اكرم حسين
تستند الشعبوية في خطابها على المشاعر والعواطف الجماهيرية، بدلًا من العقلانية والتخطيط، حيث أصبحت ظاهرة منتشرة في الحالة الكردية السورية، وتتجلى في الخطاب السياسي الذي يفضل دغدغة المشاعر الجماهيرية واستخدام شعارات براقة، ووعود كاذبة بتحقيق طموحات غير واقعية، بدلاً من تقديم برامج عملية لحل المشكلات المستعصية التي تعاني منها المناطق الكردية.
إن تفاقم الاوضاع الاقتصادية وانتشار الفقروالبطالة، يدفع قطاعات واسعة من أبناء المجتمع الكردي للبحث عن حلول فورية ، وهو ما يجعلهم أكثر تقبلاً للشعارات الشعبوية. في ظل ضعف الهياكل المؤسسية في المجتمع الكردي ووجود فراغ سياسي، يتم ملؤه عادة بالخطابات الشعبوية التي تعد بحلول سهلة، دون النظر إلى تعقيدات الواقع في ظل التنافس الشكلي بين الأحزاب الكردية المختلفة، ومحاولة كل طرف تقديم نفسه على أنه الممثل “الحقيقي” للشعب، والمؤتمن على مصالحه، مما يُساهم في تعزيز الشعبوية كمصدر للشرعية السياسية.
تساهم الشعبوية في تعميق الانقسامات الداخلية ، وتعتمد على التفرقة بين “النخبة” و”الشعب”، و تضعف الثقة بالقوى والاحزاب السياسية، وتشوه القضية الكردية، وتبسطها إلى الحد الذي يفرغها من مضمونها الوطني والسياسي، مما يُضعف تعاطف المجتمع الدولي معها .
إن مواجهة الشعبوية يقتضي التركيز على تثقيف المجتمع ، وتبيان تعقيدات القضية الكردية ، واهمية التخطيط ، وأن تكون الأحزاب أكثر شفافية وديمقراطية، وتعتمد برامج واقعية تلبي احتياجات الشعب ، وتعزز ثقافة الحوار لتجاوز الانقسامات التي تستغلها الشعبوية ، و تعزيز الشراكات مع القوى المؤثرة على أساس المصالح المشتركة .
قد تكون الشعبوية مغرية كحل سريع في مواجهة التحديات، لكنها على المدى البعيد تهدّد بتقويض الأسس الوطنية والسياسية للقضية الكردية ، ولا يمكن مواجهة هذا التحدي إلا من خلال ترسيخ الوعي، والإصلاح السياسي، والتخطيط الاستراتيجي القائم على المصالح الوطنية للشعب الكردي في سوريا.