كما اتوجه بالسؤال التالي اليهم: أمن المعقول لحزب تمتد تجربته السياسية لفترة تزيد عن 80 سنة مرت بحلوها ومرها، ان يهمل ابناء القومية الثانية في البلاد الى هذه الدرجة من البلادة والخزي، اذا لم يكن له اجندة خفية عنصرية غير معلنة بحيث لم يتناول حقيقة وجوده في برامجه و وثائقه البتة؟ ألا يعني هذا في المحصلة تأصيلا لسياسة الاهمال المتعمد فيما يعنيه وتهميشا واستصغارا للشأن الكوردي السوري؟ وهل التخندق وراء حجة ان الحزب لم يعر بالا للمسائل القومية عبر تاريخه، على اعتبار انه حزب طبقي اممي ـ من مثل تلك الشعارات البائسة التي اعتدنا على سماعها وقرائتها ـ لا تقوى مع واقع الحال باي شكل من الاشكال، فالى جانب تغني الحزب بالقومية العربية وبتراث الامة العربية وامجادها التليدة، لا نراه حتى يعترف بالكورد على انهم قومية وانهم يعيشون في مناطقهم التاريخية، وانهم استهدفوا ولايزالون من قبل الانظمة السورية المتعاقبة؟ ألم يكن الشعب الكوردي أولى بالتقدير من غيره من شعوب الارض قاطبة في نظر الحزب، وهو يمدح نضالات ابنائها، في كل قارات العالم بعبارات رنانة ومفردات طنانة، مقابل التعتيم على وجوده الاصيل، كقومية حية ثابتة الاركان والدعائم؟.
وبالعودة الى المقال، كنت قد توهمت فيما سبق من الوقت، ان بامكانية الحزب الشيوعي السوري نتيجة تجربته الطويلة في الحياة السياسية بكل سلبياتها وايجابياتها، وبالرغم من كل ما مر به من حالات التشظي الفكري والانقسام الطفيلي، واستنباط فج لمفاهيم التوريث العائلي على الاقل، تجييش بعض الكوادر المثقفة القادرة على الدفاع عن زيف مواقف الحزب تجاه الشعب الكوردي والذي يشكل القومية الثانية في البلاد، الا انني فوجئت ان وضع الحزب اشد سوداوية وتخلفا مما ظننت، وانه وصل مرحلة خطيرة من الانكماش الفكري التقوقعي، ينبأ معها ان الحزب يعيش اكثر اوقاته حرجا، وان اقوى جرعات الكذب والجدل ما عادت قادرة على تنظيم دقات قلبه المتهالك، والذي يعيش بهمة حليفه البعث منذ عقود في غرفة الانعاش السياسي ويعاني حالة الموت السريري، الى درجة ان الوظيفة الوحيدة التي كانوا يتقنها منتموه لعقود من الزمن، اصبحوا كسالى وغير نافعين، واقصد بها حرفة السفسطة والجدال العقيم وتقليب الحقائق وتزويرها، بحيث اصبحت حيلهم مكشوفة حتى لابعد الناس صلة بالالف باء السياسية.
وبودي ان اوضح نقاط عدة جاء بها من ظن انه رد علي:
ـ ان اتهامكم اياي باني كوردي قومي، شرف ما بعده شرف، وليس احب على قلبي ان تكون قدوتي في العمل السياسي شخصيات كوردية صميمية، امثال بدرخان باشا، عبيدالله النهري، الشيخ سعيد بيران، سيد رضا، القاضي محمد، جلادت بدرخان بك، ملامصطفى البارزاني، نورالدين زازا، وغيرهم الكثير، بدلا من ان تكون قدوتي شخصيات انسلخت عن جلدتها، وراحت تطبل وتزمر لافكار ومفاهيم لم تحمل يوما مفاتيح حل لاوضاعنا الاستثنائية، و اذا لم يكن قلمي في خدمة الدفاع عن مظلومية ابناء شعبي، فلابارك الله بي يوما.
ـ وبخصوص ثقافتي القومية، فاعلم انها قائمة على اسس ودعائم متينة، لن تزحزحها الردود الهزيلة والحجج الواهنة، عمادها ان الكورد شعب وامة عظيمة، يجب ان يتحقق لهم ما تحقق لغيرهم من الشعوب المجاورة لا اكثر ولا اقل، وبالتالي هي ليست تائهة او ضبابية او متخشبة كفكر الاخرين.
ـ ان القول ان الحزب حورب من قبل القوميين العرب ليس فيه امر جديد، وحتى ان عدد من قادة الشيوعيين انفسهم، حاربوا مبادىء الحزب عندما تبين لهم امور كانت خافية عنهم، وعلى سبيل المثال ينظر: (عبد المعين الملوحي، كيف اصبحت شيوعيا، سوريا، 2002 ).
ولم نكن نحن الكورد مسؤولين عن تعرض الحزب لنقمة الراي العام السوري، حين ايد تمشيا مع موقف الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية الأخرى، قرار التقسيم الصادر في 1947 عن هيئة الأمم المتحدة، زاعما إن القرار يخلص فلسطين من الانتداب البريطاني، حيث هوجمت مكاتب الحزب في دمشق والمدن الأخرى من قبل المتظاهرين واحرق بعضها، ونتج عن تلك المصادمات بين الشيوعيين والمهاجمين، وقوع عدد من القتلى والجرحى، وحل الحزب، واغلقت صحيفته عقب ذلك، فاضطر للعودة إلى العمل السري وتوارى خالد بكداش عن الانظار منذ ذلك اليوم.
ـ اما القول ان بعض الكتاب الكورد القوميين فتحوا بابا للصراع ضد الشيوعيين، نرد على ذلك بالقول ان المسألة اكثر بساطة مما تعتقد وتوهم نفسك به، وهو ان صراعنا يا عزيزي ليس مع الاموات، بل مع من يضطهدنا ليل نهار، ويذيق ابناء شعبنا الويلات، اي معك اسيادكم البعثيين، و المثقفون الكورد تنبهوا في غالبيتهم الى الاعيبكم منذ الخمسينات من القرن الماضي، حيث تلقي مذكرات الشاعر الكوردي الكبير جكر خوين الاضواء على تلك الحقيقة، وكيف انكم كنتم تحاربون الشخصيات القومية الكوردية مثل الاديب والسياسي عثمان صبري بالقول “لقد كان شيوعيو الجزيرة يهاجمونه كثيرا وسببوا له مشاكل كثيرة” (للتفاصيل ينظر: جكرحوين، سيرة حياتي ، ت: جوان أبو، ديلان شوقي، دار بافت، (2000) .
وقوله في مكان اخر ” كما أذكر بأني و رشيد كرد كنا ذاهبين لمقابلة بكداش واخباره بأخطاء الرفاق لكن أراكيل ترربنديان مسؤول الجزيرة كان يمنعنا إن لم نقل بأننا عرب وقد قلت له: لكن خالد بكداش كردي، أليس عيبا إن نكذب على خالد وعلى انفسنا ونقول له نحن عرب ولسنا أكرادا، أعتقد بأنه سوف يسخر منا “.
ويقول الشاعر الكبير في مكان اخر” كانوا يخافون إن يتطور الفكر والتفكير الكرديين والنظرة الوطنية لديهم ويتجه الكرد الشيوعيون نحو الشوفينية” وكذلك” ما إن انفصلنا عن التنظيم الشيوعي أو عملوا على ابعادنا ، كان الرفاق المسؤولون يريدون ابعاد الرفاق عني وان ابتعد عن الشيوعيين الكرد وكانوا يقولون لهم: “إن عدو حزبنا شخص رجعي وقد أرسل له نوري السعيد عشرة آلاف دينار “.
ولم يكن احدهم يصدقهم بل كانوا يطردون من البيوت ، تجمع أغلبهم حولي وكانوا يبتعدون عن الحزب الشيوعي واحدا تلو الاخر “.
وها هو مثقف كوردي اخر يشير الى حقيقة موقف الشيوعيين تجاه الكورد “عندما صدرت في دمشق جريدة الوعي العربي الأسبوعية، وعندما نشرت هذه الجريدة على صفحاتها مقالات مثيرة حول الحركات والثورات الكردية في تركيا التي قمعها الحكام الاتراك بالنار والحديد ، وكان تنشر أيضا الخرائط لكردستان مؤشرة عليها مركز هذه الثورات، وكان توزع بشكل واسع بين الأكراد، ومن الملفت للنظر إن الحزب الشيوعي السوري كان يحارب هذه الجريدة، ويأخذ منها موقف مناوئ لأنها تبحث في المسألة الكردية” (ينظر: رشيد حمو، المسألة الكردية في سوريا البدايات والآفاق).
ـ وبالنسبة الى وصفك اياي ببعض التهم والعبارات غير اللائقة مثل “المكابرة والانانية … الخ”، فاعلم اني لن ارد عليك بمثلها، لان اخلاقي الكوردية تمنعني من ذلك، وما نعتني به فانت مسامح به، واحب ان الفت انتباهك الى ان جملتك (تعبير عن حالة مرضية لدى بعض مثقفي هذا الشعب المظلوم تتجلى بآفة “اختلاق الخصوم” بدلا من السعي إلى توسيع دائرة الأصدقاء)، كانت الطامة الكبرى، لان مثقفي شعبنا الكوردي هم ضحايا خصوماتكم وحلفائكم البعثيين الذي يمننون عليكم بفتات من فضلات موائدهم، و بالتالي نحن لم نخلق الخصوم يوما، بل الخصوم هم الذين حاربونا في لقمة عيشنا و حقوقنا القومية والانسانية على السواء، الى درجة انه لا يمر يوم او شهر الا ويقتل فيه عدد من الكورد او يتم اعتقالهم والتشديد عليهم، لاسيما في المناسبات الكوردية القومية، ونحن لم نمل عن البحث يوما عن الاصدقاء الحقيقيين، الذين يقفون بكل صدق مع هموم مواطننيا، لا الى المتاجرة بعقولهم وايهامهم ان لا معنى لنضالهم القومي المرير من اجل استحصال الحقوق القومية، و لسنا في حاجة الى امثالكم لسبب بسيط ان مكانكم الطبيعي اصبح احضان سيدكم البعث الشمولي، وليس الى جانب الفقراء والمحتاجين من ابناء الطبقات الكادحة.
ـ بخصوص قواعد دراسة التاريخ التي ذكرتها، كم كان حريا عليك الالتزام بها ، بدلا من شرحها وايرادها، وللعلم انتم اكثر خلق الله الى جانب حلفائكم الذين يضحكون على ذقونكم السياسية، حبا لقلب الوقائع وممارسة شيء والادعاء بعكسه تماما في الوقت نفسه.
ـ ان التركيز على مؤتمر زحلة ومحاولة المرواغة والالتفاف على الحقيقة ان المؤتمر كان عاما وليس حزبيا خاصا، واظهاري اني كنت على خطأ، لا ينقص من حقيقة ان التوجهات القومية للحزب كانت وراء تهيئة الظروف لعقده في اذار 1934 ، لاسيما ان الشيوعي سليم خياطة عمل على التهيئة له خلال فترة ادارته لمجلة الدهور منذ كانون الثاني 1934 و المعروف ان خياطة والاطرش كانا قد لعبا دورا رئيسا في تسير اعماله والذي حضره ثلاثون مندوبا منهم كامل عياد و جميل صليبا ، ومنير سليمان، ابرهيم كيلاني، صلاح البيطار، ميشل عفلق، سليم خياطة، يوسف خطار الحلو، رشاد عيسى، مصطفى العريسي.
ونتج عنه اصدار مجلة الطليعة في بيروت تحت اشراف لجنة خاصة منهم عمر فاخوري ويوسف يزبك وقدري قلعجي (ينظر: عبد الجبار حسن الجبوري، الاحزاب والجمعيات السياسية في القطر السوري من اواخر القرن التاسع عشر الى سنة 1958(بغداد، 1980).
ـ انا معك انه يحق للباحث فقط الاعتماد على الوثائق وحدها، وما دمت تمتلك تلك القناعة ، لماذا لم تستطع الاجابة على الوثائق السابقة التي اوردتها في ردي الاول؟ و اليك عينات من وثائق الحزبية التي تظهر وجه الحزب العروبي، واحتفائه بقدسية القضايا العربية، مقابل ازدراء القضايا الكوردية، بحجة ان الحزب اممي معركته مع البرجوازية، وان القومية صنيعة الاستعمار وهي:
ـ المذكرة التي قدمها الحزب في 14 شباط 1928 الى الكتلة الوطنية، نتيجة اندلاع الاضطرابات في منطقة الجزيرة ذات الثقل والاغلبية الكوردية، وبدلا من الانصات الى القادة الكورد وحلفائهم في المنطقة، و وضع حد لتدخلات الفرنسيين في شؤونهم الخاصة، اقترح فيها الحزب العمل المشترك مع الكتلة لاحباط اية مساعي قومية كوردية اسوة بباقي مكونات المجتمع السوري في تلك الفترة.
– اصدر الحزب بيان في سنة 1934 بنماسبة احياء ذكرى معركة ميسلون جاء فيه ” نحن الشيوعيون العرب نعتبر انفسنا ورثة الثورة الوطنية العربية “، ولا تحاول ان تتحجج بالقول، انه يجب النظر الى الظروف الموضوعية لتلك الفترة و غيرها من الادعاءات المعطوبة، حيث كان يكفي البيان ان يقول ” نحن الشيوعيون السوريون … ورثة الثورة السورية” وتنتهي المشكلة، غير ان الاصرار على تمثيل الطروحات العربية وكأن البلاد لم تكن تتكون من قوميتين اساسيتين، فالى جانب العرب كان هناك الكورد الذين لم يقصروا في الدفاع عن سوريا في اي وقت مضى.
ـ جاء في بيان اصدرته اللجنة المحلية بحلب في 18 كانون الثاني 1936 ” هاجم البوليس الاستعماري اليوم دار الراحل العظيم، فقيد الأمة العربية الزعيم إبراهيم بك هنانو…” انا اسأل هل كان الرجل عربيا؟ ولما لايكون مثلا فقيدا للامة الكوردية ، ام ان بعض الشخصيات من الاصول الكوردية عندما تصبح ابطالا، تتحول بقدرة قادر الى عرب اقحاح، حسب المفاهيم الشيوعية؟
ـ عقد الحزب الشيوعي السوري اللبناني مؤتمره الثاني في مدينة بيروت، حيث اشترك فيه 190 مندوبا وفي هذا المؤتمر اتخذت عدة قرارات منها ” يهتم الحزب بتربية النشئ تربية وطنية والاهتمام بالرياضة البدنية وتشجيع ونشر الثقافة في البلاد، واحياء التراث الفكري العربي”.
اين اذا اكذوبة قفز الحزب على مفاهيم القومية الضيقة، والتغني بالاممية والصراع الطبقي، اذا كان هدف الحزب احياء التراث العربي وحده ؟.
ـ حدد الحزب اهدافه ومهامه في اربع نقاط اساسية في المؤتمر الثاني للحزب (31 كانون الأول 1943 و 1ـ 2 كانون الثاني 1944) وهي: النضال في سبيل الاستقلال التام والتحرير الوطني الكامل، اعتبار سوريا ولبنان جزءا من الشرق العربي، وان التعاون والتضامن العربي ضروري لاجل تحرير كل بلد عربي واستقلاله ( ينظر: محمد حرب فرزات، الحياة الحزبية في سوريا دراسة تاريخية لنشو الأحزاب السياسية وتطورها بين 1908- 1955، (دمشق، 1955).
ـ اطلق بكداش على المؤتمر اسم “مؤتمر الوفاء العربي ” وعلل ذلك بقوله “لان مؤتمرنا كان امينا لتقاليد الوفاء العربي”.
ـ نشرت الجريدة المركزية للحزب في عددها (72) سنة 1950، مقالة في الصفحة الأولى تحت عنوان “مظاهرة القامشلي” ومما جاء فيها “قامت منظمة الحزب بالجزيرة والمنظمات الشعبية الديمقراطية الأخرى بدور كبير في محاربة النعرات القومية والطائفية…” بالله اذا لم يقصد من محاربة النعرات، القومية الكوردية تحديدا، فمن كانت تقصد اذا، لانهم كانوا ولايزالون الاغلبية الساحقة من سكان المنطقة؟.
ـ الم يصرح بكداش بـ” إن الأسس الواقعية الموضوعية التي تنبثق منها قضية الوحدة العربية هي أسس علمية قوامها الأرض المشتركة، و وحدة اللغة ، والتاريخ المشترك، والتكوين النفسي المشترك الذي ينعكس في الثقافة المشتركة، والاوضاع الاقتصادية التي يتمم بعضها البعض، وهذه الأسس قد تكونت تاريخيا، وهي تتطور دائما إلى امام رغم ما اقيم ويقام في وجهها من حواجز مصطنعة، ونحن الشيوعيون العرب نؤمن ، على أساس النظرية الماركسية اللينينية ، بان القومية العربية التي تناضل ضد الاستعمار في سبيل الاستقلال ودعم قضية السلام، تقوم بدور تقدمي كبير في المسرح الدولي، ففي المقال الذي كتبته في شهر تشرين الثاني الماضي 1957، في جريدة البرافدا كبرى الصحف السوفياتية، لمناسبة الذكرى الاربعين للثورة الاشتراكية الكبرى، قلت لقد أصبح واضحا اليوم ، على النطاق العالمي إن المحتوى الرئيسي للقومية العربية هو محتوى تقدمي ديمقراطي … هذه هي خلاصة موقفنا الذي اوضحناه مرارا من القومية العربية ، فهو موقف له أساس نظري أو كما يقولون أساس عقائدي مستمد من صلب النظرية الماركسية اللينينية” ( للتفاصيل ينظر جريدة الاخبار ،العدد(230)، الثلاثاء 30 كانون الأول 1958 .
ـ وقول بكداش ” إن تحليل الوضع في العالم العربي على أساس تعاليم الماركسية اللينينية، يؤدي حتما إلى اعتناق شعار الوحدة العربية، فهو اذن شعار تمليه علينا مبادئنا ذاتها، وكل ادعاء آخر باننا ضدها هو هراء” ، اذا كان بكداش حريصا على الوحدة العربية كل هذا الحرص، ويدعي ان المبادىء الشيوعية املت عليه هذه القناعة، فلماذا لم نره يوما يشير الى أبناء شعبه الكوردي على انهم ايضا امة حية وان لهم الحق في الوحدة وتشكيل دولة خاصة بهم؟ ام ان المبادىء الماركسية لم تشمل الكورد يوما، وكانت قد صممت خصيصا على المقاس العربي؟.
ـ قصدت بكلامي ان الحزب انتشر بين الكورد اولا في الحي الكوردي، وثانيا في منطقة جبل الاكراد، ولم اتحدث عن بدايات انتشار الحزب في سوريا ككل.
ـ وعن مدح بكداش المجاني للارمن وخصوصية علاقتهم باخوانهم العرب، فالمسالة واضحة ولا يمكنك التلاعب بالكلمات كيفما اتفق، و الرجل لم يتحدث عنهم كعناصر مهاجرة تعاني من حالة عدم الاندماج كما حاولت ان توهمنا، بل تحدث عنهم كجزء اصيل من الوطن بدليل قوله ” مواطنون متساوون مع إخوانهم العرب في جميع الحقوق”، و اما القول ” ولم يكن لديهم (الكورد) ولا لدى الآخرين مشكلة في الاندماج وخصوصا في المرحلة التي تحدث بها خالد بكداش عن الرفاق الأرمن” فمردود عليك وثائقيا، والا فلتشرح لي لماذا اصدر بكداش كراسا في منتصف الثلاثينيات تحت عنوان “الانفصاليون في الجزيرة”؟ ومن كان يقصد بهم؟، علما ان الجزيرة هي منطقة كوردية تاريخية، ولماذا قال عندما سئل هل يجب إن يعطى للاكراد الحكم الذاتي في سوريا؟ ” في سوريا لا يوجد مناطق واسعة للاكراد، الحكم الذاتي فقط في تركيا وايران والعراق وهنا في سوريا حقوق ثقافية مدنية …”.
ـ لم ينتسب ابناء الحي الكوردي الى الحزب بتأثير خالد بكداش وحده، كما حاولت ان توهمنا، فحتى قبل بكداش وجد من الكورد في الحي من انتسب الى الحزب، حيث يقول بكداش نفسه بخصوص ذلك “كان لي صديق شاب يدعى فوزي الزعيم، ووالده الشيخ صلاح الزعيم شقيق حسني الزعيم، كان صديقا حميما لي، وفي اواخر شتاء أو أوائل ربيع 1930، وكنت قد انهيت البكلوريا… قال لي يا خالد هناك حزب في سوريا اسمه الحزب الشيوعي، وانا عضو فيه، ما رايك بالدخول إليه ؟ كان فوزي يثق بي كثيرا لذلك فاتحني رغم إن الحزب يعمل في سرية بالغة ” .
ـ ما قاله المسؤول الكوردي العراقي، مفهوم و واضح، فالحركة القومية الكوردية كانت ولا تزال مساندة حقيقية لاختها الحركة التحررية العربية، ومعظم التنظيمات الكوردية ترفع شعار “الاخوة العربية ـ الكوردية” الى الآن، وهذا ليس عليه خلاف البتة، المشكلة تكمن في مقدرة الحزب الشيوعي السوري على النفاق لكل تلك سنوات طوال بالادعاء انه فوق القوميات لكونه حزبا امميا لجميع الكادحين، فيما تدل كل الوقائع التاريخية واللاحقة انه لم يخرج من منظور قومي عروبي، وشارك الى جانب فصائل سورية اخرى على التعتيم على دور الكورد واسهاماتهم في خدمة الدولة السورية على مر العهود.
ـ نحن لم نطلب من بكداش ما كان فوق طاقته، او ان ينافق بقوله انه كوردي، بل اردنا منه انه كان حريا به ان يكف عن النفاق، وان لا يدعي حرصه الشديد على العروبة والتغني بامجادها التليدة، لانه مهما فعل لها فلن ينظر اليه الا بكونه شخص كوردي الاصل.
– وبخصوص نظرتك للقضية الكوردية وكيفية حلها، لاشك انها منبثقة عن فكر فج، ورؤيتك في توزيع ادوار ما يجري للكورد حاليا على ثلاث مستويات، متمثلة بالاجنبي و البرجوازية الوطنية والكوردي نفسه، هو دفاع مجاني اخرق للانظمة القمعية التي دمرت مستقبل ابناء الكورد باشد الوسائل فتكا و وحشية، فاذا كان الاجنبي رسم خارطة المنطقة حسب اهوائه و رحل منذ عقود من غير رجعة، فهل يعني هذا في منظورك ان يبقى الكوردي مرمى لسهام غيره من الانظمة التي تتحكم به؟، ولا افهم كيف ان الكوردي ساهم فيما يحدث له من المأسي؟، هل لان الكورد لم يقبلوا ايادي وارجل سادتهم المستعمرين؟ ام لانهم حافظوا بالرغم من كل الذي جرى معهم باصالة خصوصيتهم القومية؟.
ـ ان تهم ” الاعداء الطبقيين” وغيرها من التهم الساذجة اصبحت عفنة ونتنة مع مرور الوقت، فكلنا ابناء فلاحين كورد بسطاء، ولم نكن يوما ابناء وبنات لبكداش وغيرهم من قادة الشيوعيين، حتى نرث مناصبهم ومزاياهم الطبقية، ونكون سادة على رفاقنا، وابشرك ان الافكار الشيوعية اصبحت في عداد الاموات بين ابناء الشعب الكوردي الى درجة انك لو بحثت في مدن كوردية كاملة، ما وجدت الا القلة القليلة من الشيوعيين من الكورد، والذين اؤكد لك انهم انما توارثوها ليس الا، ونحن لا نبحث عن مجد على اكتاف شعبنا المظلوم، بل نريد ان نعريكم امامه و نزيل الغشاوة عن اعين اخوتنا ممن لايزال يأمل الخير منكم، و نحن وانا كنا لسنا في الداخل حاليا الا اننا لانزال في وطننا كوردستان، وما الضير في استخدام الانترنيت وسيلة في كشف مزاعمكم للجميع، ام انها من افرازت العولمة التي حاربتموها كثيرا من دون فائدة.