روني علي
يبدو أن سرعة دوران العجلة تفوق تصوراتنا وتصورات / أولياء أمرنا / وآفاقهم ، بل ونمط تفكيرهم ، بتحليلاتهم وتنظيراتهم ، بمكائدهم ودسائسهم وأحابيلهم، وبكل ما أوتوا من أساليب وإبداعات ، سواءً بنماذجها الفطرية التربوية أو الحداثوية .
وسواءً على امتداد العروش القائمة بمقاماتها ومظاهرها ، أو عند نسخها المعارضاوية ، وطنياً كان أو قومياً ، دينياً كان أو اثنياً .
فالعقد بدأ يفرط شيئاً فشيئاً ، وملامح الآتي وبما يحمله من انكسارات وانبهارات يحتل الأفق رويداً رويداً ، وإلحاح الشوارع / المغيبة / على إجابات لأسئلتها من العروش كانت ، أو من نسخها ، من القادة أو من مريديهم وأبواقهم ، يزداد حدةً وتشنجاً ، لأن السؤال واحد وحيد ، لكن قد تتغير مصادر الإجابة ، فيمكن أن تكون السلطات وسلاطينها، ويمكن أن تكون المعارضة والأطر والزعامات، فالغائب بدأ يبحث عن موقع ويود الحضور ..
وإن كان تحت ضغوطٍ شتى ، والعد بدأ من الأطراف وقد يشمل القاعدة ويحتل الهرم .
فمن ذاك الطرف ، التنمية والعدالة يكتسح، وفي الطرف الآخر شبح الهجوم يتبلور، وما من رادع .
لأن الجعجعات والمسكنات لم تكن بلسماً على مرّ الدهر ، والسوط في النهاية لم يكن منقذاً على اختلاف الأزمنة .
وهنا – مربط الفرس – كيف يمكن لإنسان أن يتبلور ويشكل تلك الصخرة الصلبة الصامدة في وجه التحديات ، وهو لم يزل يلهث وراء نفسه ويبحث عن ذاته ضمن دائرة التراكمات ، لم يزل يتساءل عن قيمة هويته إذا كان هو نفسه مغيب .
هذا السؤال وغيره من الأسئلة قد يجيب عليها بعض المظاهر والسلوكيات، سواءً من جانب السلطة أو الأطر المبعثرة هنا أو هناك .
ولكن عسى أن يجد إنساننا إجابته دون أن يفقد بوصلته ، أو ينخرط في ممارسات لا مصلحة له ولنا والوطن فيها، دون أن يغريه بعض الشعارات البراقة ، والمشاريع الفوقية ، أو ما يدعى هكذا ، والكلمات المنمقة من هنا أو هناك ، بهذا الاسم أو ذاك ، من هذه الملة أو تلك ، وينسى دوره أنه أداة للبناء ووسيلة التغيير والتجديد ، وسياج للوطن ، وإن كان هذا كله يحتاج إلى شيء من الترميم ، إلا أنه يخشى من الهدم الذي لا يمهد لإحياء إنسانية الإنسان ، وبالتالي يتخرب ويخرب ، ونبقى كما كنا هياكل تقودها العاطفة والرغبات .