوميات، إلى تأييد الحركة ومساندتها بأشد العزم والتصميم.
وحول هذا يقول ماركس:( لقد حاولت جهدي بجميع الوسائل إثارة العمال الإنكليز للتظاهر في سبيل تأييد الحركة الفينيانية – وهي حركة البرجوازيين الإيرلنديين الذين طالبوا بتحويل الفلاحين المستأجرين إلى مالكين للأراضي- …فيمامضى، كنت اعتبر إنفصال إيرلندة عن إنكلترا أمراً مستحيلاً.
أما اليوم فإني أعتبر هذا الإنفصال أمراً محتوماً، ولو أدى الأمر بعد الإنفصال إلى الاتحاد الفيدرالية)- رسالة ماركس إلى إنكلز 2 تشرين الثاني 1867م..
ولهذا نصح ماركس العمال الإنكليز بأن يجعلوا من انفصال إيرلندة عن إنكلترة نقطة من نقاط برنامجهم العمالي.
وذلك كان الشكل الشرعي الوحيد الذي يراه ماركس للمسألة الإيرلندية ودعا الإيرلنديين في نفس الوقت إلى التمسك بالحكم الذاتي والثورة الزراعية في آن واحد، وأن من العار على إنكلترة استعباد الشعب الإيرلندي.
ولهذا رآى ماركس أن مصالح الطبقة العاملة الانكليزية المباشرة المطلقة توجب قطعها لصلاتها بإيرلندة آنذاك.
ويتابع ماركس القول: لقد اعتقدت طويلاً أن بالإمكان القضاء على النظام الإيرلندي بفضل نهوض الطبقة العاملة الإنكليزية، وقد دافعت دائماً عن هذا الراي في جميع طروحاتي.
غير أن دراسة المسألة بمزيد من التعمق اقنعتني بالعكس، بأن الطبقة العاملة الإنكليزية لن تتمكن من القيام بأي شيء إذا لم تتخلص من إيرلندة….
أي أن الطبقة العاملة الإنكليزية سوف لن تتحرر ما لم تتحرر إيرلندة من النير الإنكليزي.
في الحقيقة نرى هنا – وبجلاء- تضارباً في الأقوال وتقلباً في الأهواء في آراء ماركس حول القومية الإيرلندة، والتي اصبحت صورة لموقف ماركس من القوميات ككل.
أي أن ماركس في البداية كان يرى بأن الحركة العمالية في الأمة السائدة لا الحركة القومية في الأمة المسودة هي التي ستحرر إيرلندة قبل أن يثيت لديه العكس، لأنه كان يعتقد بأن انتصار الطبقة العاملة في العالم هي وحدها التي ستحرر جميع القوميات تحريراً تاماً، أي بما معناه – وكما ألمحنا قبلاً- أن الأولوية في التحرر هي للطبقة العاملة أولاً ليتلوها تحرر القوميات ثانياً.
كما كان ماركس يرى أنه من المستحيل أن يأخذ المرء مسبقا بالحسبان جميع الصلات المتبادلة الممكنة بين الحركات التحررية البرجوازية في الأمم المسودة وبين الحركات التحررية البروليتارية في الأمة السائدة.
ففي ايرلندة كانت الظروف قد تغيرت ووقعت خلالها الطبقة العاملة الإنكليزية مدة طويلة من الزمن تحت تأثير الليبراليين وفقدت دورها القيادي، أما الحركة التحررية البرجوازية في إيرلندة فقد اشتد ساعدها واتخذت أشكالا ثورية حيث كانت الثورة البرجوازية قد انتهت بوجه عام في إنكلترة، ولكنها لم تنته في إيرلندة بعد، وبما أن الحركة القومية البرجوازية الإيرلندية قد قامت لذا فقد نصح ماركس العمال الإنكليز بمساندتها بدفعها دفعاً ثورياً، وبالسير بها حتى النهاية حتى تحقيق النجاح حرصاً على مصلحة حريتهم بالذات.
وهكذا أعاد ماركس النظر في رأيه من المسألة الإيرلندية وأصلحه وهو يقول: إنها مصيبة على شعب أن يستعبد شعباً آخر.
………………………
كتاب: لينين – ص- 363- وما بعد.