توفيق عبد المجيد
اسمح لي أيها الكردي النقي ، نقاء النسمات الكردستانية المنعشة ، أيها الراعي البسيط بساطة الطيبين المخلصين في سهول وهضاب ومراعي كردستان الخضراء أن أقول لك :
اسمح لي أيها الكردي النقي ، نقاء النسمات الكردستانية المنعشة ، أيها الراعي البسيط بساطة الطيبين المخلصين في سهول وهضاب ومراعي كردستان الخضراء أن أقول لك :
أمد الله في عمرك إن كنت على قيد الحياة ، ورحم الله روحك إن كنت في عداد الأموات ، وليعذرني أبناؤك وأحفادك لأنني سميتك ( حمو ) وقد تكون ( علو ) ، لكن الأمر عندي سيان ، فالحادثة تهمني كما تهم الكثيرين من المهتمين بالشأن العراقي عامة والكردستاني خاصة ، أكثر من الألقاب والتسميات ، ( حمو ) كنت أم ( علو ) لأن كردية الاسمين لا تشوبهما شائبة .
في الخمسينيات وتحديداً في عام 1957 وقبل ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، وأثناء زيارة للملك فيصل الأول إلى كركوك .
يجري معه الصحفي المعروف في ذلك الوقت رافاييل بطي لقاء نشر في وقته في مجلة الهلال المصرية قرأه الكاتب فؤاد حمدي وعنوانه(الملك فيصل الأول أوصى بتأخير مدينة كركوك ) يقترح فيه الصحفي المذكور على الملك الاهتمام بالمواقع المنتجعية في كركوك ليقصد المواطنون العراقيون مصايفها في فصل الصيف ، ويلتمس من الملك الإيعاز لمن يلزم للقيام بإجراء الكشوفات والدراسات الهندسية ليتحول هذا المشروع الحلم إلى حقيقة ، ولكن الملك عوضاً عن إيلاء الموضوع بعض الأهمية كان خياله يسرح ويمرح سباحة أو طيراناً في بقعة أخرى ، وكان يفكر بطريقة أخرى مغايرة تماماً لمقصد الصحفي ، وبعيدة كل البعد عن المنحى الذي قصده ، كان في ذهنه أن يشجع الناس على الاصطياف في لبنان لأنه بلد عربي : (مولاي إنه ثمة مواقع منتجعية صالحة لاتخاذها كمصايف في الشمال ليرتادها المواطنون لقضاء الإجازة ونيل الراحة والاستجمام في ربوعها … فيا ليت لو تفضلتم بالأمر بإجراء الكشوفات الهندسية والعمرانية اللازمة وتحقيق مثل هذا الحلم الجميل يوماً ، فكان جوابه بالحرف الواحد وبدون أدنى تحرج : فليذهبوا إلى لبنان … لبنان أيضاً بلد عربي ! ) .
وفي إحدى زياراته الكثيرة لكركوك يجد أهالي المدينة متقدمين تعليمياً وثقافياً على باقي سكان العراق ، كما يلاحظ الكثير من الظواهر المدنية في المدينة ، لا تسره هذه الظواهر ، وعوضاً عن تشجيعها يفعل ما كان غير متوقع حيث يأمر بتأخير المدينة من النواحي الحضارية والتعليمية مدة نصف قرن مع إصدار أوامر للمعنيين لئلا يبنوا فيها مدارس جديدة على مدى خمسة عشر عاماً القادمة لكي يتساوى سكان المدينة مع باقي سكان العراق المتأخرين عن سكان كركوك تعليمياً ، ولكي يوقف عجلة التطور والتقدم حتى يلحق المتخلفون بالمتقدمين .
تصرفان غريبان من ملك بلاد كان من المفروض أن لا يصدرا عنه ، لكنهما يطرحان عدداً من الأسئلة : كيف كان الملك ينظر إلى كركوك ؟ هل كان يعتبرها مدينة كردية أم عربية ؟ هل كان يعتبرها مدينة عراقية أم كردستانية ؟ لماذا أوقف عجلة التطور والتقدم في المدينة ؟ لماذا لم يحولها إلى مركز اصطيافي لكل العراقيين ؟
من يجيب عن هذه الأسئلة سيما أن كل أو معظم أبطال هذه الحادثة قد ماتوا ؟ لكن ما يدخل الطمأنينة على النفس ويقطع الشك باليقين أن التاريخ سيعطي كل ذي حق حقه ، إن عاجلاً أم آجلاً .
– صحيفة الاتجاه الآخر – العدد 228 – التاريخ 16/7/2005 – الصفحة : 31 – الكاتب : فؤاد حمدي – الموضوع : الملك فيصل الأول أوصى بتأخير مدينة كركوك ……
يجري معه الصحفي المعروف في ذلك الوقت رافاييل بطي لقاء نشر في وقته في مجلة الهلال المصرية قرأه الكاتب فؤاد حمدي وعنوانه(الملك فيصل الأول أوصى بتأخير مدينة كركوك ) يقترح فيه الصحفي المذكور على الملك الاهتمام بالمواقع المنتجعية في كركوك ليقصد المواطنون العراقيون مصايفها في فصل الصيف ، ويلتمس من الملك الإيعاز لمن يلزم للقيام بإجراء الكشوفات والدراسات الهندسية ليتحول هذا المشروع الحلم إلى حقيقة ، ولكن الملك عوضاً عن إيلاء الموضوع بعض الأهمية كان خياله يسرح ويمرح سباحة أو طيراناً في بقعة أخرى ، وكان يفكر بطريقة أخرى مغايرة تماماً لمقصد الصحفي ، وبعيدة كل البعد عن المنحى الذي قصده ، كان في ذهنه أن يشجع الناس على الاصطياف في لبنان لأنه بلد عربي : (مولاي إنه ثمة مواقع منتجعية صالحة لاتخاذها كمصايف في الشمال ليرتادها المواطنون لقضاء الإجازة ونيل الراحة والاستجمام في ربوعها … فيا ليت لو تفضلتم بالأمر بإجراء الكشوفات الهندسية والعمرانية اللازمة وتحقيق مثل هذا الحلم الجميل يوماً ، فكان جوابه بالحرف الواحد وبدون أدنى تحرج : فليذهبوا إلى لبنان … لبنان أيضاً بلد عربي ! ) .
وفي إحدى زياراته الكثيرة لكركوك يجد أهالي المدينة متقدمين تعليمياً وثقافياً على باقي سكان العراق ، كما يلاحظ الكثير من الظواهر المدنية في المدينة ، لا تسره هذه الظواهر ، وعوضاً عن تشجيعها يفعل ما كان غير متوقع حيث يأمر بتأخير المدينة من النواحي الحضارية والتعليمية مدة نصف قرن مع إصدار أوامر للمعنيين لئلا يبنوا فيها مدارس جديدة على مدى خمسة عشر عاماً القادمة لكي يتساوى سكان المدينة مع باقي سكان العراق المتأخرين عن سكان كركوك تعليمياً ، ولكي يوقف عجلة التطور والتقدم حتى يلحق المتخلفون بالمتقدمين .
تصرفان غريبان من ملك بلاد كان من المفروض أن لا يصدرا عنه ، لكنهما يطرحان عدداً من الأسئلة : كيف كان الملك ينظر إلى كركوك ؟ هل كان يعتبرها مدينة كردية أم عربية ؟ هل كان يعتبرها مدينة عراقية أم كردستانية ؟ لماذا أوقف عجلة التطور والتقدم في المدينة ؟ لماذا لم يحولها إلى مركز اصطيافي لكل العراقيين ؟
من يجيب عن هذه الأسئلة سيما أن كل أو معظم أبطال هذه الحادثة قد ماتوا ؟ لكن ما يدخل الطمأنينة على النفس ويقطع الشك باليقين أن التاريخ سيعطي كل ذي حق حقه ، إن عاجلاً أم آجلاً .
– صحيفة الاتجاه الآخر – العدد 228 – التاريخ 16/7/2005 – الصفحة : 31 – الكاتب : فؤاد حمدي – الموضوع : الملك فيصل الأول أوصى بتأخير مدينة كركوك ……
في 26/5/2007