آليات وقف إعادة تأهيل النظام؟

د. عبدالحكيم بشار
يبدو جلياً أن خطوات إعادة تأهيل النظام من قِبل بعض الدول قد بدأت بشكل علني، كما شرعت بعض الدول بفك الحصار السياسي والدبلوماسي عنه بشكلٍ فعلي، وبرأينا إذا ما سارت الأمور بهذا الإتجاه فإن إعادة تأهيل النظام  قد يصبح أمراً واقعاً لا مفر منه. 
وحيال مآلات تأهيل نظام القتل والإجرام، يبقى السؤال الملح والذي يطرح نفسه بقوة لدى كل مَن يتخوف من عمليات تعويم النظام هو هل يمكن وقف خطوات التأهيل والتطبيع معه؟ وهل ثمة آلية ما تمكن السوريين من إرجاع عقارب ساعة التعويم والتأهيل للوراء؟ وبتصوري أن ذلك  الأمر ليس مستحيلاً وقد يكون ممكناً جداً إذا ما توفرت بعض الشروط التي لا بد من ذكرها وهي:
ـ أن ترى قوى المعارضة السورية الوقائع كما هو لا كما تتخيلها أو تتمناها، وبالتالي أن تبتعد قدر المستطاع عن الصورة الرومنسية المشكلة عن الواقع السوري.
ـ أن تقوم المعارضة الرسمية بإجراء مراجعة نقدية شاملة وشفافة لعملها خلال السنوات المنصرمة. 
ـ أن تلتزم المعارضة بالشفافية والصراحة مع الحاضنة الشعبية والثورية. 
ـ أن تقوم بخطوات تحفز المجتمع الدولي لإعادة النظر في موقفها؛ وكملاحظة بخصوص البند الأخير، فمن المفروض أن لا تقوم بتلك الخطوة المعارضة الرسمية لوحدها، بل أن تكون هي الجزء الأقل منها، وذلك من خلال إقامة ورشات عمل يُشارك فيها كبار المفكرين السوريين والمثقفين والساسة من خارج أطر المعارضة الرسمية ومن مختلف المكونات، مع إشراكٍ فعّال لمراكز الدراسات السورية المختلفة ومراكز الدراسات العربية والدولية المؤيدة للثورة السورية، وذلك للوصول إلى مخرجات تعيد للثورة السورية ألقها، وللمعارضة مكانتها، ويوفر من خلالها البديل المقنع للشعب السوري وللمجتمع الدولي، وقد يدفع ذلك الأمر المجتمع الدولي والدول العربية إلى مراجعة الموقف من التطبيع وإعادة النظر في مقاربتها للملف السوري.
ويبقى السؤال الجوهري والذي ينبغي الوقوف عنده ملياً ألا وهو يا ترى هل ستستمر المعارضة السورية المضي قدماً بخطها السياسي نفسه وتكتفي بتحميل المجتمع الدولي  مسؤولية ما ألت إليه الأوضاع في سوريا؟ أم أنها ستقوم بمقاربة جديدة وعملية وتتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه دماء مئات الآلاف من السوريين؟ وبالتالي العمل على تنفيذ الشروط التي أشرنا إليها في الأعلى من أجل إنهاء معاناة المعتقلين وإيقاف أنين أمهات الأطفال وأهات الثكالى وآلام المهجرين والنازحين؟.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…