استمارات تغيير قومية الكرد من البعث الى الشيعية السياسية

صلاح بدرالدين
في اوج صعود نظام حزب البعث في العراق ودكتاتوره المقبور صدام حسين ، وجنبا الى جنب عمليات الانفال ، والهجوم الكيمياوي على – حلبجة – اصدر حكام بغداد استمارة باسم (تغيير القومية) تعممت خصوصا في المناطق المعرضة للتعريب مثل كركوك ومدن ومناطق أخرى ، وتم املاؤها عنوة وبالتهديد المباشر من جانب عائلات كردية ، لتخرج نتائج الإحصاء مطابقة لحسابات الأوساط العنصرية ، وتسهل اقتطاع أجزاء إدارية من خارطة إقليم كردستان .
    بدلا من نموذج الاستمارة البعثية السابقة لتغيير القومية ، تم استخدام – عريضة – باسم نواب كرد من الديانة الازيدية في البرلمان العراقي ، تطالب بتغيير قومية الازيديين ، ووقف وراء العملية نواب موالون لإيران ينتمون لفصائل الحشد الشعبي ، وكان واضحا وقوف نظام طهران وراء المخطط ، لان وظيفته بث الفرقة والانقسام بين شعوب وبلدان المنطقة ، ومنذ تسلط نظام ايات الله المذهبي الاستبدادي القرووسطي على مقاليد الحكم في طهران ، منح الأولوية للشيعية المذهبية السياسية على حساب الانتمائين القومي والوطني ،
هذا مالمسناه في العراق وجزئيا في الوسط الكردي الشيعي ، وتابعناه باليمن ، وسوريا ، ولبنان ، فمشروعه الحقيقي قومي عنصري يتغطى بالدين والمذهب ، ويعمل لتخريب المنطقة ، وهدم الأنظمة السياسية ، وتقويض الكيان الدولتي ، وخلق بدائل ميليشياوية ، ودويلات داخل الدول ، وقد تزامنت – عريضة تغيير قومية الكرد الازيديين – مع ازدياد نفوذ النظام الإيراني في العراق كله ، وفرض شروطه حول المسائل الأمنية ، والعسكرية ، والسياسية في بغداد ، وكذلك حول التواجد الكردي الإيراني وكذلك السوري في إقليم كردستان العراق لان الجميع من ضحايا النظامين المستبدين ، ويعارضونهما اسوة بشعوب ايران وسوريا .
    -عريضة – بمستوى اعلان إبادة جديدة
  تعرض الكرد المنتمون الى الديانة الازيدية الى العديد من حملات الإبادة في تاريخهم ، وما تدعو اليه – العريضة – الجديدة هو شكل – ناعم – من الإبادة في مظهره باستنادها الى التصويت الديموقراطي ؟! ، واخطر من سابقاتها بكثر من حيث المضمون والجوهر ، فالفرمانات السابقة كانت تدور ولو علنا حول المسالة الدينية العقائدية بالرغم من استهدافها عمليا لجزء اصيل من الشعب الكردي عقائد وتقاليد ، وثقافة ، ووجودا .
     لاشك ان الوسط الكردي المنتمي الى الديانة الازيدية ، وخصوصا في العراق ، وأرمينيا ، وبعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا ، شهد بعض الأحيان نمو تيارات حاولت منح الأولوية للجانب الديني على حساب القومي ، والبعض ذهب ابعد من ذلك عندما دعا الى القومية الازيدية ، والانسحاب من القومية الكردية ، ومن الواضح ان هذا التوجه بحكم منافاته للتاريخ ، والمنطق ، وحقائق الواقع لن يرى النور ، وسيبقى اسيرا للتدخلات الخارجية السياسية المرحلية .
     كرد ازيدييون سوريين في الصفوف الأولى من النضال
    نحن في الحركة الكردية السورية ومنذ ظهورها وحتى الان لم نسمع يوما عن مثل هذه الدعوات – الارتدادية – بين كردنا المنتمين الى الديانة الازيدية ، بل كانوا دوما في صدارة النضال القومي والوطني ، واتذكر بكل خير رفيق دربنا الراحل – شمو – الذي كان مناضلا جسورا ، وعضوا فاعلا في كونفرانس الخامس من اب ١٩٦٥ ، وتحمل مسؤوليات حزبية قيادية ، وهكذا الامر لشباب آخرين من الجزيرة وعفرين كانوا في صفوف – البارتي اليساري – الاتحاد الشعبي – سابقا ، والبعض من ضمن الوافدين للدراسة بالخارج ، ومازال بعضهم من الناشطين في الوطن وفي أوروبا ، وعموما بين كردنا الازيديين السوريين من النساء والرجال كتاب واعلامييون ، ومثقفون ، وفنانون نعتز بهم .
    الشعب الكردي عموما ، والكرد السورييون على وجه الخصوص ، يمرون بمرحلة النضال التحرري ، ومايجمع المنتمين الى الديانات هو الانتماء القومي ، والوطني ، واخطر ماتواجهها حركتهم السياسية هو موجات التطرف الديني ، وتسييس الدين ، والمبالغة في سرديات ، وماورائيات الانتماءات العقائدية ، والأيديولوجية .
    ان – عريضة – تغيير قومية الكرد المنتمين الى الديانة الازيدية موجهة ضد الشعب الكردي في كل مكان بشكل عام ، والكرد الازيديين خصوصا بالصميم الذين يعتبرون كردا اصلاء ، فهل يجوز التضحية بالاصل ؟ انه التحدي التاريخي وعلينا جميعا مواجهته .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…