القضية الكوردية المشروعة.. والتفاؤل بحل قضايا شائكة على مستوى غرب كوردستان

عزالدين ملا
وحدة الصف الكوردي  من أولويات الشعب الكوردي لضمان حقوقه ضمن سوريا المستقبل، ومن الملاحظ أن الحوارات بين المجلس الوطني الكوردي وأحزاب الوحدة الوطنية قد توقفت لفترة نتيجة انتهاء مهمة الموفد الأمريكي وكذلك الانتخابات الأمريكية، بعد أن خطا الحوار خلال السنة الماضية أشواطا مهمة وتقدما ملحوظا في الجولات المتتالية وقد توصل إلى نقاط جد مهمة للمرحلة القادمة، من الرؤية السياسية، وملف المرجعية، ومن الواضح أن الجولة القادمة ستبدأ عند بدء الرئيس الجديد جو بايدن مهامه الرئاسية في أمريكا وتعيين موفد جديد للملف الكوردي والمباشرة بالجولة القادمة حيث تكون هذه الجولة هامة أكثر باعتبارها تتعلق بالملف العسكري والأمني والإداري.
1-    ما رأيكم بما توصل إليه الحوار الكوردي من الجولات، وخاصة في ما يتعلق بالرؤية السياسية؟
2-    كيف تحللون ما يجري خلال فترة توقف المفاوضات من تصريحات إعلامية من هنا وهناك، ومواقف الجهات الراعية للحوار منه؟
3-    برأيكم، هل سيكون الدور الأمريكي القادم كـ سابقه؟، أم ربما يحدث تغيير في الموقف، والأخذ بالأولويات أمريكياً؟ ولماذا؟
4-    لماذا أمريكا رعت المفاوضات الكوردية؟ هل هي مناورة، أم هناك خطة استراتيجية أمريكية مستقبلية توضع من جديد؟ ولماذا؟
5-    ما تحليلكم للحوار الكوردي في السنة الجديدة 2021؟ هل سيكون هناك اتفاق نهائي، أم لا؟ ولماذا؟
وحدة الصف الكوردي قضية استراتيجية
تحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، شاهين أحمد، بالقول: «الحوار بشكلٍ عام وسيلة جيدة لطرح الأفكار والتصورات بين المتحاورين حول مختلف المواضيع وخاصة الخلافية، والرؤية السياسية المتفق عليها بين الطرفين بتقديري كانت خطوة جيدة وفي الاتجاه الصحيح، لأن ما ورد في ملخص الرؤية السياسية من نقاط، والمعلن وفق البيان الذي تم تلاوته على الرأي العام بتاريخ 16 حزيران 2020، كانت متوافقة تماماً مع مطالب الشعب الكوردي، وكذلك مع رؤية وسياسات المجلس الوطني الكوردي ENKS وخاصة فيما يتعلق بضرورة تغيير نظام الاستبداد، وتقوية جبهة المعارضة وتعزيز دور الكورد فيها، ودعم العملية السياسية وفق القرار الأممي  2254، وشكل الدولة السورية، وطبيعة نظام الحكم فيها وكذلك الوجود الكوردي واستحقاقاته».
يتابع الأحمد: «توقف المفاوضات كانت بسبب غياب الراعي الأمريكي نتيجة التحول الذي حصل بعد فوز الديمقراطيين وخسارة الجمهوريين في الانتخابات التي جرت في الـ 3 من نوفمبر / تشرين الثاني 2020، والتغييرات التي ستشمل كبار الموظفين ومسؤولي مختلف الملفات والمواقع. أما ما يتعلق بالتصريحات الإعلامية التي صدرت من جانب شخصيات الطرف الآخر المتمثل بـ أحزاب الوحدة الوطنية الكوردية PYNK وخاصة قيادات حزب pyd أمثال آلدار خليل وفوزة اليوسف وإلهام أحمد بتقديري جميع تلك التصريحات كانت غير موفقة وإشكالية، ولم تخدم مفاوضات وحدة الصف، وكانت الغاية منها الإساءة إلى المفاوضات واستهدافها بغرض إفشالها، كما أن تلك التصريحات كانت دليلاً على وجود تناقض وصراع داخلي في حزب الاتحاد الديمقراطي pyd بين جناحين، جناح معتدل وحريص يريد التخلص من أعباء وأخطاء سياسة pkk عبر المفاوضات، وهم يشكلون غالبية الكورد السوريين، وتيار آخر من الكورد السوريين الذين مازالوا متمسكين بأجندات قنديل، وينفذون أوامر التيار المغامر داخل قيادة قنديل، ويستهدفون أية محاولة لوحدة الصف ويسعون بكل الطرق لتكرار ماجرى في عفرين وكري سبي ( تل ابيض ) وسري كاني ( رأس العين )!».
يرى الأحمد: «بشكل عام هناك عمل كبير ينتظر إدارة الرئيس بايدن على مختلف الصعد، لأن إدارة الرئيس السابق ترامب خلفت تركة ثقيلة من القضايا الخلافية والملفات الشائكة، ولكن علينا أن ندرك جيداً بأن الرئيس الجديد وحسب تقديرات العديد من المتابعين يميل للمؤسساتية في عمله، وأمريكا هي دولة مؤسسات، والقرارات فيها تتم صناعتها وصياغتها من خلال مراكز الأبحاث والدراسات ومؤسسات صناعة القرار، لا أعتقد ان يكون هناك تغيير كبير في السياسة الأمريكية في المنطقة، ولكن “بتقديري” سيكون هناك اهتمام أكبر بالملف الكوردي السوري في عهد الإدارة الديمقراطية الجديدة، وما نشر مؤخراً على موقع السفارة الأمريكية بدمشق دليل آخر على الاهتمام في هذا الجانب، حيث ورد حرفياً وبثلاث لغات ( كوردية وعربية وإنكليزية ) ما يلي: “تدعم الولايات المتحدة الحوار الكوردي – الكوردي، وتتطلع إلى استمرار تقدمه. هذه المناقشات – المقصود المفاوضات بين ENKS و PYNK – تدعم وتكمل العملية السياسية الأوسع بموجب قرار مجلس الأمن 2254 نحو تأمين مستقبل أكثر إشراقاً لجميع السوريين”. وتعين بريت ماكغورك وزهرة بيللي مؤشر آخر في ذات الاتجاه».
يضيف أحمد: «رعاية أمريكا للمفاوضات الكوردية – الكوردية ليست مناورة من جانب أمريكا، وهي (أمريكا) لاتحتاج إلى مناورة في هذا الجانب، ولكنها تحاول أن تستحوذ على الورقة الكوردية بشكل كامل لاستخدامها في الترتيبات التي تنتظر سوريا والمنطقة، أعتقد أن رعايتها للمفاوضات تأتي في إطار استراتيجيات أمريكا البعيدة في المنطقة». 
بالنسبة للمجلس الوطني الكوردي، يردف أحمد: «قضية وحدة الصف هي قضية قناعة وإيمان لنا ، وهي قضية استراتيجية، ونتعامل مع المفاوضات بمنتهى الجدية والمسؤولية، ولا نتعامل بردود فعل مع التصريحات اللامسؤولة التي صدرت من أكثر من شخص من الطرف الآخر. والسنة الجديدة ستكون حاسمة بالنسبة لهذه المفاوضات، ونتمنى أن تتكلل هذه المفاوضات بإتفاق شامل على مختلف الصعد السياسية والإدارية والأمنية والعسكرية والإقتصادية ….إلخ، لقطع الطريق على أية تدخلات أو حروب جديدة، لأن شعبنا تعب من التهجير، وأي اتفاق بين الطرفين من شأنه المساهمة في تسهيل نجاح العملية السياسية في سوريا وفق القرار 2254. على الطرف الآخر وتحديداً قيادات pyd أن تدرك أهمية المرحلة وتقرأ اللوحة بمنتهى الواقعية بأنه علينا جميعاً أن ندرك بأن شعبنا الكوردي في سوريا أمام لحظة تاريخية حاسمة، وبات وجوده على أرضه التاريخية مهدداً، لذلك علينا أن نتحمل مسؤولياتنا بشكل جماعي، ونعمل مع شركائنا من مختلف مكونات الشعب السوري للتأسيس لمرحلة جديدة في حياة السوريين، وعلى قاعدة الشراكة الوطنية والتوافق، والإقرار بحق الجميع، ومبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والخصوصية الكوردية السورية، والعمل من خلال المشروع الوطني السوري التغييري الشامل والهادف لإعادة إنتاج جمهورية سورية إتحادية ونظام ديمقراطي على مسافة واحدة من جميع تلك المكونات، لأن النظام الوطني الديمقراطي التشاركي هو الضمانة الأساسية للحفاظ على أي مكسب محلي يتم تحقيقه».
حل القضية الكوردية استقرار سوري شامل
تحدث عضو الهيئة السياسية في الحزب الكوردستاني الحر، حسن إبراهيم صالح، بالقول: «شعبنا يناضل من أجل حقه في تقرير المصير، والتمتع بحقوقه القومية مثل سائر شعوب العالم، وما توصل إليه الحوار الكوردي الداخلي برعاية أمريكية وقسد، في الجانب السياسي، يستجيب لما يتطلع إليه شعبنا وقواه السياسية الملتزمة بجوهر وثوابت القضية. فمضمون الوثيقة التي جرى الاتفاق عليها، ينص على أن تكون سوريا المستقبل، دولة اتحادية تعددية، وتحل القضية الكوردية على اساس اعتبار المناطق الكوردية وحدة جغرافية وسياسية موحدة، (وبموجب ذلك يتشكل إقليم كوردستان سوريا)، كذلك يتضمن إلغاء المشاريع والسياسات العنصرية وتعويض المتضررين. من هنا فإن هذا المضمون يخلق أرضية مشجعة لمواصلة الحوار، وقد لقي هذا إرتياحا لدى الشارع الكوردي».
يتابع صالح: «نظرا لوجود أجندات للعديد من الأطراف المتضررة من نجاح التقارب الكوردي، وفي المقدمة منها، الأنظمة الغاصبة لكوردستان وأدواتها، فإنها سعت إلى تحريك البعض لمهاجمة المقدسات والطعن فيها ، لإثارة الفتنة وخلق مناخ سلبي، وإنتظار ردود الأفعال، بغية إفشال الحوار الكوردي، لا سيما وأن الإدارة الأمريكية تمر بمرحلة انتقالية، بسبب انتخابات الرئاسة وفوز جو بايدن، ومحاولة ترامب وفريقه الطعن في نتائج الانتخابات، بيد أن الجانب الأمريكي، خذل المتربصين بالحوار الكوردي، وبالأخص تركيا التي تأبطت شرا ببقية المناطق الكوردية ( كوباني والجزيرة ) بعد أن احتلت عفرين، ثم سري كانيي وكري سبي، وذكرت أمريكا صراحة بأنها ستعاقب أي طرف يعتدي على عين عيسى وغيرها، لكونها تحت نفوذها من ناحية، ولأن هناك إتفاقا بينها وبين تركيا، يمنع التوغل أكثر من عمق ٣٢ كلم جنوب الحدود السورية التركية». 
يضيف صالح: «خلال لقاءاتنا مع ممثلي الخارجية الأمريكية في منطقتنا، أكدوا دوما بأن أمريكا جادة في إنجاح مشروع ترتيب البيت الكوردي الداخلي، سواء فاز ترامب، أو فاز جو بايدن، وهي ستتابع في مناطق الجزيرة والفرات، خططها لمواجهة المد الإيراني، وللحيلولة دون عودة داعش الإرهابي، وتحجيم دور النظام». 
يعتقد صالح: «بأن إدارة الرئيس جو بايدن، ستكون أكثر جدية، لا سيما وأن بايدن والعديد من الشخصيات التي إختارها لتبوء مناصب هامة، لها سابقا وحاليا مواقف منصفة تجاه الشعب الكوردي، وشعرت بالأسى والغضب من موقف إدارة ترامب، التي أدارت ظهرها لتضحيات البيشمركة والمقاتلين الكورد، الذين ساهموا بقوة في دحر الإرهاب، نيابة عن العالم. أمريكا سوف تعمل على تعزيز الاستقرار في منطقة نفوذها، على صعيد الأمن والتوافق السياسي بين المكونات، وبناء اقتصاد وفرص عمل للسكان، لتتمكن من ردع القوى الدولية التي تتدخل في الشأن السوري، ولها أجندات مضرة بمصالح أمريكا وتحالفها الدولي، وليكون لها دور أساسي في مرحلة الحل النهائي للأزمة السورية وفق قرارات جنيف والأمم المتحدة». 
يعتقد صالح: «بأن أمريكا تدرك أهمية كوردستان، من حيث الموقع الجغرافي والثقل الإقتصادي، ووجود شعب كوردي يعيش على أرضه التاريخية، ويبحث عن حليف ذي مصداقية، ويتقبل العيش بسلام وأمان مع شعوب المنطقة، ويكافح التطرف والإرهاب، ويؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان وقضايا المرأة. يبدو لي بأن هناك إستراتيجية أمريكية لإعادة ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط، وحل الصراع العربي الإسرائيلي، وتحجيم الدور الإيراني، وكذلك دور النظام التركي، بالإضافة إلى تمكين الكورد من أخذ دورهم المطلوب، لأن أمريكا تدرك بأن بقاء القضية الكوردية بدون حل، سيؤدي إلى بقاء الصراع وعدم الإستقرار». 
يردف صالح: «طالما أمريكا هي التي بادرت مع حليفتها فرنسا، وبمشاركة ضمنية بريطانية، لترتيب البيت الكوردي، ورعت الحوار بين الأطراف السياسية الكوردية، فإنها جادة وملتزمة بما سعت إليه، كجزء من مشروعها الإستراتيجي في الشرق الاوسط الجديد. أمريكا تدرك بأن من مصلحتها، أن تتحالف مع الكورد الذين برهنوا على جدارتهم في المشاركة في رسم مستقبل سوريا الجديدة. وأعتقد بأن إدارة الرئيس جو بايدن، سوف تسرع الخطا نحو دفع الحوار الكوردي الداخلي، بوتيرة قوية، وسوف تعمل على إزالة كافة العقبات التي تعترض مسيرة الحوار، وبالتالي سوف تتمكن من إنجاز الإتفاق بين جميع الأطراف الكوردية، تمهيدا لتحقيق التقارب والإتفاق مع بقية المكونات في المنطقة، لكي تتمكن من تشكيل معارضة موحدة تمثل الكورد من ناحية، ومكونات المنطقة، من جانب آخر، لتكون شريكة فاعلة في مفاوضات الحل السياسي للأزمة السورية».
الاستفادة من قاعدة المصالح المتبادلة المترسخة سياسيا في مواجهة المصالح الكبرى
تحدث الكاتب والناشط السياسي، أيمن ملا، بالقول: «الحقل السياسي مليء ومتشعب بقواعده وظروفه وأصوله المتجذرة والثابتة ومن ضمنها الأحداث والوقائع على الأرض التي تجعل من الأطراف السياسية المتحاورة والمتفاوضة أي تكن ملزمة بالتنازل عن بعض من مطالبها وأهدافها بغية التوصل الى حلول وسطية ترضي كل طرف متفاوض موجود على طاولة التفاوض، وعليه يمكن القول أن المبادئ السياسية التي توصل إليها الطرفان الكورديان في كوردستان سوريا تشكل مبادئ سامية  داخلة ضمن مرتكزات الواقعية السياسية التي يمكن أن تعيد لم الشمل والتآلف الكوردي في الحدود الدنيا الممكنة, لاسيما وان الرؤية السياسية المتفق عليها تتخذ من إتفاقية دهوك لعام 2014 مرجعية لها في تحقيق تطلعات الشعب الكوردي وتحقيق المصالحة الكوردية -الكوردية ضمن الأزمة السورية المتشعبة والمعقدة محليا وإقليميا ودوليا, وهي في هذا الإطار تغدو أرضية خصبة من حيث المضمون للاستمرار في تلك الحوارات والمفاوضات توصلا الى الهدف المنشود والمأمول منها في تحقيق الوحدة الكوردية في خضم  التحديات والعقبات التي تعصف بالمنطقة عموما وسوريا خصوصاً».
يرى ملا: «أن أي حوار أو مفاوضات يجب أن يتخلله بوادر حسن نية من قبل الأطراف المتحاورة والمتفاوضة، ومن هذا المنطلق وبنظرة تأملية للأحداث والوقائع التي رافقت تلك الحوارات الكوردية الكوردية وما أعقبته يمكن القول أن أطرافا محلية وإقليمية ودولية قد ليس من مصلحتها حصول تقارب كوردي كوردي في أي بقعة من بقاع كوردستان  فما بالنا ونحن نتحدث عن وحدة الصف والهدف الكوردي التي تهدد في نظر تلك الأطراف العدائية مصالحهم العليا وتخلّ بأمنهم القومي ومن أجنداتهم الاستراتيجية وحكوماتهم العميقة ان تكون الفرقة والتشرذم السمة الغالبة والصبغة الرئيسية للكورد في كوردستان سوريا، كما هي حال أجنداتهم ومخططاتهم في سائر الأجزاء الأخرى وبالتالي تسخر جميع المنابر وسيلة لها وأداة طيعة في سبيل تعكير رونق المساعي الرامية إلى إعادة اللحمة الكوردية والعمل على تكوين وترسيخ مسار من انعدامية الثقة والراحة السياسية والسيكولوجية بين الطرفين الكورديين بغية تشتيت الهدف الكوردي وتسخيره نحو محاربة الكورد للكورد بدلا من توجيه البوصلة السياسية الكوردية نحو الأهداف الكوردية السامية مما  يتعين على الأطراف المعنية أن تتخذ مثل هذه المعادلات بعين الاعتبار وأن تدرك أن ما حدث وما سيحصل مستقبلا لا يدخل إلا في خانة عدم رغبة اطراف عدائية في أن يصل الكورد إلى أهدافهم المشروعة ضمن دولة سورية المركبة».
يتابع ملا: «من المعلوم في الحقل السياسي أن البنية السياسية تتحكم بها قواعد سياسية ثابتة ومستقرة منذ الأزل متمثلة في انها لا تبنى على العواطف والمبادئ الأخلاقية بل وتتخذ من المصالح الاستراتيجية  للدول والأطراف السياسية التي تمثل تلك الدول والمصالح أساسا لها في التعامل إلا إذا شكلت  تلك العواطف والمبادئ الاخلاقية مسارا ممكنا لتحقيق تلك المصالح المنوه عنها فتتعرج عليها حينئذ، وتجعلها قضية لا سابقة لها وتدفع كبريات الامبراطوريات الإعلامية لتسليط الضوء عليها وجعلها قضية الساعة محققة من ورائها غاياتها المسمومة والمغطاة بغطاء إنساني، وبناء عليه يمكن القول، أنه يجب علينا أن لا ننتظر من هذه الإدارة الأمريكية أو تلك أن تقدم لنا حقوقنا المشروعة على طبق من ذهب وإنما متوجب علينا بصفتنا أصحاب قضية مشروعة هضمت حقوقهم تاريخيا أن نكون متمكنين ديبلوماسيا من الاستفادة من قاعدة المصالح المتبادلة المترسخة سياسيا في مواجهة المصالح الكبرى للدول العظمى التي تتحكم بدفة الأزمة السورية وتوجهها كيفما تشاء مقنعين إياهم بأن المنطقة لا يمكن أن تكتب لها الاستقرار دون إيجاد حل للقضية الكوردية  ضمن دولة سوريا اللامركزية السياسية وإلا فإن الحقل السياسي السوري  الشائك والملغوم سيؤدي الى هضم حقوقنا مجددا وصهرنا تحت بوتقة مسميات مختلفة لا تليق بنا كشعب كوردي أصيل له جذوره التاريخية في المنطقة لاسيما بوجودنا في جغرافية تعج بقوى عدائية للقضية الكوردية ومصالح سياسية محلية وإقليمية ودولية قد تتوافق فيما بينها ضد مصالح الشعب الكوردي في أية لحظة، وخير الأمثلة في هذا الصدد تعاقب نفوذ الكثير من الدول على الأرض السورية منذ نشوب الأزمة فيها وتقلصها تدريجيا إلى أن تم إخماده وبروز أدوار ومصالح ونفوذ لدول أخرى تبعا لتغير توافقات مصالح الدول العظمى».
يضيف ملا: «يمكن القول أن تسمية وجود الطرف الأمريكي في الحوار الكوردي الكوردي بمسمى الراعي إنما هي تسمية واردة في غير محلها برأي الشخصي  لآن مصطلح الراعي يتضمن قانونا تقديم الراعي لكل مايلزم لإنجاح  ذلك الحوار وعدم السماح بالفشل تحت طائلة تحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن اهماله وعدم قيامه بما يجب ان يكون لإنجاح ذلك الحوار، وبالتالي تجريده في نهاية المطاف من رعايته وهو ما لم نتلمسه بشكل جدي من الإدارة الامريكية السابقة، وإنما يمكن القول أنها كانت تقوم بنوع من الإدارة لا الحل، وخير الأمثلة في هذا الشأن أنها ترعى الحوار وفي الوقت نفسه كانت هناك انتهاكات جسيمة تقترف في عفرين وسري كاني وكري سبي من قبل الإرهابيين المحتلين  لتلك المناطق على الرغم أنه كان في استطاعتها أن توقف تلك الانتهاكات لإضفاء نوع من الجدية على رعايتها إلا انها لم تحرك ساكنا مراعاة لمصالح أطراف إقليمية، تتوافق مصالحها مع مصالح تلك الأطراف، وبناء عليه أعتقد وإن أنطلق الحوار الكوردي الكوردي مستقبلا بعد أن تسلم جو بايدن السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة الامريكية خلفا لدونالد ترامب فإنه لايمكن أن تكون هناك إنطلاقة جدية للحوار الكوردي الكوردي نظرا لأن الإدارة الحالية تحتاج  وقتا كافيا للإلمام بالتغيرات الجيوسياسية  الحاصلة في المنطقة ومنها الدولة السورية، وإن كانت الإدارة الحالية تمتاز بكون رئيسها كان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما واللذان عاصرا الأزمة السورية في كثير من أحداثها وتجلياتها ومن ضمنها القضية الكوردية، وفي هذا السياق لا يمكن القول برأي الشخصي بوجود خطة استراتيجية على المدى القريب لاسيما وإن انتخاب جو بايدن جعلت الولايات المتحدة الامريكية تعاني من  تحديات داخلية وخارجية كثيرة، ومنها ما تخلل إنتخاب الرئيس من إنقسام داخلي وعدم تنسيق إدارة ترامب السابقة مع إدارة جو بايدن الحالية وفقا للمطلوب والمأمول وبخصوص جميع الملفات المحلية والإقليمية والدولية التي تهم الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها زعيمة العالم، وهذا ما كان يصرح به جو بايدن  نفسه طيلة المدة السابقة مما جعلت الإدارة الحالية مقيدة بقيود تحتاج الى فترة من الزمن لتتمكن من التفرغ الى المسائل الخارجية والامساك بخيوط جميع القضايا الخارجية العالقة».
يعتقد ملا: «أنه مكتوب على الكورد فيما يخص بالحوار الكوردي الكوردي أن ينتظروا فترة من الزمن  حتى تنخرط إدارة بايدن الجديدة  في الملف الكوردي بشكل جدي، في الوقت الذي يتعين عليهم أن يكونوا حذرين فلا يأتمنوا ويرفع الراية البيضاء لبعض من تصريحات جو بايدن السابقة التي يستشف منها محبته للكورد وأشياء أخرى من هذا القبيل، لأنه وكما أسلفت سابقا أن المصالح تتغير بوتيرة عالية في الحقول السياسية وبشكل مواز له أيضا التوافقات السياسية  في هذا الشأن،  وعلينا أن لا نكون واثقين ثقة عمياء بأن بايدن سيكون بمثابة المسيح المخلص للكورد، وإنما يتعين الحذر والاحتياط وفقا لمسلك المسارات السياسية المشار إليها سابقا، وعلى الرغم من كل هذا وذاك وبوجود الكثير من العقبات والأسلاك السياسية الشائكة لنكن متفائلين بأننا ككورد سيكون لدينا المقدرة الديبلوماسية الكافية في أن نولد قناعة أمريكية حيال قضيتنا المشروعة متمثلة في أننا نمثل الجانب الخير سياسيا واخلاقيا في المنطقة لا الشر السياسي  فيها، وبالتالي يتوج الامر في نهاية المطاف بإتفاق كوردي كوردي قطعي، وتنفيذه بكل حيثياته لما فيه مصلحة الجغرافية السورية والمنطقة  بشكل عام وكوردستان سوريا بشكل خاص».
الخاتمة:
يتطلب من الكورد التفاؤل بمستقبل أفضل، والقدرة على إقناع الجانب الأمريكي بمشروعية قضيتنا الكوردية ضمن سوريا المستقبل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…