الوفاء ….أثمن ما في الحياة

صلاح بدرالدين
”  تعريف الوفاء – وفاداري – هو المحافظة على العهد والالتزام به‏، وهو الإخلاص ضد الغدر “
  ويندرج الوفاء ضمن تقاليد حركات التحرر الوطني، وفي صفوف المناضلين من اجل الحرية، والتغيير الديموقراطي، وبين الذين عملوا من اجل هدف مشترك، وتبادلوا الثقة، والدعم المتبادل من اجل القضايا المشتركة، والانسان او الجماعة المنظمة، يمكن ان يكون وفيا للشعب، والوطن، والمبادئ، والعائلة، والرفاق، والأصدقاء، والشركاء، والمواطن، ورفاق السجن والمعتقل .
  المناسبة هي مبادرة قيادة ( الاتحاد الوطني الكردستاني – العراق ) في تكريم صديقهم المرحوم – عبد الحميد درويش – ومن المعلوم انني اختلف مع سياسات الاتحاد منذ ان تأسس بدمشق عام ١٩٧٥ لاسباب تتعلق بالكرد السوريين وقضيتهم والنظام السوري، وأسباب أخرى، وقد كتبت من يومين – بوستا – بهذا الصدد، كما ان الحزب الذي كنت انتمي اليه وتراسته كان في خلاف فكري وسياسي نحو ستين عاما مع حزب المرحوم – عبد الحميد درويش – وكان الصراع سلميا بعيدا عن العنف، والشخصنة، بل حافظنا سوية على نوع من الاحترام الشخصي المتبادل، أقول مع كل ذلك أثمن عاليا مبادرة قيادة الاتحاد في تكريم شخصية كردية سورية كان لها دورها في الحياة السياسية بالرغم من الاختلاف.
  درس في الوفاء للزعيم الراحل ياسر عرفات
خلال احدى زياراتي الى مناطق السلطة في فلسطين، ولدى وجودي في مكتب الزعيم الراحل الرئيس ياسر عرفات في – غزة – احضروا له ملفا و وبعد ان القى عليه النظرة ثارت ثائرته، ونادى مدير مكتبه باحضار – فلان – وكان المسؤول المالي بحركة – فتح – الذي هو من جلب الملف للتوقيع عليه ويتضمن طلبا لحجب رواتب، ومستحقات كل من المنشقين عن فتح ( أبو موسى وخالد العملة )، وصاح به أبو عمار: لايجوز قطع رواتبهم انهم فلسطينييون، ولديهم عائلات، نعم اختلفنا وهذا لا يعني فرض الحصار المالي عليهما، كما انني علمت ان أبو عمار كان يصرف المساعدات للكثير من العائلات السورية، واللبنانية، والعراقية التي كانت تنتمي للمعارضة ضد أنظمتها، او فقدت معيلها، او كان بعض افرادها أصدقاء لمنظمة التحرير، ومن بين تلك العائلات على سبيل المثال عائلة – صلاح جديد – عندما كان بالسجن، كما علمت انه قدم دعما ماليا لزعيم الحزب الحاكم في – المانيا الديموقراطية السيد اريش هونيكر – بعد الإطاحة به، والذي رحل مع زوجته الى أمريكا اللاتينية.
  لاشك ان الوفاء، والصدق، والشفافية، وعدم الغدر بالبعض هو ما نحتاج اليه في هذه المرحلة اكثر من أي وقت مضى، لأننا ككرد عامة، وكرد سوريا خصوصا مهددون بالفناء، وهناك بين صفوفنا من لا يتمنى الخير للاخر، ويعمق الكراهية، ويثير الفتن الحزبية، والمناطقية، والفئوية، والشخصية، وهناك من يمارس التضليل علنا للايقاع بمخالفيه، ويخون الاخر المخالف، ويزور احداث الماضي، وهناك من ينفي تاريخ الحركة الكردية السورية، ويتجاهل رموزها، ومناضليها، ويغدر بكل انجازاتهم، نعم لدينا خلافات فكرية، وتباينات سياسية، ولكن صراعنا ليس تناحريا بل يجب ان يستند الى الحوار السلمي الهادئ من دون عنف، وسلاح، وعسكر،، والوفاء لتاريخنا دليل استمراريتنا لاعادة بناء الحاضر من اجل المستقبل .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…