وليد السوء من حاضنة السوء لثقافة السوء

م.نذير عجو – هولندا

بعيداً عن الشماعة التاريخية المستهلكة في تعليق أسباب التخلف والمشاكل والأزمات والمآسي والوحشيات المعاشة على الآخر ( المتربص بالأمة , العدوالخارجي المختلف , أصحاب الأجندات الدولية , الصهيونية والإمبريالية , ….. الغرب الإستعماري الجشع) , وتصوير الذات بالضحية البريئة عن ماحدث ويحدث وسيحدث , وتجنباً في الدخول اللامنطقي في متاهات وتناقضات وتضارب تحميل المسؤولية للذات أم للآخرعن التدهور والإنحطاط في ربوع خير أمة أخرجت للناس , والأمة ذات الرسالة الخالدة , يمكن القول أن حاضنة السوء لثقافة السوء هي القاعدة والمسؤولة المباشرة عن ما حدث ويحدث وسيحدث , 
فثقافة النفاق وكره الآخر والأنا المتعصبة (قبلياً , طائفياً , دينياً , أثنياً, أيدولوجياً ) وثقافة الإنتحار المكافئ بالجنة الموعودة والحوريات الحسن , وثقافة المرأة ضلع قاصر , وثقافة التصفيق والتهليل والطاعة لأولي الأمر وثقافة شهدائنا بالجنة وقتلاهم بالنار , وثقافة تبرير ممارسة العنف والوحشية والقتل باسم الجهاد المقدس وثقافة اللهم يتم أطفال العدو , اللهم خرب ديارهم , اللهم رمل نسائهم وثقافة إتهام الحضارة بالكفر والبدعة وثقافة …. وثقافة التخوين والخيانة , هي الحاضنة الخصبة لما حدث ويحدث وسيحدث .
وإنطلاقاً من واقع أن الفاعل والمفعول , السارق والمسروق , الحاكم والمحكوم , المقرر والمنفذ , الأداة والوسيلة , ……., القاتل والمقتول  من أرض حاضنة السوء لثقافة السوء , فهل بعد هذا يمكننا قبول الدخول في جدل ومتاهة فلسفة البيضة أولاً أم الدجاجة , أم يمكننا حسم القول (إنطلاقاً من وقائع ونتائج حاضرهم وماضيهم بحيث لا يمكننا إلا التكلم عن طغيان المساوئ على المحاسن ) بأن المسؤول المباشر عن الكم الهائل من الخسائر والأهوال والفظائع والجرائم الإنسانية  …. إنما هي الموروث التاريخي لثقافة أمة متألهه , لاتراجع نفسها , تحمّل الآخر مصائبها , تقلب الحقائق , تنافق , ترفض التغيير , تتفاخر بالوحشية , تعادي حتى ذاتها …..
وأمام ماحث ويحدث والخوف عما سيحدث , هل من ثائر من تلك الأمة على تلك الثقافة المجرّبة حاضراً وتاريخاً ؟ , وهل من متبرئ من تاريخ تلك الأمة ومن شناعة حاضره وماضي أجداده ؟ , وهل من مؤمن من تلك الأمة لحقوق الآخرين دون تزوير للحقائق ؟ , وهل من متحمس لبناء ثقافة تقبّل الآخر(عقائدياً , دينياً , طائفياً , أثنياً , أيدولوجياً ,… ) كما هو في حدود الحقوق والحريات المنصوصة عليها بدراسات ووثائق ومعاهدات دولية إنسانية ؟ , وهل ….. وهل وهل .
فالأرض وخيراتها تتسع للكل والسعادة الإنسانية والحضارة الحقيقية مفتوحة للكل الإنساني , إلا لمن هو متمسك أو مستسلم للقوالب الموروثة من قبل الأجداد , ولمن يؤمن بعالم الصراعات والتناحرات المستدامة لغاية التسيّد وإستعباد الآخر أو إلغائه وتذويبه………..وآخر يؤمن بالموت خيراً من الحياة !!!!
وأخيراً وليس آخراً أقول وأتساءل , كم نحن الكورد متأثرون بتلك الثقافة المحيطة بنا ؟ , وكم هي مشتركاتنا معهم ثقافةً ( التعصب الديني , التعصب القومي , التطرف … العنف ) ؟ ,  وكم نحن مستعدون أن نستفيد من مساوئهم الحاضرة والتاريخية ؟ , وكم يتوجب علينا من جهود لتعويض ما ناله شعبنا من ثقافتهم ؟ , وهل نحن أخيراً , نؤمن أننا أمةٌ وشعبٌ نختلف عنهم أو يجب أن نختلف عنهم ؟؟؟؟؟ .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…