الخوف من ظاهرة التشيع بين الكرد هل له ما يبرره ؟

روني أحمد

في الآونة الأخيرة رأينا كتابات تهاجم ما يعرف بظاهرة التشيع بين الكرد .

من خلال إطلاعي على هذه الكتابات توصلت إلى قناعة حقيقية ، بأن الذين كتبوا عن هذه الظاهرة لا يعرفون شيئاً عن الشيعة والتشيع ، فهم تربوا ودرسوا الفكر اللينيني والماركسي ونشروا هذه الأفكار في المجتمع الكردي طيلة العقود الماضية ، ودخلوا مع مجتمعهم الكردي الغالب عليه صفة التدين في صراعات حول إنكار الله ، وأن الإسلام دين التخلف والرجعية ، وفجأة تحولوا عن الماركسية بل وأصبحوا يعادونها أشد العداء .

لذا أريد أن أبين لهؤلاء وعلى عجالة حقيقة الشيعة والتشيع ، والتي تتمثل بمناصرة المظلوم والوقوف بوجه الظالم مهما كانت صفته أسوة بالإمام الحسين عليه السلام .

عندما وقف في وجه سلطة بني أمية الذين كانوا يظلمون العباد ويكرسون النهج العنصري ، وينهبون خيرات البلاد وينشرون الفساد في الأرض .
أما ظاهرة الحزن والبكاء على الإمام الحسين ( عليه السلام ) فهي في الحقيقة حزن وبكاء على المضطهدين والمظلومين والأطفال المشردين واليتامى ، والذين فقدوا باستشهاد الإمام الحسين عليه السلام معيناً وناصراً حقيقياً لهم ، لأن باستشهاده ساد الظلم في الأرض وأصبحت الحاكمية ليزيد وحزبه فنهبوا خيرات البلاد وعاثوا وفسقوا في البلاد .
وإحياء أمر الإمام الحسين ( عليه السلام ) هو إحياء لنهج المقاومة والكفاح ضد الطغاة وسلاطين الظلم في كل العصور .

واليوم نريد أن نبين الأسس التي يجب أن ترتكز عليه فكرة التشيع :
1- مقاومة الظالمين من السلاطين ووعاظهم وخاصة بين الكرد المظلومين .
2- الوسطية في التفكير الديني وضرورة تقبل الآخر أياً كان مذهبه ومعتقده، حتى كان كافراً وملحداً واعتبار
     كل إنسان إما أخٌ لنا في الدين ، أو نظير لنا في الخلق كما قال الإمام علي عليه السلام .
3- ضرورة النظر إلى الشريحة العظمى من الأكراد المتدينين المتمثلين بإحدى التيارات التالية :
1″- الصوفية وهؤلاء من أساسيات نهجهم أنهم لا يتدخلون في السياسة بل يحرمون ذلك ، ويقولون لنترك الأمر لولي أمر المسلمين حتى ولو كان فاسقاً أو ظالماً .
2″- السلفية الجهادية والتي تتمثل بفكر تنظيم القاعدة ، التي تكفر المجتمع وتنكر الحقوق القومية ، وتعرب الإسلام وتجعلها في خدمة العروبة .
3″- الشيعة ( الفكر الشيعي ) وتتمثل أفكارهم بعدم الانضمام إلى صفوف السلطات الطاغية الظالمة ومقاومة كل غاصب لأرض وثقافة ولسان وحقوق الغير .
4″- ضرورة التمييز بين السياسيين من المذهب الشيعي أمثال أحمد نجاد والسيد حسن نصر الله ورئيس الوزراء المالكي ، واعتبار هؤلاء لا يمثلون المذهب الشيعي ، وإنما يمثلون مصالحهم ومصالح أحزابهم ، وأن هناك الكثير من علماء الشيعة مختلفون معهم .
أما لماذا التشيع بين الأكراد ؟
من المعلوم بأن ظاهرة التشيع أصبحت عالمية ، فهي تنتشر في اليمن ومصر والسودان وأسترالية وأمريكا وأغلب الدول ، وهي غير مقتصرة في سوريا ، فهي ليست صنيعة النظام في سورية كما يخيل للبعض ، والأكراد مثلهم كمثل أكثر الشعوب الإسلامية ظهرت بينهم هذا الفكر ، ولكن يجب أن يكون الهدف منها :
1- فتح قنوات الاتصال مع المراجع الدينية ، والاستفادة من أعلامهم وقنواتهم التلفزيونية لشرح القضية العادلة للشعب الكردي .
2- تشجيع المستثمرين من أصحاب الأموال من الشيعة في الخليج ولبنان لفتح المشاريع الاقتصادية والتجارية بين الأكراد .
3- تعزيز أواصر الثقافة والمطالبة بمساعدات للطلبة الكرد من منح دراسية وغيرها .
4- إنشاء جمعيات خيرية مشتركة لدعم الأكراد الفقراء وبعيداً عن السياسية .
5- عدم التدخل في شؤون الأحزاب السياسية الكردية ومنظمات حقوق الإنسان في سوريا ، بل التعاون معها ومؤازرتها لتحقيق العدالة .
6- اعتبار الأحزاب الكردية والمثقفين الكرد هم الممثلون الحقيقيون للشعب الكردي .
7- اعتبار الحركات الدينية وخاصة بين الأكراد غير مؤهلة الآن
لقيادة المجتمع ، نظراً للظروف السياسية والدولية وما لحق للفكر الإسلامي من تشويه عبر العصور .

8- تعزيز مبدأ العدالة والديمقراطية واحترام الآخر .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   يا سوريا، يا رعشة التاريخ حين يختلج على شَفَة المصير، ويا لُغزَ الهوية حين تُذبح على مذبح الشرعية، ما بين سراديب القهر وأعمدة الطموح المتداعية. أنتي ليستِ وطناً فقط، بل أسطورةٌ تمشي على أطرافِ الجراح، تهمس للحاضر بلغةٍ من دمٍ، وتُنادي المستقبل بنداءٍ مختنقٍ بين الركام. أيُّ قدرٍ هذا الذي يجعل من أرض العقيق محرابًا للدم، ومن…

نتابع، في الشبكة الكردية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، بقلق بالغ تصاعد حالات اختطاف الأطفال القُصَّر، خاصة الفتيات، من قبل ما تُسمى بـ”منظمة جوانين شورشكر” أو “الشبيبة الثورية”. حيث يُنتزع هؤلاء الأطفال من أحضان عائلاتهم ويُخفَون في أماكن مجهولة، دون تقديم أية معلومات لأسرهم عن مصيرهم. لقد حصلنا على قوائم بأسماء عدد من القاصرين والقاصرات الذين تم اختطافهم…

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى. بدأت المرحلة الجديدة…

نظام مير محمدي*   في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر قال وهو يشير الى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني: “يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد”، وفي کلامه هذا الکثير من الضبابية وعدم الوضوح لأن…