كتاب «من أسقط التمثال؟- شهادات وحوارات في انتفاضة آذار الكردية 2004 » الحلقة الخامسة (إبراهيم أحمد)

إبراهيم أحمد*
كنتُ والزميل المحامي الأستاذ ممتاز الحسن، قد تواعدنا في منزلي على كتابة مذكّرة دفاعٍ عن المعتقلين في تظاهرة الأطفال عام 2003م وهم سبعة أشخاصٍ من ضمنهم المحامي محمد مصطفى وشريف فرمان وخالد عليّ ومسعود حامد… وكنتُ في المنزل أنتظر قدومه، فإذا به يتصل بي ينبئني بأنّه وصل إلى الكراج قادماً من الحسكة، وبأنّ الأوضاع في ملعب نادي الجهاد تعمّها الفوضى ويسمع أزيز الرصاص.. طلبتُ منه أنْ يستقلّ سيارةً، وأنْ يدع السائق يتصل بي؛ ليستدلّ على الطريق، وبالفعل وصل ممتاز، ولكنّ الأخبار باتتْ كالنار في الهشيم وتتوالى من كلّ حدبٍ وصوبٍ، وبتنا أنا وهو نتّصل في تلك الليلة الدهماء بكلّ مَنْ خطر على بالنا وأمكن الاتصال به من قصر الرئاسة إلى رجالات المعارضة ومنهم رياض ترك، خليل معتوق، حسن عبد العظيم، أنور البنّيّ.. ونمعن في اتصالاتنا أكثر بعدما علمنا بأنّ العشرات استشهدوا ومن بينهم أطفالٌ، وجافانا النوم حتّى طلوع الفجر.. لنخرج معاً أنا وممتاز؛ لتشييع الجنازات ولأنّني أردتُه أنْ لا يفارقني؛ لحمايته من أيّ اعتداءٍ من الشباب الغاضبين إنْ عرفوا أنّه من المكوّن العربيّ، ولكنّه غاب عن نظري وفقدتُه إلا أنّ مسيرة الجنازات وما جرى من قتلٍ لشبابنا حينها، جعلني أنسى زميلي ولاسيّما بعد سماعي بإصابة ابن أختي بالرصاص الحيّ، واعتقال زوجتي من قبل أمن الدولة، وابن أختي الآخر الذي اعتقله الأمن العسكريّ وهو في طريقه  لشراء أكياس دمٍ فارغةً لملئها من المتبرّعين..!!.
قد اقتصر دوري في الأيام اللاحقة للانتفاضة على رصد وتوثيق الانتهاكات، في كلّ المناطق، من خلال ما كان يزوّدني به سكرتير حزب يكيتي الكرديّ في سوريا الأستاذ عبد الباقي يوسف، كما أنّني كنتُ مرافقاً للجنة التي أتتْ من دمشق لإصلاح ذات البين والتي كانت مشكَّلةً من مجموعةٍ من الشخصيات السياسية والحقوقية، وكان من ضمنهم هيثم المالح وفاتح جاموس وسلوى زكزك، حيث زرنا مع بعضٍ منهم أسر الشهداء وقمنا بتزويدهم بالمعلومات عن المعتقلين والجرحى والشهداء، ولا أنسى امتعاض فايز سارة من ذكر كلمة الشهيد، حين زرنا منزل شهيدٍ من بيت خلف برو، وإلقاء الأستاذ عبد الصمد خلف برو كلمة ترحيبٍ باللجنة باسم ذوي الشهيد.. وبعد إطلاق سراح عددٍ لا بأس به من الفروع الأمنيّة، تمّ تحويل الأعداد المتبقية عبر عرباتٍ عسكريةٍ مكشوفةٍ مكبّلين بأصفادٍ حديديةٍ وتحت جنح الظلام المغلّف بالبرودة إلى دمشق، حيث استقبلهم سجن صيدنايا السيئ الصّيت، ولم يكن في مقدورنا عمل أيّ شيءٍ لحين نقل السجناء إلى سجن عدرا المدنيّ، وأول مَنْ عُرِض  للمحاكمة في دمشق كان مجموعة أطفالٍ من زورافا، ونحن نهمّ بالدخول إلى القصر العدليّ وعند بوّابته التقينا بالشهيد شيخ معشوق، وصلاح الدين كفتارو، وبعد السؤال، فهمنا بأنّهما حضرا؛ ليتوسّطا من أجل إخلاء سبيل هؤلاء الأطفال.
وقبل تشكّل خلية المحامين، من قبل مجموعة الأحزاب الكردية، قُدِّمت مجموعةُ أطفالٍ من قامشلي ومن عامودا، للقضاء في قامشلي، بعد إعادتهم من دمشقَ؛ ليحاكموا أمام محكمة الأحداث، حسب عائدية موطن المدَّعى عليهم ومكان الجرم، ونُظِّمت الوكالات لهم، وقمنا بتدوين أسماء المحامين الذين أحبّوا أنْ يتطوّعوا للدفاع.
أمّا بخصوص الباقين في دمشق، تطلّب الأمر من بعد تشكّل خلية المحامين (المؤلَّفةِ من ممثّلي الأحزاب من المحامين وأنا كنتُ ممثّلاً عن حزب يكيتي بالرغم من أنّني لم أكن منظّماً فيه) الذهاب إلى دمشق، للوقوف على حالهم من خلال البحث عنهم في المحاكم الموجودة هناك، من محاكمَ عسكريةٍ، ومحكمة أمن الدولة العليا، وبالفعل تمّت محاكمة البقية في دمشق ورغم أنّ الاختصاص ينعقد للمحاكم في المحافظة إلا أنّهم وبحجّة الضّرورات والمحافظة على الأمن العامّ والاستقرار , أحالوا تلك الدعاوي إلى دمشقَ.
حينها بقيت شهراً كاملاً في دمشق، أترصّد مع بعض الزملاء الأسماء التي تقدّم للنيابة العامة العسكرية، ومحكمة أمن الدولة العليا (بالطبع لم يخلُ الأمر من الرشوة للعسكريّين وحتى عناصر محكمة أمن الدولة؛ لتزويدنا بالأسماء والضبوط)، والمفارقة التي كانت تدهشني، تلك الفرحة والبهجة التي كانت ترتسم على وجوه الأهالي حين كنتُ أخبرهم بأنّ ولدهم قد ورد اسمه بين أسماء الذين سيقدّمون للمحاكمة..!!.
وقد كانت تهمهم الرئيسية هي: التّجمّع للشغب في مظهرٍ من شأنه تعكير الطمأنينة العامّة والاعتداء الذي يقصد منه منع السلطات القائمة من تأدية وظائفها والحريق قصداً وإلحاق الضّرر المادّيّ بالغيرـ جرم تحقير شعار الدولةـ جرم الانتماء إلى جمعيةٍ سرّيّةٍ (للسياسيّين).
وبعد تحويل الموقوفين الذين كان عددهم المتبقّي /177/ إلى القضاء، وسدّاً لباب الحكر والاستئثار بمصائر الناصر، ارتأينا أنْ نوزّع الملفّات على المحامين المتطوّعين، وبالتالي، وأنْ يختصّ محامي كلّ منطقة بالمعتقلين الذين من منطقته، ولو كان المحامي بعثياً، والمقصد من ذلك كان إشراك أكبر عددٍ من المحامين في الدفاع عن المعتقلين، ومعرفتهم بأهل المنطقة وخصوصيّتها، وسهولة تأمين حاجتنا من الشهود إذا استدعى الأمر، وبالفعل سُلِّم ملف عفرين لمحامي عفرين، وملف قامشلو لمحاميها.. وهكذا وفي ظلّ هذه المعمعة والبحث الجاري على قدمٍ وساقٍ عن الأبناء ومصائرهم؛ لم أستطعْ أنْ أغلق هاتفي بوجه أيّ سائلٍ، على الرغم من تعبي ووهني، كما أنّنا لم نألْ جهداً في محاربة السماسرة ولصوص لقمة الناس، حيث كانت الفروع الأمنية من خلال قادتها وعناصرها وعملائها توهم الناس وتوحي لذوي المعتقلين بأنّ بمقدورهم إطلاق سراح أبنائهم عن طريق المال، وبالفعل كان نجاحنا مبهراً من هذه الناحية، حيث لم يتسرّب أحدٌ منّا.
كان مكتبي مصدر تنظيم كافّة القوائم واللوائح المدوّنة لأسماء المعتقلين، وكان يساعدني حينها المحامي سعيد جلال، الذي كان يقضي مدّة التمرين عندي، وهذه اللوائح وصلت إلى منظّمة العفو الدولية عن طريقي، وذلك من خلال زيارة لنا أنا والمحامي المعتقل من قبل النظام الأستاذ القدير خليل معتوق، والصّحافيّ والكاتب والمعتقل السابق الأستاذ أكرم البنّيّ، حيث قضينا نهاراً كاملاً في بيروت في اللقاء مع ممثّليها وتسليمهم كافّة القوائم العائدة للمعتقلين وتخلّل ذلك تناول وجبة الغداء، ثمّ عدنا ليلاً إلى حمص، حيث بتنا في منزل والدة خليل في قرية المشيرفة.
بعد مدّةٍ صدر عفوٍ عامٌّ شمل بعض الجنح؛ فاخلي سبيل عددٍ من المعتقلين وكان من بينهم الشهيد نصر الدين برهك، والأستاذ فواز محمود أبو زيد، وبقينا ومجموعة من المحامين لغاية الفجر نطمئِن ذويهم ونحصي عدد المفرج عنهم، كما أنّ مجموعةً صغيرةً من أطفال عامودا الذين كانوا معتقلين لدى قاضي التحقيق بقامشلي، أخلي سبيلهم بالخطأ، بموجب مرسوم العفو، ولمّا علمتُ بذلك، ذهبتُ على عجلٍ لترحيلهم إلى عامودا، مع التأكيد عليهم بأنْ يتواروا عن الأنظار؛ لأنّه سيعاد القبض عليهم.. وبالفعل كما توقّعت؛ فبعد ساعاتٍ بدأتْ أجهزة الشرطة والأمن بالبحث عنهم؛ لأنّ بعضهم كان متّهماً بقتل مساعدٍ في الشرطة في عامودا.
ولا أنسى أبداً وقوف السيدة سلوى زكزك الناشطة في مجال حقوق الإنسان إلى جانبنا حتّى الفجر في ساحة باب مصلّى أمام باب فرع الأمن الجنائيّ إثر صدور مرسوم العفو.. هذه السيدة كانت فرحةً ومعجبةً جداً بعملنا الحقوقيّ والسياسيّ الذي قمنا به من أجل المعتقلين.
بعد هذا العفو، بقي لدينا /144/ معتقلاً موزّعين على محكمة الجنايات العسكرية في دمشق، ومحكمة أمن الدولة العليا، مع استمرار محاكمة الأطفال أمام محكمة جنايات الأحداث بالحسكة (بعد إخلاء سبيلهم).
كان العدد الكبير للمعتقلين مصدرَ خوفٍ شديدٍ لإدارة السجن، وكانت الإدارة تنظّم علاقتها بهم من خلال بعض الأخوة المعتقلين ومنهم (المحامي سليمان إسماعيل المحامي ولقمان أيانة والأستاذ محمود عمو والمرحوم أحمد البقال والأستاذ عبد السلام داري ودارا أحمد وغيرهم) كما أنّ هذه المجموعة كانت عوناً كبيراً لأخوتنا المعتقلين وحثّهم على الالتزام والظهور أمام الناس بما يليق ونبل القضية التي اعتقلوا بسببها؛ لأنّ السواد الأعظم من الأخوة المعتقلين لم يكنْ بمقدور سويّتهم الثقافية والسياسية والفكرية احتضان نبل وقيمة الانتفاضة، كما أنّ المحامين لم يغفلوا عنهم أبداً، حتى بين فترات جلسات المحاكمة، ولاسيّما من قبل بعض المحامين الذين يسكنون في مدينة دمشق ومن أولئكَ المحامي الأستاذ فيصل بدر الذي شاركنا في كلّ أعمالنا القانونية، والمحامي الأستاذ حسين أحمد أيضاً.. كما أنّ الزملاء وخلال زياراتهم لدمشق كانوا يزوّدن المعتقلين بمبالغ محدّدةٍ، كما كان لأسرة المعتقل المتزوّج راتبٌ أيضاً..  ولم تخلُ لقاءاتنا معهم من شدّ الأزر والنّهفات والفكاهات الجميلة، وأذكرُ أنّ شابّاً من قامشلي سألني: “عمّو وين دكانتك بقامشلي..؟”، فقلتُ له: “في قامشلي شارع الوحدة”، فقال: “يا خال دراجتي النارية تمّت مصادرتها، حقّها /25/ ألف وأريدكَ أنت وكم محامي أنْ تشتروا لي واحدة بدلاً عنها”.
قبيل إطلاق سراح المعتقلين بأيّامٍ حصلت مشاجرةٌ بين المعتقلين وبعض السجناء العرب، وعلمنا من داخل السجن بوقوع بعض الإصابات ومن قامشلي أعلَمْنا زملاؤنا بدمشق بضرورة التّحرّك نحو السجن والمشافي للوقوف على الوضع، وصل الزميل فيصل داخل السجن بعد منتصف الليل، كما أنّ الأستاذ حسين تحرّك على جبهة المشافي، ونحن كنّا متابعين معهم لغاية شروق الشمس بعد أنْ تأكّدنا من عدم خطورة الإصابات.
وبعد أيامٍ قليلةٍ علمنا من داخل السجن بإخلاء سبيل المعتقلين وطي ملفّاتهم؛ فلم تسعنا الفرحة، وبمساعدة الزملاء هناك وعمل مجموعة الأحزاب تمّ تأمين الحافلات لهم وعودتهم إلى ديارهم.
أمّا الصيغة القانونية التي تمّ بموجبها إطلاق سراحهم هي كالآتي: الذين كانوا يحاكمون أمام محكمة الجنايات العسكرية– وهم الغالبيّة–: للقائد العام للجيش والقوات المسلحة أنْ يطلق سراحهم وطي ملفّاتهم، أمّا الذين كانوا يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة العليا: للحاكم العرفيّ أنْ يخلي سبيلهم وحفظ أيّة دعوى بحقّهم.
أمّا الملفات العائدة للأحداث فقد ظلتْ قيد النظر أمام محكمة جنايات الأحداث، وحكمت على الأطفال بالسجن، وعلى أولياء أمورهم بالملايين من الليرات السورية والسبب هو أنّ رئيس الجمهورية لا طريق أمامه بموجب القانون إلا أنْ يسلك طريق إصدار مرسوم عفوٍ عامٍّ يتضمّن الجرائم التي حوكم بموجبها الأحداث، (وبالطبع لا يجوز ذلك؛ لأنّه سيشمل كلّ سجينٍ في سوريا متهمٍ بالجرائم التي يحاكم أحداثنا بسببها، أو أنْ يصدر مرسوماً جمهوريّاً بالعفو الخاصّ عن أحداثنا وبالاسم، وهذا ما ليس بمقدوره..!!
الأمر الذي دفعنا للبحث عن الحلول، حتى ارتأينا (نحن المحامين) أنْ نبعث برسالةٍ إلى رئيس الجمهورية بهذا الخصوص، وبيان المفارقة، بأنْ يشمل العفو الكبار من دون الصغار الذين هم أولى بالرعاية، بالرغم من أنّ التّهم المنسوبة إليهم هي واحدةٌ.. وبالفعل بعثنا برسالتنا عن طريق الخيّرين، لرئيس الجمهورية، وحين أدركنا، أو بالأحرى شعرنا بأنّ رسالتنا لم تصل؛ كتبنا رسالةً أخرى وعن طريق ساعي بريدٍ آخر خيّرٍ.
وبعد زمنٍ ليس بطويلٍ علمنا عن طريق فرع نقابة المحامين بالحسكة بأنّ المحافظ يودّ اللقاء بكلّ المحامين الواردة أسماؤهم في الوكالات القضائية المبرزة في دعاوي الأحداث، وكان من ضمن وفدنا زملاءٌ لم يشاركوا في لجنة المحامين؛ لأنّ وكالات القاصرين نظّمت قبل تشكل اللجنة، وحين تشكّلت اللجنة، لم يشارك بعض الزملاء بالعمل ضمن هذه الملفات، وفي اليوم الموعود التقينا بالمحافظ وقد رافقنا رئيس فرع النقابة، وبعد الترحيب بنا، لامنا المحافظ على عدم اللجوء إليه لحلّ هذا الموضوع، وطرق باب الرئيس وكوني ملمٌّ بكلّ تفاصيل الملفّات العائدة لمعتقلي الانتفاضة، تطرّقتُ للجانب القانونيّ والحيف الذي لحقَ بالأطفال وذويهم، والبحث عن حلولٍ لمعالجة ملف دعاوي الأحداث، بطريقةٍ قانونيةٍ، كما أنّ بعض الزملاء تطرّقوا لمواضيع مجاملةٍ لخطوة الرئيس وأهمّيّتها لرأب الصدع، وتمخّض عن هذا اللقاء إبلاغ الفروع الأمنية ومحكمة جنايات الأحداث بإصدار أحكامٍ قضائيةٍ بحقّ القاصرين تتضمّن التجريم والتغريم وعلى المحامين الوكلاء الطعن في هذه الأحكام، وبإيعازٍ أمنيٍّ تقوم محكمة النقض بقبول الطعون، وتعيد الدعاوي إلى محكمة الأحداث مجدداً؛ لاتّباع توجيهات محكمة النقض، وبالفعل قامت محكمة جنايات الأحداث بعد عودة الملفات إليها بعد عقد جلستين بإصدار أحكام براءة الأطفال من الجرائم المنسوبة إليهم؛ لعدم كفاية الأدلّة..
وهنا لا بدّ لنا من أنْ نثمّن، في هذا الملف، الجهود الجبارة لصاحب الصدر الواسع الزميل المحامي الأستاذ فايز عليكو، الذي عاونه الزميل مصطفى أوسو والزميل عبد المجيد حاج محمد الذين لم يبخلوا في المشاركة بالملفات الأخرى.. ولا نغفل دور الزميل المحامي الأستاذ جميل إبراهيم الذي جعلناه الرئيس الفخريّ للجنتنا القانونية وسعة صدره باستقبالنا في مكتبه في كلّ يوم سبت من كلّ أسبوع لمدّةٍ تقارب أو  تزيد عن سنة..
* محام وناشط وكاتب كردي.
…….. يتبع

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   يا سوريا، يا رعشة التاريخ حين يختلج على شَفَة المصير، ويا لُغزَ الهوية حين تُذبح على مذبح الشرعية، ما بين سراديب القهر وأعمدة الطموح المتداعية. أنتي ليستِ وطناً فقط، بل أسطورةٌ تمشي على أطرافِ الجراح، تهمس للحاضر بلغةٍ من دمٍ، وتُنادي المستقبل بنداءٍ مختنقٍ بين الركام. أيُّ قدرٍ هذا الذي يجعل من أرض العقيق محرابًا للدم، ومن…

نتابع، في الشبكة الكردية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، بقلق بالغ تصاعد حالات اختطاف الأطفال القُصَّر، خاصة الفتيات، من قبل ما تُسمى بـ”منظمة جوانين شورشكر” أو “الشبيبة الثورية”. حيث يُنتزع هؤلاء الأطفال من أحضان عائلاتهم ويُخفَون في أماكن مجهولة، دون تقديم أية معلومات لأسرهم عن مصيرهم. لقد حصلنا على قوائم بأسماء عدد من القاصرين والقاصرات الذين تم اختطافهم…

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى. بدأت المرحلة الجديدة…

نظام مير محمدي*   في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر قال وهو يشير الى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني: “يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد”، وفي کلامه هذا الکثير من الضبابية وعدم الوضوح لأن…