المعارضة السّورية في ذمّة التّهميش

نارين عمر
 
   تعتبر المعارضة في أية دولة ولدى الشّعوب الطريق المستقيم الذي يهديهم إلى الإصلاح أو السّلام والطّمأنينة، لذلك يتماشى هذا الطّريق مع الطّريق الآخر المعاكس له وهو الموالاة. في فترات الحروب والأزمات تكون المعارضة لسان حال المستضعفين والمغلوبين على أمرهم والمظلومين، لذلك نجدها وفي معظم الأحيان تحقق الأهداف المرجوة، وتكون طرفاً لا يستهان به في إنهاء الحروب والأزمات والمشاكل.
وحدها ما تسمّى المعارضة السّورية كانت استثناء بكل أحزابها وتياراتها الفكرية والاجتماعية والمذهبية والقومية، لم تستطع إنجاز هدف وحيد من الأهداف التي تأملتها الشّعوب فيهم، ما يعني أنّها فشلت فشلاً ذريعاً، وتقوقعت في سراديب الإهمال واللامبالاة من معظم الأطراف المعنية والقوى العظمى والمتحكمة.
يتبيّن معنا ذلك من خلال استعراض الأيام القليلة التي رافقت سقوط النظام في دمشق وتسلم هيئة تحرير الشّام لمفاتيح دمشق وبقية المدن والبلدات بكل يسر وسهولة.
إذا كان أحمد الشّرع والذي كان معروفاً باسم أبو محمد الجولاني على رأس قائمة الإرهاب لدى أمريكا والدول الأخرى، وكانوا قد خصصوا جائزة مليونية لمن يسلّمه لهم قد قبلوا به محرّراً للشّام وسوريا وبات الحاكم العام لها، ما يعني أن المعارضة السّورية كانت سيئة جداً وغير سوية أو قادرة على فعل شيء لسوريا وشعوبها، لذلك فضّلوا أبو محمد الجولاني وهيئته على المعارضة والمعارضين.
بكلّ تأكيد لعبت ما أسمت نفسها المعارضة السّورية دوراً سلبياً في مجمل الأحداث، وخير دليل على ذلك تصريحات قادتها وعلى مرّ السّنوات الموبوءة بالغباء وفقدان روح الدّيبلوماسية السّياسية والتّحاور القيّم وتجاوز الأزمات والمتغيّرات المتسارعة وغيرها، وتهميشها وإهمالها من قبل المتحكمين كان قراراً صائباً بالنسبة لهم، لأنّ أبو محمد قد خلع جلبابه وخفّف من لحيته وتماشى مع مقتضى الحال وما طلبوه منه، فحقّق ما لم يكن بالبال تحقيقه حتى ولو في الأحلام، ولكن المعارضة ما تزال تحوم حول نفسها في حلقات الذّكر التي يهيم بها الدّراويش، وتخدع نفسها على أنّ بإمكانها أن تكون لها حصّة أخرى بالإضافة إلى الحصص الكثيرة جداً التي حصلت عليها على حساب البلاد والعباد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…