العويل من أجل طاغية أم خوفا من الطغاة

 محمد سعدون

من نظر إلى صدام وهو يشنق تحركت مشاعره خوفا من ( الموت ) ولكن من كان يعرف صدام وأفعاله ارتاح نفسيا على أن هذه هي نهاية كل دكتاتور .
فالذين يتباكون على صدام اليوم ويقيمون مجالس العزاء على روحه يعلمون في قرارة أنفسهم إن هذا العويل ليس حبا بصدام ( وعلى علم بما اقترفته أيديه ) بل خوفا من الطغاة في كثير من البلدان العربية والإسلامية ,لأنهم حتى الأمس القريب كانوا أعداء صدام لأنه احتل الكويت ( الذي يعتبر جزءا من العراق )  وحارب ثماني سنوات إيران ( الجارة الإسلامية ) وأرسل سيارات مفخخة إلى سوريا ( الشقيقة ) .

مع العلم أن صدام نال من العدالة في المحاكمات التي أجريت له قياسا بمحاكماته لشعبه , فعندما نصب نفسه رئيسا لدولة العراق في المؤتمر قتل عددا من الشخصيات القيادية داخل المؤتمر( في الغرفة الجانبية ليسمع المؤتمرين صوت الرصاص ) وكان ذلك دون محاكمة .

إن صدام أعدم على جريمة واحدة وهي قضية الدجيل , ناهيك عن قضية الجنوب الشيعي والوسط السني والشمال الكردستاني .

حيث أنه قال في إحدى محاكماته من يحاول اغتيال الرئيس يجب أن يعدم تناسى بأنه أيضا من قام بمحاولة اغتيال الرئيس عبد الكريم قاسم ( وفر هاربا ) إلى خارج العراق .

قيل عن صدام بأنه كان عادلا لأنه ظلم كل العراقيين .
ولكن هناك سؤال حير المراقبين من قرار الرئيس الليبي معمر القذافي عن إعلانه الحداد ثلاثة أيام على دكتاتور مثل صدام !!! وعلى أي ميزان اتخذ هذا القرار ؟؟ لكثرة الموازين لديه  !!! .
علما أنه أول رئيس عربي يعلن بأنه مع إنشاء دولة كردية وكان داعما للمعارضة العراقية عندما كان صدام في الحكم .

إن المحكمة الليبية أصدرت حكما بالإعدام على الممرضات البلغاريات مع الطبيب الفلسطيني الذين حقنوا عشرات الأطفال الليبيين بفيروس الإيدز , ويعلن الحداد على دكتاتور دفن عشرات الألوف من الأطفال وهم أحياء .
يبكي على شخص دمر العراق في ( مقاومته ) الغزو الأمريكي ,  وسلم كل أوراقه للأمريكان مقابل تسوية أموره في قضية الطائرة الأمريكية بان أمريكان فوق لوكربي .
وها هي اللجنة الفنية الليبية قررت نصب ( تمثال ) لصدام وهو يشنق تشبيها بالمناضل عمر المختار الذي دافع عن بلده ضد الغزاة إلى أن أسروه في المعركة وحكموا عليه بالإعدام , وأما صاحب التمثال ( صدام ) قبض عليه وهو في حفرة تحت الأرض والقضاة العراقيون هم من حكموا عليه بالإعدام وعلى قضية واحدة ( الدجيل ) وبقية محاكماته سوف تستمر من بعده ليكشف للعالم من هو هذا  الذي يتباكون عليه وليثبتوا عدالة المحكمة العراقية .
ومن البديهي أن كل دكتاتور ظلم شعبه رأى نفسه في صدام أثناء المحاكمة وأثناء الإعدام وما عليه إلا أن يتوب ويتصالح مع شعبه , وشعبه أولى به , وإذا كان قلبه لا يتسع لشعبه فقلب الشعب أكبر ويتسع كل ظلام تواب .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في عالم يتأرجح بين الفوضى والنظام، يبرز المشهد السياسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية (2025) كمحطة حاسمة لإعادة تعريف التوازنات العالمية. إن صعود ما يُمكن تسميته بـ “الدولة العميقة العصرية”، التي تجمع بين النخب الاقتصادية الجديدة والتكنولوجية والقوى السياسية القومية، يكشف عن تنافس ضمني مع “الدولة العميقة الكلاسيكية”، المتمثلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية التقليدية. هذا…

تعرب شبكة الصحفيين الكُرد السوريين، عن قلقها البالغ إزاء اختفاء الزميلين أكرم صالح، مراسل قناة CH8، والمصور جودي حج علي، وذلك منذ الساعة السابعة من أمس الأربعاء، أثناء تغطيتهما الميدانية للاشتباكات الجارية في منطقة صحنايا بريف دمشق. وإزاء الغموض الذي يلف مصيرهما، فإننا نطالب وزارتيّ الإعلام والداخلية في الحكومة السورية، والجهات الأمنية والعسكرية المعنية، بالتحرّك الفوري للكشف عن مكان وجودهما،…

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…