التناقضات التركية في مكافحة الإرهاب: بين دعم الإرهاب ومعاداة الكورد

 بوتان زيباري
في زوايا المشهد السوري المعقّد، تتشابك الخيوط بين أيدٍ كثيرة، بعضها ينسج الحكايات بدماء الأبرياء، والبعض الآخر يصفّق للقتلة كأنهم أبطال ميثولوجيون خرجوا من أساطير الحرب. في قلب هذا العبث، يقف أكثر من خمسة آلاف مقاتل أجنبي ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، وكأنهم غيوم داكنة جلبتها رياح التاريخ المشؤوم. هؤلاء لم يأتوا ليحملوا زيتون الشام في أيديهم أو ليعيدوا لدمشق نكهة الياسمين؛ بل جاءوا حاملين بنادقهم وأفكارهم المتطرفة التي ترسم خرائط الموت على وجوه المدن المنكوبة. ومع ذلك، فإن قائدهم، الجولاني، يشكرهم كما يشكر الحطّاب نيرانه، ويعدهم بمنح الجنسية السورية مكافأةً على ولائهم الحديدي ودمويتهم المستوردة.في زوايا المشهد السوري المعقّد، تتشابك الخيوط بين أيدٍ كثيرة، بعضها ينسج الحكايات بدماء الأبرياء، والبعض الآخر يصفّق للقتلة كأنهم أبطال ميثولوجيون خرجوا من أساطير الحرب. في قلب هذا العبث، يقف أكثر من خمسة آلاف مقاتل أجنبي ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، وكأنهم غيوم داكنة جلبتها رياح التاريخ المشؤوم. هؤلاء لم يأتوا ليحملوا زيتون الشام في أيديهم أو ليعيدوا لدمشق نكهة الياسمين؛ بل جاءوا حاملين بنادقهم وأفكارهم المتطرفة التي ترسم خرائط الموت على وجوه المدن المنكوبة. ومع ذلك، فإن قائدهم، الجولاني، يشكرهم كما يشكر الحطّاب نيرانه، ويعدهم بمنح الجنسية السورية مكافأةً على ولائهم الحديدي ودمويتهم المستوردة.
لكن المفارقة الساخرة – والساخرة هنا ليست نكتة للضحك، بل سخرية سوداء تسري في العروق – أن هؤلاء المقاتلين الذين تلطخت أيديهم بدماء الأفغان والعراقيين والسوريين، والذين شُهد لهم بنشر الرعب العابر للقارات، لا يشكلون أي تهديد للأمن القومي التركي. بل ربما يجدون في بعض الأحيان ممرات مفتوحة، وظهورًا مُدارة، وابتسامات مريبة من خلف الستار. ولكن حين تتسلل بضعة عشرات من المقاتلين الأكراد – الذين قاتلوا بضراوة ضد أعتى التنظيمات الإرهابية وأكثرها وحشية كداعش – يتبدّل المزاج التركي فجأة. تُرفع الأعلام الحمراء، وتُقرع أجراس الخطر، وتتحول الحدود إلى أسلاك شائكة وساحات استعراض للعضلات السياسية.
ربما تبدو هذه المفارقة وكأنها مشهد مسرحي سيئ الإخراج، لكن الحقيقة المؤلمة تكمن في أن تركيا، التي تُصرّ على تقديم نفسها كوسيط سلام ولاعب إقليمي عاقل، كانت – ولا تزال – أحد أكبر داعمي الإرهاب في العالم. لا ينسى التاريخ مشاهد قوافل الشاحنات المحمّلة بالنفط المهرب من آبار داعش نحو الأراضي التركية، وكيف كان صهر الرئيس التركي، كما كشفت التقارير الروسية، أحد أبرز الأسماء المتورطة في هذه التجارة السوداء. والأكثر إثارة للسخرية، أن بعض مقاتلي داعش كانوا يتلقون الرعاية الصحية في المستشفيات التركية بينما كانت دماء ضحاياهم لم تجف بعد.
في نهاية المطاف، ليست هذه مجرد مفارقات عابرة في كتاب التاريخ، بل صفحات دامية مكتوبة بخطوط سميكة من الرياء السياسي والمصالح الضيقة. قد يحاول البعض طمس هذه الحقائق أو تزيينها بشعارات براقة، لكن الحقيقة تظل كالشمس، مهما حاولوا حجبها بغربال التصريحات المزيفة. وبينما تستمر العواصف في التلاعب بمصير شعوب المنطقة، يبقى السؤال معلقًا: إلى متى ستبقى الحقيقة رهينة المصالح والأكاذيب العابرة للحدود؟
السويد
28.12.2024

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم كابان تحليل لمعادلات القوة الجديدة في سوريا ما بعد الثورة لم تكن دمشق يوماً ساحة صراع بسيطة أو قابلة للتفسير بخطوط مستقيمة. لكن، بعد الثورة السورية وانهيار البنية المركزية للنظام القديم، بدأت البلاد تتشكل من جديد عبر قوى غير تقليدية تفرض سيطرتها من خلف الكواليس. في هذا السياق، يظهر “أبو دجانة” كرمز للدولة العميقة الجديدة — دولة المجاهدين…

فرحان كلش   سيكون مكرراً، إن قلنا أن الكرد في حاجة ماسة إلى وحدة الكلمة، وحدة الموقف، وحدة الخطاب، وحدة الحوار مع دمشق. في هذا الفضاء المقلق بالنسبة للشعب الكردي، تمر الأحداث سريعة، و الساسة الكرد في وضع قاصر، لا يستطيعون مواكبة التطورات المتلاحقة، لذلك يشعر الإنسان الكردي بأن الحل خارجي صرف، لأنه لا يبصر حملة راية النضال الكردي ينتهزون…

ريزان شيخموس مع صدور “الإعلان الدستوري” في سوريا بتاريخ 13 آذار/مارس 2025، رُوّج له على أنه نقطة انطلاق نحو دولة جديدة، ودستور مؤقت يقود مرحلة انتقالية تُخرج البلاد من أزمتها العميقة. لكنه بالنسبة لي، كمواطن كردي عايش التهميش لعقود، لا يمكن قبوله بهذه البساطة. الإعلان يعيد إنتاج منطق الإقصاء والاحتكار السياسي، ويطرح رؤية أحادية لسوريا المستقبل، تفتقر للاعتراف…

حواس محمود   إقليم كوردستان كتجربة فيدرالية حديثة العهد في العراق وفي المنطقة، ومع النمو المتزايد في مستويات البنى التحتية من عمران وشركات ومؤسسات إقتصادية وثقافية وإجتماعية، هذا الأقليم الآن بحاجة الى الإنفتاح على العوالم المحيطة به، والعوالم الأخرى على مستوى كوكبي عالمي كبير. فبعد المخاضات الصعبة والعسيرة التي خاضها الشعب الكوردي في كوردستان العراق من أنفال وكيمياوات وحلبجة ومقابر…