تكتيكات البقاء للنظام الإيراني: القمع والإرهاب والحرب

سعيد عابد 
لقد اتسمت السياسة الخارجية التي ينتهجها الملالي الحاكمون في إيران منذ فترة طويلة بتصدير الإرهاب، وتعزيز الأصولية الإسلامية، والانخراط في أنشطة إثارة الحرب. وقد تصاعدت هذه التكتيكات، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية بقاء النظام، في الآونة الأخيرة وسط تزايد الضعف الداخلي وشبح الانتفاضات الشعبية الذي يلوح في الأفق.
تشن الدكتاتورية الدينية التي تتولى السلطة حالياً في إيران حرباً متعددة الأوجه، سواء ضد شعبها أو ضد المجتمع الدولي. ومن المثير للصدمة أنه في عام 2023 وحده، أعدم النظام 864 شخصًا، بينما كثف في الوقت نفسه قمعه للنساء في الشوارع. وتهدف هذه الإجراءات القمعية إلى قمع المعارضة واستباق أي انتفاضة محتملة.
وخارج حدوده، يواصل النظام أنشطته الشائنة. إن الهجمات على مكتب المجلس الوطني للمقاومة في برلين، فضلاً عن المراكز المرتبطة بحركات المقاومة في باريس ولندن، إلى جانب محاولات الاعتداء على أشرف 3 في ألبانيا، تؤكد التزام النظام بتصدير الإرهاب. علاوة على ذلك، يواجه أكثر من 100 عضو في المقاومة الإيرانية محاكمة غيابية، مما يدل على امتداد النظام العالمي.
كما سلطت التطورات الإقليمية الأخيرة الضوء على اعتماد النظام على الحرب كوسيلة للحفاظ على السلطة. وفي 13 نيسان/أبريل 2024، خلع النظام غطاءه بالوكالة ودخل مباشرة في الصراع. لقد أصبح من الواضح تماماً أن النظام الإيراني، تحت قيادة خامنئي، يقف باعتباره المحرض الرئيسي للصراع المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. وتبرز طهران كمركز للحرب والإرهاب.
إن تصعيد النظام للإرهاب والتحريض على الحرب يتطلب إعادة تقييم سياساته السابقة. ولم تؤد عقود من الاسترضاء إلا إلى تعزيز جرأة النظام، وتمكينه من ارتكاب فظائعه في الداخل والخارج. لقد حان الوقت للتخلي عن هذا النهج الفاشل والدفاع بدلاً من ذلك عن التغيير الديمقراطي بقيادة الشعب الإيراني وحركات المقاومة. إن إسقاط النظام، الذي طال انتظاره، أصبح الآن أكثر جدوى من أي وقت مضى.
ومن الضروري الاعتراف بالحرس الثوري الإيراني ككيان إرهابي، نظرا لتورطه الواسع في الإرهاب والتحريض على الحرب. وتكشف الأدلة الموثقة عن العمليات السرية التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني في ألمانيا، حيث يقوم بشراء مواد حساسة للاستخدام العسكري. بالإضافة إلى ذلك، ينخرط عملاؤها المتمركزون في الدول الغربية في التجسس والإرهاب والدعاية ضد جماعات المعارضة مثل منظمة مجاهدي خلق، مع تسهيل توفير تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار.
وفي ضوء هذه الاكتشافات، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتضامن مع الشعب الإيراني. وهذه ليست مجرد رغبة أعرب عنها الإيرانيون، بل إنها خطوة حاسمة نحو تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وخارجه. ومن خلال الاعتراف بنضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية ودعمه، يستطيع المجتمع الدولي أن يساهم في إقامة إيران حرة وديمقراطية حقا.
*سعيد عابد عضو لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ ناشط في مجال حقوق الإنسان، وخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط*

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…