الملف السوري في ظل إدارة ترامب مستقبلاً..

م. محفوظ رشيد

دونالد ترامب (١) الذي دخل البيت الأبيض كرجل أعمال بدون ممارسة عملية سابقة في الحقلين السياسي والعسكري، اتسم أداءه بالتقلب والتسرع في المواقف وعقد الصفقات تحت عنوان “أمريكا أولاً” من منظار ضرورة تقويتها داخلياً من الناحية المالية بصورة خاصة، ذاك الأداء كان سبباً في خسارته في الانتخابات السابقة أمام الرئيس جو بايدن.

دونالد ترامب (٢) بعد أربع سنوات من المقاومة والصراع مع الخصوم السياسيين  يعود رئيساً للبيت الأبيض أكثر نضوجاً وخبرة مع الأغلبية الواضحة لحزبه في الكونغرس، مسلحاً بطاقات مالية و أعلامية ضخمة مثل أيلون ماسك(x)، ومعتمداً على طاقم متميز ومتحمس ومتمرس في إدارته ليقود الولايات المتحدة برؤية جمهورية خاصة ورغبة شعبية عامة، ويتصدى للتحديات ويكمل استراتيجيات أمريكا عالمياً بمنهجية متسارعة وقرارات حاسمة وحازمة لمجمل القضايا السياسية و الاقتصادية والأمنية والمناخية..

وكون الملف السوري جزء أساسي من سلة الصراعات في الشرق الأوسط، سيكون حتماً ضمن اهتمامات إدارته نحو الحلول المتوقعة على أساس ضمان أمن اسرائيل وتوسيع نفوذها (عبر بناء شرق أوسط جديد)، تقزيم دور إيران، الاستمرار في محاربة الارهاب المتمثل بداعش، حماية منابع الطاقة وخطوط التجارة التي ستربط أوربا بأقصى آسيا، ضمن إطار  سياسة صراع الأقطاب العالمية مع كل من الصين وروسيا..

لذلك أعتقد ان انسحاب أمريكا عسكرياً مستبعد من العراق و شمال وشرق سوريا على المدى المنظور، وعدم التخلي عن البيشمركة وقسد  القوتين الفاعلتين من التحالف الدولي لمكافحة الارهاب وحماية الاقليم والادارة الذاتية الركيزتين الأساسيتين في تنفيذ مشروعه القائم على إعادة ترسيم الخارطة السياسية للمنطقة (عراق قوي وسوريا جديدة) لضمان مصالح دول التحالف.

أما الصفقات (التفاهمات) التي سيعقدها ترامب فستكون مع روسيا أولاً وأخيراً لانهاء حرب أوكرانيا و حرب اسرائيل على محور المقاومة بزعامة إيران، إيران التي باتت تذعن لشروط الغرب بعد الضربات الموجعة عليها وعلى أذرعها في المنطقة.

أما بشأن تركيا فقد انتهى زمن مراوغات أردوغان بين أطراف الصراع واستغلاله الفرص لعقد صفقات وتحقيق مكاسب مالية وعسكرية على الأرض سعياً منه لتوسيع دائرة نفوذ امبراطوريته لتمتد إلى دول القوقاز والتدخل في حرب أوكرانيا وليبيا وناغورني كرباخ …، وإحداث اختراقات لخلق اوضاع أمر الواقع كاحتلال الشمال السوري بما فيه المناطق الكوردية (عفرين وسري كانيي/راس العين وكري سبي/تل أبيض)..

لقد خسرت تركيا وستخسر لاحقاً الكثير من هذه المواقع (الأوراق) التي كانت تهدد بها، وسيحجم دورها في القضايا الإقليمية في ظل انحسار المد الايراني (المنافس التاريخي لتركيا على أساس مذهبي) وتنشيط الدور العربي بعد تقلصه لفترة أمام الجموح الإيراني والتركي، والذي سيلجم مع تفوق النفوذ الاسرائيلي بعد حرب غزة وتتماتها وتبعاتها▪︎

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود   لطالما كانت الحرية، بمختلف تجلياتها، مطلبًا أساسيًا للشعوب، لكنّها في الوقت ذاته تظل مفهومًا إشكاليًا يحمل في طياته تحديات كبرى. ففي العصر الحديث، مع تطور وسائل الاتصال وانتشار الفضاء الرقمي، اكتسبت حرية التعبير زخمًا غير مسبوق، مما أعاد طرح التساؤلات حول مدى حدود هذه الحرية وضرورة تنظيمها لضمان عدم تحولها إلى فوضى. وفي العالم العربي، حيث تتفاوت…

إبراهيم محمود   بداية، أشكر باحثنا الكردي الدكتور محمود عباس، في تعليقه الشفاف والمتبصر” في مقاله ( عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة ” 11 نيسان 2025 “. موقع ولاتي مه، وفي نهاية المقال، رابط للحوار المتلفز)، على حواري مع كاتبنا الكردي جان دوست، على قناة ” شمس ” الكردية، باللغة العربية، في هولير، ومع الشكر هذا، أعتذر…

المحامي عبدالرحمن نجار   إن المؤتمر المزمع عقده في ١٨ نيسان في الجزيرة هو مؤتمر الأحزاب التي معظم قياداتها كانت تتهرب من ثوابت حق شعبنا الكوردي وفق القانون الدولي. وكانت برامجها دونية لاترقى إلى مصاف ومرتبة شعبنا الكوردي كشعب أصلي يعيش على أرضه التاريخية، وتحكم حقوقه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتتجلى في حق تقرير المصير!. وحيث أن…

قهرمان مرعان آغا يحصل لغط كثير و تباين واضح ، مقصود أو جهل بإطلاق المصطلحات القانونية والسياسية، فيما يتعلق بالشعب الكوردي و حقوقه القومية و وطنه كوردستان ، تحديداً في كوردستان الغربية/ سوريا . هناك حقيقة جغرافية طبيعية و بشرية و حدود سياسية بأمر واقع في كوردستان ، الوطن المُجزء و المُقسَّم بين الدول الأربع ، تركيا ، ايران ،…