المرجعية الكردية مطلب جماهيري ملح

افتتاحية صوت الأكراد *

بعد التغيرات والتطورات التي عصفت بالعالم عامة، وبمنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، ولا سيما في الألفية الثالثة، رأى التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا الذي كان يتألف حينذاك من ستة أحزاب كردية ومن بينهم حزبنا، الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، أن من أبرز استحقاقات هذه المرحلة السياسية هي: تجاوز حالة التشرذم والمهاترات الضارة في صفوف الحركة الوطنية الكردية في سوريا، وتوحيد خطابها السياسي وبناء مرجعية كردية تملك حق التمثيل والقرار السياسي الكردي، وتحقيق التواصل والحوار مع الحركة الوطنية السورية

 

وبادر التحالف إلى إخراج النضال الوطني والقومي الكردي من الأطر الحزبية من خلال تشكيل مجالس محلية من الفعاليات الثقافية والاجتماعية الكردية المستقلة في محافظات (الجزيرة – حلب – دمشق) لتختار هذه المجالس ممثليها لبناء مرجعية كردية، وفي هذا المسعى تم تشكيل لجان مشتركة (حزبية ومستقلة) للقاء بالأحزاب الأخرى خارج التحالف ليساهموا بدورهم في إنجاز هذا الاستحقاق المرحلي الهام والضروري.
ولما لم تلق هذه المبادرة أرضية القبول لدى الأحزاب الأخرى خارج التحالف عندئذ بادر التحالف إلى تشكيل المجلس العام للتحالف في حزيران 2001، الذي يتكون من أعضاء اللجنة العليا للتحالف ومن الشخصيات الوطنية المستقلة من الفعاليات الثقافية والاجتماعية كمرجعية له لاتخاذ القرار السياسي الكردي للتحالف فقط.

ولا يخفى على أحد أن هذه الخطوة الهامة قد حازت على دعم وتأيد الجماهير الكردية.
وبعـد أحداث الثاني عشر من آذار الدامية عام 2004م التي وحدت أحزاب الحركة الكرديـة في إدارة الحدث، استبشرت الجماهير الكردية خيراً وتفاءلت بأن تستمر الحركة السياسية الكردية في نضالها الوحدوي، غير أن هذا التقارب اختصر فيما بعد بين التحالف والجبهة الكردية، الأمر الذي أدى إلى تشكيل (الهيئة العامة) للتحالف والجبهة في تموز 2005م توج عملهما بالوصول إلى رؤية مشتركة لحل القضية الكردية في 20 نيسان 2006م ، أعقب ذلك قرار من الهيئة العامة للتحالف والجبهة بضرورة عقد مؤتمر وطني كردي في سوريا، والعمل من أجل إنجازه في أقرب فرصة ممكنة، عبر تشكيل لجنة تحضيرية لوضع برنامج سياسي ينطلق من الرؤية المشتركة للتحالف والجبهة، والبدء بوضع الترتيبات التنظيمية اللازمة لعقده، ودعوة الأطراف والشخصيات الوطنية الكردية الأخرى إلى هذا المؤتمر بهدف الوصول إلى توحيد الخطاب السياسي الكردي، وتشكيل مرجعية كردية لتقود نضال الشعب الكردي من أجل رفع الاضطهاد القومي عن كاهله، وإلغاء كافة المشاريع العنصرية والقوانين الاستثنائية المطبقة بحقه وتأمين حقوقه القومية والديمقراطية.
ولدى قيام (الهيئة العامة) للتحالف والجبهة باللقاء والحوار مع بقية الأحزاب الكردية خارج إطاريهما كانت الجبهة متحفظة على بعض الفصائل، بينما للحقيقة والتاريخ نقول أن التحالف لم يضع الفيتو على أي فصيل وطني كردي للمشاركة في هذه الخطوة الهامة والضرورية، وأبلغ قراره هذا للجبهة الكردية بضرورة عقد اجتماع عام لكل فصائل الحركة الوطنية الكردية، لكن هذا القرار لم يحظَ بموافقة الجبهة، واستمرت الهيئة العامة في عقد اللقاءات مع بعض أطراف الحركة وخاصة حزبي (آزادي ويكيتي) بغية مناقشة الرؤية المشتركة للتحالف والجبهة لتصبح رؤية للأطر الثلاثة (التحالف – الجبهة – التنسيق) مشروعاً للمؤتمر الكردي المنشود قابلاً للتغيير والتبديل، عندها اشترطت لجنة التنسيق المكونة من (آزادي – يكيتي – تيار المستقبل) إضافة بعض البنود إلى الرؤية المشتركة للتحالف والجبهة الكردية لتصبح رؤية للأطر الثلاثة، وقد قبلت الهيئة العامة للتحالف والجبهة هذه البنود شريطة أن تقبل لجنة التنسيق مبدأ عقد المؤتمر الوطني الكردي في سوريا، وتشكيل لجنة تحضيرية من الأحزاب والشخصيات المستقلة لوضع الآليات التنظيمية له، وتقديم الرؤية المشتركة للأطر الثلاثة مشروعاً للمؤتمر.
وفي الآونة الأخيرة برزت عقبات جديدة في مسيرة إنجاز هذا الاستحقاق الهام والضروري، واشترطت بعض الأطراف نشر الرؤية المشتركة قبل انعقاد المؤتمر، وعندما تقدم التحالف بقرارات وآليات تنظيمية إلى الأحزاب الأخرى بما فيهم الجبهة الكردية كان جواب الجبهة على تلك القرارات والآليات إيجابياً في حين كان جواب التنسيق سلبياً، وأصرت على عدم إعطاء أي جواب على تلك القرارات والآليات إلا بعد نشر الرؤية قبل انعقاد المؤتمر، في حين قبل التحالف أن يكون نشر الرؤية أو عدم نشرها من صلاحيات اللجنة التحضيرية.
إزاء هذا الواقع فأن التحالف لا يزال مصراً على الاستمرار في اللقاءات والحوارات من أجل الوصول إلى توافقات وقواسم مشتركة بغية الوصول إلى عقد المؤتمر الوطني الكردي في سوريا الذي هو مطلب جماهيري ملح، ولا تزال هذه الجماهير الوطنية الكردية تتطلع بفارغ الصبر إلى إنجاز هذا الاستحقاق الضروري والهام للمرحلة السياسية الراهنة.
وهنا يطرح سؤال نفسه: إذا كنا نطالب السلطة بضرورة حل القضية الكردية في سوريا بالحوار الديمقراطي المتكافئ بينها وبين الحركة السياسية الكردية، فلماذا لا نطالب أنفسنا بضرورة لقاء الأحزاب الكردية وإجراء الحوار الأخوي على طاولة مستديرة للتوصل إلى صيغة مشتركة لعقد المؤتمر؟.
وإذا كان كل حزب يعتبر تقريره السياسي ووثائقه المعتمدة من منهاج ونظام داخلي مشروعا لمؤتمره الجديد، فلماذا لا نقبل أن تكون الرؤية المشتركة للأطر الثلاثة مشروعا للمؤتمر المنشود ؟.
أننا في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا، ندعو مجددا كافة الأحزاب الموافقة على توحيد الخطاب السياسي الكردي وتشكيل المرجعية الكردية من خلال المؤتمر الوطني الكردي إلى متابعة اللقاء والحوار الأخوي الهادف، لتحقيق ما يصبو إليه رفاقنا وجماهيرنا الوطنية الكردية وكافة محبي شعبنا ا لكردي في كل مكان.
—–
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (396) تشرين الأول 2007

 

 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي* لم تکن ممارسة عملية الحکم من قبل النظام الإيراني سهلة وهينة لأنه ومنذ البداية واجه رفضا داخليا قويا مثلما کانت هناك عزلة دولية تفاقمت عاما بعد عام، وحاول النظام جاهدا مواجهة الحالتين وحتى التعايش معهما ولاسيما وهو من النوع الذي لا يمکن له التخلي عن نهجه لأن في ذلك زواله، ولهذا السبب فقد مارس اسلوب الهروب…

نارين عمر ألا يحقّ لنا أن نطالب قيادات وأولي أمر جميع أحزاب الحركة الكردية في غربي كردستان، وقوى ومنظّمات المجتمع المدني والحركات الثّقافية والأدبية الكردية بتعريف شعوب وأنظمة الدول المقتسمة لكردستان والرّأي العام الاقليمي والعالمي بحقيقة وجود شعبنا في غربي كردستان على أنّ بعضنا قد قدم من شمالي كردستاننا إلى غربها؟ حيث كانت كردستان موحدة بشمالها وغربها، ونتيجة بطش…

إبراهيم اليوسف منذ اللحظة الأولى لتشكل ما سُمِّي بـ”السلطة البديلة” في دمشق، لم يكن الأمر سوى إعادة إنتاج لسلطة استبدادية بشكل جديد، تلبس ثياب الثورة، وتتحدث باسم المقهورين، بينما تعمل على تكريس منظومة قهر جديدة، لا تختلف عن سابقتها إلا في الرموز والخطاب، أما الجوهر فكان هو نفسه: السيطرة، تهميش الإنسان، وتكريس العصبية. لقد بدأت تلك السلطة المزيفة ـ منذ…

شادي حاجي سوريا لا تبنى بالخوف والعنف والتهديد ولا بالقهر، بل بالشراكة الحقيقية والعدالة التي تحفظ لكل مكون حقوقه وخصوصيته القومية والدينية والطائفية دون استثناء. سوريا بحاجة اليوم إلى حوارات ومفاوضات مفتوحة وصريحة بين جميع مكوناتها وإلى مؤتمر وطني حقيقي وشامل . وفي ظل الأحداث المؤسفة التي تمر بها سوريا والهستيريا الطائفية التي أشعلت لدى المتطرفين بارتكابها الجرائم الخطيرة التي…