كونى ره ش
لا بد من كلمة توضيحية: يوماً ما، سألني ارفع رتبة في جهاز الامن في المحافظة عن اتجاهي السياسي، أجبته لست سياسياً ولا أهتم بالأمور السياسية، إنما اكتب باللغة الكوردية والعربية في بعض الأحيان وأجمع ما تناثر من الفولكلور الكوردي من قصص وحكايات تراثية.. فرد علي حانقاً: يا أستاذ! كتاباتك باللغة الكوردية هي سياسة بحد ذاتها.. فكيف تقول لي لست سياسياً؟! وهنا أمعنت النظر من خلال النافذة بعيداً، ولم أعد استطيع ان اسمع أو افهم ماذا كان يقول لي بعد ذلك..!
وهنا اقول للذين يقرؤون كتاباتي باللغة العربية حول الإبادة الجماعية الأرمنية بشكل خاص، او غيرها من كتاباتي بالعربية او الكوردية، لست سياسياً ولست مرتبطاً بأي حزب سياسي، وإنما كوردي أنا..! التزم بكورديتي من خلال كتاباتي من شعر وتأريخ ورواية ومقالات.. وكم يسعدني ان احافظ على استمراري في هذا النهج دون توقف أو دون انحياز الى هذا الطرف أو ذاك وان اقول الحق ولو على نفسي أو على قومي..
وبمناسبة الذكرى السابعة بعد المائة على المجزرة الأرمنية، التي تصادف (يوم 24 نيسان 2022م)، بودي أن استطحبكم معي في جولة سريعة الى (جمعية خويبون)، ودور الأرمن من حزب طاشناق في تأسيسها ودعمها مادياً ومعنوياً وأسلط الضوء على بعض الشخصيات الأرمنية التي شاركت فعلياً ضمن نشاطات جمعية خويبون.
حزب طاشناق: تأسس هذا الحزب عام 1890، ظل يعمل بشكل سري من اجل الحصول على استقلال أرمينيا وكان يؤمن بالكفاح المسلح.. وتمكن من فتح فروع له في لندن وباريس وبرلين وبروكسل وغيرهما من مدن العالم.
جمعية خويبون: أول تنظيم سياسي كوردي يطرح مفهوم القومية الكوردية بشكل معاصر. تأسس هذا التنظيم في يوم 5 تشرين الأول 1927م، في لبنان، بلدة بحمدون، بمساعدة الأرمن من حزب طاشناق وفي منزل السياسي الأرمني فاهان بابازيان.
لم يكن العمل ضمن هذا التنظيم محصوراً بالكورد فقط، بل كان مفتوحاً للشعبين الكوردي والارمني معاً, فانضم إليه الأرمن ايضاً وفقا للبند الأول من المادة الأولى من ميثاق الصداقة والتعاون بين جمعية خويبون وحزب طاشناق الأرمني والذي نص على مايلي:
(ان كل طرف يؤمن بمبادئ الطرف الآخر، وكلاهما يعترفان بتأسيس كوردستان مستقلة وأرمنستان متحدة. ولأجل الدفاع عن هذه الحقوق عليهما استغلال الفرص المتاحة كافة والاستعداد للتعاون والتضامن معاً..).
وقد أدى الأرمن دوراً بارزاً في (جمعية خويبون/ 1927) ووليدتها (ثورة آﮔري)، بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا، وعملوا بما اتفقوا عليه ضمن كل ما ورد في ميثاق الصداقة والتعاون بين جمعية خويبون وحزب طاشناق، فقد كان للأرمن ممثلان دائمان لدى جمعية خويبون، احدهما في القيادة العسكرية مع الجنرال إحسان نوري باشا وهو أردشير مراديان والثاني هو هراج بابازيان الذي كان مقرباً جداً من الأمير جلادت بدرخان، رئيس جمعية خويبون في سوريا.
وهنا بودي ان اقدم لكم نماذج من الشخصيات الأرمنية التي شاركت فعلياً ضمن نشاطات جمعية خويبون:
فاهان بابازيان (1868 – 1973): نائب سابق عن مدينة (وان) في البرلمان العثماني وعضو في اللجنة المركزية في حزب طاشناق في باريس، كلف من قبل حزبه كمحاور مع اللجان الكوردية في بلاد المشرق.. ساهم مساهمة فعالة في تأسيس (جمعية خويبون) الكوردية في لبنان وبداره ببلدة بحمدون وحاز على صفة الأرمني الكوردي.. لاحقاً نفي مع الامير ثريا بدرخان الى باريس.
أردشير مراديان: كان يمثل حزب طاشناق في ثورة آﮔري، ومسؤول عن لجنة العلاقات بين حزب طاشناق وجمعية خويبون. وكان معروفا بين الكورد في ثورة آكري باسم (أمير زيلان).
هراج بابازيان: نائب سابق في البرلمان العثماني، وعضو بارز في حزب طاشناق. اصبح منذ عام 1927 الشخص الثاني بعد الأمير جلادت بدرخان في جمعية خويبون بسوريا (حلب).
كريكور وارتينيان: كان أيضاً عضوا بارزا في حزب طاشناق.. رافق الأمير ثريا بدرخان الى اوروبا وامريكا، يروج للقضية الكوردية.. بالإضافة الى العديد من الشخصيات الارمنية الأخرى. أجل، كان لدعم الأرمن اهمية كبيرة في تأسيس جمعية خويبون وتأجيج نار ثورة آﮔري وتعريف العالم بالقضية الكوردية وفضح مظالم الكماليين آنذاك، في حين لم تبد أية دولة أي مساندة أو مساعدة لجمعية خويبون وثورة آﮔري الكوردية.
وبهذه المناسبة الاليمة، الذكرى السابعة بعد المائة على المجزرة الأرمنية، لا يسعنا الا ان نشارك الشعب الأرمني العريق ذكرى الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها والتي تقشعر لها الأبدان..؟!
وهنا أقول: أما آن لمرتكبي المجزرة الحقيقيين ان يعترفوا بأفعالهم؟
والكورد ان يقروا بمشاركة شريحة مغررة منهم مع الأتراك في المجزرة تلك؟
وأما آن للأرمن ان يكفوا عن اتهام الكورد كشعب بالمشاركة؟
وأما آن للبارون والماموستا والخوجا ان يعلموا التلاميذ السلام والوئام والمحبة ويزرعوا سهول آرارات وضفاف بحيرة وان بالزهور والورود، ووديان زيلان وبدليس بأشجار الحور والصفصاف.