مشعل التمو *
الصخب التركي المترافق مع تجهيزات عسكرية ضخمة والتي اتخذت إحدى عمليات حزب العمال الكوردستاني ذريعة مباشرة , ورغم أن التحضير التركي له من الأسباب غير المباشرة الكثير , حيث الفيدرالية الكوردية وكركوك تكمن في الخلفية , وهاجس الرعب الذي يقض مضاجع الفكر الكمالي ورديفه وحليفه العروبي والفارسي , يشكل مرتكز التعامل التركي مع المشهد الكوردي بشقيه داخل وخارج تركيا .
التحضير التركي سبق وان دخل إلى الأراضي العراقية 23 مرة وأمطر ذات المنطقة بآلاف الأطنان من القنابل , مثلما يحاول منذ أكثر من ربع قرن القضاء أو استئصال حزب العمال الكوردستاني , ولم يفلح في ذلك , بل أن المختلف هذه المرة , ليس عامل واحدا , بل جملة عوامل مؤسسة ومحيطة , وكلها ليست في صالح القرار التركي , حيث المتغير الإقليمي ولاعبيه الجدد , والمتوافق والمنسجم مع مصالح عدد من اللاعبين الدوليين , يضاف إلى أولويات الملف النووي الإيراني ودور كل لاعب فيه , بمن فيهم حزب العمال الكوردستاني , المتواجد أساسا في قلب البرلمان التركي ولا حاجة للجيش في البحث عنه في الجبال الحصينة , ورؤية المشهد كما هو في الداخل والتعامل معه على أرضية الفهم الديمقراطي للتعايش بين الشعوب يجعل من الحالة الخارجية مجرد تحصيل حاصل , ونتيجة لسبب لا يتقبل العقل التركي التعامل معه من منطلق الشراكة في الوطن الواحد , ناهيك عن حق الشعب الكوردي في تقرير مصيره بنفسه , وهو الحق في الحرية والحياة واختيار شكل التعايش مع الأخر , وهو الشكل الذي يساعد تركيا في دخول الاتحاد الأوربي وينفي عنها والى غير رجعة موروثها الكمالي , بل وثقافة إبادة الأخر المختزنة في الفكر والعقل الباطن لدى القوميين الترك , ولعل مسالة إبادة الأرمن والحساسية المفرطة التي تسببها , دليل على عدم وصول العقل السياسي التركي إلى مرحلة التعافي الكامل من موبوء التطهير العرقي .
لأول مرة في نمط التعامل العسكري التركي مع حزب العمال الكوردستاني , يطلب الجيش موافقة الحكومة , التي بدورها تحيل الأمر إلى البرلمان , والدلالة السياسية لها منحيين , الأول يتعلق بالجيش ودوره ومدى انحسار هذا الدور بعد المد والجزر الذي إضافته عملية انتخاب غول رئيسا لتركيا العلمانية , والثاني تغير الراهن الإقليمي والدولي , وبالتالي المسالة رغم التصعيد المتصاعد , تبحث عن منفذ ومخرج سياسي يطمئن الداخل التركي المنفعل والتواق بحكم ثقافته الكمالية إلى حرب إقليمية , تعيد نوعا من التوازن إلى الدور التركي في المنطقة , الدور الذي يغلفه هاجس فقدانه لصالح لاعبين إقليميين جدد.
التصعيد التركي مفهوم على أكثر من صعيد , سواء دوافعه أو خلفياته , وهو بالمحصلة يجسد مصلحة تركية بغض النظر عن توافقها أو تعارضها مع مصالح قوى إقليمية أو دولية أخرى , ولا اعتقد بان الساسة الترك من السذاجة لدفع الأمر إلى نهايته , وهي النهاية التي ستضر بمصالح ومستقبل تركيا ككل , ولكن الأمر سيبقى مفتوحا لمقايضات متنوعة ومختلفة , يهدف منها اردوغان وحكومته إلى كسب المزيد من النقاط الداخلية والإقليمية والدولية .
وفي سياق التصعيد التركي ومخاضات الوضع الإقليمي جاءت زيارة الرئيس السوري لأنقرة , لتحمل تضامنا علنيا ودعما لأي تدخل وتوغل عسكري تركي في أراضي الإقليم الفيدرالي في العراق , وهو الموقف العربي الوحيد الذي يجيز لدولة ليست عربية بضرورة التدخل العسكري في حدود دولة عربية أخرى , هي وسوريا متجاورتان في الحدود واللسان والقومية والجامعة العروبية التي تجمعهما ؟ وهي سابقة تحريضية اقل ما فيها قراءتها السياسية الخاطئة , سواء من جهة المصلحة السورية الرسمية في مثل هذا التوغل , أهي لكسب رفيق ثالث ينضم إلى سوريا وإيران , يساهم في تخريب الاستقرار في العراق ؟ أم تخلصا من الورقة الكوردية , وهي هنا ليست فقط حزب العمال الكوردستاني الحليف السابق للنظام السوري , بل الفيدرالية في العراق , والكورد في سوريا ؟ وهل لسوريا العروبية , التي تريد الأمة العربية الواحدة ورسالتها الخالدة , أي مصلحة مستقبلية أو راهنيه في إظهار هذا العداء لقضية الكورد الديمقراطية ؟ أم أن التحريض السوري المنسجم مع الثقافة الكمالية , يستند إلى ركائز أخرى تتعلق بالسلام والتفاوض والغطاء الإسرائيلي الذي بات بعد مستجدات القصف الأخير غير متوافق مع ديمومة البقاء ؟ وهل تبني عقلية الغزو ودعم التدخل العسكري التركي في العراق , يعيد الدور الإقليمي المفقود لسوريا الرسمية , أم انه سيكون ورقة توتر أخرى , تفاوضية أو تقوي عنصر المقايضة الذي يتوهم النظام السوري بأنه يمتلك الكثير من أركانه ؟ .
أن الموقف الداعم للغزو والتدخل العسكري التركي , ارتباك سياسي أخر , يضاف إلى سلة الإخفاقات الرسمية السورية , حيث سياسة التحريض على العنف والقتل وعدم الاستقرار, وتامين مستلزماتها في العراق ولبنان وفلسطين , يعقد أكثر ويبعد أكثر الهدف الذي يسعى إليه النظام , سواء من جهة الدور الإقليمي واستعادة السيطرة على لبنان أو طي ملف المحكمة الدولية أو الاعتراف الأمريكي بالنظام وإعادة تأهيله دوليا , لان أي تدخل عسكري تركي في العراق لن يكون موجها ضد الكورد فقط , بل سيكون ضد المصلحة والأجندة الأمريكية , والحكومة التركية اعتقد بأنها تبحث عن مصلحتها في سياق المصلحة الأمريكية وليس في التضاد معها كما يفعل النظام السوري .
أن الحسابات السياسية غير المستندة إلى الحقائق الموضوعية , تنتج كوارث ونكسات سياسية واجتماعية , فكيف إذا كانت المواقف والقراءات تستند إلى وهم الانتصار , وهو الوهم الذي لا يرى فيه السياسي سوى ذاته ودائرة المصفقين له والمنتفعين منه , وهي دائرة صغيرة جدا ومكلفة جدا , في رقعة اللعبة السياسية الراهنة بمتغيراتها المتسارعة وتشابك مصالح لاعبيها .
* الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكوردي في سوريا
لأول مرة في نمط التعامل العسكري التركي مع حزب العمال الكوردستاني , يطلب الجيش موافقة الحكومة , التي بدورها تحيل الأمر إلى البرلمان , والدلالة السياسية لها منحيين , الأول يتعلق بالجيش ودوره ومدى انحسار هذا الدور بعد المد والجزر الذي إضافته عملية انتخاب غول رئيسا لتركيا العلمانية , والثاني تغير الراهن الإقليمي والدولي , وبالتالي المسالة رغم التصعيد المتصاعد , تبحث عن منفذ ومخرج سياسي يطمئن الداخل التركي المنفعل والتواق بحكم ثقافته الكمالية إلى حرب إقليمية , تعيد نوعا من التوازن إلى الدور التركي في المنطقة , الدور الذي يغلفه هاجس فقدانه لصالح لاعبين إقليميين جدد.
التصعيد التركي مفهوم على أكثر من صعيد , سواء دوافعه أو خلفياته , وهو بالمحصلة يجسد مصلحة تركية بغض النظر عن توافقها أو تعارضها مع مصالح قوى إقليمية أو دولية أخرى , ولا اعتقد بان الساسة الترك من السذاجة لدفع الأمر إلى نهايته , وهي النهاية التي ستضر بمصالح ومستقبل تركيا ككل , ولكن الأمر سيبقى مفتوحا لمقايضات متنوعة ومختلفة , يهدف منها اردوغان وحكومته إلى كسب المزيد من النقاط الداخلية والإقليمية والدولية .
وفي سياق التصعيد التركي ومخاضات الوضع الإقليمي جاءت زيارة الرئيس السوري لأنقرة , لتحمل تضامنا علنيا ودعما لأي تدخل وتوغل عسكري تركي في أراضي الإقليم الفيدرالي في العراق , وهو الموقف العربي الوحيد الذي يجيز لدولة ليست عربية بضرورة التدخل العسكري في حدود دولة عربية أخرى , هي وسوريا متجاورتان في الحدود واللسان والقومية والجامعة العروبية التي تجمعهما ؟ وهي سابقة تحريضية اقل ما فيها قراءتها السياسية الخاطئة , سواء من جهة المصلحة السورية الرسمية في مثل هذا التوغل , أهي لكسب رفيق ثالث ينضم إلى سوريا وإيران , يساهم في تخريب الاستقرار في العراق ؟ أم تخلصا من الورقة الكوردية , وهي هنا ليست فقط حزب العمال الكوردستاني الحليف السابق للنظام السوري , بل الفيدرالية في العراق , والكورد في سوريا ؟ وهل لسوريا العروبية , التي تريد الأمة العربية الواحدة ورسالتها الخالدة , أي مصلحة مستقبلية أو راهنيه في إظهار هذا العداء لقضية الكورد الديمقراطية ؟ أم أن التحريض السوري المنسجم مع الثقافة الكمالية , يستند إلى ركائز أخرى تتعلق بالسلام والتفاوض والغطاء الإسرائيلي الذي بات بعد مستجدات القصف الأخير غير متوافق مع ديمومة البقاء ؟ وهل تبني عقلية الغزو ودعم التدخل العسكري التركي في العراق , يعيد الدور الإقليمي المفقود لسوريا الرسمية , أم انه سيكون ورقة توتر أخرى , تفاوضية أو تقوي عنصر المقايضة الذي يتوهم النظام السوري بأنه يمتلك الكثير من أركانه ؟ .
أن الموقف الداعم للغزو والتدخل العسكري التركي , ارتباك سياسي أخر , يضاف إلى سلة الإخفاقات الرسمية السورية , حيث سياسة التحريض على العنف والقتل وعدم الاستقرار, وتامين مستلزماتها في العراق ولبنان وفلسطين , يعقد أكثر ويبعد أكثر الهدف الذي يسعى إليه النظام , سواء من جهة الدور الإقليمي واستعادة السيطرة على لبنان أو طي ملف المحكمة الدولية أو الاعتراف الأمريكي بالنظام وإعادة تأهيله دوليا , لان أي تدخل عسكري تركي في العراق لن يكون موجها ضد الكورد فقط , بل سيكون ضد المصلحة والأجندة الأمريكية , والحكومة التركية اعتقد بأنها تبحث عن مصلحتها في سياق المصلحة الأمريكية وليس في التضاد معها كما يفعل النظام السوري .
أن الحسابات السياسية غير المستندة إلى الحقائق الموضوعية , تنتج كوارث ونكسات سياسية واجتماعية , فكيف إذا كانت المواقف والقراءات تستند إلى وهم الانتصار , وهو الوهم الذي لا يرى فيه السياسي سوى ذاته ودائرة المصفقين له والمنتفعين منه , وهي دائرة صغيرة جدا ومكلفة جدا , في رقعة اللعبة السياسية الراهنة بمتغيراتها المتسارعة وتشابك مصالح لاعبيها .
* الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكوردي في سوريا