الأمر الذي يضع الحركة الكردية أمام استحقاقات هذه المرحلة الصعبة، والتي تفرض عليها العمل بجدية دون تسويف واجترار المشاريع، وهدر الطاقات، والحوار من أجل الحوار، بل من أجل توحيد طاقاتها وتأطير نضالها وتحسين أدائها ، للارتقاء بسويتها النضالية وقدراتها الذاتية إلى مستوى الأحداث والمتغيرات، وتصبح قوة مؤثرة في المعادلة السياسية، قادرة على التعبير عن واقع الشعب الكردي في مرحلته الراهنة ومستقبله المنظور، وقادرة على الدفاع عن حقوقه القومية والديمقراطية.
ورغم أن غالبية الحركة الوطنية الكردية تلتقي من حيث المبدأ حول الأهداف الاستراتيجية، والموقف من وجود الشعب الكردي على أرضه التاريخية، وأن الرؤية المشتركة التي اتفقت عليها الأطراف المنضوية تحت لواء (التحالف والجبهة والتنسيق) هو خير مثال وشاهد على ذلك ، ولم يعد يقبل شعبنا الكردي المبررات غير المقنعة التي تعيق مسيرته النضالية ، ولا بقاء الحركة الكردية في هذا الواقع المتخلف , وأن كل ما في الأمر هو أن تتسارع أطراف الحركة في الأداء المطلوب فعله ، وفي اتخاذ القرار الجريء بعقد المؤتمر الوطني الكردي المنشود ، والتحضير له بشكل جدي ، وهذا يتحقق من خلال التخلي نهائياً عن الأنانيات الحزبية والشخصية ، والاستعلاء في التفكير والممارسة ، وضرورة تحقيق مصالحة بين أطراف الحركة الوطنية الكردية وامتلاك مبدأ التسامح وثقافة حضارية قوامها الاعتراف بالآخر كمهمة ديمقراطية ، هذا الشيء الذي تفتقده الحركة الوطنية الكردية إلى حد ما، وكذلك العمل على تصحيح أسلوب التعامل بين أطرافها ، الذي لا يزال تشوبه الكثير من الأنانية الحزبية ، تكون سبباً في خلق الكثير من ردات الفعل السلبية ، لدى بعض الأطراف وتصبح سبباً في حدوث تصدعات وشروخات في العلاقات الكردية ، الأمر الذي يجعل الجماهير الكردية تعيش حالة استياء إزاء هذا السلوك اللاواقعي في التعامل .
كما أن الاختلاف في رؤية سياسية واحدة لا يعني بالضرورة خلق حواجز بين فصائل الحركة الكردية من أي نوع كان تزيد من تعقيد الحلول ، وان الاختفاء وراء شعارات لدغدغة مشاعر الجماهير الكردية وتمريرها عليها لم يعد مجدياً ، إذا كان ذلك بهدف التهرب من استحقاقات المرحلة ، أن هذه الأفعال لا تخدم بالتأكيد المصلحة القومية والوطنية ، بل الواجب القومي والوطني ، يفرض على كل أطراف الحركة الوطنية الكردية في سوريا الخوض في حوار أخوي حضاري يوحد الصف الكردي ، والقرار السياسي للحركة الكردية ، وذلك من خلال المؤتمر الوطني الكردي المزمع عقده ، وجعل الرؤية المشتركة للأطراف الثلاثة ( التحالف والجبهة والتنسيق ) ، مشروعاً للمناقشة في المؤتمر ، ويكون قابلاً للتغيير والتبديل لأجل توحيد الخطاب السياسي الواقعي ، بحيث يخلق أرضية القبول لدى الوسط الوطني الديمقراطي السوري ، وبناء مرجعية كردية تمتلك حق التمثيل والقرار .
أن شعبنا الكردي الذي طالما كان له دورٌ فعالٌ في الدفاع عن البلاد ، وحماية استقلالها ومكتسباتها الوطنية ، لم يحقق شيئاً من حقوقه القومية والديمقراطية ، بسبب المواقف السلبية الشوفينية التي كانت تتبعها الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم في سوريا ، والتي تنكرت لوجود الشعب الكردي في سوريا ، ومشروعية حركته السياسية ، وطبقت بحقه مشاريع عنصرية وإجراءات تمييزية ، ولعب أعلامها دوراً تضليلياً في تشويه القضية الكردية ، غير انه في المرحلة الراهنة ، التي تبشر بالتفاؤل ، فان الواجب الوطني والقومي يستدعي تسخير طاقات شعبنا الخلاقة من أجل إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد ، بشكل سلمي وديمقراطي ، من خلال تثبيت حضور الحركة السياسية الكردية بجدارة في المعادلة السياسية ، وانخراطها في الوسط الوطني السوري بكافة أطيافه وشرائحه السياسية والقومية ، وتعزيز علاقاتها النضالية معه وترسيخها ، لنجعل من هذا الأسلوب الوطني الديمقراطي سبيلاً لخلق أرضية الحل الديمقراطي العادل للقضية الكردية ، هذا الحل الذي تقره الآن قوى إعلان دمشق ، ويشق طريقه إلى الشارع السوري .
ومن أجل أن يكون شعبنا الكردي الذي هو جزء هام من النسيج الوطني السوري ، شريكاً فعالاً في إيجاد الحلول الديمقراطية لبقية القضايا والمشاكل الوطنية العالقة في البلاد .
———
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) العدد (390) نيسان 2007