وجودها كعدمها

زيور العمر

 

تحاول الأوساط الإعلامية الحزبوية الكردية , بكل الوسائل , أن تفرغ كل ما في مخزونها , من أكاذيب و أضاليل , لإثبات أهمية وجود أحزابها , تارة بذريعة مواجهة السياسات و الممارسات الشوفينية بحق الشعب الكردي في سوريا , و تارة أخرى بذريعة العمل من أجل تأمين الحقوق القومية المشروعة للكرد في سوريا , و هو الأمر الذي إن دل على شئ , إنما يدل على مدى إستخفاف هذه الأحزاب بعقول أبناء شعبنا , و إصرارها على الإستمرار في خطها و نهجها , الذي إعتدنا على معايشة نتائجها و آثارها على القضية الكردية في سوريا , لأكثر من نصف قرن.

و لعل أكثر الأحزاب الكردية في سوريا , حرصا ً على الإرتكان الى هذا المنطق و السلوك , هو حزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا , بقيادة عبد الحميد درويش.

 فلا يخلو أي عدد من الجريدة النصف شهرية الناطقة بإسم اللجنة المركزية , أو سكرتيره , من إفتتاحية تدور محتواها , بشكل أو بأخر , حول الهجمة الغير مسبوقة التي تتعرض لها الحركة الكردية في سوريا , و قيادتها , من قبل بعض الكتاب و المثقفين الكرد , الذين ضاقوا ذرعا ً , بممارسات هذه الأحزاب , و سياساتها , و سلوكياتها , التي أودت بالحالة السياسية الكردية , الى أفق مسدود , و رموا الشعب الكردي في أحضان اليأس و الضياع و فقدان الأمل .

ففي العدد الأخير من جريدة الديمقراطي , على سبيل المثال , لا الحصر , على إعتبار أن الأعداد الخمس الأخيرة , لم تشذ عن القاعدة المعروفة , تم التركيز من جديد على أهمية الحركة الكردية , و وجودها , و ضروروتها ! و لا ندري من أية حقائق ينطلقون , و على أي أسس يعتمدون , في تمرير حملة التضليل و الكذب هذه , خاصة في الوقت الذي نشهد فيه إنحدار الحالة السياسية و الحزبية في سوريا , الى أدنى مستوياتها على الإطلاق .

فعلى الصعيد السياسي ما تزال الأحزاب الكردية مختلفة حيال شكل و كيفية حل  القضية الكردية في سوريا , و غير متفقة في سبل حلها القضية الكردية في سوريا , و في ظل  قياداتها , تم تجريد الكرد من حق المواطنة , و أنتزعت الأراضي من الفلاحين و المزارعين , و تم  قتل و حرق الأطفال و الرجال في السجون , و أستبيح دم الشعب في آذار 2004 , و نشهد الآن المرحلة الأخطر , و هو تجويع و تهجير المواطنين الكرد من مناطقهم , و ما زال الحبل على الجرار.

أما على الصعيد التنظيمي , سواءا ً على مستوى حزب بعينه , أو على مستوى المحاور الراهنة , فإننا نشهد تآكل فاضح في هياكل و أجسام و إشلاء التنظيمات الحزبية الكردية , فيكاد لا يخلو  أي حزب كردي  في سوريا من مشاكل داخلية, على خلفية الصراعات الشخصية و الفئوية الضيقة , لقياداته , قد تؤدي في أية لحظة الى إضافة رقم جديد الى الخارطة الحزبية الكردية , فضلا ً عن المشاكل و الخلافات التي تعصف بالمحاور الكردية , كما شهدناها في التحالف الكردي , إثر الإنقسام الذي أدى الى تشكيل تحالفين , كذلك الخلاف السياسي الذي هيمن على علاقة تيار المستقبل مع كل من يكيتي فؤاد عليكو و حزب آزادي حول الموقف من المجلس السياسي و بعض القضايا الأخرى.


و لن تنحدث عن مكامن الضعف و الخلل الأخرى و التي لا تقل أهمية عن ما يحدث في الجانب السياسي و التنظيمي, و خاصة فيما يتعلق, بتعريف القضية الكردية و كسب الأصدقاء , و فضح سياسات النظام تجاه شعبنا على المستوى الدولي .
لذلك نقول لهؤلاء , أن الحركة الكردية الراهنة , لم تعد ضرورية , و قضية وجودها أصبحت كعدمها , و الحديث عنها , أضحى كمن يتحدث في ذكرى ميت , لا ينفع مه الحاضر, و لا المسنقبل , و ما التركيز على هذا الموضوع , إلا من أجل عرقلة الأجيال القادمة في المضي في  مسيرة البحث عن الخلاص  و الإنعتاق .

25/08/2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…