مارس النازيون الألمان ضد مختلف الديموقراطيين والوطنيين الألمان ذات الممارسات التي يمارسها “الاتحاديون الديموقراطيون” اليوم ضد الشعب الكوردي، ومنها خطف أعضاء الأحزاب وكوادرها المتقدمة، تمزيق البيانات السياسية واعتقال الصحافيين وتعذيب المعارضين ومنع الاحتفالات والاحتجاجات التي يقوم بها الأحرار الرافضون لسياساتهم، وتكسير لوحات وكراسي مقرات الأحزاب المخالفة لنهجهم، وحرق الرايات والأعلام، وإغلاق المراكز التي تنطلق منها أصوات معارضة لهم، بل وفرض سياسةٍ إرهابية على كل الذين يمارسون السياسة ويكتبون في السياسة، سوى التابعين لهم على شكل جماعاتٍ مرتزقة، مما دفع بكثيرين من الناشطين الحزبيين والمستقلين إلى ترك الساحة، ليتحول النازيون إلى حزبٍ مستفرد بالقرار السياسي وبالبرلمان الوطني وبكل أسباب القوة العسكرية والأمنية في البلاد.
كانت ذريعة النازيين أنهم عاملون على تأمين الأمن والاستقرار لألمانيا فلم يأتوا سوى بالحرب والدمار لها، وأنهم سيجدون العمل لكل المواطنين، فسخروهم كالعبيد لبناء الترسانة العسكرية دون مقابل، إلا ما يسد رمقهم، وزعموا أن لألمانيا الحق في أن تكون ذات “مجالٍ حيوي”، كما اتهموا كل جيرانهم بالعداء لحزبهم وقائدهم ولبلادهم، في حين أن النازيين هم الذين هاجموا كل الجيران وأعلنوا عداءهم لكل أحزاب وقادة البلدان المجاورة، واعتمدوا في نشر مزاعمهم الكاذبة على إعلام كاذبٍ ومضللٍ وعدواني، ومعلوم أنهم قدسوا زعيمهم المريض نفسياً وآمنوا بما يطلقه من شعاراتٍ وأكاذيب وأحلام في السيطرة على العالم… وطبيعي أن يجدو لهم “عدواً” داخلياً فجعلوا اليهود عدوهم الداخلي وعملوا على إبادتهم في محرقةٍ يندى لها جبين التاريخ البشري، حيث تم زجهم في معسكرات الاعتقال بالجملة، نساءً وأطفالاً وشيوخ وأجبروهم على العمل الشاق في المزارع والمصانع حتى سقط كثيرون منهم من الإعياء، ورموا بهم في أفران الغاز وحرقوا جثثهم، أو أطلقوا عليهم النار في خنادق طويلة تم ردمها على من فيها أمواتاً وأحياء.
جنّد النازيون الصبيان في نهاية الحرب العالمية الثانية للدفاع عن زعيمهم في عاصمته التي كانت تتعرض للقصف المستمر، والاتحاديون الديموقراطيون جندوا الأطفال أيضاً لقتال “دولة الإسلام في العراق وبلاد الشام – داعش”، ولم نسمع عن مساهمتهم في أي قتالٍ لثوار سوريا ضد نظام الأسد الذي دمّر البلاد وفتك بالعباد… بمعنى أنهم يتحركون خارج جسم الثورة السورية على الرغم من أنهم رافضون لاتهامهم بالعمل من أجل القوم الكوردي وحده، دون سائر المكونات السورية الأخرى…
النازيون كانوا ألماناً يحبون ألمانيا ويتفانون في سبيل الدولة الألمانية وطموحات أدولف هتلر التوسعية، أما “الاتحاديون الديموقراطيون” فهم مع الأسف لا يريدون الدولة القومية الكوردية ويكررون بأنهم ينتمون إلى “الأمة الديموقراطية!” عوضاً عن الأمة الكوردية، في حين كانوا من قبل أعضاء في “الأممية البروليتاريا” حين كانوا يسمون أنفسهم ب”العمال الكوردستانيين”… ومعلوم أن زعيمهم عبد الله أوجلان ليس مع “الدولة الكوردية القومية” التي يراها “رجعية ومتخلفة”، في حين يقدّس الدولة التركية التي أسسها مصطفى كمال ويعتبره معلماً في الديموقراطية، في حين أن الدولة العثمانية التي دمرها كانت متعددة القوميات والأوطان، بمعنى أنها كانت أقرب إلى أفكار الاتحاديين الديموقراطيين عن “الأمة الديموقراطية”.
الممارسات القمعية، اللاديموقراطية، ستؤدي بحزب الاتحاد الديموقراطي إلى عزلة بين الشعب الكوردي، وتشمئز من هذه الممارسات سائر مكونات المعارضة الوطنية الديموقراطية في سوريا، بل منها من يعتبره جزءاً من النظام وأداةً من أدواته، لا أكثر ولا أقل … وهذا ما سيضر بهذا الحزب في المستقبل، ولن يجني من سياساته التي تشبه سياسات النازيين الألمان والفاشيين الإيطاليين والبعثيين العرب سوى الفشل، مثلما تحطمت كل الآلة العسكرية والحزبية والأمنية لأدولف هتلر رغم عظمتها وتنظيما وعدوانها و رغم انخداع شريحةٍ واسعة جداً من الشعب الألماني ببريقها الساحر…