الاختلاف في المصطلحات الكردية سياسياً

صبري رسول*

طُرحِت في الفترة الأخيرة
أسماء ومصطلحات سياسية عديدة في كردستان سوريا، كثيرة منها تهدف إلى التّشويش أو
إحداث ارتباك في الذّهنية الكردية، أكثر منها إلى بناء كيانٍ سياسي يؤمِّن حقوق
الكرد في إطار الدّولة السّورية، وأخرى لم تكن دقيقة، لاعتمادها على الارتجال.
من أبرزها هذه المصطلحات
التي سأحاول شرحها هي: روج آفاي كردستان، كردستانا
روج آفا،
روج آفا
. «Rojavayê
Kurdistanê, Kurdistana Rojava, Rojava»
ومن الأسماء السابقة يمكن معرفة صحة أو خطأ المصطلح، وكذلك يمكن الوقوف على مدى دقة بعض الأسماء التّالية ذات اللاحقة الدّالة على القومية: «المجلس الوطني الكردي، مجلس شعب غرب كردستان، الشعب الكردي في سوريا، كردستان سوريا، كردستانا روج آفا، روج آفا».
لن نقف عند جميع هذه المصطلحات، فهي بحاجة إلى دراسات عميقة ودقيقة، سياسياً وحقوقياً ولغوياً، لكن سأقف عند ثلاثة مصطلحات التي لها تأثير كبير في صياغة التّسمية لكثير من الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكردية في سوريا «روج آفاي كردستان، كردستانا روج آفا، روج آفا».
الاسم حسب معجم المعاني: مَا يُعرف بِهِ الشَّيْء ويستدلّ بِهِ عَلَيْهِ و(عِنْد النُّحَاة) مَا دلّ على معنى فِي نَفسه غير مقترن بِزَمن كَرجل وَفرس ونهر، كلمة تدل على معنى دلالة الاشارة واشتقاقه من السمو وذلك أنه كالعلم ينصب ليدل على صاحبه. وَالاِسْمُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى مُسَمّىً شَائِعٍ فِي جِنْسٍ مَوْجُودٍ أَوْ مُقَدَّرٍ.

نماذج من أسماء الكيانات السّياسية:

أسماء الدول، وأسماء الكيانات السياسية أو الثقافية، أو ما شابه ذلك كـ«حزب، تجمّع، تحالف، مجلس، اتحاد» هي أسماء أعلام، أي اسم علم، به يُعرف لدى الآخرين. وهناك دولٌ غيّرت أسماءها:
1- من مالايا، بورنيو الشمالية، سراوق وسنغافورة (1963). 1965) إلى ماليزيا (بما في ذلك سنغافورة) ماليزيا وسنغافورة.
2- من بورما 1989 إلى اتحاد ميانمار
3- تسمية إيران باسم “فارس”، والذي ظهر في الثلاثينيات من القرن العشرين، وحسمه الشاه بتغيير الاسم رسمياً إلى إيران سنة 1935
4- أوزبكستان ـ تغير اسمها رسمياً من “جمهورية الأوزبك السوفييتية الاشتراكية” إلى “جمهورية أوزبكستان” سنة 1991
5- بنغلاديش ـ عرفت بين عامي 1955-1971 باسم باكستان الشرقية، كما كانت تعرف أيضاً باسم البنغال الشرقية (الهند/باكستان).
تسمية «أيرلندا الشمالية»، حيث يسميها الاتحاديون باسم أولستر (بالإنجليزية: Ulster)‏ بينما يصر القوميون على تسميتها بأيرلندا الشمالية، إنكاراً للسيادة البريطانية عليها.
ومن أكثر أسباب تغيير الدول لأسمائها حصولها على الاستقلال. وعندما تتغير الحدود الدولية (مثلما هو الحال في حالة انقسام دولة أو اتحاد دولتين) فقد تتغير أسماء المناطق (كما حدث عند اتحاد مصر وسوريا، حيث سميت مصر رسمياً بالقطر الجنوبي، وسوريا بالقطر الشمالي). قد ينشأ عن التغيير اسم جديد تماماً للمكان، أو اختلاف طفيف في هجاء اسم المكان.
هناك أسماء جغرافية تُعرَف من «الصفة الملحقة» بها للتميّيز بين المتشابهات، مثل اسم «القارة»، فعندما نصفها بالعجوز (القارة العجوز/ة نقصد بها أوربا، وهكذا القارة السمراء، القارة الجديدة، القارة البيضاء).
كما أنّ هناك قارات تُعرف بـ«الصّفة الدالة» على الجهة الجغرافية، أميريكا الشمالية، وأميريكا الجنوبية، كذلك هناك دولٌ عُرِفت بالصّفة الدّالة على المكان الجغرافي، فيتنام الشَمالية، فيتنام الجنوبية، كوريا الشّمالية وكرويا الجنوبية.
إذا كانت هناك كيان سياسي موحّد، يُشار إلى أي بقعة منها كاتجاه جغرافي بإضافتها إلى اسم الكيان الجغرافي، وهذا يحصل بشكل طبيعي، ومن طبيعة اللغات. فيبقى الاسم (الكيان السياسي للدولة) مضافاً إليه، بينما الجهة الجغرافية (الاتجاه) يكون مضافاً، كما في الأمثلة الآتية: تقع موسكو جنوب روسيا، والقاهرة شمال مصر، تقع دمشق جنوب سوريا بينما حلب شمال سوريا، أما إذا كان الكيان السّياسي مقسّماً سياسياً، تتغيّر مواقع الاسم السياسي مع الجهة الجغرافية، فلو افترضنا أنّ سوريا مقسّمة إلى دولتين شمالية وجنوبية، سيُقال: تقع دمشق في سوريا الجنوبية، وحلب في سوريا الشمالية. نلاحظ أن تقسيم الكيان الجغرافي الواحد إلى كيانين سياسيين، يتحوّل الاسم إلى موصوف، والجهة الجغرافية إلى صفة، كما في اسم جزيرة تيمور حيث قُسِّمَت الجزيرة إلى دولتين مستقلتين، تيمور الشرقية وتيمور الغربية.
هكذا يمكن تسمية الجزء الغربي من كردستان الملحق بسوريا حسب اتفاقية «سايكس بيكو»: بـ«كردستان الغربية»، وليس غرب كردستان، وذلك لوجود حدود سياسية سواء اُعترِف بها أم لا. فالتسمية الصحيحة سياسياً: كردستان  الغربية، وكردستان الشمالية، كردستان الشرقية، وكردستان الجنوبية. وإذا تمكّن الكرد ذات يوم في توحيد كياناتهم بعد الاستقلال، وبناء دولة كردستان موحّدة، سيكون اسم الدولة «كردستان – Kurdistan» ستطلق الأسماء: جنوب كردستان وشمال كردستان:
  (Başûrê Kurdistanê, Bakurê Kurdistanê, Rojavayê Kurdistanê, Rojhilatê Kurdistanê)
… إلخ.
كانت السودان دولة واحدة، رغم خصوصية الإقليم الجنوبي، فدرجت تسمية «جنوب السّودان» في الحديث عن المشكلة السّودانية، وعندما حصل الإقليم على استقلاله عام 2011 من السّودان بقي له الاسم الرّسمي «جمهورية جنوب السودان»، بقي الاسم مضافاً إلى الجهة الجغرافية.
 تسمية الكيانات الحزبية الكردية:
كانت هناك ثلاثة أحزاب تحمل الاسم نفسه في ثلاثة أجزاء كردستان: الشرقية، الجنوبية، الشّمالية. لذلك أُلحق اسم الدولة التي خضع تحت سيطرتها ذلك الجزء بالتنظيم الكردي، الحزب الديمقراطي الكردستاني- تركيا- إيران- العراق. وأضيفت مؤخرا اللاحقة سوريا إلى «الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا»    
تميّزت الأحزاب الكردية في سوريا بإضافة صفة (الكردي) إليها دون لاحقة (كردستان). بينما أضيف اسم دولة العراق كتعريف بالحزب الكردستاني هناك، فقد تغيير اسم الحزب الكردي في كردستان العراق إلى (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) في المؤتمر الثالث 26/1/1953 في مدينة كركوك.
اسم التنطيم الكردي في كردستان الشرقية كان: الحزب الديمقراطي الكردستاني، وللتمييز بينه وبين الأحزاب التي تحمل الاسم نفسه أُلحِقَ به اسم الدولة التي تحتل ذلك الجزء.
ألمانيا الشرقية: رغم أنّ اسمها الرّسمي لم يكن فيها ما يدلّ على الشّرقية فقد كان اسمها «جمهورية ألمانيا الديمقراطية» وهي دولة سابقة داخل الكتلة الشرقية خلال فترة الحرب الباردة، استمرت من 1949 إلى 1990 إلا أنّ ألمانيا التي خضعت للنفوذ الروسي عُرفت بالشرقية.
فيتنام الشمالية، هي الآخرى خلا اسمها الرّسمي من إشارات المكان، واسمها رسميًا جمهورية فيتنام الديموقراطية، هي دولة تأسست في جنوب شرق آسيا بين عامي 1945 و1976.

سوريا كلاحقة للتنيظيمات والجمعيات الكردية:

لم يتّفق الكرد فيما بينهم حتى الآن على إطلاق تسمية «كردستان» على المناطق الكردية، أو الأرض التي يعيشون عليها في سوريا، رغم الحقيقة التاريخية التي تشير إلى وجود جزء من كردستان في سوريا، حيث تمّ تقسيم كردستان حسب أهواء ومصالح الدول الكبرى في بداية القرن الماضي، وأُلحق جزءٌ منها إلى الدولة السورية الحديثة كما ورد في اتفاقية سايكس – بيكو.
أعتقد أنّ الإشارة إلى هذا الجزء الخاضع لسوريا باسم «كردستان سوريا، كردستان الغربية» سيكون قريباً من الصّواب، ففي الأول: إشارة واضحة إلى أنّ هناك أقليماً كردياً في سوريا، وفي الثاني: إشارة إلى أنّ هناك جزء من كردستان. أما إضافة اللاحقة القومية، أو المكانية إلى أسماء الأحزاب والجمعيات أو المنظمات الكردية في سوريا ليست خاطئة بالمطلق كما هي ليست دقيقة في صحتها.
ويبقى هذا اجتهاداً شخصيّاً اعتماداً على خبرتي المتواضعة في الحقلين السّياسي واللغوي.
———————    
*كاتب كردي سوري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…