قراءة أولية في الوليد الجديد « p-d-k – s »

صلاح بدرالدين

  في التاسع من نيسان الجاري أعلن في أربيل عن ولادة ” الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ” من أربعة أحزاب كردية بعد حوارات لأكثر من عام تحت رعاية السيد رئيس إقليم كردستان العراق بحسب البيان الختامي للحزب الجديد ولاشك أن الشرط الأساسي للخروج بنتائج سليمة في تقييم هذا الحدث يتطلب قراءة موضوعية تأخذ بعين الاعتبار الحالة العامة في بلادنا والظروف الخاصة المحيطة بالساحة الكردية وشكل الصراع الراهن والعوامل المؤثرة في ادارته والتي كما أرى تتلخص بالوقائع والحقائق التالية  :
  أولا – صحيح أن الرعاية ( استنادا الى بنود البيان الختامي ) كانت من رئاسة الإقليم ولكن غلبت عليها الصفة الحزبية خاصة وأن النظام السياسي في الإقليم مازال خاضعا لنمط معين من تداخل الحزبي بالاداري في مختلف السلطات التشريعية والتنفيذية فمن جهة الأحزاب الأربعة أقرب سياسيا أقله بالاعلام الى ” الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ” أو مركز أربيل مجازا في حين هناك أحزاب كردية سورية أقرب الى ” الاتحاد الوطني الكردستاني – العراق ” أو مركز السليمانية ومن جهة أخرى كان المؤتمر التوحيدي حزبيا بامتياز شمل أربعة أحزاب من أصل أكثر من عشرين حزب كردي سوري وليس قوميا شاملا كما حصل عام 1970 في – ناوبردان – تحت رعاية الزعيم الكبير الراحل مصطفى البارزاني عندما توحد الحزبان الوحيدان ( اليسار واليمين ) الى جانب الكتلة الوطنية المستقلة وبالرغم من ايحاء مضمون البيان الختامي بأن المحصلة كانت بحسب رغبة وإرادة وقرار الأشقاء بأربيل الا أنني لاأرى ذلك دقيقا بل قد يكون نوعا من التهرب من المسؤولية التاريخية في حال فشل المشروع .

 ثانيا – كان من المنتظر واستنادا الى الإرادة الشعبية الكردية ومتطلبات المرحلة الثورية الراهنة التي تجتازها بلادنا ومن ضمنها المناطق الكردية أن يتم انجاز أوسع جبهة من مختلف الطبقات والشرائح الوطنية وفي القلب منها الحراك الشبابي الكردي وبمشاركة فعالة من المرأة والمستقلين ومنظمات المجتمع المدني تكون قواعد الأحزاب كلها وليس بعضها جزءا من هذه العملية الواسعة ولم يكن بالحسبان عودة – الحزبوية – الفاشلة وبرموزها المعروفة بالفساد والتواطىء مع سلطات نظام الاستبداد وكأنها منتصرة من دون أي تقييم نقدي وأية محاسبة لاخفاقات قياداتها  خاصة بعد الفشل الذريع للسيستيم الحزبي الكردي السوري عموما وانتهاء مرحلته وبداية عهد سياسي نضالي جديد .
 ثالثا – حتى لو تعاملنا مع الحدث كما هو وبترحيبنا بكل عمل وحدوي حتى بين شخصين بهذه الظروف الصعبة والخطيرة وتمنياتنا له بالنجاح وهذا مافعله الوطنييون جميعا لأول وهلة فان مجرد التدقيق في مضمون ومقدمات ونتائج هذا الحدث لايبشر بالتفاؤل ولايوحي بتوفير عوامل النجاح والانتصار آخذين في ذلك بعين الاعتبار كمقياس ومنطلق مدى تأثير ذلك على وحدة الصف القومي الكردي السوري راهنا ومستقبلا منظورا ومدى التمكن من مواجهة التحديات الأبرز : تواجد وسلطة الإدارات الأمنية للنظام في المناطق الكردية وسلطات الأمر الواقع من جماعات – ب ك ك – ومدى مساهمة الكرد في الثورة السورية التي تشكل طريق الخلاص والحرية والكرامة والتنسيق والعمل المشترك مع قوى الثورة وخصوصا الجيش الحر .
 رابعا – تخطت قيادات الأحزاب الأربعة العديد من المسلمات الثابتة ومنها عقد مؤتمرها التوحيدي خارج الأراضي السورية مجالها الحيوي ومكان ميلاد خويبون والحزب الأول الذي تسمت باسمه وفي ظروف الثورة الوطنية المندلعة والانعزال المخيف عن الجسم القومي والبعد الوطني السوري والأخير إيجابي في هذه المرحلة الى درجة ارتهان مصيرها بمرجعيات خارج البلاد مهما كانت موثوقة وعزيزة على قلوب كرد سوريا حيث يشكل ذلك سابقة تتنافى مع واقع الحال ومع التقسيمات الراهنة للجغرافيا الكردستانية وتوزع الحركة الكردية ومنطلقاتها البرنامجية ويفسر ذلك بالضعف وعدم الثقة بالنفس والهروب الى أمام وبالتالي بمثابة عالة على كاهل الأشقاء .
 خامسا – لم يتوان الأشقاء عموما شعبا ورئاسة وحكومة بالاقليم عن أداء واجبهم القومي والإنساني تجاه محنة الكرد السوريين وخاصة منذ أكثر من ثلاثة أعوام وأمانة للتاريخ نقول وبحكم عوامل التاريخ والجغرافيا فان إدارات الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يترأسه السيد رئيس الإقليم وبحكم التجاور قد تحملت الجزء الأكبر من متطلبات الضيافة والاستقبال والرعاية الصحية والاجتماعية والتربوية وتأمين فرص العمل والإقامة لحوالي 300 ألف وحتى رعاية المؤتمر التوحيدي كانت من منطلق الاستجابة القومية المشكورة لطلب الدعم من جانب قيادات الأحزاب الكردية السورية .

 سادسا  – وفي الوقت الذي أرى التميز الإيجابي الواضح لخصائل الأشقاء وصدقية نوايا رئاسة الإقليم الكردستاني وانحيازنا لنهج الاعتدال القومي العام الذي أرساه الزعيم الكبير مصطفى البارزاني في مواجهة التيارات المغامرة وتعبيرها الرئيسي الآن جماعات – ب ك ك – السورية فانني أرى أن التعامل الأمثل على صعيد العلاقات القومية الكردستانية وبينها العلاقات بين الحركتين الكرديتين  في كل من سوريا والعراق هو الذي يستند الى المؤسسة الديموقراطية المختصة على قاعدة الاحترام المتبادل للمصالح المشتركة وعدم التدخل بأمور البعض وفي هذا السياق من حقنا معاتبة الأشقاء على عدة مسائل : أولها اعتبار الأحزاب الأربعة التي لا تمثل أكثر من 2% ممثلة شرعية لكرد سوريا واستبعاد خيار الجبهة الواسعة وتجاهل الوطنيين الكرد وهم الغالبية الساحقة من الحراك الشبابي والحركة النسائية والمستقلين ومنظمات المجتمع المدني وعدم مجاراة غالبية شعبنا باعتبار الثورة السورية طريق الخلاص الوحيد الى الحرية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…