فوزي الاتروشي
قطع الرئيس مسعود البارزاني الشكَّ باليقين و جنح الى أروع الفضائل و هي الاعتراف بالخطأ و الخلل، بعد تراكم التقارير الدولية التي تنتقد الاوضاع في كوردستان العراق.
و بذلك أهال التراب على التردد و القلق و لجأ الى المصارحة و المكاشفة و الشفافية في استعراض الواقع.
قطع الرئيس مسعود البارزاني الشكَّ باليقين و جنح الى أروع الفضائل و هي الاعتراف بالخطأ و الخلل، بعد تراكم التقارير الدولية التي تنتقد الاوضاع في كوردستان العراق.
و بذلك أهال التراب على التردد و القلق و لجأ الى المصارحة و المكاشفة و الشفافية في استعراض الواقع.
ان هذا النهج العقلاني تدشين لرؤية اخرى في النظر الى آراء و افكار المنظمات الحقوقية و منظمات المجتمع المدني العالمية و هي الجدار الاكثر رسوخاً الذي نستند اليه منذ عام 1991 لتنمية التجربة الديمقراطية في الاقليم.
ان التوثُّب الحالي للرئيس و لقاءاته بالهياكل القضائية و القانونية و النسوية و تحيٌّزه الواضع للحقيقة دون لف او دوران يعني ان آفاق الحل للازمات اصبح مفتوحاً فهذا اول الغيث و لابد للمطر الجارف ان ينهمر.
ان وضعنا في الاقليم حساس للغاية فالحالة الكوردية تأسست على فقه دولي جديد و معاصر بموجبه أٌلغي المبدأ الشهير في القانون الدولي الكلاسيكي و القائل بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، و الحال ان تجربتنا لم تكن لتولد لولا هذا التدخل في 5 نيسان 1991 بفعل القرار (688) الذي شكل انتصاراً للانسانية و للشعوب المقهورة.
لذا فعدم التفاتنا المستمر الى هذه الحقيقة يعطي الذريعة لفقهاء دوليين و سياسيين معلَّقين بكلاسيكيات القانون الدولي، للتليوح بصدقية ما ذهبوا اليه في مواجهة الفكر القانوني – الدولي الماصر.
و هذا ما لانريده و لا تنشده الشبكة الواسعة من اصدقاء الشعب الكوردي الذين شيدو لنا “المنطقة الآمنة” كجيب انساني تحوَّل بفعل النضال الكوردي و قوة الجبهة الكوردستانية حينها الى كيان سياسي فعلي استمر لغاية الآن.
و لا يجوز ان نحتكم الى المقارنة بدول الجوار فهي كيانات راسخة ذات اعتراف دولي بوجودها وهي اذ تقف على الضد من تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، فانها انما تمارس سلوكاً دولياً متعالياً و مغروراً و غير حضاري، و لكن هذا السلوك لا يؤثر على وجودها و حدودها و ان أثَّر على سمعتها، مثلما ان الاقتتال الداخلي في دول مثل الصومال و لبنان و افغانستان يراكم المشاكل و الازمات و لكن لا يجهز على كيانات هذه الدول.
اما الحالة الكوردية في العراق فأمرها يختلف و نفي و انكار آراء و خلاصات افكار المنظمات الدولية القائمة على وفرة في المعلومات و صدق في التحليل و جدية في البحث و التنقيب، او الانخراط في اقتتال داخلي –لا سمح الله-، هو مدعاة للمجتمع الدولي لنزع وسام الامتياز عن التجربة الكوردية و فك الارتباط و التواصل معها ما يعني انهيار وجودها، و هذه كارثة يجب ان نبذل المستحيل لتحاشيها.
ان الرئيس البارزاني اذ اعلن الضوء الاخضر و حمل شمعة الامل الى دهاليز الازمات فان ذلك ينبغي ان يستمر و يتفاعل و يتراكم بفعل جهود المستويات العليا و الدنيا بالتزامن، لان يدي على قلبي خائفاً من توقف المسيرة في بداية الطريق كما حصل عام 1999 حين دشَّن الرئيس البارزاني البداية لكنها تراجعت بسرعة البرق.
اننا الآن في العام 2007 و سنكون كناطحٍ صخرةً اذا لم نحمل القلم و مبضع الجراح و المعوَل لهدم القديم و تجديد البناء، و لتنقية البيئة الاجتماعية الكوردستانية من الشوائب و الهواء الملوَّث، دون خوف او وجل، في الحقيقة العلمية الدامغة تقول ان كل ما في الطبيعة من كائنات حية و الاشخاص الاعتباريين (دائرة،هيئة، مؤسسة، شركة، دولة، حزب و ما شاكل) تتعرض لعوامل التأكسد و التقادم و التدرن و الشيخوخة و الترهُّل و التقيُّح و الاورام و العيب ليس في وجودها، بل العيب الكبير هو عدم الاعترف بها مما يراكم المشاكل فتصبح الحبّة قبّة و الثقب الصغير شرخاً و حينها قد لايفيد ادخال المريض الى صالة العمليات لاعادته الى الحياة بعملية تجميلية و استئصالية.
ان التقييم و المراجعة عملية يشترط ان تكون مستمرة و دائمة و يومية و كلما مورست بشكل متوازن ومتقارب فان التجربة الكوردية تقترب اكثر من نبض الانسان الكوردستاني، و تبقى شابة رغم مرور السنين و تثير اعجاب العالم الديمقراطي الذي سمح لهذا الوليد ان ينشأ و يترعرع في منطقة كانت الاكثر بؤساً و تعاسةً.
و الى كل الذين يحبون الوطن و يغارون عليه و لذا يخفون عوراته نقول ان ذلك حب اعمى، و من الحب ما قتل، و غيرة على طريقة المبدأ الجاهلي العربي “انصر اخاك ظالماً او مظلوماً”.
انه حب يترك المحبوب يموت تدريجياً دون ان يتجرأ الحبيب لنقله بسيارة الاسعاف الى أقرب مستشفى، و هو حب قائم على وتد واحد هو القلب، و يفترض ان يكون على وتدين راسخين هما العقل و القلب معاً، وهذا هو الحب الذي نمارسه نحن بعيون مفتوحة و قلب عامر مع كوردستان التي نريدها باسقة و خضراء و مثمرة في كل الفصول.
اما التغنِّي باشعار مثل “سواد العين يا وطني فداك” او:
بلادي و ان جارت عليَّ عزيزةٌ
و اهلي و ان شحُّوا عليَّ كرامُ
فانه يعود الى المفهوم التقليدي الماضوي للوطن الذي تعلمناه و نحن صغار في درس التربية الوطنية.
اما الآن و قد شبعنا من ثمار التقدم الفكري و العلمي الهائل التي تقبل مع الالفية الثالثة، و اذا تنفسَّنا كثيراً من رئة العالم الراهن و هوائه و بيئته النقيَّة الراقية، فاننا نقول ان الاوطان و كوردستان منها، ليست مجرد خارطة سياسية و ادارية و بيئة طبيعية حافلة بالجبال و الوديان و السهول و الانهار و ما شاكل من التضاريس، و انما الاوطان بالمعنى المعاصر و الحضاري هي بالدرجة الاولى سلَّة حقوق و سلَّة واجبات بينهما توازن ينبغي ان لا يختلّ، فالوطن هو حق العمل و الاقامة و الدراسة و السكن و التنمية و الحقوق السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و المدنية، و الوطن هو حاضنة شاملة على قدر المساوات للجميع من الرجال و النساء و الشباب و الاطفال، و الاصحاء و ذوي الحاجات الخاصة وهو واحة الامان و الانتاج و الابداع و السعادة و التمتع بالحياة بحرية.
بدون ذلك و بدون ضمانات العيش الكريم لكل المواطنين يفقد الوطن معناه و يصبح ذكرى و شعراً رومانسياً حالماً يثير الاشواق و لكن يقطع الخبز و الحرية و يصبح اسماً على غير مسمّى.
لذا فالرئيس البارزاني اذ يريد اعادة الصحة و العافية الى جسد الاقليم، و اذ يريد كوردستان كما نريدها مزوَّدة بجهاز الامان الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و القضائي، و مرفوعة الرأس اما العالم، و اذ يعلم البارزاني ان لا حياة لمجتمع اكثر من نصفه – و اقصد النساء- تعيسات، لذلك قال شكراً للتقارير الدولية المنتقدة لأحوالنا و أعلن انارة قنديل الأمل و حمل معاول العمل.
ان وضعنا في الاقليم حساس للغاية فالحالة الكوردية تأسست على فقه دولي جديد و معاصر بموجبه أٌلغي المبدأ الشهير في القانون الدولي الكلاسيكي و القائل بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، و الحال ان تجربتنا لم تكن لتولد لولا هذا التدخل في 5 نيسان 1991 بفعل القرار (688) الذي شكل انتصاراً للانسانية و للشعوب المقهورة.
لذا فعدم التفاتنا المستمر الى هذه الحقيقة يعطي الذريعة لفقهاء دوليين و سياسيين معلَّقين بكلاسيكيات القانون الدولي، للتليوح بصدقية ما ذهبوا اليه في مواجهة الفكر القانوني – الدولي الماصر.
و هذا ما لانريده و لا تنشده الشبكة الواسعة من اصدقاء الشعب الكوردي الذين شيدو لنا “المنطقة الآمنة” كجيب انساني تحوَّل بفعل النضال الكوردي و قوة الجبهة الكوردستانية حينها الى كيان سياسي فعلي استمر لغاية الآن.
و لا يجوز ان نحتكم الى المقارنة بدول الجوار فهي كيانات راسخة ذات اعتراف دولي بوجودها وهي اذ تقف على الضد من تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، فانها انما تمارس سلوكاً دولياً متعالياً و مغروراً و غير حضاري، و لكن هذا السلوك لا يؤثر على وجودها و حدودها و ان أثَّر على سمعتها، مثلما ان الاقتتال الداخلي في دول مثل الصومال و لبنان و افغانستان يراكم المشاكل و الازمات و لكن لا يجهز على كيانات هذه الدول.
اما الحالة الكوردية في العراق فأمرها يختلف و نفي و انكار آراء و خلاصات افكار المنظمات الدولية القائمة على وفرة في المعلومات و صدق في التحليل و جدية في البحث و التنقيب، او الانخراط في اقتتال داخلي –لا سمح الله-، هو مدعاة للمجتمع الدولي لنزع وسام الامتياز عن التجربة الكوردية و فك الارتباط و التواصل معها ما يعني انهيار وجودها، و هذه كارثة يجب ان نبذل المستحيل لتحاشيها.
ان الرئيس البارزاني اذ اعلن الضوء الاخضر و حمل شمعة الامل الى دهاليز الازمات فان ذلك ينبغي ان يستمر و يتفاعل و يتراكم بفعل جهود المستويات العليا و الدنيا بالتزامن، لان يدي على قلبي خائفاً من توقف المسيرة في بداية الطريق كما حصل عام 1999 حين دشَّن الرئيس البارزاني البداية لكنها تراجعت بسرعة البرق.
اننا الآن في العام 2007 و سنكون كناطحٍ صخرةً اذا لم نحمل القلم و مبضع الجراح و المعوَل لهدم القديم و تجديد البناء، و لتنقية البيئة الاجتماعية الكوردستانية من الشوائب و الهواء الملوَّث، دون خوف او وجل، في الحقيقة العلمية الدامغة تقول ان كل ما في الطبيعة من كائنات حية و الاشخاص الاعتباريين (دائرة،هيئة، مؤسسة، شركة، دولة، حزب و ما شاكل) تتعرض لعوامل التأكسد و التقادم و التدرن و الشيخوخة و الترهُّل و التقيُّح و الاورام و العيب ليس في وجودها، بل العيب الكبير هو عدم الاعترف بها مما يراكم المشاكل فتصبح الحبّة قبّة و الثقب الصغير شرخاً و حينها قد لايفيد ادخال المريض الى صالة العمليات لاعادته الى الحياة بعملية تجميلية و استئصالية.
ان التقييم و المراجعة عملية يشترط ان تكون مستمرة و دائمة و يومية و كلما مورست بشكل متوازن ومتقارب فان التجربة الكوردية تقترب اكثر من نبض الانسان الكوردستاني، و تبقى شابة رغم مرور السنين و تثير اعجاب العالم الديمقراطي الذي سمح لهذا الوليد ان ينشأ و يترعرع في منطقة كانت الاكثر بؤساً و تعاسةً.
و الى كل الذين يحبون الوطن و يغارون عليه و لذا يخفون عوراته نقول ان ذلك حب اعمى، و من الحب ما قتل، و غيرة على طريقة المبدأ الجاهلي العربي “انصر اخاك ظالماً او مظلوماً”.
انه حب يترك المحبوب يموت تدريجياً دون ان يتجرأ الحبيب لنقله بسيارة الاسعاف الى أقرب مستشفى، و هو حب قائم على وتد واحد هو القلب، و يفترض ان يكون على وتدين راسخين هما العقل و القلب معاً، وهذا هو الحب الذي نمارسه نحن بعيون مفتوحة و قلب عامر مع كوردستان التي نريدها باسقة و خضراء و مثمرة في كل الفصول.
اما التغنِّي باشعار مثل “سواد العين يا وطني فداك” او:
بلادي و ان جارت عليَّ عزيزةٌ
و اهلي و ان شحُّوا عليَّ كرامُ
فانه يعود الى المفهوم التقليدي الماضوي للوطن الذي تعلمناه و نحن صغار في درس التربية الوطنية.
اما الآن و قد شبعنا من ثمار التقدم الفكري و العلمي الهائل التي تقبل مع الالفية الثالثة، و اذا تنفسَّنا كثيراً من رئة العالم الراهن و هوائه و بيئته النقيَّة الراقية، فاننا نقول ان الاوطان و كوردستان منها، ليست مجرد خارطة سياسية و ادارية و بيئة طبيعية حافلة بالجبال و الوديان و السهول و الانهار و ما شاكل من التضاريس، و انما الاوطان بالمعنى المعاصر و الحضاري هي بالدرجة الاولى سلَّة حقوق و سلَّة واجبات بينهما توازن ينبغي ان لا يختلّ، فالوطن هو حق العمل و الاقامة و الدراسة و السكن و التنمية و الحقوق السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و المدنية، و الوطن هو حاضنة شاملة على قدر المساوات للجميع من الرجال و النساء و الشباب و الاطفال، و الاصحاء و ذوي الحاجات الخاصة وهو واحة الامان و الانتاج و الابداع و السعادة و التمتع بالحياة بحرية.
بدون ذلك و بدون ضمانات العيش الكريم لكل المواطنين يفقد الوطن معناه و يصبح ذكرى و شعراً رومانسياً حالماً يثير الاشواق و لكن يقطع الخبز و الحرية و يصبح اسماً على غير مسمّى.
لذا فالرئيس البارزاني اذ يريد اعادة الصحة و العافية الى جسد الاقليم، و اذ يريد كوردستان كما نريدها مزوَّدة بجهاز الامان الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و القضائي، و مرفوعة الرأس اما العالم، و اذ يعلم البارزاني ان لا حياة لمجتمع اكثر من نصفه – و اقصد النساء- تعيسات، لذلك قال شكراً للتقارير الدولية المنتقدة لأحوالنا و أعلن انارة قنديل الأمل و حمل معاول العمل.