الحملة التركية على كردستان العراق

  يفغيني بريماكوف
(رئيس الوزراء الروسي السابق)

قرار برلمان تركيا بالموافقة على شن عملية عسكرية على مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، يسهم في تأجيج الأوضاع، ويفاقم حدة السجالات الدائرة.

ولا عجب إذا أثار القرار قلق العالم.

فالعملية التركية المرتقبة قد تزلزل الوضع في إقليم يسكنه 10 ملايين كردي على أقل تقدير.

وتطرح العملية العسكرية التركية المحتملة عدداً من الأسئلة:
أولاً، هل تملك تركيا حق شن العملية العسكرية على مسلحين خارج الأراضي التركية؟

ثانياً، لا تزال أنقرة ترفض منح الأكراد حكماً ذاتياً وذريعتها أن هذا قد يدعوهم إلى الانفصال.

وهل يمكن، والحال هذه، تأييد موقف أنقرة في المسألة الكردية؟ وبعبارة أخرى، فإن أي عملية عسكرية لن يكون في مقدورها حل مشكلة قائمة منذ عقود، وعقدتها الأساسية ليست في كردستان العراق بل داخل تركيا ذاتها.
ثالثاً، باتت مسألة وحدة العراق مطروحة بقوة بعد تطورات دقت ناقوس الخطر، منها القرار غير الملزم الذي أصدره المشرعون الأميركيون، واحتمالات زعزعة الموقف الأمني غير المستقر أصلاً، جراء التلويح التركي بالقبضة العسكرية.

والحق أن غالبية العراقيين، وبلدان الجوار كلها، وكثير غيرها من بلدان العالم، يدعون الى ضرورة المحافظة على الوحدة العراقية.

ولكن كفة من يدعو الى إقامة دولة كردية قد تحتضن، الى أكراد العراق، أكراد تركيا وإيران وسورية، ربما رجحت.

وهل يجب الاعتراض على سعي الشعب الكردي، بملايينه الكثيرة، الى إقامة دولته الخاصة؟ وهذا سؤال يجدر بمن ينفخ في الحرب أن يفكر فيه ملياً.
رابعاً، ما هي طبيعة الموقف تجاه قرار مجلس النواب الأميركي الاعتراف بالمذابح التي ارتكبها الأتراك في حق الأرمن في أثناء الحرب العالمية الأولى، مع العلم بأن من تبنوا القرار لا يبالون بمستقبل الشعب الأرمني مقدار اهتمامهم بمصالح حزبيهم، الديموقراطي والجمهوري؟ وعموماً، ما الموقف من قرارات برلمانية لا ترمي الى تحقيق المصالحة بين الشعوب؟
خامساً، تصل 70 في المئة من الإمدادات الى القوات الأميركية في العراق عبر تركيا.

وهذا أحد أسباب قلق الولايات المتحدة مما يجري.

وزار مسؤولون أميركيون أنقرة.

ولكن مسألة غزو القوات التركية العراق ظلت مطروحة.

وقد يدعو ذلك واشنطن الى إعلان جدول زمني (منشود) لانسحاب القوات الأميركية من العراق.

ولكن هل يوفر هذا ذريعة لتأييد العملية التركية المحتملة؟ ولا أرى الجواب يسيراً عن هذه الأسئلة.

فهي لن تفتأ قائمة وملحة.

والتطورات المقبلة لا تخص العراق وحده، بل ربما تعمّ المنطقة كلها.



الحياة     – 31/10/07//

عن «موسكوفسكي نوفوستي» الروسية، 26/10/2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…