لتسليط الأضواء على كافة هذه المشاريع , واستطلاع آراء المعنيين وأصحاب القرار في الأحزاب الكوردية, وخلاصة ما توصلوا اليه, بهذا الشأن , وبالأخص ما يتعلق بمشروع المجلس السياسي, الذي يتم الحوار بشأنه بين تسعة أحزاب كوردية.
أعد الإعلامي لوند حسين ريبورتاجا خاصا – سيتم نشره على حلقات تباعاً – التقى فيه مع قيادات معظم الأحزاب الكوردية , بالاضافة الى بعض الشخصيات الوطنية المستقلة.
وكذلك تم توجيه سؤال حول نتيجة الاستفتاء الذي طرحه موقع (ولاتي مه) على قراء الموقع بخصوص (المرجعية الشاملة والمجلس السياسي) والذي صوت فيه القراء بنسبة أكثر من 82% للمرجعية الشاملة وحوالي 18% للمجلس السياسي.
فيما يلي الحلقة الرابعة من الريبورتاج:
“الحزب الديمقراطي التقدمي كان العائق الرئيسي في وجه مشروع المرجعية”
فؤاد عليكو: سكرتير اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكوردي
– في البداية أشكركم لإتاحة الفرصة لي, لإبداء رأينا حول المشاريع الوحدوية.
إننا نعتقد أن القضية الكوردية في هذا الجزء تخطت مراحل وفُتحت لها آفاق المستقبل, لهذا ينبغي على الحركة الكوردية أن تساير هذه المرحلة المتقدمة التي احتلتها قضيتنا, ليس على صعيد المنطقة فحسب, على الصعيد العالمي.
فعليها القيام بتوحيد خطابها وتوحيد جهودها لتكون قادرة على إدارة الحوار والمفاوضات إن جرت.
إن موضوع المرجعية الكوردية التي جرت الحوارات بيننا كأحزاب كوردية, اعترضتها عوائق حالت دون التوصل إلى اتفاق بشأنها, وكان الحزب الديمقراطي التقدمي له الدور السلبي في هذه الحوارات, حيث كان العائق الرئيسي لإفشال مشروع المرجعية.
كنا قد توصلنا إلى الاتفاق حول رؤية سياسية مشتركة, إلا أن التقدمي كان الحزب الوحيد الذي لم يوافق على تلك الرؤية, كذلك اتفقنا على نشر تلك الرؤية لتطلع عليها الجماهير الكوردية وتبدي رأيها في تلك الرؤية, لتكون بحق ورقة لمطاليب هذا الشعب المغلوب على أمره, وكذلك اتفقنا على تشكيل لجنة تحضيرية من أعضاء المكاتب السياسية لأحزابنا, مهمتها التحضير للمؤتمر والبت في أسماء الشخصيات المستقلة التي ستشارك في المؤتمر الوطني, على أن يتم ترشيح المستقلين من قبل الأحزاب (وهذه حقيقةً التابعين للأحزاب, أي حزبيين بشكل آخر).
المستقل يجب أن يكون حيادياً بالمعنى الدقيق للكلمة في ممارسته وأثناء اتخاذ المواقف أثناء النقاشات, لا أن يكون تابعاً للحزب الذي رشحه, هذه العناصر المستقلة لها تجربة فاشلة في التحالف, حيث وقفوا إلى جانب كتلة ضد كتلة عندما نشبت الخلافات في التحالف.
إذا علينا البحث عن آليات لاختيار المستقلين ووضع معايير دقيقة لذلك, على أن يتم إشراك ممثلي كل الشرائح والفعاليات المجتمعية كمهندسين والأطباء والمحامون ووجهاء العشائر وغيرهم, وعلينا عدم اقصاء أي فئة من المشاركة في الإطار الشامل المرتقب.
في الحقيقة هناك أعداد كبيرة من تلك الشرائح والفئات, إذاً فالمسألة بحاجة إلى التريث والتدقيق في اختيار المعايير المناسبة, لعدم وجود روابط ونقابات لهم, وبسبب عدم الاتفاق على المعايير, اضطررنا إلى التوجه نحو المجلس السياسي.
وهنا يمكنني القول مجازاً أن الأحزاب الكوردية تمثل الشعب الكوردي في هذا الجزء, لاعتبارات العمل السري وظروف القمع والاضطهاد, وغياب الحالة الديمقراطية لتشكيل تمثيل حقيقي للشعب الكوردي, وهذه مسيرة اغلب الشعوب المضطهدة, وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار المجلس السياسي في حال الإعلان عنه, بمثابة الممثل الشرعي للشعب الكوردي.
– أثناء الحوارات حول مشروع المرجعية, أصر (التقدمي على رفض نقطتين أساسيتين وهما: 1- عدم ضرورة لذكر الدول التي تقتسم كوردستان, والتي وردت بوضوح في الرؤية السياسية المشتركة.
أما النقطة الثانية فكانوا يصرون على عدم ذكر عبارة (الشعب الكوردي يعيش على أرضه التاريخية).
هذه النقطتين رفضتهما (التقدمي), بينما الأحزاب الأخرى, رأت ضرورة ذكر تلك العبارات في الرؤية السياسية المشتركة, والمتفق عليها أثناء حوارات المرجعية.
هذا الموقف السلبي من جانب التقدمي, أدى إلى تراجع حزب الوحدة باعتباره الحليف للتقدمي في المجلس العام للتحالف, وكان الأستاذ إسماعيل عمر هو المشارك باسم التحالف في الحوارات, وفي آخر اجتماع رأى الأستاذ إسماعيل ضرورة عدم تحديد موعد الاجتماع القادم, وكان ذلك في صيف 2007, وأشار إلى أنهم سيبلغوننا عندما يرغبون في استمرار الحوارات وللآن لم نتبلغ أي موعد منهم لاستمرار الحوارات!!!!!
ومنذ مرور سنتين على إنجاز الرؤية السياسية المشتركة لم تنعقد أية اجتماعات للأحزاب التي كانت تتحاور حول مشروع المرجعية, ونتيجةً لتلك المواقف والصراعات التي عصفت بالتحالف والذي أدى إلى انقسامه, تم تجميد مشروع المرجعية عملياً.
وبرأينا أن التقدمي يتحمل المسؤولية الرئيسية في إفشال مشروع المرجعية.
إن الادعاء بأن نشر الرؤية السياسية أو عدم نشرها هو السبب الأساسي لفشل الحوارات, لا أساس له من الصحة, وتوجد لدينا محاضر الجلسات حيث ذُكرت في بنود الاتفاق, على أن يتم نشر الرؤية بالتزامن مع تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر, إلا نهم تراجعوا ورفضوا الالتزام بالبنود المتفق عليها, وبرروا تراجعهم هذا بحجة انه لم يتم التعبير بشكل دقيق في تلك البنود, والبنود واضحة ولا تتحمل التأويل والتفسير بمعاني أخرى, فطرحوا أن تلك الرؤية سنعتبرها مسودة الاتفاق تُعرض على المؤتمرين, ومن ثم سيتم الإعلان عنها ونشرها, فأكدنا عليهم, بأنه يجب علينا طرح نصوص اتفاقاتنا على الجماهير, ونُعلن لهم تلك الرؤية ليطلعوا على ما تراه الحركة الكوردية بالنسبة لمطاليب وحقوق الشعب الكوردي, ليكون بمقدورهم إبداء الملاحظات على تلك الورقة وإيصال آرائهم للمندوبين المستقلين, لتكون تلك الرؤية بحق رؤية الشعب الكوردي, وليست رؤية الأحزاب.
وبالتالي ستكون عملية النشر بمثابة بشرى للشعب الكوردي, بأن الحركة اتفقت وتوحدت, وعندها سنضطر للقيام بواجباتنا ومسؤولياتنا الملقاة على عاتقنا.
وعند ذاك سيكون بمقدور اللجنة التحضيرية للمؤتمر القيام بمهامها من أجل عقد المؤتمر المزمع.
– حاولنا إعادة الأجواء إلى ما قبل نشوب الخلافات, إلا أننا لم نوفق في ذلك, واشتدت التباينات في الآراء, وطُرحت مشاريع أخرى, كمشروع الطرح الرباعي (آزادي- التقدمي- البارتي- الوحدة), على إثر الانشقاق الذي جرى بالتحالف بعد آذار 2008, في البداية طُرح فكرة الإطار الرباعي على خيرالدين مراد, ووافق على الفكرة دون الرجوع إلى قيادة حزبه, إلا أن قيادة آزادي رفضت الفكرة بالإجماع, وكما أن الدكتور حكيم كان موافقاً بشرط انضمام يكيتي إلى هذا الطرح ليصبح خماسياً, إلا أن التقدمي وحليفه الوحدة أصحاب الفكرة رفضوا ضم يكيتي إلى هذا المشروع, لكن البارتي كان مصراً على إشراكنا, فسقطت الفكرة بإصرار البارتي على ضمنا وعدم موافقة قيادة آزادي, ولقد صرح عبدالحميد درويش للدكتور حكيم قائلاً, لو أنك وافقت على الطرح الرباعي كنا توصلنا إلى إنجاز ذلك المشروع.
والجدير بالذكر لو أن التقدمي قبل بانضمامنا إلى ذلك المشروع, كانت الأطراف الأخرى ستوافق, فآزادي من حلفائنا في لجنة التنسيق والوحدة ترتبط موافقته بموافقة التقدمي.
– أننا في حزب يكيتي مصرين على إنجاز المجلس السياسي, حتى ولو كان هذا المجلس غير فعال, فعلى الأقل سيتم تشكيل إطار سياسي موسع, ستفي بالغرض أثناء إجراء أية حوارات مع القوى العربية أو النظام وكذلك القوى الدولية, والذي يدفعنا أكثر إلى العمل من أجل إنجاز هذا المشروع, هو مضمون الرؤية السياسية المشتركة والمتفق عليها منذ 2007, فقط التباين هو في ترجمة مضامين تلك الرؤية على أرض الواقع, فحلفاؤنا في حوارات المجلس يرون أن الظروف غير ملائمة للقيام المظاهرات والاعتصامات, لكننا نرى عكس ذلك, فالظروف الحالية برأينا ملائمة جداً للضغط على النظام ليستجيب لمطاليبنا, لكن علينا البحث عن مخرج حول هذا التباين, وبرأينا في هذه الظروف علينا ترك حرية العمل والنشاط السياسي لكل طرف, بحيث لا نعمل على تقييد أي حزب بالتزامات غير مقتنعة بها, وباعتقادي أن الحوارات بيننا هو السبيل الكفيل لتجاوز أية تباينات قد تحدث بيننا.
فقرار حرية التعبير والعمل موجود في برنامج التحالف وكذلك في توافقات لجنة التنسيق وكذلك الجبهة.
أذاً توجد لدى كل الأطر المتحاورة قرارات حرية التعبير عن الرأي السياسي في حال عدم الاتفاق حول أمرٍ ما, بالإضافة إلى وجود مثل هذا القرار في برنامج قوى إعلان دمشق, لكن الحلفاء في الجبهة يقترحون أن يتم التصويت بالثلثين, وإلزام الثلث المتبقي بتنفيذ القرارات, أما لجنة التنسيق فتطالب بعدم تقييد بعضنا البعض بالقرارات التي تتخذ بالثلثين, على أن تكون تلك القرارات باسم المجلس السياسي المنشود, وترك حرية التعبير عن الرأي للثلث الآخر, وممارسة أي نشاط يرغبون القيام به, وهم يتحملون تبعات تلك النشاطات, إن كان حزباً واحداً أو عدة أحزاب ولن تكون باسم المجلس السياسي.
هناك بالإضافة إلى هذه الإشكالية نقطتي خلاف, حيث تتمسك بهما حلفاؤنا في الجبهة, فيرغبون بعدم حل الأطر القائمة, بينما نحن نعتبر أن المجلس السياسي إطار جديد, فولادة هذا الإطار يدفعنا إلى حل الأطر القديمة وينتفي الحاجة إليها, فإذا كنا ثلاثة أطر في إطار وهناك البعض من أحزابنا المتحاورة مشاركة في إعلان دمشق, فكيف سنتعامل مع البعض بهذه التعددية في الأطر.
أما النقطة الأخيرة فهي مسألة الموقف من إعلان دمشق, نحن نقترح بأن الأحزاب التي وافقت على الرؤية السياسية المشتركة, عليها العمل من أجل إضافة وتعديل برنامج إعلان دمشق السياسي, لتتوافق أو تقترب من مضمون رؤيتنا لتجاوز الازدواجية في الموقف, وعند عدم قدرتهم في التوصل إلى توافق مع قوى إعلان دمشق لتعديل البنود الواردة فيها حول الموقف من قضية الشعب الكوردي في سوريا, عليهم الانسحاب من ذلك الإطار.
هذه النقاط الثلاث لا تزال موضع النقاش والتداول بيننا, ونحن نبحث معاً لإيجاد مخارج لتلك التباينات لنصل لاتفاق ونذلل المصاعب أمام إعلان المجلس السياسي, وباعتقادي أن الأمور تسير نحو الاتفاق, وخلال اجتماع أو اجتماعين سنتوصل إلى نتائج مثمرة تفضي إلى إعلان تشكيل المجلس السياسي.
– مشروع الأستاذ صلاح بدرالين, أتى سابقاً لأوانه, أعتقد أن هذا المشروع كان يجب طرحه بعد تشكيل المجلس السياسي, علينا كأحزاب أن نتناقش ونتحاور لنصل إلى مبررات وجودنا كأحزاب, وعندما نقتنع بعدم جدوى وجود تنظيماتنا, عندها يمكن البحث عن البديل, ومن الممكن أن يكون هذا المشروع إحدى البدائل.
فطرحه في غير وقته كان السبب الرئيسي في عدم اهتمام الأحزاب الكوردية بهذا المشروع, بالإضافة إلى أن أي حزبٍ كان, صغيراً أو كبيراً, غير مستعد في الوقت الراهن أن يعقد مؤتمر ويعلن عن حل حزبه.
لذا يجب أن تسبق هذه الخطوة خطوات أخرى كتشكيل مرجعية أو مجلس سياسي, ومن ثم يمكن البحث في مثل هذا المشروع.
والنقطة الثانية أن صاحب الفكرة غير متواجد في الساحة, فلو كان موجوداً لعمل من أجل كسب التأييد لمشروعه.
– في الفترة الماضية كانتت تتشكل الأطر من أجل أن تتقوى الأحزاب ببعضها البعض وإضفاء الشرعية على الانشقاقات التي كانت تحدث, فوصلت الأمور لدرجة أن الأحزاب لتي كانت منضوية في التحالف تحمل نفس أسماء أحزاب الجبهة, يسار هنا ويسار هناك بارتي هنا وبارتي هناك تقدمي هنا وتقدمي هناك… الخ, فالإطارين لم يُبنا على أساس سياسي بل على أساس حزبي ليتقووا بالبعض ويضفوا الشرعية على بعضهم, والفرز لم يكن طبيعيا حيث كانت تتواجد في إطار واحد أحزاب ذات توجهات يسارية وأحزاب ذات توجهات يمينية, فالاصطفاف كان حزبياً وليس سياسياً, تلك المرحلة كانت مرحلة البلبلة والمشاحنات والصراعات الحزبية.
نحن كحزب يكيتي لم نشارك في تلك الأجواء الغير صحية فارتأينا عدم الانضمام إلى أي إطار.
ومارسنا نضالنا العملي لوحدنا إلى أن تبدلت الظروف ووصلنا لمرحلة نستطيع فيها تأسيس إطار سياسي وليس حزبي, وهذا ما حدث أثناء تأسيسنا للجنة التنسيق الكوردية, وهذه اللجنة كانت سياسية أكثر من الأطر الأخرى, فلم يكن بمقدور أي طرف في لجنة التنسيق المزاودة على بقية أحزاب لجنة التنسيق, بالإضافة إلى أن منبعنا السياسي كان واحداً, آراؤنا السياسية كانت متقاربة جداً إلا أننا كنا بعيدين عن البعض حزبياً, لكن الأطر الأخرى بعيدين عن البعض سياسياً.
أما في المرحلة الحالية, وخصوصاً بعد 2003, ودخول القوات الأمريكية إلى المنطقة عبر العراق, بدأنا نشم رائحة مشاريع كبيرة تتناول إجراء تغييرات لمنطقتنا, وحل قضايا الشعوب والقضايا العالقة.
فتوصلت الأحزاب من خلال قراءاتها للظروف المستجدة أنه ليس بمقدور أي حزب بمفرده أن يُنجز مكسب, لذلك طغى عامل الوحدة على الأنانية الحزبية.
وكانت انتفاضة آذار 2004 نقطة تحول كبيرة لقضية الشعب الكوردي في هذا الجزء, وعلى الأخص اتفاقنا كمجموع أحزاب والتزام الجماهير الكوردية بقراراتنا أثناء الانتفاضة المباركة, وحاولنا في وقتها تحويل إطار مجموع الأحزاب إلى إطار كوردي شامل, كان التقدمي في ذلك الوقت أيضاً العائق الرئيسي ووقف سداً منيعاً في وجه تشكيل إطار شامل.
وأثناء الانتفاضة حصلت حوارات ولقاءات بينا وبين الأشقاء العرب وأسسنا معهم لجنة التنسيق الوطني للحوار معاً من أجل إيجاد حل عادل للقضية الكوردية في 5-1-2005, وأثناء لقاءاتنا معهم كنا نشعر بضرورة توحيد مواقفنا وكنا نشعر بالحاجة إلى إطار سياسي تمثيلي للشعب الكوردي, وكنا نفضل الذهاب بموقف موحد إلى تلك الاجتماعات, إلا أننا لم نوفق في التوصل إلى أي اتفاق حول تبني موقف موحد, فانتفاضة آذار لم تحرك القوى العربية فقط لصالح قضيتنا, بل حركت القوى الدولية والتي بعثت بممثلين لها إلى قامشلي للوقوف على مجرى الأحداث, والتقوا معنا كأحزاب كوردية, وأكدوا لنا بأنكم تدعون العلمانية والديمقراطية وتتشابه أسمائكم كثيراً, وكذلك آراؤكم واطروحاتكم فما المانع من عدم توحدكم؟؟؟..
ولم نرى أي تمايز يذكر بينكم, فلماذا أنتم مشتتين هكذا؟؟؟؟.
إذا العوامل الموضوعية فرضت علينا البحث عن إطار جامع, وانتفاضة آذار أثبتت للكل أنه ليس بمقدور أي طرف قيادة مسيرة نضال هذا الشعب, والعامل الثاني هو أن هذه الظروف والمناخات السياسية تستوجب منا توحيد مواقفنا, وكذلك مسألة التعامل مع القوى السياسية العربية والقوى الدولية.
إذاً المرحلة فرضت علينا الخروج من قوقعتنا الحزبية الضيقة, والتعامل مع استحقاقات المرحلة, والتي تفرض علينا التوحد, وكذلك مطالبة الشارع الكوردي لنا بضرورة توحيد المواقف والآراء لاستغلال الأوضاع لصالح قضيتنا.
هذه الكتل من العوامل لآنفة الذكر, استدعت طرح مثل هذه المشاريع الوحدوية.
– أتفق معك في أن الجماهير الكوردية فقدت ثقتها بالأحزاب, نتيجة الأخطاء التي وقعت فيها, وعدم قدرتها على إيقاف القمع والاضطهاد التي تتعرض له هذه الجماهير من قبل النظام, والحركة الكوردية لا تحرك ساكناً, لذلك الجماهير تبحث عن البدائل, عن بديل يدافع عن قضاياه, بديل يحاول إيقاف عمليات التمييز العنصري والاضطهاد, بديل يناضل بصدق من أجل تحقيق مطالبه.
البعض يرى عدم جدوى هذه الأحزاب, وعليها مغادرة الساحة, وبعضهم يطالبون بتوحيد الأحزاب الموجودة.
باعتقادي أن مسألة حل هذه الأحزاب غير مجدية وغير صحيحة, فمن أين سنجلب الأحزاب, هذه نظرة غير واقعية وليست عملية, الأصح أن يتم الضغط من الداخل, لإجراء الإصلاحات المتلائمة مع الظروف المستجدة, وأعتقد أنه لو تم تشكيل إطار سياسي ملتزم بقضايا الشعب, واستخدام كافة الأساليب النضالية للدفاع عن الشعب, ومهما كانت تسمية هذا الإطار السياسي سيتلقى الدعم والتأييد من الجماهير الكوردية, وستكسب ثقة الجماهير, أما إذا كان هذا الإطار للجمع فبعد مرور عدة شهور ستلعنه الجماهير, وستتحول ذلك الإطار إلى حزب كبير غير فعال, فالجماهير الكوردية لا تدعونا فقط إلى التوحد, بل إلى العمل والنضال والقيام بواجباتنا ومسؤولياتنا اتجاه هذا الشعب.
– أعتقد أنه هناك تشويه متعمد لمفهوم المجلس السياسي لذلك لم يحظى بتأييد الغالبية في الاستفتاء الذي أجراه موقعكم الالكتروني, فالمجلس السياسي هو خطوة تمهيدية نحو تشكيل المرجعية الكوردية, فالمجلس السياسي غير متعارض مع مشروع المرجعية وهذه التشويهات لا أساس لها من الصحة, هناك من يحاول الادعاء بأننا مع مشاركة المستقلين, أما فصائل المجلس السياسي يرفضون مشاركة المستقلين في القرار السياسي, وهذه ادعاءات كاذبة, ونحن في إطار حوارات المجلس اتفقنا على ضرورة مشاركة المستقلين معنا في هيئات استشارية للمجلس السياسي, ولا نرغب في تكرار التجربة الفاشلة للتحالف في مسألة المستقلين والذين أيدوا طرف ضد طرف في الخلافات, نحن نبحث عن مشاركة للمستقلين معنا, على أن يكونوا مستقلين حقيقيين وليسوا تابعين لحزب معين, بل المستقلين الذين يقفون على الحياد ويعملون على التوسط في حل الخلافات وليس في تصعيدها.
“القيادات الحالية لا تمتلك الجرأة في الاعتراف بالفشل والخطأ”
طاهر أبو شڤان: قيادي سابق
– على الحركة الكوردية البحث عن حلول لمشاكلها الداخلية قبل التفكير في إيجاد مخرج للتعددية المفرطة, فالمشاكل التي تعصف بهم جميعاً ستؤدي إلى ولادات قيصرية جديدة, وعندها سيجتمعون معاً كأحزاب ويبحثون مسائل الوحدة والتنسيق وما إلى ذلك, فالذي لا يمكن له ترتيب أموره الداخلية, لا يمكن له أن يجد حلول لمشاكل الآخرين.
أعتقد أن أطروحاتهم حول تشكيل المرجعية وما إلى ذلك هي لأجل تمضية الوقت ليس إلا, ولا يمكن لهم إنجاز أي حالة وحدوية أو تحقيق أي مكسب لهذه الجماهير.
– عندما يكون منطلق الحزبي أو القيادي هو خدمة القضية, فباستطاعته تقديم مكسب أو إنجاز, لكن مثل هذه المشاريع المطروحة تستهدف بالدرجة الأولى الهروب إلى ورمي الكرة خارجاً, فالقيادات الحالية لا تمتلك الجرأة في الاعتراف بالفشل والخطأ, والبحث عن حلول ناجعة لهذه المسيرة المليئة بالتخبطات والأخطاء, إنهم غير جادون فيحل الإشكاليات التي تعصف بأحزابهم, فتهربهم من المسؤوليات الداخلية لتنظيماتهم, هو لأجل الحفاظ على مراكزهم والبقاء للأبد على كرسي القيادة ودون تقديم أي شيء.
لو أنهم تجرؤوا واعترفوا بالأخطاء وحاولوا إيجاد حلول للمشاكل التنظيمية, من الممكن الانطلاق إلى مراحل أخرى ألا وهي ترتيب البيت الكوردي وتشكيل مرجعية أو أي إطار شامل وتحت أي مسمى فليكن.
فالحزب الواحد عبارة عن عدة تكتلات تتصارع فيما بينها لأجل بقاء أسيادهم في المراكز القيادية, وهؤلاء القادة ينمون ويغذون تلك الخلافات لكي لا يفكر هؤلاء في قضايا أشمل وأرقى لخدمة الشعب الكوردي, فعندما تكون الأوضاع مستقرة في الأحزاب لتزداد المطاليب بتنفيذ المسؤوليات والقرارات التي تتخذ في المحطات الحزبية, حيث تبقى تلك القرارات والبرامج نفسها, وذلك لعدم تنفيذ أيً منها.
إضافةً إلى ما ذكرته, هناك إشكالية أخرى في أحزابنا, وهي عدم إفساح المجال للدماء الشابة, لتأخذ دورها في المسيرة النضالية, كون المرحلة تستوجب التغيير ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب, مرت عصور وعصور, ولا زالوا على رأس الهرم الحزبي, وعلى الرغم من التطورات الهائلة على كافة الأصعدة المحلية والدولية, لكنهم بقوا هم هم, ولم يتبدلوا, فالذي يخرجونه من الأحزاب الكوردية, لا يمكن إعادته لأنهم يقفلون الأبواب من الداخل, فالخارج من التنظيم يستحيل العودة إليه.
ماذا قدمت هذه الأحزاب؟؟؟, سوى التهجم المستمر على بعضهم البعض, واستمرت التكتلات والانشقاقات, فكيف لهم أن يتفقوا على تأسيس مجلس سياسي, وخصوصاً أنهم غير مقتنعين وغير مؤمنين باطروحاتهم, وتبقى مشاريعهم الكثيرة للاستهلاك فقط.
– أعتقد أن الشارع الكوردي فقد الثقة والأمل بهذه الحركة, وبتقديري أن قيادة هذه الحركة, لا يمكن لها أن تخطو خطوة واحدة باتجاه خدمة القضية الكوردية, وتحقيق مطالب الشعب الكوردي.
فأنا كقيادي سابق أتعرض يومياً لتساؤلات جمة, عن الإنجازات التي حققناها والمكاسب التي حصدناها, الجواب دوماً: لا سيء, لذلك ترى أن القيادي أو السكرتير يكونوا موضع استهجان واستياء في المجالس.
فالشعب الذي لا يحترم قادته, دليل على أن هذا القائد لم يقدم لهم شيء, وتحدث كثيراً في مجالس العزاء, ورأيت بأم عيني قدوم سكرتير أحد الأحزاب, فلم يقم أحد احتراماً له, على ماذا يدل هذا التعامل من قبل الجماهير, إنه دليل تذمر منهم لأنهم لم يضحوا بشيء, ولم يحققوا شيء, كما أنهم لم يبدلوا أو يغيروا بشيء, اللهم سوى ربطات أعناقهم وبدلاتهم.
أعتقد أن مصير هذه الحركة باتجاه الانهيار, وفي المستقبل سيظهر البديل, ولا يمكن لنا تحديد زمن ظهوره, وهو مرتبط بدرجة الوعي والتطور الذي سيحدث, وبتوفر عوامل ذاتية وموضوعية, لسنا الآن بصدد الخوض في سرد تفاصيلها.
“الدعوة للمرجعية… من باب الاستهلاك والمزاودة ليس إلا..!”
دهام حسن
– لا أحد منا يستطيع أن يعترض على بناء مرجعية أو تشكيل مجلس كإطار جامع وموجه للحركة السياسية الكوردية في سوريا، من حيث الفكرة والطرح، لكني أسارع إلى القول: أليست الدعوة إلى بناء مرجعية ضربا من الطوباوية، وشعارا غير واقعي؟ فأي حزب قادر أن يرسم ملامح المرجعية، ويطرح ما سوف تتمتع بها من صلاحيات .؟! ويقر بالتالي أنه سيخضع لها ويحترم قراراتها..
إني بكل صراحة أراه شعارا من باب الاستهلاك والمزاودة ليس إلا..! وهذا يأتي باعتقادي نتيجة ترهل بعض القيادات، وعجز أحزابها، وبالتالي التخفي وراء ستار المرجعية، أو الدعوة إليها، للتغطية على كل ذلك..
فإذا قبلنا جدلا أن الدعوة صادقة، هنا سؤال يطرح نفسه: هل الحزب الداعي للمرجعية كمؤسسة ذات شخصية اعتبارية وتتمتع بصلاحيات..
هل سيعمل وفق مقررات مؤتمرات حزبه ومنها برنامج الحزب ما بين مؤتمرين، وتوجهات لجنته المركزية.؟ أم أنه سيعمل ويخضع لتوجهات المرجعية الكوردية الشاملة راضيا بها حتى لو خالفت وجهة نظر الحزب الذي هو عضو فيه.؟
ثمة أحزاب صغيرة وضعيفة بحاجة إلى ستار تتخفى خلفه، طالما هذا الستار المرجعية، تساويه بالآخرين كخيمة تضم الجميع، أو الأكثرية..
وبالمقابل فالأحزاب الكبيرة نسبيا، لن تخضع ولن تقبل بالمرجعية كمنطلق وشاخص لمسار النضال السياسي وأشكاله، هي سوف تستأنس ببرامجها، ومقررات مؤتمرها الأخير، وتوجهات لجنته القيادية..
– أما ما يمكن القول عن المجلس السياسي كإطار يضم غالبية الأحزاب دون مستقلين في المرحلة الأولى، فهذا يمكن القبول به والثناء على مسعى الداعين إليه، في بحث وإيجاد صيغ مشتركة للعمل، والخروج برؤية ناظمة لهذا التنوع في الأفكار، وبالتالي الوصول إلى خطاب متناسق ومنسجم مع واقع الحركة، ولسوف يتمتع الخطاب بتمثيل واسع ويكتسب مصداقية، جراء الثقل الجماهيري وتعاطفها مع الحركة، ويمكن حينها مخاطبة الداخل والخارج بجدارة، ولسوف يقبل بالمجلس كممثل شرعي للواقع الكوردي، وسيحظى باحترام شعبه قبل أي شيء..
أما عن رفد المجلس ببعض العناصر المستقلة لاحقا، فهذا يمكن أن يكون للاستئناس بآرائهم فحسب، وعند السير في أي عمل مشترك ينبغي أن يشبع هذا المنحى دراسة قبل اتخاذ أي قرار..وهنا يبرز دور العناصر المستقلة، فعليها أن تلعب دورها بجدارة ورؤية سديدة قد لا يفطن إليها الحزبيون، لأن صاحب الرأي المستقل ربما يكون أكثر قدرة على تشخيص الواقع ونبشه، وبالتالي الخروج برأي منسجم، ثم يحظى برضا الجميع…
– برأيي أن مشروع الأستاذ صلاح بدر الدين في نقطة المجالس المحلية، يمكن أن يثار ويبحث في إطار المشاريع الوحدوية، أو على الأقل عندما ينجز مشروع مجلس الأحزاب بفترة ليست بقصيرة، أي عندما يخلق جو من التفاهم والتلاقي بين سائر الأحزاب المنضوية في إطار المجلس السياسي، تسوده روح من التفاهم والانسجام، عندها يمكن أن تطرح هذه المسألة..
علينا أن نركز على مجلس الأحزاب أولا، وألا نكبر الحجر بداية، حتى لا نجهض المساعي الخيرة التي اضطلعت بها الغالبية الساحقة من الأحزاب في بناء أو تأسيس مجلس..
إن الحركة السياسية الكوردية، المتمثلة ببضعة عشر حزبا، تعيش حالة من التنافر والتنابذ، وترفض بعض أطراف الحركة التواصل والمجالسة مع أطراف أخرى، حتى ولو على كأس من الشاي أو فنجان قهوة، دون إثارة المسائل الخلافية حتى..
إذن ينبغي قبل بناء المرجعية تصفية الأجواء الملبدة بالغيوم بين تلك الأطراف، لكي تثمر الجهود أكثر..
بل أكثر من هذا فربما بعض الأحزاب لا يهمها واقع الحركة، بقدر ما يشغل واحدهم واقع حزبه أولا وأخيرا، بل ربما فرح لسقطات بعض الأطراف الأخرى..
هذا هو – حقيقة – الواقع..
فلا بد إذن من معالجة هذا الواقع، أي تهيئة الأجواء للتصافي أولا..
ومن ثم التفكير بالعبور إلى أطر جامعة للحركة السياسية…
– ثمة مسائل أخرى تتعلق بالمرجعية أو حتى بالمجلس السياسي، ذاتها..
فكثيرا ما تعمد بعض الأحزاب لاختيار المرجعية من عناصر هشة لا رأي لها تمتثل لأوامر قيادة هذا الحزب أو ذاك، وبالمقابل تعترض بعض الأحزاب على عناصر أخرى، لها كلمتها المستقلة، وتتمتع بالموضوعية في آرائها، وفيما تطرح، لكنها لا تخضع لها ولا تقبل بالإملاءات..
فعلينا أن نتنبه لهذه النقطة عند اختيار العناصر المستقلة..
سبق لي أن طرحت بعض الأفكار ومنها ما تمت لهذه المسألة، وهي برأيي أكثر عملية وجدوى، وأكثر واقعية وهي تأسيس مجلس واعتباره هيئة استشارية للاستئناس برأيها، وليس بالضرورة الالتزام بتوجهاتها أو قراراتها..(وشاورهن في الأمر)..
لأن المرجعية الحقيقية لأي حزب هي برنامجه الحزبي مابين مؤتمرين، ولجنته المركزية كما أسلفنا..فبالتالي أقول إن تجاهل ذلك في بناء أي مرجعية، وعدم أخذه بالحسبان، سرعان ما يفرط المجلس كحبات المسبحة واحدة تكرّ وراء أخرى..
– أما عن وحدة الحركة..
فهذا أيضا يعود لإرادة قادة الأحزاب، ويمكن برأيي لبعض الفصائل أن تتوحد إذا حسنت نوايا القادة المسؤولين الحزبيين؛ وهنا لسنا بصدد البحث عن أسباب الذهاب للوحدة، سواء أكان (مرغم أخاك لا بطل)، أو اقتضاء متطلبات المرحلة، لن نقف عند الأسباب، المهم أن تتحقق الوحدة، سواء من خلفية هشاشة بعض الأحزاب أو عجزها، أم غيرها من أسباب، والوحدة هنا لا تتحقق إلا ضمن بعض الفصائل، أما وحدة الحركة ككل، فهذا أمر لا يقره لا الواقع السياسي من حيث الرؤية للمستقبل، ولا الواقع الاجتماعي من حيث مصالح الناس المتناقضة، والمنبت الطبقي لهذا أو ذاك، ولا حتى العوامل الذاتية للقادة الحزبيين، فهذا أمر يكاد أن يكون أشبه بالمستحيل..
يمكن أن يقوم بدل الاندماج والتوحد شيء من التنسيق… وعلى العموم الأمر متروك لقيادة الأحزاب، وآخرين متابعين ومهتمين ومعنيين بالأمر..
فتوجهاتهم هي التي تؤخذ بالاعتبار في النهاية..
– بالنسبة للاستفتاء في موقع ولاتي مه حول المرجعية، وحول المجلس السياسي، ونسبة المستفتين حول هذا المشروع أو ذاك، أقول بالرغم من تقديري لكل رأي يدلى في هذا المشروع أو ذاك، أرى أن العاطفة كثيرا ما تطغى على العقل، فالنتيجة كثيرا ما تأتي عاطفية دون إعمال الفكر، أو التوقف عند هذا الموضوع بوعي ونضج، ومدى نجاعته وجدواه، لهذا أقول يمكن الاستئناس بالنتيجة، والتفكير فيها، لكن دون اعتبارها هي المرجحة أو الصواب، لأن مسألة كهذه بحاجة إلى فكر لا إلى رغبة أو عاطفة أو موقف مسبق، فحسب..
لهذا فأنا لست مع ما تفضي إليها من نتيجة..
وفي الختام أتقدم بالشكر للقائمين على إثارة هذه المواضيع المهمة، والمشاريع الجدية الملحة، (المرجعية، المجلس، الوحدة) وعلى هذه الثقة التي أعتز بها أيما اعتزاز..
“المشاريع المطروحة… ليست سوى استخفافاً بعقلية الإنسان الكردي”
روني علي
عادة ما تطرح مشاريع التأطير والتجميع في الحالة النضالية، إما بهدف مواجهة التحديات أو التصدي لاستحقاقات، لا يمكن مواكبتها في ظل التشرذم والانقسامات، وفي الحالتين لا بد وأن تكون أرضية المشاريع مستوفاة لشروطها التنظيمية، سواءً الذاتية منها أو الموضوعية، أما وأن تكون الحركة الحزبية الكردية، المفقودة لبوصلتها والمثقوبة في بنيتها وبنائها، رازحة تحت وطأة أزماتها الداخلية، والتي بمجملها نابعة من أزمة السلوك في تعاطيها مع برامجها وقراراتها، فإن كل ما يتم طرحه من قبلها، هي مشاريع في الهواء، كونها تنطلق من الفراغ وتصب في الفراغ نفسه، الهدف منها أولاً وأخيراً، إدارة أزماتها الداخلية ليس إلا ..
فمثل هذه المشاريع، وإن كانت تحمل بعضاً من الخطاب العاطفي، لا يمكن لها أن توائم والحالة التي عليها الحركة نفسها، بحكم أن كل فصيل من فصائلها بحاجة إلى مثلها في حياته الداخلية، مع اختلاف المسميات المطروحة .
فلا نغالي إن قلنا بأن كل طرف بحاجة إلى مرجعية سياسية وإلى مجلس سياسي وإلى إطار منظم ومنضبط في اتخاذ القرار الحزبي ..
إذاً المشاريع المطروحة لا يمكن اعتبارها استكمالاً لنضوج الحالة النضالية أو إضافة نوعية إلى تطور سياسي أو حالة تراكمية في الفعل السياسي، أو حتى استجابة لواقع يفرضه التناقضات في المفاهيم أو الاختلاف في البنى، سواءً السياسية منها أو الفكرية والتنظيمية، وعليه فهي وإن كانت تسوق من قبل الحركة الحزبية على أنها تهدف إلى لم الشمل، إلا أنها في حقيقية الأمر، ليست سوى استخفافاً بعقلية الإنسان الكردي، خاصةً إذا ما أخذنا في الاعتبار، بأن الجهات التي تقف وراء طرح المشاريع، هي نفسها غير مؤمنة بها، لا بل تعرقل مساراتها إذا ما حاولت أن تجد لنفسها متسعاً من التعبير عن ذاتها، ولعل تجارب التحالف والجبهة والتنسيق، النابعة من مشاريع مماثلة وبذات الهدف الحزبي، وما جرت ويجري في داخلهما من محاولات تحييدها عن الفعل أو حتى ردمها بأساليب مختلفة، خير دليل على افتقاد الحركة لإرادة الارتقاء بالعمل النضالي، وكذلك فكرة العمل المؤسساتي المشترك ..
لقد كتبوا وكتبنا الكثير الكثير عن متطلبات الحالة الكردية، وخاصةً في جانبه المتعلق بأداء الحركة الحزبية، لاعتقادنا بأننا أجزاء من هذا الفعل التراكمي، لكننا تيقنا بأن الآليات المعتمدة في هذه الحركة تستمد مفاعليها من الثقافة الشمولية التي ترفض الأجزاء كروافد لها، وترفض الاحتكام إلى نبض الشارع الذي بات يقف على مسافة من أدائها وأخبارها، فضلاً عن اعتقادنا بأن ما تعانيه الحركة هي أزمة بنيوية وليست أزمة مشاريع، لكونها قد شاخت وباتت بمنأى عن التطورات الحاصلة في المعمورة، وبالتالي لا يمكن معالجة وضعها بالآمال والتمنيات ..
وهنا لا بد من القول بأن كل هذه الأسباب هي التي دفعت بالغالبية الغالبة من المشتغلين في الحقل السياسي/الحزبي الكردي، ممن يمتلكون قليلاً من ملاكات المعرفة وعلم الحساب، في وقوفهم على أداء الحركة ومشاريعها المطروحة على مر تاريخها، لأن تقع في أحضان مقولة جبران خليل جبران “من شدة دفاعي، انتهيت بأن أكون حقوداً” ..