أوجه التشابه، والاختلاف، بين أحزاب طرفي الاستقطاب.. قضية للنقاش (203)

صلاح بدرالدين

في خضم التناول النقدي الفكري – الثقافي – السياسي للحالة الكردية السورية العامة ، واحيانا سرد بعض التفاصيل الخاصة في  تقييم التعبيرات الحزبية التي تتصدر المشهد، وذلك من منطلق الإصلاح، والتطوير، وإيجاد حلول للازمة العاصفة المتفاقمة، التي تتجاوز (القيل والقال) بين المسؤولين الحزبيين، لتمس الكرد السوريين وجودا، وحقوقا، والحركة القومية – الوطنية السياسية بالصميم، ترتفع أصوات بين الحين والآخر من أنصار طرفي الاستقطاب، وتطالب بعدم التساوي بينهما، ووضعهما في كفة واحدة، ولكل من هذه الأصوات أسباب، وحجج، وشواهد، وجيهة، او هزيلة .
  اعتقد ان أصحاب تلك الأصوات يشكلون جزء من الازمة، وليس من الحل للسببين التاليين  :
  أولا – الذين يتصدون للازمة الكردية الراهنة، وضعوا نصب اعينهم الابعاد التاريخية، والظروف الموضوعية، ومكامن الخلل، وهيؤوا الخيار الأمثل، وأدوات المعالجة من مشاريع برنامجية طويلة المدى – استراتيجية – وخطوات مرحلية من مبادرات انقاذية سريعة استنادا الى مشتركات رئيسية، وفي كل هذه العملية يتم النظر الى الأحزاب كجزء وليس ككل، من الحركة الوطنية الكردية الواسعة الشاملة لكل الطبقات الاجتماعية، والفئات، والاطياف وفي الوقت ذاته كظاهرة وقتية لن تستمر الى الابد من حيث العدد، والمواقف، والسياسات . في حين ان أصحاب الأصوات – المنحازة – ينطلقون من مفهوم الحفاظ على الامر الواقع الحزبي دون تغيير في النهج، والتمسك بمبدأ التفاضل، وليس تبديل ماهو قائم الا واحيانا التركيز على القشور، مثل ملاحظات على هذا الشخص او ذاك .
  ثانيا – لم يعد التصدي النقدي، والتجديدي الجذري،  للحالة الكردية السورية حكرا على افراد، أو نخب معينة، بل تحول الى مطلب شعبي واسع، عفوي، يحاول المتصدون لمهام التغيير نقل الارادة الوطنية الصادقة من التمنيات، والمشاعر النبيلة، الى وقائع، وصياغتها في برامج، ثم استنباط الآليات المناسبة لمواصلة النضال من اجل تحقيق الهدف الرئيسي، وبدلا من تمترس أصحاب الأصوات – التفاضلية – هنا وهناك، او التمسك بالقديم،عليهم المشاركة الفعلية في عملية التجديد من خلال الفكر، والثقافة، والابداع النظري، والأبحاث، والمقالات النقدية الخلاقة  . 
  ثالثا – وفي هذا السياق لااخفي تفاؤلي بما اقرؤه من مقالات، وبوستات، او مبادرات ومقترحات، تدعو او تقترب من الدعوة الى حل ازمة الحركة الكردية، ولاشك ان النقاش، والحوار من الضرورات الملحة في هذه المرحلة وذلك من اجل التوصل الى مشتركات، والانتقال الى صياغة المشاريع البرنامجية لاعادة بناء حركتنا، وكل ذلك من وظائف النخب الوطنية المناضلة، والثقافية . 
  عوامل التشابه والاختلاف، بين أحزاب طرفي الاستقطاب
  أولا – تتشابه أحزاب الطرفين في الأمور التالية : ١ – الطبيعة اللاديموقراطية داخل التنظيم . ٢ – ادعاء التمثيل الشرعي واحيانا الوحيد للكرد . ٣ – اعتبار الحزب هدفا وليس وسيلة . ٤ – عدم قبول وجود الوطنيين المستقلين الكرد كقوة عددية غالبة . ٥ – التبعية للخارج، والافتقار الى القرار المستقل . ٦ – اعتبار اتفاق احزاب الطرفين وحدة الكرد . ٧ – رفض إعادة بناء الحركة الكردية السورية بالطريقة المدنية الديموقراطية عبر المؤتمر الكردي السوري . ٨ – عدم الاعتراض على عسكرة المجتمع الكردي السوري . ٩ – قبول الطرفين لسلطة الامر الواقع، والتفاوض على المحاصصة في ظلها عسكريا، وماليا، والاعتراف بالبعض الاخر حسب اتفاقيات أربيل، ودهوك، ومبادرة مظلوم عبدي .
  ثانيا – عوامل الاختلاف : ١ – أحزاب – الانكسي – مع أحزاب أخرى موزعة هنا وهناك  تشكل جزء من الحركة الكردية السورية من حيث المنشأ التاريخي وهذا لايعني انها تنتهج الطريق الصحيح الان، في حين – ب ي د – يشكل فرعا ل – ب ك ك – كحزب من كردستان تركيا . ٢ – ب ي د – كحزب حاكم لسلطة الامر الواقع مسؤول عن الكثير من الممارسات منها جرمية، حقوقية، مالية . ٣ – ب ي د يتحمل مسؤولية التعاقد مع النظام منذ بداية الثورة السورية المغدورة في مواجهة الثورة والمعارضة، واستخدام العنف تجاه المخالفين . ٤ – ب ي د يتحمل مسؤولية مواجهة سياسة شعب إقليم كردستان العراق وقيادته الشرعية المنتخبة، وتهديد إنجازاته  .
  وأخيرا المقارنة بين هذا الطرف الحزبي وذاك ليست من مهامنا الأساسية، والمقياس الوحيد لوطنية، وصدق، وافضال،  أي كان حزبا او جماعة او فردا هو مدى المساهمة في انقاذ الحركة الكردية السورية، وتعميق الجانب الفكري الثقافي في نضالها،  والتجاوب مع نداءات  الجمهور الكردي من اجل الإنقاذ، والمصالحة، وإعادة البناء، وتوحيد الحركة الكردية، وانتخاب من يمثلها لانجاز المكاسب القومية، والوطنية، واعادة الاعتبار للدور الكردي في المجال الوطني، والمساهمة الفاعلة في البناء، والنضال، وصولا الى سوريا جديدة تعددية، تشاركية، ديموقراطية، وتجديد العلاقات الكردستانية على أسس سليمة، وقاعدة متينة، مبنية على مبدأ التنسيق، والتضامن، وعدم التدخل في شؤون البعض الاخر .
  والقضية تحتاج الى نقاش 
   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…