عبد الرحمن آلوجي
(1)
(1)
سبق أن تناولنا – في رؤية البارتي – الوضع العالمي بوضوح يجلي فكر الحزب ، ونظرته إلى الحدث العالمي من خلال تحليل مفصلي لثوابته ومنهجه ، مما يفرز بالضرورة خطه السياسي ويفضي إلى بيان للخطوط العريضة لمنهج العمل وآفاقه وقيمه، ومرتكزاته الفكرية ، ومدى أهليته لفرز المعطيات وقياس الاستبيانات ونتا ئجها، في طابع حركي مرن ومقنن ، يضع الحدث في إطاره الصحيح في سلسلة المقدمات والنتائج ، والعوامل ومفرزاتها ، بما يحقق الحامل الموضوعي، ويؤسس لتجربة تتسم بالرؤية المتماسكة ، بعيداً عن المرتجل والعفوية والاجتهادات المتسرعة وغير المدروسة ..
وقد رأينا ضرورة إغناء هذه الدراسة بالوقوف على الواقع الإقليمي وتشابكاته وتعقيداته وتداخل المصالح والمبادئ فيه ومدى تلاقيها أو تدابرها، وتقاطعها أو تنافرها، بحكم الموقع الجيوبوليتيكي والديموغرافي والمخزون الهائل للثروة الباطنية للشرق الأوسط ومايتمتع به من موقع استراتيجي هام بين الشرق والغرب، ليكون في العمق من قضايا الصراع الرئيسة في قلب العالم القديم والحديث ، (إضافة إلى ما يكتنزه من قيم حضارية انبثقت عنها الحضارات الكبرى، سواء في جانبها الفكري، أم في جانبها الروحي (الديانات السماوية الكبرى) ، ليشكل مركزاً هاماً للتوازن الاستراتيجي في العالم ….) وهو ما ورد في تقريرنا العام الذي أقره المؤتمر العاشر للبارتي .
ومما أعطى واقعنا الإقليمي أهمية بالغة وجود قضايا كبرى معلقة، تشكل أبرز عنصر ضاغط ومؤثر على السياسة العالمية، فقضايا الشرق الأوسط الحيوية والمحركة لمجمل السياسة العالمية، والمساهمة في بلورة الوضع الدولي ، ومحاور السياسة العالمية حول الصراعات والحروب الإقليمية وقضايا الأمن والاستقرار، ومظاهر الإرهاب وبؤره ومرتكزاته وحواضنه، والأنظمة الاستبدادية والشمولية ومنهجها الفكري والتربوي، كل ذلك يعطي امتيازاً واضحاً لشرق أوسط جديد ، يؤسس لحالة مستجدة وحضارية لبناء علاقات جديدة ، وإعادة لصوغ نمط جديد من الرؤية المدنية لمعالم شرق أوسط جديد , يتأهل لحوار متكامل , يعطي بالغ الأهمية لمجمل القضايا العالقة و أبرزها القضية الفلسطينية , كمحور هام من مقومات سلام عادل و شامل يتيح لدولتين متجاورتين , في فلسطين حالة تعايش , وفق استحقاقات سلام حقيقي , و عيش رغيد , إلى جانب تحقيق مثل ذلك على المسارات كافة , و وفق القوانين و الأعراف الدولية , و المواثيق المبرمة , بما يحقق التكامل و الإنصاف , و عودة اللاجئين , و بمقاييس دولية و إشراك فعلي من كافة أطراف النزاع , بما ينزع فتيل الصراع , و يقود إلى حالة من الوئام و السلام الدائم , و يسقط كل العوامل و الأسباب التي تؤزم الصراع و تؤججه .
أما عن القضية الكردية و التي أخذت شكل صراع تاريخي مرير , فإن مرتكزات عالم جديد و رؤية جديدة تقودان إلى حل سلمي عادل لهذه القضية الشائكة و المتداخلة مع مجمل الصراع الإقليمي و الدولي مما يوحي بضرورة إعادة النظر في أسس سلام بين الجيرة , ممن استهواهم أن يجدوا في الجسد الممزق للامة الكردية فريسة سهلة للامتصاص و استمراء الخيرات , و اغتصاب الأملاك و الثروات , و سحق كل تطلع قومي لهذه الامة التي تناهز أحد عشر ألف عام و هي تعيش على أرضها التاريخية , مما يبقي الأمر معلقا , طالما لم تنصف هذه الامة في تراثها و ثقافتها و فكرها السياسي , و حرية إرادتها في صنع ذلك ’ الأمر الذي يستدعي متابعة موضوعية و جادة من صناع القرار الدولي و الإقليمي , ووفق المواثيق و القرارات و القوانين الدولية , لإعادة رسم و بناء حالة جديدة في العلاقات بين الكرد و الشعوب المجاورة و الغاصبة لكردستان .
إن ملامح شرق أوسط جديد يمكن أن تتشكل : (من جبهة للقوة الديمقراطية في المنطقة تناضل من اجل :
1- نشر الثقافة الديمقراطية و التسامح و العيش المشترك فيما بين الشعوب (وفق موازين و مشتركات شرعة حقوق الإنسان)
2- تعزيز الديمقراطيات في المنطقة من خلال دعم و مساندة قواه العاملة على الساحة
3- محاربة النظم الديكتاتورية و الشمولية و ركائزها الفكرية و التربوية و منظومتها الثقافية و الدعوة إلى إقامة نظم ديمقراطية برلمانية مدنية , توفر الحد المطلوب من الممارسة الديمقراطية الفاعلة , دون مساس بإرادتها .
4- مقاومة الإرهاب و دعائمه و بؤره و كل ما يتعلق بفكر إقصائي شمولي , (لا يؤمن بالآخر , و لا بالثقافة التعددية , و لا بالمنهج الديمقراطي , و رؤيته العلمية الواضحة)
5- بيان الوجه الحقيقي للقيم الحضارية الروحية , و مرتكزاتها الدينية , و التركيز على مبادئ التسامح و فلسفاتها النهضوية و توضيح قيم الإسلام السمح و المتنور سياسيا , مقابل الغلو و التطرف , و ثقافة التكفير و الاستئصال .
6- الجعوة إلى تطهير المنطقة برمتها من أسلحة الدمار الشامل , و الوقوف على الملف الأيراني النووي , و ما يشكل من تهديد لمجمل المنطقة و العالم
7- البحث عن قيم حقيقية و فاعلة لسلام عادل و شامل , يبني حالة جديدة , من خلال رؤية فكرية و ديمقراطية شاملة , و حوار حضاري بناء يغيب كل حالات التناحر المرشحة لتأجيج الصراع في المنطقة , و دفعها باتجاه المجهول) و هو ما ورد في ثنايا تقريرنا الصادرعن المؤتمر العاشر , مؤسسا لحالة تستوجب رؤية و منهجا يتكاملان مع ممارسة حقيقية لقيم العدل و السلام و الفكر الديمقراطي المتطور , بما يتيح لحالة شرق أوسطية , سوف تزداد ملامحها وضوحا فيما يأتي .
(2)
إن اللوحة الشرق الأوسطية الراهنة (يشوبها كثير من الـتأزم و التعقيد , سواء في جانب التجاوزات التي تطال القانون الدولي “و التي تتجلى هذه الأيام في تلويح الجونتا التركية بالعصا الغليظة في كردستان العراق , و محاولة اختراق الحدود الدولية المغترف بها بحجة ملاحقة حزب العمال الكردستاني” أم في تجاوز منطق الديمقراطية و شرعة حقوق الإنسان , مما ينعكس سلبا على التفاعل الحضاري مع القضايا الأساسية الداعمة للتقدم الاجتماعي و التي يفترض أن تكون سمة المرحلة للمجتمعات بمكوناتها و الوانها و اطيافها , لتعزيز التعددية الاثنية و الفكرية و المذهبية و الانفتاح على العالم المتمدن …) حيث يركز تقريرنا العام على حالة مدنية تؤسس لممارسة ديمقراطية صائبة تقلق الحكومات المستبدة و التي تقف عاجزة دون إسقاط الاوراق الساعية إلى امتصاص هذا المد , و محاولة احتواء الدعوات و الحركات الإصلاحية أو مواجهتها و الزج بالناشطين و أصحاب الرأي في السجون , و قمع المعارضة و لجم أصواتها .
إن تنامي القوة الدولية و الحقوقية الداعمة لمجمل التوجهات الديمقراطية و بناء المجتمعات على أساس جديد من عملية سياسية رائدة يعد العراق نموذجا ماثلا للعيان فيها , بإشراك مختلف الأعراق و الأديان و المذاهب و اتجاهاتها الفكرية و السياسية و المذهبية و تفاعلاتها الحضارية , و كتلها السياسية المتعددة , و اتفاقها على دستور مستفتى عليه , و تحركها وفق آلية ناظمة لذلك , إن هذا النموذج الديمقراطي الفريد على الرغم من الأخطاء و العقبات و العثرات التي تعترض مسيرته , يبقى عرضة للاجتياح و التآمر الإقليمي , و بخاصة من الساسة و القادة الترك , الذين يؤرقهم هاجس النهضة الكردية الشاملة , و الداعية عمليا إلى تمثل نموذج التجربة الديمقراطية للعراق عامة و إقليم كردستان خاصة , دون أدنى تدخل في دول الجوار و قضاياها الخاصة و التي يفترض فيها أن ترقى إلى نموذج حي يتفاعل مع المد العالمي الجارف الداعي إلى (جعل مخلفات الماضي الديكتاتوري و ملفاته و رموزه تركة ينبغي تجاوزها , و البحث عن بدائل مجدية و معززة لرؤية ديمقراطية تستوجب بالضرورة حلا جذريا شاملا لقضايا المجتمع العالقة , و الفصل بين الدولة كمؤسسات عن هيمنة السلطة و التفرد بالقرارات السياسية و الاقتصادية و الإعلامية و الثقافية و التربوية , و مراجعة شاملة لمجمل مواقفها و ممارساتها و أطرها النظرية و التي طالما تشبثت بقيم واهية , لم تعد تجدي معها الشعارات و الرؤى الأحادية , المرتبطة بمصالح الفئات الحاكمة …)
إن نظرة جديدة إلى عالمنا و إقليمنا الشرق أوسطي تستوجب ألا نفكر بمنطق الاستئصال و القوة و العنف , و أن نحسن قراءة الوقائع و الأحداث , و ان نقف بعمق على مجمل التطور العالمي , و موجبات هذا التطور المواكب و المتسارع و المتعاظم , في إدراك حقيقي لقواعد السياسة العالمية الجديدة , و ضرورة الارتقاء إليها , و إشاعة سلام و أمن حقيقيين , يرتكزان إلى تحقيق العدل و المساواة و نبذ سياسة القوة و التحكم بالقرار المركزي , و الارتهان إلى فلسفة الارتجال و التعسف و الكيل بأكثر من مكيال , و بشاعة سياسة الازدواج و التناقض, و الوقوع في مستنقع و وباء المفهوم القومي البدائي , و نبذ السياسة الطورانية المعتمدة أصلا على فكر فاشي عنصري غارق في الضحالة و الهفافة و الإسفاف , و انعدام الصمود امام فكر متوازن يرجح الحوار السلمي و المدني في حل قضية كبرى وطنيية بامتياز هي القضية الكردية , و هي تطرح نفسها بقوة على الساحة الشرق أوسطية , لتكون مرتكز سلام و أمن و استقرار , أو بؤرة من بؤر التوتر و الصراع غير المحسوم , حيثما وجدت امتدادات الأمة الكردية , و عمقها التاريخي و الجغرافي , و إرثها الثقافي و القيمي و الحضاري المتوازن في الواقع الإقليمي الذي نعيشه.
ومما أعطى واقعنا الإقليمي أهمية بالغة وجود قضايا كبرى معلقة، تشكل أبرز عنصر ضاغط ومؤثر على السياسة العالمية، فقضايا الشرق الأوسط الحيوية والمحركة لمجمل السياسة العالمية، والمساهمة في بلورة الوضع الدولي ، ومحاور السياسة العالمية حول الصراعات والحروب الإقليمية وقضايا الأمن والاستقرار، ومظاهر الإرهاب وبؤره ومرتكزاته وحواضنه، والأنظمة الاستبدادية والشمولية ومنهجها الفكري والتربوي، كل ذلك يعطي امتيازاً واضحاً لشرق أوسط جديد ، يؤسس لحالة مستجدة وحضارية لبناء علاقات جديدة ، وإعادة لصوغ نمط جديد من الرؤية المدنية لمعالم شرق أوسط جديد , يتأهل لحوار متكامل , يعطي بالغ الأهمية لمجمل القضايا العالقة و أبرزها القضية الفلسطينية , كمحور هام من مقومات سلام عادل و شامل يتيح لدولتين متجاورتين , في فلسطين حالة تعايش , وفق استحقاقات سلام حقيقي , و عيش رغيد , إلى جانب تحقيق مثل ذلك على المسارات كافة , و وفق القوانين و الأعراف الدولية , و المواثيق المبرمة , بما يحقق التكامل و الإنصاف , و عودة اللاجئين , و بمقاييس دولية و إشراك فعلي من كافة أطراف النزاع , بما ينزع فتيل الصراع , و يقود إلى حالة من الوئام و السلام الدائم , و يسقط كل العوامل و الأسباب التي تؤزم الصراع و تؤججه .
أما عن القضية الكردية و التي أخذت شكل صراع تاريخي مرير , فإن مرتكزات عالم جديد و رؤية جديدة تقودان إلى حل سلمي عادل لهذه القضية الشائكة و المتداخلة مع مجمل الصراع الإقليمي و الدولي مما يوحي بضرورة إعادة النظر في أسس سلام بين الجيرة , ممن استهواهم أن يجدوا في الجسد الممزق للامة الكردية فريسة سهلة للامتصاص و استمراء الخيرات , و اغتصاب الأملاك و الثروات , و سحق كل تطلع قومي لهذه الامة التي تناهز أحد عشر ألف عام و هي تعيش على أرضها التاريخية , مما يبقي الأمر معلقا , طالما لم تنصف هذه الامة في تراثها و ثقافتها و فكرها السياسي , و حرية إرادتها في صنع ذلك ’ الأمر الذي يستدعي متابعة موضوعية و جادة من صناع القرار الدولي و الإقليمي , ووفق المواثيق و القرارات و القوانين الدولية , لإعادة رسم و بناء حالة جديدة في العلاقات بين الكرد و الشعوب المجاورة و الغاصبة لكردستان .
إن ملامح شرق أوسط جديد يمكن أن تتشكل : (من جبهة للقوة الديمقراطية في المنطقة تناضل من اجل :
1- نشر الثقافة الديمقراطية و التسامح و العيش المشترك فيما بين الشعوب (وفق موازين و مشتركات شرعة حقوق الإنسان)
2- تعزيز الديمقراطيات في المنطقة من خلال دعم و مساندة قواه العاملة على الساحة
3- محاربة النظم الديكتاتورية و الشمولية و ركائزها الفكرية و التربوية و منظومتها الثقافية و الدعوة إلى إقامة نظم ديمقراطية برلمانية مدنية , توفر الحد المطلوب من الممارسة الديمقراطية الفاعلة , دون مساس بإرادتها .
4- مقاومة الإرهاب و دعائمه و بؤره و كل ما يتعلق بفكر إقصائي شمولي , (لا يؤمن بالآخر , و لا بالثقافة التعددية , و لا بالمنهج الديمقراطي , و رؤيته العلمية الواضحة)
5- بيان الوجه الحقيقي للقيم الحضارية الروحية , و مرتكزاتها الدينية , و التركيز على مبادئ التسامح و فلسفاتها النهضوية و توضيح قيم الإسلام السمح و المتنور سياسيا , مقابل الغلو و التطرف , و ثقافة التكفير و الاستئصال .
6- الجعوة إلى تطهير المنطقة برمتها من أسلحة الدمار الشامل , و الوقوف على الملف الأيراني النووي , و ما يشكل من تهديد لمجمل المنطقة و العالم
7- البحث عن قيم حقيقية و فاعلة لسلام عادل و شامل , يبني حالة جديدة , من خلال رؤية فكرية و ديمقراطية شاملة , و حوار حضاري بناء يغيب كل حالات التناحر المرشحة لتأجيج الصراع في المنطقة , و دفعها باتجاه المجهول) و هو ما ورد في ثنايا تقريرنا الصادرعن المؤتمر العاشر , مؤسسا لحالة تستوجب رؤية و منهجا يتكاملان مع ممارسة حقيقية لقيم العدل و السلام و الفكر الديمقراطي المتطور , بما يتيح لحالة شرق أوسطية , سوف تزداد ملامحها وضوحا فيما يأتي .
(2)
إن اللوحة الشرق الأوسطية الراهنة (يشوبها كثير من الـتأزم و التعقيد , سواء في جانب التجاوزات التي تطال القانون الدولي “و التي تتجلى هذه الأيام في تلويح الجونتا التركية بالعصا الغليظة في كردستان العراق , و محاولة اختراق الحدود الدولية المغترف بها بحجة ملاحقة حزب العمال الكردستاني” أم في تجاوز منطق الديمقراطية و شرعة حقوق الإنسان , مما ينعكس سلبا على التفاعل الحضاري مع القضايا الأساسية الداعمة للتقدم الاجتماعي و التي يفترض أن تكون سمة المرحلة للمجتمعات بمكوناتها و الوانها و اطيافها , لتعزيز التعددية الاثنية و الفكرية و المذهبية و الانفتاح على العالم المتمدن …) حيث يركز تقريرنا العام على حالة مدنية تؤسس لممارسة ديمقراطية صائبة تقلق الحكومات المستبدة و التي تقف عاجزة دون إسقاط الاوراق الساعية إلى امتصاص هذا المد , و محاولة احتواء الدعوات و الحركات الإصلاحية أو مواجهتها و الزج بالناشطين و أصحاب الرأي في السجون , و قمع المعارضة و لجم أصواتها .
إن تنامي القوة الدولية و الحقوقية الداعمة لمجمل التوجهات الديمقراطية و بناء المجتمعات على أساس جديد من عملية سياسية رائدة يعد العراق نموذجا ماثلا للعيان فيها , بإشراك مختلف الأعراق و الأديان و المذاهب و اتجاهاتها الفكرية و السياسية و المذهبية و تفاعلاتها الحضارية , و كتلها السياسية المتعددة , و اتفاقها على دستور مستفتى عليه , و تحركها وفق آلية ناظمة لذلك , إن هذا النموذج الديمقراطي الفريد على الرغم من الأخطاء و العقبات و العثرات التي تعترض مسيرته , يبقى عرضة للاجتياح و التآمر الإقليمي , و بخاصة من الساسة و القادة الترك , الذين يؤرقهم هاجس النهضة الكردية الشاملة , و الداعية عمليا إلى تمثل نموذج التجربة الديمقراطية للعراق عامة و إقليم كردستان خاصة , دون أدنى تدخل في دول الجوار و قضاياها الخاصة و التي يفترض فيها أن ترقى إلى نموذج حي يتفاعل مع المد العالمي الجارف الداعي إلى (جعل مخلفات الماضي الديكتاتوري و ملفاته و رموزه تركة ينبغي تجاوزها , و البحث عن بدائل مجدية و معززة لرؤية ديمقراطية تستوجب بالضرورة حلا جذريا شاملا لقضايا المجتمع العالقة , و الفصل بين الدولة كمؤسسات عن هيمنة السلطة و التفرد بالقرارات السياسية و الاقتصادية و الإعلامية و الثقافية و التربوية , و مراجعة شاملة لمجمل مواقفها و ممارساتها و أطرها النظرية و التي طالما تشبثت بقيم واهية , لم تعد تجدي معها الشعارات و الرؤى الأحادية , المرتبطة بمصالح الفئات الحاكمة …)
إن نظرة جديدة إلى عالمنا و إقليمنا الشرق أوسطي تستوجب ألا نفكر بمنطق الاستئصال و القوة و العنف , و أن نحسن قراءة الوقائع و الأحداث , و ان نقف بعمق على مجمل التطور العالمي , و موجبات هذا التطور المواكب و المتسارع و المتعاظم , في إدراك حقيقي لقواعد السياسة العالمية الجديدة , و ضرورة الارتقاء إليها , و إشاعة سلام و أمن حقيقيين , يرتكزان إلى تحقيق العدل و المساواة و نبذ سياسة القوة و التحكم بالقرار المركزي , و الارتهان إلى فلسفة الارتجال و التعسف و الكيل بأكثر من مكيال , و بشاعة سياسة الازدواج و التناقض, و الوقوع في مستنقع و وباء المفهوم القومي البدائي , و نبذ السياسة الطورانية المعتمدة أصلا على فكر فاشي عنصري غارق في الضحالة و الهفافة و الإسفاف , و انعدام الصمود امام فكر متوازن يرجح الحوار السلمي و المدني في حل قضية كبرى وطنيية بامتياز هي القضية الكردية , و هي تطرح نفسها بقوة على الساحة الشرق أوسطية , لتكون مرتكز سلام و أمن و استقرار , أو بؤرة من بؤر التوتر و الصراع غير المحسوم , حيثما وجدت امتدادات الأمة الكردية , و عمقها التاريخي و الجغرافي , و إرثها الثقافي و القيمي و الحضاري المتوازن في الواقع الإقليمي الذي نعيشه.
إن نظرة ثاقبة و عادلة للأمور , تدعو شعوب المنطقة و أممها و أحرار قادتها و كتابها و مفكريها إلى التحاور و حسن التلاقي و التجاور لبناء حالة جديدة من الوئام و التكامل و التفاهم , لتشييد بناء جديد يستند إلى قيم سامية انبثقت من عمق الشرق الأوسط لتنشر النور في العالم كله , و ليكون هذا النظام الروحي و الأخلاقي مرشحا مرة أخرى لحالة إشعاع و امتداد مع مجمل الفكر العالمي الجديد و حضارته المتكاملة , و قيمه و رسالته العالمية ذات البعد الإنساني في دعوة صريحة و معلنة لنبذ الاستبداد و قيم الإرهاب و و سائله و أدواته المدمرة.