بدون شك ان انطلاقة جريدة كردستان تعتبر انعطافة في الواقع الثقافي والسياسي الكردي الذي كان يفتقد الى هذا الجانب الهام ، لنشرالقضية الكردي ومعاناة شعبه للعالم ،والجانب الابرز حسب وجهة نظري هي كون الجريدة كانت ذو طابع وطني بامتياز وعكست واقع وآلام الكرد ، والتي كانت بحاجة ماسة الى صحافة تجري من خلالها التواصل بين المثقفين في مناطق كردستان المختلفة وتعمل بنفس الوقت على توثيق وتدوين الوقائع التاريخية والاحداث التي جرت في ذاك الوقت.
الجانب الآخر انها ولدت في ظروف صعبة للغاية جاءت بعد انهيار ثورة البدرخانيين في بوطان وتشتت العائلة البدرخانية والمثقفين الكرد في اصقاع الارض الواسعة ، فكانت هذه الباكورة الاعلامية ، لاعادة لم الشمل بطريقة مختلفة ، بطريقة التواصل عن طريق الجريدة.
وكانت هذه الجريدة مصدر قلق دائم للسلطان العثماني عبدالحميد ، وحاول بكل نفوذه اسكات هذا الصوت حتى نجح في ذلك في عام 1902 بعد ان اصدرت الجريدة 31 عددا بين القاهرة وجنيف ولندن ، ولايسعنا في هذه المناسبة إلا ان ننحني اجلالاً للذين كانوا سببا في ان ترى هذه الجريدة النور وتنحنى اقلامنا امام هاماتهم العالية .
تعرضت الصحافة الكردية الى القمع والاقصاء على مر التاريخ ، وميلاد باكورتها الاولى في المهجر خير دليل على ذلك .
؟
نعم لقد واجهت الصحافة الكردية منذ بدايتها مصاعب جمة وعقبات كثيرة ، فالصحافة الكردية ولدت في ظل الحركة التحررية الكردية وكانت رديفة لها في كل الاوقات ، ومن اجل ذلك تعرضت للقمع والاضطهاد مثلما كانت حال الحركات التحررية الكردية خلال القرن الماضي والذي قبله والى الآن ، ولم تكن من قبيل الصدفة ان تولد اول صحيفة كردية في المنفى ، بل جاءت نتيجة ذاك الواقع الاليم لتستمر بعدها مسيرة الصحافة الكردية في المنافي وبلاد الغربة والى الآن.
واتراك اليوم اسلاف بني عثمان الامس لم يتركوا دابة كردية تدب على الارض إلا ولحقوا بها وتدخلوا في امرها ، في كل مكان حتى على دروب الهجرة والمنافي المقيتة لم يتركوهم في حال سبيلهم .
فقد تدخلوا في شأن جريدة “ريا ته زه ” الطريق الجديد في الثلاثينات من القرن الماضي التي كانت تصدر في العاصمة الارمنية يريفان ، وتدخلت تركيا الجمهورية والمدنية الحديثة في امرها عبر طلب الى الاصدقاء السوفييت ، وحاكمها ستالين آن ذاك ، ووصلوا الى بعض من مبتغاهم حيث الغيت الاحرف الكردية واستبدلت بالاحرف الروسية ، ولكنها استمرت رغم السنوات العجاف وفترات الانقطاع الطويلة وضعف الاماكانات المادية.
وكذلك بثت اول اذاعة كردية في بغداد في اواسط الثلاثينات من القرن الماضي وكذلك اذاعة يريفان في ارمينيا.
وعلى صعيد الاعلام المرئي اطلقت اول فضائية كردية في بلجيكا عام 1993 وكانت تسمى ميد تف ،هذه امثلة عن الاعلام بشكل عام ونجدها جميعاً انطلقت خارج بيئتها الحقيقية .
حيث واكب الكرد التطورات التكنولوجية بعد تبلور العقل البشري ومقارعته للفضاء ، وهناك العديد من الامثلة التي لا مجال لحصرها وتعدادها وهذا غيض من فيض الصحافة الكردية ، التي حققت تلك القفزات رغم الشروط الصعبة والولادات القيصرية ولم تكن يوماً طبيعية .
ماذا عن الصحافة الكردية في الوقت الراهن ؟
لم تكن هذه الارض يوماً بخيلة بالعطاءات ، فقد انجبت العديد من المثقفين والمفكرين والاعلاميين الذين ساهموا بشكل فعال في الحضارة والثقافة العالمية ، رغم احساسنا بأننا ما زلنا مقصرين كثيراً وهناك اميال ومسافات بيننا وبين الاعلام المتمدن ، فإن مساحة التيه التي نمر في دهاليزها دائمأ لا توصلنا الى بر الامان ، ربما نكون اقزاماً امام هاذا المارد العملاق الذي ظهر ونحن لا زلنا نجهل مفاتيحه وكيفية ولوجنا اليه رغم ذلك نتراكض ونتزاحم امام الابواب للدخول الى هذا الفضاء الواسع ، فالطامة الكبرى هو شعورنا بالخوف وعدم تجاوز القوقعة المحيطة بنا ، والاطر التي تحد من الابداع والتطور الى مستوى ارقى في العمل الاعلامي بشكل عام.
الصحافة الكردية تنفست القليل من الصعداء بعد انطلاق الصحافة الالكترونية والتي وفرت ارضية ومتنفس للاعلاميين الكرد للتعبير عما يجول في خواطرهم ، والتي كانت بعيدة نوعا ما عن الملاحقة .
برأيك الى اي مدى ساهمت الصحافة الالكترونية في تطوير الصحافة الكردية ؟؟
التطور الذي طرأ على وسائل الاعلام اثر بشكل أو بآخر على الصحافة الكردية ، ولا شك بأن الاعلام في هذا العصر يلعب دورا فعالا ومؤثرا على مستوى العالم بحيث اصبح العالم كقرية صغيرة وينتقل الخبر بسرعة البرق ، اما ما يتعلق بنا ، فاعتقد بأن الصحافة الالكترونية لعبت دورا بارزا في مجال تطور الاعلام الكردي وهذا الدورلم يكن من قبيل الصدفة بل جاء كضرورة باعتبار ان الصحافة الورقية لم تأخذ دورها نتيجة للقيود المفروضة عليها من قبل الدول التي تتقاسم كردستان جغرافيا ، فكانت الصحافة الالكترونية البديل في هذا المجال بحيث تجاوزت كل الحدود والاطر ، لتكون صلة الوصل بين المثقفين والكتاب والقراء ، ومن جانب آخر متماشيا مع الواقع السياسي والاحداث التي تجري على ارض الواقع ، ولتضع الخبر او المقالة المكتوبة بين يدي القارئ الكردستاني والعالم بصورة سهلة وممكنة.
نود الحديث قليلا عن موقع سماكرد الالكتروني بصفتك محرر الموقع ، ما هي ابرز المعوقات التي تعترضكم في مجال عملكم بالصحافة الالكترونية ؟؟
موقع سماكرد اذا قمنا بقياسه زمنيا فعمره قصير لا يتجاوز السنة والنصف ، وجاءت كضرورة بعد انطلاق مؤسسة سما للثقافة والفنون في دبي ، من اجل تغطية نشاطات المؤسسة المختلفة هذا من جهة ، ولتقريب ابناء الجالية الكردية في دولة الامارات العربية المتحدة لتكون البوتقة التي تجمعهم من خلالها من جهة اخرى .
وفي ظل النشاطات المتعددة التي تقوم بها المؤسسة والعلاقات التي نشأت تحت تأثيرها ، فكانت كنتيجة طبيعية بأن يتساءل الناس والمهتمين عن المؤسسة ونشاطاتها فكان الموقع النافذة التي تواصل من خلالها المثقفين والفنانين مع المؤسسة ، فتوسع نتيجة ذلك اطار الموقع بحيث اصبحت ملتقى المثقفين والكتاب الكرد في مجالاتهم المختلفة .
وتطور الموقع شيئا فشيئا بحيث يديره الآن بالاضافة الي مجموعة من الكوادر المتفرغة للعمل عليها في الامارات وخارجها ، وبطبيعة الحال نحن مستقلون ولا ننحاز لاية جهة سواء اكانت سياسية او غيرها ونركز كل جهودنا في خدمة الثقافة الكردية .
اما فيما يتعلق بالمعوقات التي تعترضنا ، ولا شك بأنها تواجه اغلب المواقع الالكتروني ، ويأتي في بدايتها الحرص على انتقاء المادة الاعلامية الجيدة ، بحيث تردنا العديد من المواد وبكثافة ، وفي البداية ركزنا على نشر على نشر المواد الثقافية تماشيا مع شعار المؤسسة ، ولكن انطلاقا من مبدأ صعوبة الفصل بين الثقافة والسياسة ، فالثقافة انعكاس للواقع السياسي ، لذلك بادرنا الى نشر المواد السياسية مع بقاء الاولوية للجانب الثقافي .
وقد قمنا بالفترة الاخيرة بنشر توضيح حول عدم نشر البيانات التي تردنا من الاحزاب السياسية نظرا لكثرتها وتشابه مضامينها .
بالاضافة الى ان هناك مشاكل تتعلق باللغة الكردية وتعدد مدارسها ، وكذلك عدم وجود مؤسسات راعية للعمل الصحفي ، وافتقادنا الى الصحافة الكردية الموجهة والعمل الصحفي المتخصص.
ما ان تتصفح المواقع الالكترونية الكردية حتى تجد بأن اغلبها متشابهة من حيث المواد المنشورة فيها ، اين تكمن خصوصية موقع سماكرد ؟؟
عادة تعود كتابنا على نشر موادهم على مواقع كثيرة ، فما ان تتصفح المواقع الالكترونية الكردية فتجد انها مختلفة عن بعضها في الاسماء فقط (اسم الموقع) وتكون مواد اغلبها متشابهة ، ولا اقول ذلك من دافع عدم قيام الكتاب على نشر موادهم في اكثر من موقع ، وانما يكون من الافضل ان يراسلوا المواقع بمواد مختلفة ، وماشاء الله قريحتهم مفتوحة وهناك غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع بحسب مقولة الكاتب الساخر برنارد شو ، وبطبيعة الحال هذا الشيء محل مفخرة لنا .
وعادة لا نقوم بنشر عدة مقالات لكاتب واحد في فترة زمنية متقاربة لأن طبيعة موقعنا مختلفة عن المواقع الاخرى من جهة محدودية الزوايا ، لكي نتيح المجال للجميع في نشر ابداعاتهم دون تفرقة بين احد .
ونحن نبذل قصارى جهدنا على ان نكون بعيدين عن المهاترات التي تشاهدها على بعض المواقع الالكترونية وللاسف ، والبعيدة عن اصول العمل الصحفي ، ونتمنى ان نكون عند حسن ظن الجميع.