التلذذ بالقتل قصة سورية

فرحان كلش

 

خلال اليومين الفائتين، استعادت إدارة الجولاني سيرة الأسدين قتلاً وتنكيلاً، ليبرهن بأنه خير من حمل راية التلذذ بقتل السوري، وفي حضور إعلامي عاهر تابع لها، وتحت شعارات طائفية مقيتة، إنها قصة سوريا المنتقلة من نظام فاسد وقاتل، إلى إدارة تستند إلى شعبوية طائفية، و تحمل إرث أميرها القاعدي والجهادي.

الحرب بين العسكريين هي التأسيس الأصيل لانقسامات المجتمع، و هي بين قتلة يصفّون حسابات البيدر السوري، الذي أصبح مشاعاً منذ نصف قرن.

فيما ما يهمنا أكثر الآن هو نتائج غزوة الساحل و قتل الناس في بيوتها حول المدفأة، ما يهمنا هو المقتلة الجماعية بدوافع طائفية، هنا كانت قصة التنكيل بمئات الآلاف من الأبرياء في قصبات وقرى ومدن العلويين، على يد جنود الخلافة القابعة في دمشق، التي لم تثبت للحظة أنها ربما تكون سلطة على مسافة واحدة من كل السوريين، لذلك ولأنها غير قادرة على أن تكون سلطة ودولة حقيقية، تلجأ إلى فرض قوامها المشوه و الزائف بالدم، في وقت كان من المفترض أن تنشئ جملة احتواءات سياسية لكل السوريين، لأسباب تتعلق بتعدد مشاربهم القومية والدينية والطائفية وحتى الفكرية والسياسية و لكن الذي حصل هو فرض رؤيتها الأحادية، تحت تهديد الجميع كي يكونوا بلا أسلحة(آخر خطابات الجولاني)، أي بلا أدوات للدفاع عن الذات بحجة حصر السلاح بيد الدولة، في وقت حاضنتها الشعبية والعسكرية مدججة بالسلاح، وتجلى ذلك باستجابتها لنداءات ودعوات أئمة المساجد في مدن مثل إدلب وحماة للنفير العام والجهاد ضد جزء من الشعب السوري، وكذلك جيش هذه الدولة المزعومة يتشكل من مجاميع إرهابية قادمة من أنحاء المعمورة بدوافع جهادية صرفة ومرتزقة قاتلت الشعب السوري أولاً، قبل أن تقاتل تحت رايات دول إقليمية وفي أكثر من موقع حرب خارجية.

إن عمليات قتل المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ وشباب وإهانة الناس بدوافع طائفية في الساحل السوري، وتحت أية ذريعة كانت وتوثيق ذلك من قبل القتلة أنفسهم بالصوت والصورة، استخفاف بحياة السوريين، وكيف لا وهم الذين يقولون بأنهم يحبون الموت كما يحب الآخر الحياة، في مشهد متكرر منذ ظهور ما تُسمى بالحركات الجهادية في العالم، وكذلك هو استباق مقصود للعدالة الانتقالية، بل إلتفاف عليها من خلال التنكيل بالأبرياء، هذه العدالة التي سعى وربما تمناها السوريون يوماً أن تكون في محاكم خاصة تتشكل لمحاسبة كل المجرمين على الأرض السورية، وليس في الساحات والشوارع و داخل بيوت أناس أبرياء، ذنبهم الوحيد أنهم من طائفة ارتكب أشخاص منها مجازر مدانة، و ننسى أنه كان منها كذلك معارضون للنظام السابق و لسنوات.

كل هذا لا يبشر ببناء دولة لجميع السوريين، بل محاولة مرفوضة لإخضاع المختلفين إما بالمسرحيات السياسية كمؤتمر الحوار الوطني أو بفوهات البنادق، وفي كلا الحالتين نحن أمام مشهد سوري قاتم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود   لطالما كانت الحرية، بمختلف تجلياتها، مطلبًا أساسيًا للشعوب، لكنّها في الوقت ذاته تظل مفهومًا إشكاليًا يحمل في طياته تحديات كبرى. ففي العصر الحديث، مع تطور وسائل الاتصال وانتشار الفضاء الرقمي، اكتسبت حرية التعبير زخمًا غير مسبوق، مما أعاد طرح التساؤلات حول مدى حدود هذه الحرية وضرورة تنظيمها لضمان عدم تحولها إلى فوضى. وفي العالم العربي، حيث تتفاوت…

إبراهيم محمود   بداية، أشكر باحثنا الكردي الدكتور محمود عباس، في تعليقه الشفاف والمتبصر” في مقاله ( عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة ” 11 نيسان 2025 “. موقع ولاتي مه، وفي نهاية المقال، رابط للحوار المتلفز)، على حواري مع كاتبنا الكردي جان دوست، على قناة ” شمس ” الكردية، باللغة العربية، في هولير، ومع الشكر هذا، أعتذر…

المحامي عبدالرحمن نجار   إن المؤتمر المزمع عقده في ١٨ نيسان في الجزيرة هو مؤتمر الأحزاب التي معظم قياداتها كانت تتهرب من ثوابت حق شعبنا الكوردي وفق القانون الدولي. وكانت برامجها دونية لاترقى إلى مصاف ومرتبة شعبنا الكوردي كشعب أصلي يعيش على أرضه التاريخية، وتحكم حقوقه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتتجلى في حق تقرير المصير!. وحيث أن…

قهرمان مرعان آغا يحصل لغط كثير و تباين واضح ، مقصود أو جهل بإطلاق المصطلحات القانونية والسياسية، فيما يتعلق بالشعب الكوردي و حقوقه القومية و وطنه كوردستان ، تحديداً في كوردستان الغربية/ سوريا . هناك حقيقة جغرافية طبيعية و بشرية و حدود سياسية بأمر واقع في كوردستان ، الوطن المُجزء و المُقسَّم بين الدول الأربع ، تركيا ، ايران ،…