:القضية الكوردية من الرياض إلى جنييف

محمد امين فرحو    
 
 مؤتمرات عديدة عقدت لإيجاد حل للوضع في سوريا، ولكن مؤتمر الرياض يعتبر من أهم المؤتمرات خلال هذه المرحلة نظرا لأنه لم يكن بهدف دعائي ولا إعلامي، ولما تحمله هذه المرحلة من أحداث لدق ناقوس الخطر للمصالح الدولية المتحاربة في سوريا، وأحدثت تحولات كبيرة وربما جذرية في الاستراتيجيات الدولية وفي مقدمتها أمريكا وروسيا، كالاتفاق النووي الايراني الأمريكي الدولي، والفشل الذريع لعملية تدريب المعارضة (المعتدلة) على الأراضي التركية وجزئيات أخرى.
ومن جانب آخر دخول الروس وبشكل معلن في الوضع السوري، وتمركز سلاحه الجوي على الأراضي السورية، وضربه الحابل بالنابل، واسقاط طائرته من جانب السلاح التركي، وأيضا أحداث فرنسا وبلجيكا واوروبا بشكل عام من خلال التهديدات الإرهابية والتفجيرات، يضاف الى ما ذكر تدهور أسعار النفط وسعر بعض العملات النقدية وخاصة للدول المنتجة والمصدرة للنفط، والتي تعتبر روسيا والسعودية من أكثرها ضررا.
 كل هذه العوامل وغيرها أثرت على الدبلوماسية الدولية، وأسرعت من وتيرتها لإيجاد حل للوضع في سوريا لا سيما أن داعش يعد المحرك الأكثر للعوامل هذه.     من الملاحظ أن القضية الكوردية في كوردستان سوريا لم تكن من العوامل الحاسمة في الصراع الدولي لو أستثنينا الموقف الروسي النابع من موقفه المضاد للساسة والعسكريين الأتراك ومشكوك فيه بما معناه أن مؤتمر جنييف 3 (المؤجل) المزمع عقده سيدور حول الأحداث والمصالح السابقة ذكرها .
 لا شك أن كل دولة ستنطلق من مصالحها في هذا المؤتمر ولعلنا ندرك أيضا أن الوضع السوري خرج من إطار الأخلاق والإنسانية والشعب والإرادة وسيادة الدولة ،وأصبح مرهونا ومرتبطا بالمصالح الدولية والإقليمية ،والتي أصبحت المحرك الأساسي بعد تحول الصراع إلى صراع مسلح وطائفي ،فالسعودية تحاول قيادة المعسكر السني بدلا من تركيا وروسيا تصعد لاستعادة مبدأ توازن القوى وتركيا مهددة بحرب جديدة قديمة وتخشى بروز دور الكورد في كل الأجزاء، وتعاني من الإرهاب الذي غذته طوال سنوات الحرب في سوريا من خلال ما قامت به من دعمها لبعض الجماعات المتطرفة ، فالكل يغني على ليلاه ،وكل ما يقال عن أهمية جنييف 3 بالنسبة للقضية الكوردية في سوريا ضرب من الخيال، وليس سوى مرحلة من مراحل السياسة الدولية والمصالح الدولية التي يبدو أن للكرد ليس فيها ناقة ولا جمل.
 كان الأجدر بالكورد إثبات وجودهم وموقفهم قبيل مؤتمر الرياض ليكون له تأثير على مؤتمر جنييف، والوقوف جليا على البيت الكوردي وترتيباته، والخوف كل الخوف أن تذهب كل هذه الدماء الكوردية هباءً كما حدث في جمهورية مهاباد وغيرها من المحافل والمراحل، فالعقدة الأهم التي تبعث الملل واليأس هذه الظروف الذاتية التي تعاني منها الحركة الكوردية في ظل كل هذه التعقيدات والمراحل الحساسة ، وطغيان المصالح الأيديولوجية والحزبية على المصالح الحيوية، وكل هذه الهرولة (مكانك راوح) من قبل أطراف وكتل الحركة لن تجدي نفعا مالم يتشكل وفد وكلمة كوردية موحدة وباستراتيجيات وأهداف نابعة من الوضع في كوردستان سوريا، ويكون مؤهلا بكل المعايير السياسية لكل المحافل الدولية والإقليمية وحتى الكوردستانية، ويضع نصب عينييه واقع الشعب الكوردي المزري والمشتت.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان كلش   سيكون مكرراً، إن قلنا أن الكرد في حاجة ماسة إلى وحدة الكلمة، وحدة الموقف، وحدة الخطاب، وحدة الحوار مع دمشق. في هذا الفضاء المقلق بالنسبة للشعب الكردي، تمر الأحداث سريعة، و الساسة الكرد في وضع قاصر، لا يستطيعون مواكبة التطورات المتلاحقة، لذلك يشعر الإنسان الكردي بأن الحل خارجي صرف، لأنه لا يبصر حملة راية النضال الكردي ينتهزون…

ريزان شيخموس مع صدور “الإعلان الدستوري” في سوريا بتاريخ 13 آذار/مارس 2025، رُوّج له على أنه نقطة انطلاق نحو دولة جديدة، ودستور مؤقت يقود مرحلة انتقالية تُخرج البلاد من أزمتها العميقة. لكنه بالنسبة لي، كمواطن كردي عايش التهميش لعقود، لا يمكن قبوله بهذه البساطة. الإعلان يعيد إنتاج منطق الإقصاء والاحتكار السياسي، ويطرح رؤية أحادية لسوريا المستقبل، تفتقر للاعتراف…

حواس محمود   إقليم كوردستان كتجربة فيدرالية حديثة العهد في العراق وفي المنطقة، ومع النمو المتزايد في مستويات البنى التحتية من عمران وشركات ومؤسسات إقتصادية وثقافية وإجتماعية، هذا الأقليم الآن بحاجة الى الإنفتاح على العوالم المحيطة به، والعوالم الأخرى على مستوى كوكبي عالمي كبير. فبعد المخاضات الصعبة والعسيرة التي خاضها الشعب الكوردي في كوردستان العراق من أنفال وكيمياوات وحلبجة ومقابر…

د. محمود عباس   من ينكر الكورد لا يستحق الوطن، سوريا لا تُبنى على جثة كوردستان، نحن الوطن ولسنا ضيوفًا عليه. كيف يمكن أن نبني وطنٍ مشترك مع من لا يعترفون أصلًا بوجودنا، لا كشعب، ولا كمكوّن أصيل في الجغرافيا التي يُطلق عليها اسم “سوريا الوطن”؟ كيف نكتب دستورًا مع من يُنكرون علينا التاريخ والجغرافيا، ويرفضون حتى معرفة الحقيقة التي…