المرأة الكاتبة في جحيم العقلية الذكورية

هيڤي قجو

Giha di bin geveran de namine!! 
العشب ينمو ولا يبقى طويلاً  تحت الأحجار !!
يتفاخر الكردي المثقف دوماً بأن عقليته متحررة، وأنها لا تشبه عقلية قرينه المشرقي الذي من وجهة نظره يمارس مختلف أنواع العنف ضدّ المرأة. وفي هذا السياق من السهولة بمكان أن يمتدح الكردي المثقف نفسه وينسب إليها المزايا الإيجابية كلها !  ولكن ماذا لو اقتربنا من عتبة بيته، هل سنلاحظ هذا التحرّر في العقلية التي يتفاخر بها هذا المثقف؟! هل سنراه ديمقراطياً مع نساء بيته (أمه، أخواته، زوجته وبناته)؟ لنفترض هنا أن زوجته تملك موهبة الكتابة، هل سيسمح لزوجته أن تغوص في عالم الكتابة بحرية من دون ضوابط؟ هل سيتركها تقول ما تفكّر فيه؟ هل سيتركها تكتب ما يجول في أعماقها دون رقابة منه أو العودة إليه؟
 في الواقع الأمر أكبر من تخيلاته، فالمثقف الذي يتبجّح في حواراته عن مساواة المرأة بالرجل خارج البيت ليس هو نفسه داخله، بل هناك شروط وضوابط تمشي عليها نساء البيت ولا يجوز لكائنة من تكون خرقها، الأمر الذي يبرهن على التناقض الذي تعيشه الشخصية الذكورية الكردية، والنفاق الذي يكتنفها، بالإضافة إلى ذلك كله فالمرأة في نظره شرفٌ، عِرضٌ وبالتالي عليها ألا تخرج خارج المعايير التي وضعها هو ومن على شاكلته. قلة قليلة من النّساء كسرْنَ الطوق والقيد وأمسين ينسجْنَ حياتهن من جديد، لكن بعد أن عانين أشكال العنف كافةً، وهن بنظر المجتمع عاقّات أو متطرفات لأنهن اجتزن الخوف الذي لازمهن وكونّ شخصياتهن بعيداً عن أمراض المجتمع، تلك النساء بدأن بخطوات حاسمة وجريئة لتشكيل كينونتهن وقد أحطنها بهالات يصعب على المرء اجتيازها، من هؤلاء النسوة، الكاتبات والتي بدأن يسطّرْنَ  بمعايير خاصة بهن رحلة الكتابة، بعضهن بدأن يكتبن من وجهة نظر ذكورية، خوفاً من أن يسألن ذات وقت: هذه حالتكن أليس كذلك؟ تكتبن عن أنفسكن؟! بعضهن بدأن رحلة الكتابة باسم مستعار والأخريات بأسماء أولادهن، على سبيل المثال: أم فلان!! وتلك التي كتبت باسمها صارت حكاية على الألسن، البعض يطعنها في كرامتها وآخرون يلفّقون أشياء عن سمعتها والأنكى من كل هذا وذاك بعضهم ذهب في منحى آخر متّهماً إياها أنها لا تفقه من/في  الإبداع شيئاً وهناك مَنْ يكتب لها مقابل…. الله أعلم…..!!! من أين لهؤلاء أن يعرفوا أن هناك رجالاً يكتبون لهؤلاء النساء؟ لمَ يكتب الرجال للنساء دوماً وليس العكس؟ لم هذه العقلية الذكورية التي تنقص من إمكانيات المرأة والتي تجعلها أدنى مرتبة من الرجل؟! ما المعايير التي يتبعونها لإصار هكذا أحكام جائرة؟!
متى كان الرجل أكثر إبداعاً من المرأة، أيها المثقف الذي تنادي بالمساواة، من قال لك إنّ الإبداع خاصّ بالرجال دون النساء؟! إلى متى سنظل نكرر ما يقال؟ إلى متى سنظل نشكّك في قدرات النساء؟ هناك نساء كاتبات يبدعن ويتفوقن على الرجال، لكن في شرقنا دوماً المرأة في مرتبة دنيا ولا تفقه شيئاً غير الإنجاب والطبخ والنفخ!
ألم يحن الوقت كي تغير النظارة التي تلبسها أيها المثقف؟ المرأة مختلفة عنك لكن ليس لديك الحق أن تطعنها في ملكاتها، في إبداعها وموهبتها، ليس لك الحق في تعنيفها لأنها بكل بساطة إنسان مثلك ولها الحق في كل ما تقوم به أنت.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….