القبرُ المتفجّرُ نبعاً في سوريا.. بدعةٌ للإلهاء..

هيثم حسين – سوريا

تناقلت بعض المواقع الإلكترونيّة خبراً يقول إنّ قبراً في سوريا تنبع المياه منه بلا انقطاع يتحوّل لـ”مزار للتبرّك”، وأُرفق الخبر بتصريح لـ”خبير جيولوجيّ” يدّعي: “لا يوجد تفسير علميّ للظاهرة..”..

لكنّ المشكلة الكبيرة هي ما يتداوله الناس وما يصدّقونه، رواية مفادها أنّ “الشخص المدفون في هذا القبر عاش في البرازيل 50 سنة لم يتحدّث خلالها إلاّ اللغة العربيّة، وأنّه كان كثير الصلاة والتسبيح وكريماً جدّاً، وهادئاً، ويقوم بأعمال خيريّة ومنزله كان مقصداً للفقراء”..
إنّ ما يجري تدوله هو خطأ جسيم يجب ألاّ يتعمّم، كما يجب عدم تناقل هذا الخبر بأيّ وسيلة من الوسائل، وذلك لأنّه بدعة من البدع التي يراد بها إلهاء الناس في الداخل وتوجيه الأنظار إلى بعض الظواهر التي تعظَّم وتهوَّل لتخفي عرياً وزوراً في أماكن كثيرة يستحيل إخفاؤهما..

كما أنّه لا يختلف كثيراً عن تيس أُعلن عنه في المنطقة الشرقيّة، وأشيع أنّه يدرّ حليباً، وأنّ حليبه يشفي العلل ويعالج العقم..

كما أنّه يذكّر بذلك الجسم الطائر الغريب الذي أشيع أنّه رؤي في إحدى المحافظات، ويتبادر إلى الذاكرة إشاعات عن ظواهر ومظاهر أخرى غريبة، ودائماً هناك شهود عيان يدلون بشهادات واهمة عن أمور تلهي ولا تجدي..


ترى ألم ينتهِ زمن المعجزات التضليليّة والأوهام الخدّاعة، أم أنّنا في سوريا لا نزال نعيش في تلك الظلمات التي تخنق مبتدعيها والمقتنعين بها..؟!! وهذا ألا يحيلنا بدوره إلى سؤالٍ ربّما ينزعج له البعض: أليست كلّ المزارات نموذجاً قد يقترب أو يبتعد عن النموذج المُعلَن عنه، أم أنّ هناك سرّاً وراء المزار..؟! حيث سيتحوّل المثل القائل: وراء الأكمة ما وراءها، ليصبح وراء المزار ما وراءه..

والسرّ أنّه لا شيء وراءه..


الواجب يقتضي ويفرض عدم الانجرار وراء الإشاعة التي هي أسلوب تقليديّ ومبتذل في الإلهاء، وهو مرض خبيث لابدّ القضاء عليه..

وإن اقتضى ذلك إجراء عمليّات جراحيّة، وذلك ضماناً لسلامة الوطن الذي يضعف بمثل هذه الافتراءات والخزعبلات التي لا تمتّ لا إلى الدين ولا إلى العلم بأيّة صلة..

لا شكّ أنّه سيظهر بعد بضعة أيّام، أو لربّما بعد بضعة أسابيع أحد المتخصّصين ليصرّح، بأنّ ذلك كان ظاهرة طبيعيّة وأنّ نبعَ ماء قد تفجّر في تلك المنطقة..

خاصّة أن المنطقة ساحليّة وهي معروفة ومشهورة بمياهها..

لكنّ التصريح ذاك في ذلك الوقت المتأخّر لن يؤثّر في شيء، لأنّ الإشاعة ستكون قد بلغت مداها الأقصى، وسيستحيل إقناع البسطاء الذين حجّوا إلى القبر المتفجّر ماءً زلالاً بأنّه كان بدعة، وأنّ كلّ بدعة ضلال..


هل تبقى البدعة ضلالاً يُضحَك بها على السُذَج، أم أنّه يجب أن نبحث عن المُضلّ لنوقفه عند حدّه ونحاسبه على التضليل الذي يطبّقه ويحرص على نشره وإذكاء نيران البلبلة التي لا تقنع ولا تنفع أحداً..؟!

يجب أخذ  ذلك بعين الاعتبار، لأنّه خطر لا ينتهي، يهدّد الجميع، ويُهدِّهم، المواطن والوطن معاً..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي* لم تکن ممارسة عملية الحکم من قبل النظام الإيراني سهلة وهينة لأنه ومنذ البداية واجه رفضا داخليا قويا مثلما کانت هناك عزلة دولية تفاقمت عاما بعد عام، وحاول النظام جاهدا مواجهة الحالتين وحتى التعايش معهما ولاسيما وهو من النوع الذي لا يمکن له التخلي عن نهجه لأن في ذلك زواله، ولهذا السبب فقد مارس اسلوب الهروب…

نارين عمر ألا يحقّ لنا أن نطالب قيادات وأولي أمر جميع أحزاب الحركة الكردية في غربي كردستان، وقوى ومنظّمات المجتمع المدني والحركات الثّقافية والأدبية الكردية بتعريف شعوب وأنظمة الدول المقتسمة لكردستان والرّأي العام الاقليمي والعالمي بحقيقة وجود شعبنا في غربي كردستان على أنّ بعضنا قد قدم من شمالي كردستاننا إلى غربها؟ حيث كانت كردستان موحدة بشمالها وغربها، ونتيجة بطش…

إبراهيم اليوسف منذ اللحظة الأولى لتشكل ما سُمِّي بـ”السلطة البديلة” في دمشق، لم يكن الأمر سوى إعادة إنتاج لسلطة استبدادية بشكل جديد، تلبس ثياب الثورة، وتتحدث باسم المقهورين، بينما تعمل على تكريس منظومة قهر جديدة، لا تختلف عن سابقتها إلا في الرموز والخطاب، أما الجوهر فكان هو نفسه: السيطرة، تهميش الإنسان، وتكريس العصبية. لقد بدأت تلك السلطة المزيفة ـ منذ…

شادي حاجي سوريا لا تبنى بالخوف والعنف والتهديد ولا بالقهر، بل بالشراكة الحقيقية والعدالة التي تحفظ لكل مكون حقوقه وخصوصيته القومية والدينية والطائفية دون استثناء. سوريا بحاجة اليوم إلى حوارات ومفاوضات مفتوحة وصريحة بين جميع مكوناتها وإلى مؤتمر وطني حقيقي وشامل . وفي ظل الأحداث المؤسفة التي تمر بها سوريا والهستيريا الطائفية التي أشعلت لدى المتطرفين بارتكابها الجرائم الخطيرة التي…