ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا – القسم الرابع

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف الأحزاب والفصائل الكوردية لضمان حقوقهم وتحقيق تطلعاتهم، من خلال تقديم رؤى وتحليلات متعددة الأبعاد. يسعى “ولاتي مه” إلى توفير فهم أعمق لوضع الكورد في سوريا وآفاقهم المستقبلية وتكوين رؤية مشتركة حول مجمل القضايا التي ترتبط بالقضية الكوردية في سوريا.

القسم الرابع: تضم مشاركات كل من السادة:

– بوتان زيباري: كاتب.

– الدكتور عبدالحكيم بشار: عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا.

– علي شمدين: عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا وممثله في اقليم كوردستان .

– د. علي صالح ميراني: كاتب، وباحث، و استاذ جامعي.

============= 

 

بوتان زيباري:
«يجب أن تكون الأولوية الأساسية للقوى السياسية الكوردية هي تحقيق الوحدة، حيث أن غياب موقف موحد كان دائماً عائقاً رئيسياً أمام تحقيق مكاسب سياسية دائمة.»

 

مستقبل الكورد في سوريا: بين التحديات والفرص

 

في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة، يواجه الكورد في سوريا تحديات كبرى وفرصاً فريدة قد تعيد تشكيل موقعهم على الخريطة السياسية للبلاد. وبينما تشهد المنطقة تغيرات عميقة على المستويات العسكرية والدبلوماسية، يبقى السؤال الجوهري: كيف يمكن للكورد ضمان حقوقهم وتحقيق مستقبل مستقر في سوريا ما بعد الحرب؟

 

التحدي الأول: تحقيق الوحدة الكوردية

يجب أن تكون الأولوية الأساسية للقوى السياسية الكوردية هي تحقيق الوحدة، حيث أن غياب موقف موحد كان دائماً عائقاً رئيسياً أمام تحقيق مكاسب سياسية دائمة. وينبغي أن تستند هذه الوحدة إلى رؤية استراتيجية مشتركة تحترم التعددية داخل المجتمع الكوردي نفسه، وتضمن تمثيل مختلف التيارات السياسية والفكرية. كما يجب أن تركز القوى الكوردية على إقامة علاقات متوازنة مع الفاعلين الدوليين والإقليميين لضمان دعم قضيتهم، بعيداً عن الاستقطاب الحاد الذي قد يؤدي إلى عزلة سياسية.

 

التحديات الرئيسية التي تواجه الكورد

يمكن تلخيص التحديات التي تواجه الكورد اليوم في ثلاثة محاور رئيسية:

  1. الضغوط الإقليمية– حيث تسعى بعض القوى الإقليمية إلى تقويض أي شكل من أشكال الحكم الذاتي الكوردي، خوفاً من أن يشكل ذلك سابقة لمناطق أخرى.
  2. الانقسامات الداخلية– حيث تؤدي الخلافات السياسية والأيديولوجية إلى إضعاف الموقف الكوردي، مما يجعله هشاً أمام المتغيرات السياسية.
  3. غياب توافق وطني سوري– فلا يوجد حتى الآن إجماع واضح حول شكل الدولة السورية المستقبلية، مما يترك مصير الكورد في حالة من عدم اليقين.

للتغلب على هذه التحديات، يجب على القوى السياسية الكوردية تطوير سياسات مرنة تستجيب للواقع السياسي المتغير، وتعزيز العلاقات مع القوى الديمقراطية السورية.

 

الهوية القومية والانخراط في مستقبل سوريا

يكمن أحد أكبر التحديات في تحقيق توازن بين الحفاظ على الهوية القومية الكوردية والمشاركة في الدولة السورية على أساس المواطنة المتساوية. يتطلب ذلك نظام حكم ديمقراطي لا مركزي يضمن حقوق جميع المكونات، سواء من خلال الفيدرالية، أو الإدارة الذاتية، أو أي نموذج آخر، بشرط أن يستند إلى مبدأ الشراكة الحقيقية.

أما فيما يتعلق بالدستور السوري المستقبلي، فلا بد أن يتضمن نصوصاً صريحة تعترف بالكورد كمكون رئيسي في البلاد، مع ضمان حقوقهم الثقافية واللغوية والسياسية بشكل واضح. لكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: هل ستقبل القوى الإقليمية بمثل هذا النظام؟ الواقع يشير إلى أن هذا القبول مرتبط بميزان القوى والاتفاقات السياسية المستقبلية. وهنا يأتي دور الدبلوماسية الكوردية في إقناع هذه الدول بأن تمتع الكورد بحقوقهم لا يتعارض مع استقرار المنطقة، بل يعزز فرص السلام.

 

أهمية التوافق السياسي

إن تحقيق توافق سياسي بين مختلف الأطراف السورية حول شكل النظام المستقبلي ضرورة ملحة. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الحوار المستمر بين جميع المكونات، بما في ذلك العرب، والسريان، والآشوريين وغيرهم، بعيداً عن سياسات الإقصاء والهيمنة.

أما على صعيد وحدة الموقف الكوردي، فلا تزال جهود التنسيق بين الأحزاب الكوردية تواجه صعوبات بسبب تباين الرؤى السياسية والتأثيرات الخارجية. ولذلك، فإن الخطوة الأهم لتحقيق الوحدة تكمن في تطوير ميثاق سياسي مشترك يجمع مختلف التيارات، ويحدد الأولويات الوطنية بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة. كما يمكن للجهات الدولية والإقليمية أن تلعب دوراً في تقريب وجهات النظر بين القوى الكوردية المختلفة، خاصة في ظل الحاجة الملحة لتوحيد الجهود استعداداً للمؤتمر الوطني السوري المرتقب.

 

الدور الكوردي في المؤتمر الوطني السوري

فيما يخص المؤتمر الوطني السوري، يجب أن يكون للكورد خطة واضحة لضمان تمثيلهم العادل، بحيث لا يكون وجودهم شكلياً، بل قائماً على طرح قضاياهم الجوهرية، وعلى رأسها الحقوق القومية، والنظام السياسي الذي يضمن مشاركتهم الفاعلة، ورفض أي محاولة لإنكار وجودهم. كما ينبغي تعزيز التحالفات مع المكونات الأخرى لضمان صوت قوي داخل المؤتمر.

 

دور المثقفين والإعلام في المرحلة الراهنة

يلعب المثقفون والكتاب الكورد دوراً محورياً في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي وصياغة رؤية مشتركة لمستقبل الكورد في سوريا. فلا يمكن تحقيق أي تغيير بدون إطار فكري مستنير يعزز قيم الديمقراطية والتعددية، بعيداً عن الخطاب القومي الضيق. كما يجب تبني استراتيجيات إعلامية فعالة تخاطب الرأي العام السوري والدولي حول قضية الكورد، بحيث تتجاوز النطاق المحلي وتصل إلى دوائر صنع القرار الدولية.

 

تعزيز العلاقات مع المكونات السورية الأخرى

يتطلب تحقيق شراكة حقيقية تطوير استراتيجيات لتعزيز التفاهم والتعاون، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضاً على المستويات الاجتماعية والثقافية. يجب أن يكون موقف الكورد واضحاً في دعم حقوق جميع المكونات، لأن بناء دولة ديمقراطية لا يمكن أن ينجح إلا إذا كان قائماً على مبادئ العدالة والمساواة.

 

البعد الدولي: ضرورة استراتيجية

يبقى الانفتاح على المجتمع الدولي عاملاً حاسماً في دعم المطالب الكوردية في سوريا. يجب أن تسعى القوى الكوردية إلى تعزيز علاقاتها بالدول الكبرى والمنظمات الدولية، والاستفادة من التجارب المشابهة حول العالم لضمان تحقيق حقوقهم الدستورية. فالتاريخ يثبت أن القضايا العادلة تحتاج إلى دعم دولي مستمر كي تتحول إلى واقع ملموس.

 

الخاتمة

مستقبل الكورد في سوريا ليس قدراً محتوماً، بل هو نتيجة عمل سياسي دؤوب، وذكاء استراتيجي، وإرادة شعبية صلبة. قد يكون الطريق وعراً، لكن التاريخ أثبت أن الشعوب التي تمتلك رؤية واضحة لمستقبلها قادرة على تجاوز الصعاب والانتصار في النهاية.

=============

الدكتور عبدالحكيم بشار: 

(( لا يوجد لدينا وصفة جاهزة لضمان تمثيل عادل وفاعل للكرد في مؤتمر الحوار الوطني ولكن المجلس الوطني الكردي، ومن خلال علاقاته الوطنية والإقليمية والدولية يمكن أن يتم تمثيله بشكل فاعل. ))

 

ما هي الأولويات التي يجب أن تركز عليها القوى الكوردية لضمان حقوق الكورد في سوريا في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة؟

يجب أن يركّز الكرد على المطالبة بحقوقهم وضمان هذه الحقوق في دستور سوريا المستقبل، وذلك من خلال الحوار المباشر مع السلطة الجديدة في دمشق التي باتت تملك الأوراق الرئيسية في مستقبل سوريا على مدى السنوات القادمة.

 

ما هو نظام الحكم الأمثل الذي يضمن حقوق الكورد وبقية مكونات الشعب السوري؟

نظام الحكم الأمثل هو النظام شبه الرئاسي الذي يحقق قواعد الديمقراطية التي تتمثل في التداول السلمي للسلطة، وفصل السلطات واستقلال القضاء وضمان الحريات العامة والخاصة، من ضمنها حرية الرأي والتعبير والمعتقد.

 

ما هي الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لتحقيق وحدة الموقف الكردي في سوريا؟

حقيقة الواقع الكردي رغم بساطته فقد بات معقداً حيث يوجد حوالي 50 حزباً كردياً، لا أعتقد أن هذا الرقم من الأحزاب موجود في الصين أو الهند

عدا منظمات المجتمع المدني والأكاديميين والمثقفين ورجال الدين والمستقلين.

والكل يريد أن يكون ضمن الوفد الكردي وهذا غير ممكن.

برأيي أن الخطوات العملية تكمن في الاتفاق على رؤية كردية مشتركة تخصّ الشعب الكردي وحقوقه، ووفد كردي موحّد بين المجلس الوطني الكردي وبين الاتحاد الديمقراطي، بشرطين:

الأول: إخراج حزب العمال الكردستاني من المعادلة الكردية السورية نهائياً.

والثاني: عدم الخلط بين حقوق الكرد وشرقي الفرات، وموضوع الإدارة، فحقوق الكرد تخص المناطق الكردية فقط، وهذا يشمل الجزيرة وكوباني وعفرين، والكرد في حماة وحلب وجبل الأكراد والباب ودمشق وتل أبيض، ولا تشمل محافظتي الرقة ودير الزور.

 

كيف يمكن ضمان تمثيل عادل وفاعل للكورد في المؤتمر الوطني السوري؟

لا يوجد لدينا وصفة جاهزة لضمان تمثيل عادل وفاعل للكرد في مؤتمر الحوار الوطني ولكن المجلس الوطني الكردي، ومن خلال علاقاته الوطنية والإقليمية والدولية يمكن أن يتم تمثيله بشكل فاعل.

ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المثقفون والكتاب الكورد في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي خلال المرحلة المقبلة؟

للمثقفين والكتاب دور محوري في المساهمة في ضمان حقوق الكرد ولا يحق لنا وضع خارطة طريق لعملهم لأنهم الأكثر معرفة، ولكن بتصوري أن هناك محاور يمكن للمثقفين ان يلعبوا دوراً أساسياً فيها، منها:

١- تقديم النصح والمشورة للحركة الكردية.

٢- انتقاد أماكن الخلل والضعف في الحركة الكردية، وفي أدائها، وتقديم المقترحات لتصويبها.

٣- فتح حوارات واسعة ومعمّقة مع المثقفين السوريين حول مختلف القضايا التي تهمّ سوريا ومن بينها القضية الكردية.

٤- تقديم دراسات أكاديمية عن الواقع الكردي في سوريا، دراسات تاريخية، اجتماعية، واقتصادية وإحصائية وغيرها من الدراسات، حيث تملك المؤهلات لذلك.

 

كيف يمكن للكورد بناء تحالفات مستدامة مع القوى السياسية السورية الأخرى لضمان مستقبل مشترك في دولة ديمقراطية؟

العلاقات مع جميع المكوّنات السورية وقواها الوطنية والديمقراطية أمر ضروري، وهناك أرضية جيدة للقيام بها، وخاصة تلك القوى المتقاربة في وجهات النظر حول القضايا الجوهرية مع إمكانية تأسيس درجات مختلفة من التنسيق.

ولكن بشرط أن يكون الهدف هو المزيد من التحول الديمقراطي في سوريا، والدفاع عن الحريات العامة والخاصة، والدفاع عن حرية المعتقد، وعن حقوق المكونات، وعن حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل دستورياً مع التأكيد على ألا تكون هذه العلاقة ضد أي طرف أو مكون سوري، بل هي المساهمة في تطوير سوريا.

 

ما هي القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية لضمان دعم حقوق الكورد في سوريا؟

العمل مع المجتمع الدولي متاح حتى الحظة للقوى الوطنية والديمقراطية بمختلف توجهاتها، للمجلس أيضاً علاقات جيدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والفرصة متاحة للاستفادة من دورهم ونفوذهم في المرحلة الانتقالية، ولكن بعد استقرار الوضع وصدور قانون الأحزاب حينها قد تكون هناك قيود على تعامل الأحزاب مع المجتمع الدولي، لذلك علينا التحرُّك بفعالية واستغلال الفرصة المتاحة، فالمرحلة الانتقالية تضع اللبنات الأساسية لمستقبل سوريا.

============= 

 

علي شمدين:

«ينبغي أن لا تقتصر القضايا التي سيطرحها الوفد الكردي في المؤتمر المنشود، على القضايا القومية فقط، وإنما الوطنية أيضاً، وذلك انطلاقاً من كون قضيتنا جزءاً محورياً من قضايا البلاد الوطنية»

 

الأخوة الأعزاء في إدارة (Welatê Me)، لقد سرّني كثيراً دعوتكم لنا للمشاركة في هذا الملف الذي يتناول مستقبل الكرد في سوريا، وسبل وحدة الموقف الكردي، وطبيعة نظام الحكم الذي يضمن دستورياً حقوق الكرد وباقي مكونات الشعب السوري.. إلخ. وما شجعني على المشاركة فيه فضلا عن دعوتكم المشكورة لنا كمنبر إعلامي مثابر وملتزم بقضية شعبنا، كذلك أهمية الموضوع الذي يتناوله هذا الملف، والذي يشكل بالنسبة لي شخصياً موضوعاً هاماً يتناول مصير الكرد في سوريا الجديدة، ورأيت من واجبي المساهمة في توضيح رؤيتي حول ذلك، والتي تتضمن في الوقت نفسه رؤية حزبنا (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، وذلك بحسب إمكاناتي المتواضعة وضمن حدود مسؤولتي الثقافية والسياسية كأحد المهتمين بهذا الشأن..

أرجو أن أكون قد وفقت في مشاركتي هذه.. وشكراً

السليمانية

علي شمدين

 

1- المحور الأول: حول مستقبل الكرد في سوريا:

– كيف ترون مستقبل الكرد في سوريا في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة؟

الحقيقة التي لا بدّ من أخذها بعين الاعتبار حتى تكون رؤيتنا لمستقبل الكرد في سوريا واقعية ودقيقة، هي أن لا ننسى الحدود التي رسمتها اتفاقية (سايكس- بيكو)، التي ألحقت جزءاً من كردستان بحدود الدولة السورية الحديثة، وأفرزت ظروفاً موضوعية ألزمت الحركة الكردية في سوريا بخصائص نضالية تختلف عن تلك التي تتمتع بها الحركة الكردية في كردستان (تركيا، وإيران والعراق)، ولكن بالرغم من هذه الظروف الموضوعية القاهرة، والتحديات المصيرية التي تواجه طموحات الشعب الكردي في سوريا، فإن ما يبعث على التفاؤل بمستقبل الكرد ويجعل تحقيق طموحاتهم في سوريا الجديدة في متناول اليد، هو التغيير الجذري الجاري في المنطقة عموماً وفي سوريا بشكل خاص، والذي يهدف إلى بناء شرق أوسط جديد يكون للكرد فيه دور هام ومصيري بكل تأكيد، ولعل التجربة الراهنة في شرق الفرات تشكل، رغم عدم اكتمالها وجوانب القصور والخلل في أدائها، نموذجاً مصغراً لمثل هذا الدور المنتظر الذي يبشر بمستقبل واعد للشعب الكردي في سوريا الجديدة، ولكن يظل هذا التفاؤل مشروطاً بمدى تمكن حركته السياسية من تجاوز خلافاتها المفتعلة وصراعاتها العقيمة، والاجتماع بكل أطيافها ومكوناتها السياسية والثقافية والاجتماعية، حول طاولة واحدة للاتفاق على رؤية سياسية مشتركة وتشكيل مرجعية تمثل الشعب الكردي في سوريا.

– ما هي الأولويات التي يجب أن تركز عليها القوى الكردية لضمان حقوق الكرد في سوريا؟

لا شك بأنها كثيرة ومتشابكة تلك الأولويات التي يجب أن تركز عليها القوى السياسية الكردية اهتمامها لضمان حقوق شعبنا في سوريا الجديدة، ولكن تظل الأولوية الأهم على الإطلاق والتي تشكل المفتاح الرئيسي لفك شيفرة الأولويات الأخرى ومن ثم ترتيبها حسب أهميتها، هي ضرورة العمل بإرادة مستقلة بعيداً عن سياسة المحاور الخارجية وعن الأنانيات الحزبية الضيقة والعمل على توحيد الموقف الكردي بأسرع وقت ممكن، وصياغة رؤية سياسية مشتركة تتضمن شكل النظام الذي يطمح إليه الكرد في سوريا الجديدة، وكيفية حلّ قضيتهم القومية دستورياً. وهنا لابدّ لمطالبهم أن تكون واقعية ودقيقة، بعيدة عن المبالغات والشعارات العقيمة، وأن لا تصاغ هذه المطالب وفقاً للرغبات والعواطف، وإنما بالاعتماد على قوة المنطق في إقناع الطرف الآخر المشحون أصلاً بمخزون متراكم من التصورات الخاطئة والمشوهة عن الكرد وعن الخطر الكردي المزعوم، فقد قال الأسلاف: إثنان يخرجان من البازار خائبين، البائع الذي يطلب الكثير، والمشتري الذي لا يدفع إلّا القليل. ولهذا يتطلب من أطراف الحركة الكردية في سوريا الكف عن المزاودات والشعارات البراقة، وإدراك أن السياسية هي فن ممارسة الممكنات ليس إلّا.

– ما هي التحديات الأساسية التي تواجه الكرد في سوريا في المرحلة الحالية؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟

الحقيقة إن التاريخ الكردي غني بالتجارب التي تؤكد ميدانياً عقم الحل العسكري في إزالة الشعب الكردي من الوجود، وتثبت بأن عدالة قضيته القومية تشكل الحصن المنيع الذي ظل يحميه من الانحلال والفناء رغم فظاعة الكوارث والحروب التي حلّت به عبر العصور، والتي لم تزده إلّا عناداً في التمسك بوجوده، وإصراراً في التشبث بجذوره الممتدة في أعماق التاريخ، ولعل التجربة المريرة التي شهدها الشعب الكردي في سوريا في ظل سياسيات الترهيب والترغيب التي مارستها السلطات الدموية لحزب البعث منذ عام (١٩٦٣)، والتي كانت تهدف في جوهرها إلى تذويبه وإنهاء وجوده القومي وتغيير ديمغرافية مناطقه، تثبيت هذه الحقيقة، فقد سقط النظام وعاش الشعب الكردي في سوريا.

ولهذا فإن التحدي الأكبر الذي يواجه الكرد في سوريا الجديدة، هو هذا الإرث الشوفيني المتراكم الذي خلفه نظام البعث ضدهم. هذا الإرث الثقيل الذي ترك جروحاً عميقة في بنية المجتمع الكردي في سوريا خلال ما يزيد عن نصف قرن من القمع والظلم والاضطهاد، وكذلك تلك العقلية العنصرية السوداء المتعششة في عقول ورثة البعث من الشوفيين والجهاديين، الذين يتنكرون للوجود الكرد كثاني مكون قومي في البلاد بعد المكون العربي، ولعل عقلية الإقصاء والإنكار الشوفينية هذه هي نفسها التي تقف وراء هذا الحقد الأعمى الذي يقود النظام التركي بهذه الوحشية لضرب أيّ مكسب قد يحققه الكرد في سوريا، الأمر الذي يشكل تحدياً حقيقياً أمام طموحات الشعب الكردي في سوريا، كما أن استلام هيئة تحرير الشام السلطة، وتوجهها نحو تعميم تجربتها في إدلب على عموم البلاد، هذه التجربة الجهادية التي لا تقرّ بأيّة حقوق للمكونات القومية والدينية خارج إطار منظومتها الفكرية السلفية، وهذا يشكل تحدياً قاتلاً ليس للكرد فقط وإنما لجميع المكونات التي تشكل النسيج الوطني السوري، ويهدد بدفع البلاد من جديد نحو أتون حرب أهلية.

 وبالرغم من ارتفاع حجم التحديات التي تواجه الكرد في سوريا الجديدة، فإن نجاحهم في توحيد موقف حركتهم السياسية من دون إقصاء، وصياغة رؤيتها المشتركة، هو الذي يشكل الضمانة الأهم لمواجهة تلك التحديات والتحصن ضد مخاطرها.

– كيف يمكن للكرد أن يحققوا التوازن بين الحفاظ على هويتهم القومية والانخراط في بناء دولة سورية جامعة؟

إن فشل الحركة الكردية في سوريا خلال نضالها السياسي الطويل في تحقيق التوازن الدقيق بين بعديها (القومي، والوطني)، هو الذي يشكل الجذر الأساسي الذي دفع بها نحو دوامة الخلافات وأصابتها بآفة الانشقاقات التي بات الشعب الكردي في سوريا يدفع ضريبتها اليوم دفعة واحدة، وتكاد تلك الآفة أن تفوت هذه الفرصة الذهبية التي وفرتها المتغيرات الجذرية المتلاحقة التي تعصف بالمنطقة، والتي قد لا تتكرر لمئات السنين. ولا يخفى بأن هناك عوامل كثيرة تقف وراء فشل الحركة الكردية في سوريا في تحقيق التوازن المنشود بين هذين البعدين الإستراتيجيين، وأهمها هو افتقادها لشخصية كاريزمية محلية جامعة تقود نضالها بنجاح بين حجرتي رحى تتمثلان في التمسك بالهوية القومية للكرد السوريين هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى الانخراط في بناء دولة وطنية جامعة باتوا من رعاياها بعد رسم الحدود التي فرضتها اتفاقية سايكس بيكو التي ألحقت الجزء الأصغر من كردستان بحدود الدولة السورية آنذاك، الأمر الذي دفع بأنظار الكرد السوريين نحو الشخصيات الكاريزمية خارج الحدود، والتي ظلت من جهتها ولا تزال تتعامل معهم كالأخ القاصر والعاجز عن إدارة شؤونه باستقلالية وإرادة حرّة تنطلق من الخصائص التي فرضتها إتفاقية سايكس بيكو كما أسلفنا، فاختل التوازن بين هذين البعدين، فقسم بالغ بالانجذاب للبعد الكردستاني فاتهم بالانفصالية وإنشاء إسرائيل الثانية واقتطاع أجزاء من سوريا وإلحاقها بدول الجوار.. وقسم بالغ هو الآخر في الترويج للبعد الوطني فاتهم بالمساومة والكوسموبوليتية.. وغيرها من الاتهامات الباطلة التي قامت أجهزة النظام بتأجيجها بالترهيب حيناً وبالترغيب حيناً آخر، ووقفت بالمرصاد لظهور أيّ اتجاه واقعي يوازن بموضوعية بين هذين البعدين. هذا الاتجاه الواقعي الذي من شأنه أن ينطلق من كون المناطق الكردية التي ألحقت قسرياً بسوريا هي جزء من كردستان الكبرى وبأن سكانها هم جزء من الشعب الكردي الذي يجمعه مقومات قومية مشتركة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فرضت اتفاقية سايكس بيكو على هذا الجزء واقعاً مختلفاً عن الأجزاء الأخرى وفصلت بينها بحدود مزروعة بالألغام والأسلاك الشائكة والحراسة الصارمة، وألزمته بخصائص تميزه عن أبناء جلدته في تلك الأجزاء، وتفرض عليه هوية وطنية لا تشبه الهويات الوطنية للكرد فيها..

لقد ولى من دون رجعة ذلك النظام الذي كان يشكل العامل الأخطر في تأجيج ظاهرة الانشقاقات وصب الزيت على نيرانها، ولهذا فإن المخرج الرئيسي لخروج الحركة الكردية في سوريا من دوامتها، هو التحرر من العوامل الأخرى التي لا تزال تقف وراء غياب شخصيتها الاعتبارية المستقلة، ونيل إرادتها الحرة التي لا تخضع لأيّ جهة سوى لمصلحة الشعب الكردي في سوريا ولخصائص نضاله ليكون شريكاً وطنياً فاعلاً في بناء سوريا الجديدة، وهذا لا ينفي بكل تأكيد ضرورة التعامل مع البعد الكردستاني كظهير قومي لا يمكن الاستغناء عن العلاقة معه ضمن إطار التعاون والاحترام المتبادل، وصولاً إلى عقد المؤتمر القومي الذي طال انتظاره للخرج بمرجعية كردستانية شاملة، وبثوابت قومية تنظم العلاقة بين أجزائها بشكلها الصحيح. 

2- المحور الثاني: حول نظام الحكم في سوريا:

– ما هو نظام الحكم الذي تتطلعون إليه في سوريا المستقبل لضمان حقوق الكرد؟ هل تؤيدون الفيدرالية، الإدارة الذاتية، أو أشكالاً أخرى من اللامركزية؟

بداية لابدّ أن نؤكد بأنه لا يمكن للكردي أن يفتخر بانتمائه القومي، إلّا وأن يحلم بكردستان موحدة بكيانها المستقل وعلمها الذي لا بدّ أن يرفرف بين أعلام الدول في ساحة الأمم المتحدة، إن آجلاً أم عاجلاً، وهذا حلم مشروع أحلته كافة المواثيق والشرائع الدينية والدنيوية من دون استثناء، ولا أحد يمكنه أن يحرمنا من هذا الحلم، ولكن المغامرة في ممارسة هذا الحلم على أرض الواقع بالقوة من دون أخذ الظروف الذاتية والموضوعية بعين الاعتبار، فإنها ستكون بالتأكيد انتحاراً وإجهاضاً لهذا الحلم الجميل الذي يشكل زاداً معنوياً بحد ذاته يعزز من إرادة الصمود لدى الكردي لمتابعة نضاله على مراحل من دون كلل أو ملل وصولاً إلى تحقيق هذا الحلم المنشود ذات يوم. ولهذا لا بدّ أن ندرك إن نضال الشعب الكردي في سوريا تحكمه خصائص وظروف تميزه عن نضاله في الأجزاء الأخرى، وتؤطر تطلعاته وأهدافه في صيغة تلزمه بأخذ تلك الظروف بعين الاعتبار.

طبعاً أننا في حزبنا الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، ندعو اليوم إلى نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي يقرّ بحقوق الشعب الكردي في الدستور السوري الجديد، ويعترف بخصوصيته القومية في إدارة مناطقه بنفسه، إلّا أننا نخضع رؤيتنا هذه لما تجمع عليه أطراف الحركة الكردية خلال اجتماع موسع من دون إقصاء، ونسعى من جهتنا بكل تفان ونكران الذات إلى عقده بأسرع وقت. 

– كيف يمكن تصميم دستور سوري يضمن حقوق الكرد كمكون رئيسي في البلاد؟

لا شك بأن صياغة دستور كهذا سيكون من مهمة لجنة من المختصين في هذا المجال، والتي لابدّ لها أن تضم مختصين كرد أيضاً. وتظل وظيفة الحركة السياسية الكردية تقديم الخطوط الرئيسية العامة لهذا الدستور الذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار حقوق الكرد كمكون قومي رئيسي في البلاد، وقد تحدثنا عن تلك الحقوق آنفاً، ولابدّ من ضمانها بمواد فوق دستورية.

– هل تعتقدون أن الدول الإقليمية ستقبل بوجود نظام حكم يضمن حقوق الكرد في سوريا؟ وكيف يمكن إقناعهم بذلك؟

الحقيقة أن معظم الدول الإقليمية، ومن خلال التجارب التاريخية المريرة التي مرّ بها نضال شعبنا من أجل نيل حقوقه، سوف لن تقبل، وإن بدرجات متفاوتة، بوجود نظام حكم ديمقراطي تعددي يضمن في دستوره حقوق الشعب الكردي كمكون رئيسي في البلاد، وخاصة تلك الدول التي تقتسم كردستان، والتي لا تتفق عادة فيما بينها إلّا على منع الكرد من نيل هذه الحقوق، وقد نجحت هذه الدول في ذلك لأن النظام الدولي، وخاصة في مرحلة الحرب الباردة، كان يوفر لها الفرصة المناسبة لكي تنقض على طموحات الشعب الكردي وتقضي على حركاته وثوراته بوحشية على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، ولكن المعادلات بدأت تتغير لحسن الحظ بعد انتهاء الحرب الباردة التي كانت نقمة على الكرد، وبدء ما يسمى بـ(الربيع العربي)، وظهور المنظمات الجهادية المتطرفة (القاعدة، وداعش..)، وهذه التطورات أدت إلى تهاوي الكثير من الأنظمة الدكتاتورية وخاصة نظام البعث الشوفيني في (سوريا والعراق)، وابتلاء الأنظمة الأخرى بمشاكلها وأزماتها الداخلية العميقة التي تهددها بالانهيار في أيّة لحظة كما في (تركيا وإيران)، الأمر الذي دفع بالمنطقة كلها نحو دائرة عميقة وواسعة من التغيير الجذري الذي ينبئ  بتغيير النظام الإقليمي القديم في المنطقة وبناء نظام جديد، نتوقع بأن يكون للكرد فيه دور هام، ونؤكد بأنه سوف لن تستقر الأوضاع في المنطقة ولن تتهيأ الظروف لتبلور الشرق الأوسط الجديد المنشود، إلّا بإيجاد حلول سلمية لقضية شعب يتجاوز تعداده الخمسين مليوناً، ويعيش في وطنه المقسم بين تلك الدول التي سوف لن تشهد الأمن والاستقرار إلّا بحلها سلمياً على طاولة الحوار، وأن المبادرة السلمية الأخيرة التي أقدمت عليها الحكومة التركية بفتحها الملف الكردي من جديد مع زعيم حزب العمال الكردستاني (عبد الله أوجلان)، تثبت هذه الحقيقة بكل تأكيد.

لا شك بأن الأنظمة العنصرية المسكونة بالصورة المشوهة لما تسميه بالبعبع الكردي، سوف لن تقتنع بسهولة بمبدأ الحوار والحل السلمي للقضية الكردية لديها، فهي باتت أسيرة عقليتها الشوفينية التي لا ترى الحل لهذه القضية إلّا عبر فوهة السلاح، ولا تريد أن تأخذ الدروس والعبر من تجارب التاريخ التي أثبتت بالدليل القاطع عقم تلك العقلية وفشلها، ولعل محاولات النظام التركي، طوال سنوات الأزمة السورية، التي كانت تهدف إلى إنهاء الوجود الكردي على حدودها، لا بل حتى وإن كان هذا الوجود في إفريقيا، والتي باءت جميعها بالفشل الذريع أمام إرادة البقاء لدى الشعب الكردي وصموده العنيد أمام آلته العسكرية التي استهدفت كافة مناطقه، إنما تؤكد هذه الحقيقة بوضوح، حقيقة فشل محاولات إنهاء الوجود الكردي بقوة السلاح، ولعل المفتاح الرئيسي لإقناع تلك الأنظمة للرضوخ للحوار مع الكرد والقبول بالحل السلمي لقضيته القومية إنما يتمثل أولاً وأخيراً في تحقيق التوافق الكردي- الكردي ، سواء على صعيد كل جزء لوحده، أو على الصعيد الكردستاني عبر عقد مؤتمر قومي يحقق مثل هذا التوافق المنشود، والعمل من خلال مرجعية قومية على إقناع الأوساط الدولية بعدالة هذه القضية، واستقطابها إلى جانبها في مواجهة  تلك الأنظمة العنصرية لإرغامها للجنوح لمنطق الحوار والحل السلمي.   

– كيف يمكن بناء توافق بين القوى السياسية السورية حول شكل النظام المستقبلي الذي يضمن المساواة بين جميع المكونات؟

اعتقد بأنه من الممكن تحقيق مثل هذا التوافق، ليس فقط مع القوى السياسية السورية (التي لم تتبلور بعد في هياكل فاعلة بسبب السياسات القمعية للنظام البائد)، وإنما أيضاً مع المكونات الوطنية السورية المتنوعة التي تجمعها والمكون الكردي معاناة واحدة وقواسم نضالية مشتركة كثيرة، وهذه المكونات يمكنها أن تشكل معاً صمام الأمان الوطني والحزام الآمن الذي يطوق البلاد من كافة الجهات، وأن هذه المكونات تجمعها طموحات مشتركة في إدارة شؤون مناطقها بشكل لا مركزي، كما تجمعها الرغبة في بناء نظام ديمقراطي تعددي يمنحها الحرية في ممارسة طقوسها الدينية وعاداتها الاجتماعية وتقاليدها القومية من دون أيّة قيود أو موانع، ويمكن للكرد لعب الدور المحوري في تحقيق هذا التوافق المنشود كونهم يمارسون تجربة إدارية ذاتية على الأرض يمكن الاحتذاء بها، ويمتلكون قوة عسكرية اكتسبت ثقة التحالف الدولي خلال عملهما المشترك معا في دحر قوات داعش وغيرها من التنظيمات التكفيرية والجهادية في المنطقة، ولا شك بأن البديل الجديد للنظام القديم أثار من جهته المزيد من المخاوف لدى هذه المكونات من خلال ممارساته التي لا تبشر بنظام ديمقراطي تعددي، وتوجهاته التي لا تخرج من إطار التجربة التي أقامها في إدلب، وهذه المخاوف عززت لدى المكونات ضرورة التضامن ودفعتها نحو المزيد من التوافق في مواجهة هذه التحديات المصيرية التي أحضرتها معها هيئة تحرير الشام، ولعل تركيبة اللجنة التحضيرية لما يسمى بـ(اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا)، التي أعلن عن تشكيلها الرئيس السوري المؤقت في (١١/٢/٢٠٢٥)، والتي لا تضم سوى لوناً طائفياً واحداً، إنما تؤكد على استمرار هذه العقلية الإقصائية لأهم المكونات القومية والدينية في النسيج الوطني السوري، والتي ليس أمامها سوى التوافق والتضامن للعمل معاً بشكل سلمي من أجل بناء أطر سياسية وطنية لمنع تكرار تلك التجربة البعثية المقيتة من جديد.

3- المحور الثالث: حول وحدة الموقف الكردي:

– كيف تقيمون مستوى التنسيق والتفاهم بين الأحزاب الكردية في سوريا اليوم؟

من المعروف بأن الساحة الكردية في سوريا تضم اليوم لائحة طويلة من أسماء الأحزاب المنشطرة عن بعضها البعض، وهي بمعظمها أحزاب أنترنيتية صغيرة غير مؤثرة، وتتوزع بمجملها على ثلاث فئات، الأولى هي الأحزاب المنضوية في إطار (ِENKS)، والثانية هي الأحزاب التي اجتمعت في إطار (PYNK)، والثالثة هي الأحزاب التي تعمل خارج الإطارين السابقين، وهذه الأحزاب الأخيرة لا يجمعها أيّ إطار مشترك سوى حزبا (الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا/ يكيتي، والديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا،)، اللذان تجمعهما معاً رؤية سياسية مشتركة..

ولا يخفى على أيّ متابع للشأن الكردي السوري عمق الخلافات القائمة بين الأحزاب الكردية في سوريا، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى حدّ إطلاق حملات التشهير والتخوين بحق بعضها البعض، وخاصة بين إطاري الـ(ِENKS) و الـ(PYNK)، والخلافات بين هذين الإطارين تكاد أن تكون في جوهرها امتداداً فعلياً للخلافات القائمة بين مرجعياتها الكردستانية، وانعكاساً مباشراً للصراعات العميقة بينها، وقد انضم الإطار الأول إلى (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية)، واستمر فيه لغاية إعلان انسحابه منه بتاريخ (٧/٢/٢٠٢٥)، بينما أعلن الإطار الآخر (الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا)، وشكل قوة عسكرية باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يقودها اليوم الجنرال مظلوم عبدي ويتجاوز قوامها المائة ألف مقاتل، تعمل بالتنسيق مع التحالف الدولي ضد داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية التكفيرية، الأمر الذي أثار حفيظة الدولة التركية ودفعتها لإعلان الحرب وبكل ما لديها من أسلحة ضدها، فاحتلت (عفرين، وسري كانيي وكري سبي)، ورغم ذلك استمر (ِENKS)، ضمن إطار الائتلاف الذي صار يتبع النظام التركي علناً ويلتزم بأجنداته في سوريا ويشكل غطاءً لقواته التي أعلنت حربها ضد الكرد في سوريا بحجة ملاحقة قوات (قسد)، وهكذا انقسم الإطارين على جبهتي هذه الحرب التركية المستمرة ضد الوجود الكردي في سوريا، أما الأحزاب الأخرى وخاصة (التقدمي، والوحدة)، فقد تابعا نضالهما بشكل مستقل عن الإطارين، ملتزمين بخصوصية الحركة الكردية في سوريا، متجنبين التورط في الخلافات الحامية بينهما والتي عطلت أيّ تقارب كردي سوري حتى اللحظة.

– ما هي الخطوات العملية التي تقترحونها لتحقيق وحدة الموقف الكردي؟

أعتقد بأن الخطوات الأولية الأهم التي من شأنها أن تسهل الطريق نحو تحقيق وحدة الموقف الكردي، هي الانطلاق من هذه الأسس الثلاثة التي من شأنها أن تساهم في بناء الشخصية الاعتبارية المفقودة للحركة الكردية في سوريا، واستعادة إرادتها السياسية المسلوبة من أكثر من جهة، وهذه الأسس هي: العمل على استقلالية القرار السياسي الكردي في سوريا، والالتزام بالخصائص التي تميز الحركة الكردية في سوريا، والتأكيد على أن حل القضية الكردية في سوريا يكون في دمشق دون غيرها، وبتحقيق ذلك يتم تصفير معظم الخلافات الثانوية المفتعلة بين هذه الأحزاب والتي تحول دون بناء الشخصية الكردية السورية، وتمنع بروز أيّة شخصية كارزمية جامعة لأطراف الحركة الكردية في سوريا..

– ما هي العقبات التي تعترض طريق توحيد الصف الكردي؟ وكيف يمكن تجاوزها؟

قد أكون متشائماً في الحديث عن هذا الموضوع، موضوع العقبات التي تعترض وحدة الصف الكردي وكيفية تجاوزها، وأعتقد بأن المفتاح الأساسي الذي ظل يغلق الباب أمام أيّة محاولة جادة لتوحيد الصف الكردي هو الأنانيات الضيقة، الحزبية منها والشخصية، فهي التي توفر بنفسها التربة الخصبة لتفعل جميع العوامل الأخرى، الداخلية منها والخارجية، فعلها الانشقاقي دفعة واحدة، وإلّا كيف لنا أن نفسر تفشي هذه الظاهرة خلال سنوات الأزمة السورية، وتناميها بشكل سرطاني بالرغم من غياب العامل الذي كان الجميع يعلق على شماعته هذه الانشقاقات، وأقصد شماعة الأجهزة الأمنية ومدى وقوفها وراء هذه الظاهرة؟ وكيف لنا أن نفسر أيضاً احتضان الأطر التحالفية القائمة لكل هذه الانشقاقات التي حصلت منذ بدء الأزمة السورية، وتحولها إلى مفرخة لتقسيم المقسم وإنتاج هذا الكم الهائل من الأحزاب الوهمية التي لا يتجاوز عدد البعض منها أفراد عائلة صغيرة، بدلاً من أن يكون دورها جامعاً وضابطاً لهذه الظاهرة؟ ثم كيف لنا أن نفسر هذا العناد الهيستيري الفظيع الذي يبديه الـ(ِENKS) و الـ(PYNK)، أمام كل هذه الضغوطات الأمريكية والفرنسية والجماهيرية المخلصة من أجل توحيد الموقف الكردي، وما هي تلك المشاكل بينهما التي يمكنها أن تكون بحجمها أكبر من حجم القضية الكردية التي تجمعهما؟

 ولهذا من الصعب جداً ضبط هذه الآفة في ظل ظروف الجهل والتخلف الذي ينخر في مفاصل مجتمعنا بسبب سياسات القمع والقهر والاستبداد التي دمرت الكثير من قيمه وتقاليده، وباعتقادي لا نهاية لهذه الانشطارات الأميبية إلّا بتوفر مناخ ديمقراطي يفتح الفرصة للاحتكام إلى إرادة الجماهير وإلى صناديق الاقتراع التي تعيد كل أناني مغرور إلى حجمه الطبيعي.

– هل ترون أن هناك دوراً لجهات دولية أو إقليمية في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الكردية المختلفة؟

لقد تضمن الجواب السابق الرّد على هذا السؤال أيضاً، فقد ضغطت كل الجهات الصديقة والحريصة على مستقبل الكرد في سوريا الجديدة، وخاصة فرنسا وأمريكا، لكي تبادر الأطراف المختلفة إلى التصالح من أجل استثمار هذه الفرصة التاريخية التي قد لا تتكرر لمئات السنين، والإسراع في إنجاز وحدة الموقف الكردي الشامل، واختيار وفد يمثل عموم الحركة الكردية في الحوار مع دمشق من أجل إقرار الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا وتثبيتها دستورياً، ولكن لم تثمر تلك الضغوطات حتى اللحظة مع الأسف الشديد.

4- المحور الرابع: حول المؤتمر الوطني السوري المرتقب:

– ما هي الخطط التي يجب أن تضعها القوى الكردية للاستعداد للمؤتمر الوطني السوري؟

لا بد للكرد أن يحاولوا بفعالية من أجل المشاركة بشخصيتهم القومية في هذا المؤتمر الوطني السوري المزمع عقده، وذلك من خلال وفد موحد يمثل المكون الكردي بمختلف فعالياته السياسية والثقافية والاجتماعية، وبرؤية سياسية تتمحور حول تأمين الحقوق القومية والوطنية للشعب الكردي في سوريا، وتثبيتها دستورياً، وتحصينها بمبادئ فوق دستورية.. إلخ.

– كيف يمكن ضمان تمثيل عادل للكرد في المؤتمر الوطني السوري؟

إن تمثيل الكرد في هذا المؤتمر أو غيره من المحافل الوطنية يرتهن للموقف الكردي الموحد، وتشكيل مرجعيتهم، ومدى نجاحهم في إقناع الشركاء الآخرين بالمشتركات الوطنية التي تجمعهم. ولا شك بأن عوامل الضغط التي يمتلكها الجانب الكردي كالقوات المسلحة (قسد)، والإدارة الذاتية القائمة في شمال وشمال شرقي الفرات، وتمركز الموارد الاقتصادية بمعظمها في هذه المناطق التي تشكل ثلث مساحة البلاد.. إلخ، كلها عوامل ضاغطة ستزيد من كفة التمثيل الكردي وتعزيز حضوره إن أحسن توظيفها في هذا المؤتمر.

– ما هي القضايا الرئيسية التي ينبغي طرحها باسم الكرد في المؤتمر؟

ينبغي أن لا تقتصر القضايا التي سيطرحها الوفد الكردي في المؤتمر المنشود، على القضايا القومية فقط، وإنما الوطنية أيضاً، وذلك انطلاقاً من كون قضيتنا جزءاً محورياً من قضايا البلاد الوطنية، والتي لا يمكن حلها إلّا في ظل نظام ديمقراطي يضمن حقوق الجميع من دون استثناء.

– كيف يمكن تعزيز التحالفات مع المكونات السورية الأخرى لضمان حضور قوي وصوت فاعل للكرد في المؤتمر؟

لا بدّ من الاعتراف سلفاً بأن إنجاز مثل هذه التحالفات مع المكونات السورية الأخرى، مهمة صعبة تعترضها الكثير من الحواجز والعقبات بسبب الشرخ العميق جداً والواسع الذي أوجده النظام البعثي بين هذه المكونات على مدى أكثر من ستة عقود من خلال سياساته التي كانت تنطلق من مبدأ (فرق تسد). فقد كانت هذه المكونات تخضع في الكثير من الأحيان لسلطة النظام بالترهيب والترغيب، وتنخدع بآلتها الإعلامية المضللة التي أمعنت في تشويه صورة الكرد في أذهانها، ولهذا لا بدّ من بذل جهود كبيرة بين هذه المكونات ونخبها السياسية والثقافية والاجتماعية لردم هذه الهوة الواسعة معها، وترميم الصورة الكردية المشوهة في أذهانها، خاصة وأن النظام قد سقط وتحطمت آلته القمعية، وبالتالي باتت إمكانية فتح تلك الأبواب المغلقة أسهل بكل تأكيد، وكذلك هناك الكثير من المشتركات التي تجمع هذه المكونات في مواجهة العقلية الشوفينية والأفكار التكفيرية المتطرفة، والطموح المشترك لبناء نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي يضمن لهذه المكونات ممارسة حقوقها بحرية وكرامة، كل ذلك تشكل عوامل إيجابية سوف تساهم في تقريب المسافات بين هذه المكونات وتسهل الطريق أمام تعاونها وتكاتفها من أجل بناء سوريا الجديدة.

5- المحور الخامس: حول دور المثقفين والكتاب الكرد:

– ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المثقفون والكتاب الكرد في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي خلال المرحلة المقبلة؟

لا شك بأن السلطات القمعية التي تتالت على دست الحكم في البلاد لأكثر من ستة عقود من حكم البعث، خلفت ورائها إرثاً ثقيلا من الخراب والدمار والفساد ليس فقط في البنية التحتية للبلاد، وإنما في البنية الروحية والثقافية للمجتمع السوري أيضاً، والتي كانت قد جندت من أجل ذلك جيوشاً من المرتزقة والمطبلين من أشباه الكتاب والمثقفين والفنانين.. وبالتالي لا يمكن ترميم هذا الخراب بجرة قلم، وإنما بالدعوة إلى ما يشبه الثورة الثقافية إلى جانب الثورة العمرانية المنتظرة، وهنا يبرز الدور المصيري للأدباء والكتاب والمثقفين الحقيقيين في نشر ثقافة التعايش والسلم الأهلي، ونبذ خطاب الكراهية والتطرف والعنف الذي بات ينتعش أكثر مع الأسف الشديد حتى بعد سقوط نظام البعث، ولا شك بأن المجتمع الكردي في سوريا يزدهر بفئات واسعة من هؤلاء المبدعين الذين خرجوا من أحشاء هذه المعاناة القاسية ومن بين أنقاض هذا الخراب كالعنقاء، ولابدّ أنهم يدركون مسؤوليتهم التاريخية في هذا المجال، خاصة وأن وظيفتهم لم تعد تقتصر على ترميم ما أفسده النظام، وإنما أيضاً تدمير تلك الحاضنة التي تعشش فيها النظام كل تلك العقود الطويلة، كي لا تحتضن من جديد التكفيريين والجهاديين الذين ورثوا السلطة من النظام المقبور.

– كيف يمكن للمثقفين الكرد المساهمة في توضيح رؤية سياسية مشتركة لمستقبل الكرد في سوريا؟

الحقيقة أن العلاقة بين المثقفين الكرد وحركتهم السياسية لم تكن دائماً على ما يرام، وإنما شهدت هذه العلاقة الكثير من المنغصات وسوء التفاهم بين الطرفين، ففي الوقت الذي كان السياسي غير المثقف يشعر أحياناً بالنقص اتجاه المثقف الذي يعمل معه في تنظيم واحد فيقوم بالتضييق عليّه ودفعه للانسحاب من التنظيم، فإن المثقفين أيضاً كثيراً ما كانوا يقعون فريسة لآفة الغرور والشعور بالفوقية تجاه السياسيين وخاصة الأميين منهم، فكان البعض من هؤلاء المثقفين المغرورين يتهربون من العمل التنظيمي تحت هذه الذريعة أو تلك، فتتوسع الهوة بينه الطرفين إلى أن ينتهي الخلاف في معظم الأحيان بترك هذا المثقف عمله التنظيمي بحجة أن تنظيمه السياسي لم يعد يسع حجمه الثقافي، وبأن هذا التنظيم بات أصغر من استيعاب إمكاناته (العبقرية)، وصار يكبل طاقاته (الإبداعية)، فينسحب من بين صفوف الحركة السياسية الكردية مهزوماً، لا بل إن البعض من هؤلاء المثقفين كانوا يقفون بشراسة ضد نشاطات الحركة السياسية الكردية كردة فعل منهم على فشلهم في تحمل مسؤولياتهم التنظيمية بين صفوفها.

لقد كشفت الأزمة السورية عن إصابة الحركة الثقافية الكردية أيضاً بأفة التشتت والانشقاقات مع الأسف الشديد، فما أن بدأ المثقفون بتشكيل أطرهم الثقافية (اتحادات، روابط، جمعيات)، حتى فرقتها نفس الخلافات التي ظلت تعانيها الحركة السياسية والتي سرعان ما عصفت بتلك الأطر الثقافية ومزقتها إلى جماعات متناثرة أسوة بالأحزاب، ومن هنا لابدّ للحركة الثقافية أن تعمل بجدية على تجاوز خلافاتها التي تصل أحياناً إلى حد الخلافات الشخصية، والعمل على توحيد صفوفها لتأخذ دورها المنتظر إلى جانب الحركة السياسية وردم الهوة المفتعلة بين الحركتين، والمشاركة معها في صياغة رؤية سياسية موحدة لحل القضية الكردية في سوريا.

– ما هي الاستراتيجيات الإعلامية التي يمكن تبنيها لمخاطبة الرأي العام السوري والدولي حول قضية الكرد؟

من المؤسف القول بأن الوسائل الإعلامية الكردية، فضلاً عن بدائية معظمها، فإنها لم تخرج إلّا ما ندر منها من تحت عباءة الأحزاب السياسية حتى وقت قريب، ولم تنجح في مخاطبة الرأي العام السوري كما يجب، ولم تكن تمتلك أيّة استراتيجيات إعلامية موجهة للوسط العربي ناهيك عن الدولي، وإنما ظلت أداة طيعة لنقل الخطاب الحزبي، لا بل أنها كانت تدور في دائرة الصراعات الحزبية والشخصية ونشر المهاترات الداخلية والنقاشات البينية العقيمة، ولهذا لم تتفرغ لنقل الخطاب الموضوعي إلى الوسط العربي بشكل مبرمج لتعريفه بالقضية الكردية وإقناعه بعدالتها، ناهيك عن الوسط الدولي الذي لم تصله هذه الوسائل الإعلامية الكردية السورية أصلاً، ولا أعتقد بأنها تمتلك الإمكانات اللازمة ولا حتى الكادر الإعلامي اللازم لأداء مثل هذه المهمة المقدسة.

6- المحور السادس: حول العلاقات مع المكونات السورية الأخرى:

– ما هي استراتيجياتكم لتعزيز التفاهم والتعاون مع المكونات الأخرى في سوريا؟

من مساوئ الحركة الكردية في سوريا، هي أنها ظلت غائبة حتى وقت قريب ليس فقط عن المكونات السورية، وإنما عن عموم الرأي العام السوري، وقد تكون سياسات النظام لها دورها الفاعل في هذا الغياب كما أشرنا إليه سابقاً، وظلت هذه المكونات تحت تأثير الخطاب الإعلامي للنظام الذي كان يعتبر الكرد جسماً غريباً ويسعون إلى تقسيم سوريا وإنشاء إسرائيل الثانية، واعتبارهم بعبعاً لا بدّ من عزلهم وحشد هذه المكونات، بالترهيب حيناً وبالترغيب حيناً آخر، ضدهم بهدف ضربهم وتذويب هويتهم القومية. ولهذا ليس من السهل كسر هذه العزلة بسهولة، وإنما يحتاج ذلك إلى استراتيجية دقيقة لتجسير هذه الهوة مع هذه المكونات الأخرى، وبناء قواسم مشتركة من التفاهم والتعاون فيما بينها لكي تشكل معاً أكثرية ساحقة تضمن حقوقها المشتركة في سوريا الجديدة وتثبيتها في دستورها المنتظر.

ولا بدّ هنا من التذكير بأن (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية)، قد فشل في أن يقدم مثل هذا النموذج المنشود فشلاً تاريخياً ذريعاً، لأنه ارتهن ومنذ لحظة تأسيسه لأجندات الدولة التركية التي تولت بنفسها رعايته وتمويله وبالتالي مصادرة قراره، هذا من جهة، ومن جهة أخرى سرعان ما بات حاضنة دافئة تزاوج فيها الفكر الشوفيني الذي مثله أيتام (البعث)، والفكر التكفيري السلفي الذي مثلته فلول (الاخوان المسلمين).

– كيف يمكن للكورد بناء تحالفات مستدامة مع القوى السياسية السورية الأخرى؟

لا يمكن للكرد أن ينجحوا في بناء أيّة تحالفات مستدامة مع القوى السياسية السورية الأخرى، وصفوفهم هكذا مشتتة ومواقفهم السياسية متناقضة، إلّا بعد أن يقوموا هم بتشكيل مرجعيتهم الشاملة، وصياغة خطابهم السياسي الواضح والصريح الذي يعتمد قوة المنطق في إقناع هذه القوى السياسية بعدالة قضيتهم القومية باعتبارها قضية وطنية بامتياز تخص السورين كلهم مثلما تخص الكرد.

– ما هو موقفكم من ضرورة الاعتراف بحقوق بقية المكونات كجزء من بناء دولة ديمقراطية شاملة؟

الحقيقة إن الاعتراف بحقوق المكونات من دون استثناء، لا يشكل بالنسبة لنا ضرورة فقط، وإنما هو المعيار الأساسي لمدى ديمقراطية نضالنا، ولا يمكننا الكيل بمكيالين، فما يحق للكرد يحق للمكونات الأخرى بكل تأكيد، ولا بدّ للدولة السورية الجديدة أن تبنى على هذا المبدأ تحديداً، وإلّا فإننا سوف نعيد تجربة البعث الإقصائية من جديد.

7- المحور السابع: حول العمل مع المجتمع الدولي:

– كيف يمكن للكرد تعزيز علاقتهم بالمجتمع الدولي لضمان دعم مطالبهم في سوريا؟

بالرغم من أن بناء مثل هذه العلاقة هي من مسؤولية الحركة السياسية الكردية بمختلف أطرافها، ألّا أن المجتمعات الأوروبية والأمريكية باتت تضم جاليات كردية وكردستانية واسعة يمكنها أن تساعد في هذا المجال بشكل مصيري، ولذلك يترتب على الحركة السياسية الكردية مسؤولية القيام بتشكيل لجان مشتركة لتنظيم صفوفها وفقاً لبرنامج دقيق، والسير بها بالاتجاه الصحيح من أجل استقطاب المجتمع الدولي إلى جانب عدالة القضية الكردية والوقوف معها في مواجهة الذين يتنكرون لوجودها.

– ما هي القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية لدعم حقوق الكرد؟

بداية لا بدّ من تعريف الأطراف الدولية بأبعاد القضية الكردية في سوريا، وبأنها قضية شعب يتمتع بكافة مقوماته القومية، ويتجاوز تعداده الخمسة ملايين نسمة، ويسكن مناطقه التاريخية، وعانى على يد الأنظمة الشوفينية المتتالية أقسى وأشد سياسات القمع والصهر والتذويب، ومن ثم التأكيد على أن الكرد مسالمون بطبيعتهم ومنحازون للمدنية والتحضر، وينبذون العنف والتطرف والإرهاب. الأمر الذي يؤهلهم للتعايش مع شركائهم بسلام وأمان، وخاصة مع المكونات الدينية (المسيحيين، والدروز والعلويين..)، الذين يشاركون الكرد نفس المعاناة، وأخيراً لا بدّ من توضيح مطالبهم وطموحاتهم في سوريا الجديدة التي لابدّ لها أن تتسع الجميع.

– كيف يمكن للكرد الاستفادة من التجارب الدولية المشابهة في الحصول على حقوقهم الدستورية؟

الحقيقة أنه من الصعب استنساخ التجارب الدولية كما هي (١٠٠٪)، إذ لكل تجربة ظروفها الخاصة بها، ولكن مع ذلك يمكن للشعب الكردي في سوريا الاستفادة من التجارب الدولية التي تتراوح بين الفيدرالية والإدارة الذاتية، وذلك في ظل نظام ديمقراطي تعددي لامركزي يضمن دستورياً هذه الحقوق.

=============

 

د. علي صالح ميراني:

«ربما ليس ضروريا ان يكون هناك وفد كردي في مؤتمر وطني سوري بل يكفي الالتفاف حول شخصية توافقية تقود كرد سوريا في المرحلة الحالية»

 

1- المحور الأول: حول مستقبل الكورد في سوريا:

– كيف ترون مستقبل الكورد في سوريا في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية الراهنة؟

ارى الوضع الكردي السوري حاليا في احسن احواله بعد تجربة حكم الكرد انفسهم لنحو عقد ونصف بالرغم من كل سلبياته الا انهم تمكنوا من تقوية موقفهم، وكانت هذه المرة الاولى لهم في هذا المنحى منذ عقود.

– ما هي الأولويات التي يجب أن تركز عليها القوى الكوردية لضمان حقوق الكورد في سوريا؟

التركيز على حقوق الكرد  السياسية والثقافية دستوريا

– ما هي التحديات الأساسية التي تواجه الكورد في سوريا في المرحلة الحالية؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟

التحدي الاكبر هو الخطر التركي ودفعه لبعض مرتزقته للاساءة الى الكرد

– كيف يمكن للكورد تحقيق توازن بين الحفاظ على هويتهم القومية والانخراط في بناء دولة سورية جامعة؟

عن طريق التمسك بخصوصيتهم القومية ومشاركة بقية السوريين في بناء البلاد على اسس وطنية ديمقراطية

 

2- المحور الثاني: حول نظام الحكم في سوريا:

– ما هو نظام الحكم الذي تتطلعون إليه في سوريا المستقبل لضمان حقوق الكورد؟ هل تؤيدون الفيدرالية، الإدارة الذاتية، أو أشكالاً أخرى من اللامركزية؟

لا مشكلة في التسميات، المهم ان يتمكن الكرد من التعبير عن خصوصيتهم القومية ووجودهم التاريخي في مناطقهم

– كيف يمكن تصميم دستور سوري يضمن حقوق الكورد كمكون رئيسي في البلاد؟

بان تكون هناك مادة تقول ان سوريا تضم اكبر قوميتين هما العربية والكردية الى جانب بقية المكونات

– هل تعتقدون أن الدول الإقليمية ستقبل بوجود نظام حكم يضمن حقوق الكورد في سوريا؟ وكيف يمكن إقناعهم بذلك؟

الكل يقبل باستثناء تركيا وهذه مشكلة لايمكن حلها حاليا

– كيف يمكن بناء توافق بين القوى السياسية السورية حول شكل النظام المستقبلي الذي يضمن المساواة بين جميع المكونات؟

عن طريق تطمين الاخرين ان الكرد يسعون الى ثقافة التنويع وليس الانفصال

3- المحور الثالث: حول وحدة الموقف الكردي:

– كيف تقيمون مستوى التنسيق والتفاهم بين الأحزاب الكوردية في سوريا اليوم؟

كالعادة غير جيد

– ما هي الخطوات العملية التي تقترحونها لتحقيق وحدة الموقف الكردي؟

احترام بعضهم بعض وعدم فرض الاجندات الحزبية الضيقة

– ما هي العقبات التي تعترض طريق توحيد الصف الكردي؟ وكيف يمكن تجاوزها؟

الانانية والتبعية للمحاور الكردستانية

– هل ترون أن هناك دوراً لجهات دولية أو إقليمية في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الكوردية المختلفة؟

نعم هناك جهات كثيرة تريد تقريب الكرد وهذا واضح جدا

 

4- المحور الرابع: حول المؤتمر الوطني السوري المرتقب:

– ما هي الخطط التي يجب أن تضعها القوى الكوردية للاستعداد للمؤتمر الوطني السوري؟

ربما ليس ضروريا ان يكون هناك وفد كردي في مؤتمر وطني سوري بل يكفي الالتفاف حول شخصية توافقية تقود كرد سوريا في المرحلة الحالية

– كيف يمكن ضمان تمثيل عادل للكورد في المؤتمر الوطني السوري؟

عن طريق التمسك بنسبتهم من الشعب السوري

– ما هي القضايا الرئيسية التي ينبغي طرحها باسم الكورد في المؤتمر؟

الحكم الذاتي والاعتراف الدستوري

– كيف يمكن تعزيز التحالفات مع المكونات السورية الأخرى لضمان حضور قوي وصوت فاعل للكورد في المؤتمر؟

عن طريق افهام الجميع ان الكرد ضمان للأقليات

5- المحور الخامس: حول دور المثقفين والكتاب الكورد:

ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المثقفون والكتاب الكورد في توجيه الخطاب السياسي والمجتمعي خلال المرحلة المقبلة؟

ان يكون خطابهم توافقي وليس تحريضي

– كيف يمكن للمثقفين الكورد المساهمة في توضيح رؤية مشتركة لمستقبل الكورد في سوريا؟

عن طريق تسخير طاقاتهم لشعبهم بعيدا عن الاجندات المعروفة

– ما هي الاستراتيجيات الإعلامية التي يمكن تبنيها لمخاطبة الرأي العام السوري والدولي حول قضية الكورد؟

نشر ثقافة التسامح بين الفصائل الكردية

 

6- المحور السادس: حول العلاقات مع المكونات السورية الأخرى:

– ما هي استراتيجياتكم لتعزيز التفاهم والتعاون مع المكونات الأخرى في سوريا؟

ان الكرد هم حراس الديمقراطية والمدنية في البلاد

– كيف يمكن للكورد بناء تحالفات مستدامة مع القوى السياسية السورية الأخرى؟

عن طريق وثائق مكتوبة بين مختلف القوى السورية

– ما هو موقفكم من ضرورة الاعتراف بحقوق بقية المكونات كجزء من بناء دولة ديمقراطية شاملة؟

امر جيد

 

7- المحور السابع: حول العمل مع المجتمع الدولي:

– كيف يمكن للكورد تعزيز علاقتهم بالمجتمع الدولي لضمان دعم مطالبهم في سوريا؟

تعزيز العلاقات مع العالم الحر

– ما هي القضايا الأساسية التي يجب طرحها على الأطراف الدولية لدعم حقوق الكورد؟

ضرورة التمسك بحق الكرد في المشاركة بإدارة البلاد

– كيف يمكن للكورد الاستفادة من التجارب الدولية المشابهة في الحصول على حقوقهم الدستورية؟

يمكن ذلك عبر الاستفادة من التجارب الاوربية الرائدة

=============

ملاحظة: تم ترتيب الأسماء في كل قسم وفق أحرف الأبجدية العربية.

=============

القسم الخامس: تضم مشاركات كل من السادة:

– عدنان بدرالدين: كاتب .

– فادي مرعي: رئيس مكتب العلاقات العامة لتيار المستقبل الكوردي في سوريا .

– فرحان مرعي: عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكـردستاني- سوريا .

– فرمز حسين: كاتب .

=============

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عشرون سنة مضت، وشعبنا الكردي في سوريا يستذكر انتفاضته المجيدة، التي هبّت في 12 آذار 2004م، على امتداد الجغرافيا الكردية من مناطق وتواجدٍ في سوريا، مروراً بكوباني وعفرين، بما فيها العاصمة دمشق ومدينة حلب، حيث استمرّت لأسبوعٍ واحدٍ، راح ضحيتها حوالي ٤٠ شهيداً، ومئات الجرحى، واعتقال وملاحقة الآلاف من النشطاء الكرد. وبحكم مشاهداتي ومتابعتي ليوميات الانتفاضة، وخاصةً في حلب وعفرين،…

عبد الجابر حبيب   مقدمة   لا تزال سوريا تواجه واقعاً مريراً مليئاً بالتحديات الداخلية والخارجية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات. في هذا السياق، يظهر جلياً أن الحكومة السورية الحالية تستمر في إقصاء العديد من المكونات الاجتماعية والثقافية في البلاد، محاولات ترقيع لا تلبث أن تُظهر أخطاءً أكبر. وبينما يترقب السوريون حلولاً حقيقية تسهم في بناء سوريا المستقبل، نجد…

أزاد فتحي خليل   لم يكن قرار العودة إلى سوريا بعد سنوات من المنفى السياسي في السويد مجرد رغبة في رؤية ما يجري عن قرب، بل كان استجابة طبيعية لنداء الوطن الذي يعيش مخاضًا جديدًا بعد أربعة عشر عامًا من الحرب والصراعات الدموية. كان المشهد الدولي والإقليمي متغيرًا، فبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة والهدنة الهشة بين حزب الله وإسرائيل،…

عبدالله كدو كثيرون يؤكدون ضرورة انتظار أفعال الحكومة الانتقالية الجديدة قبل تقييمها، خاصة مع حداثة عهدها وثقل إرث النظام السابق. ومع ذلك، توجد قضايا أساسية تمس قطاعات واسعة من الشعب السوري وتستحق النقاش الفوري. غياب مصطلح “الديمقراطية” : هل يعكس الإصرار على عدم استخدام الإدارة كلمة “الديمقراطية” تعارضًا مع نسخة الفقه الإسلامي المثبتة في الإعلان الدستوري ؟ تمثيل المرأة المحدود: