قلعة كوباني

إبراهيم اليوسف  

  
   هل
سألنا أنفسنا: “كيف تصمد كوباني، منذ بضعة أشهر، في مواجهة حصارات داعش؟، رغم
أن جذر الحصار، وجذر استهداف هذا المكان الكردي-ابن الثلاثية المعروفة- الثلاثية،
المتواشجة، أصلاً، في خيوط ابتلعتها اللمسات المستحدثة، يذهب أبعد من ذلك، عندما  اتخذ بيادق-تركيا- و مرتزقة العلن، أو الخفاء،
تدابيرهم، وخططهم، وفلولهم، لمباغتة بوابات كردية، متعددة، في إطار استهداف،
خريطة،  ومنخرطين في ركب حياتها، أباً عن
جدود، وهي المدينة، العزلاء، إلا من صوان إرادات بنيها، وأسلحتهم البسيطة، وهم
يوفرونها، بهذه الطريقة، أو تلك، بوساطة من يتنطع لتدوينها، باسمه، من عداد أبناء
البيت،
بينما أكروكيات الخيانة، لا تفتأ تحيط بها، من لدن، من هم الأعداء، في
الأصل، عبر استهداف الكردي، فلم تستأصل شأفاتهم تواريخ مجازره، تارة، بدعوى علامة
الديانة الفارقة، وأخرى، بدعوى الوازع القومي، وإن كان كلاهما، ذو منشأ  ما بعد عصبي، أوقل تجاوزاً، للمصطلح، بماهوضمن
دائرة “الفاشية”، وليس “الشوفينية” التقليدية، دنيا الأبعاد،
أو اعتياديتها، أمام هول  ترجمة الدائر. 
ليس في كوباني “نفط”، وليس في بنوكها، المسروقة، من قبل اللصوص،
السابقين، على داعش، من بطانة النظام، أموال وبنوك، وليس فيها مطارات، ولا ثكنات
أسلحة، بيد أنها أحد مفاتيح غربي كردستان، قبل أن يجير اسمها إلى “روج
آفا”، فحسب، حيث من ضمن مخطوطات البغدادي-ومخطوطات البغدادي عنوان مغر لروائي
أو قاص أو شاعر أو صحفي مغامر، كي يتخذه عنوان أحد أعماله -تفاصيل المكان، كما هو حال
من سبقوه، تحت أسماء، وشعارات، متباينة، مادام الكالوس الذي انطلق منه هؤلاء
جميعاً، هو واحد، وأن الأخطوطة تحمل دمغة الجهة الاستخباراتية الإقليمية،
التقليدية، في عدائها للكرد، مادامت ضالعة، في معاهدة، معروفة، تلتقي فيه اللغات
الثلاث:الفارسية، والتركية، والعربية، وهي حواضن أبجدية الدين الجامع، في الأصل،
وإن كان بين كل متكلم، في الحالات الثلاث، ما يكفي من ركام العداء، كي يلغي بعضهم
بعضاً. 
واضح، أن إحدى اللغات، في المقام الأول، بها كتبت النسخ الأخيرة ل “شيكات”
البنوك، وبها تم استيراد قطعان المرتزقة إلى فضاء المكان، كاملاً، وهي: التركية،
كما ستكشف عن نفسها، بعيداً عن أحكام المظنة، وهي متن الشيفرة التي تراود شاشة
الهاتف الفضائي؟، للقائد، المكترى، وهو يؤدي، الدور المطلوب، خطاباً عسكرياً،
وخطبة دينية، أمام أعين النظارة، على اختلاف مللهم، بينما المخرجون، وكتاب السيناريو،
يتابعون في كبائن مكاتبهم السرية، ما يجري عن كثب، حيث كل شيء، يسير، على أكمل
وجه: جريان أحماض التنابذ على قدم وساق و مخيخ-استعداء مطلوبي الرأس، لبعضهم
بعضاً، الهجرة، تفريغ المكان، استبدال الأسماء، والمسميات، استقدام الوحوش البشرية
الكاسرة، مغسولي الأدمغة، بدمغة الميتافيزيقا، ولعاب فيزيقا الحوريات، أو حور العين
على أعتاب كوباني، اندحر هؤلاء، طويلاً: الكردي، من جهة -وهو يستثمر بعض
قوته فحسب- وأمم الأرض، بلحاهم الاصطناعية، والوحشية، متهدلة، تفوح منها-كما
أجسادهم وتفكيرهم رائحة مستنقعات التاريخ والجغرافيا- موهوماً، بإنشاء دولة العهر،
ما دعا الأربة لممارسة “الانتقام” من الشيوخ، والأطفال، والنساء، عبر إعداماتهم
الجماعية، كي يوازنوا معادلتهم، مادامت هزيمتهم على الجبهات، قد طالت، ومادامت “كوباني”
ليست الموصل، وليست الطبقة، أو الرقة، ما حدا بالأهلين، أن يفوتوا عليهم تقديم
رؤوسهم على موائد هؤلاء الزنيمين، المأفونين، المعطونين. 
صمود “كوباني” حتى الآن، رغم “فياغرات” مصانع الأدوية،
متعددة شركاء الدعم الداعشي، أحد أعظم معجزات حروب التاريخ، وهو لا يتضح إلا بعد
أن ننظر في طرفي المعادلة: مهزومي داعش، بأسلحتهم الفتاكة، ومن يستظهرون بهم،
إقليمياً، وعربياً، وإسلامياً، ودولياً، والكردي، بروحه التي طالما واجهت كل حقد فتاك،
وبقيت محافظة على تضاريسها، من دون أن يتسلل إليها الخور، وهو بمثابة رسالة لتجاوز
كل الأخطاء التي تحول دون الاستعداد الأكبر لمثل هذه المواجهة، واعتبارها مسائل مرجأة
النقاش، في الوقت الذي يجب الانصراف إلى القضية الأكبر، وهي تشكيل أكبر جبهة
لمواجهة هؤلاء المرتزقة، وضمن اسم يليق بالحد الأعظمي لقدرات الشعب الكردي. 
وإنه لمن الضروري أن يتدخل العالم-المتفرج- لما يدور في منطقة كوباني -بشكل
خاص- وفي غيرها من مناطق تواجد إرهابيي داعش، ومن يشابهونه، من الدمويين، على
اختلاف أسمائهم، وشعاراتهم، وراياتهم، مادام إطار التشدد “الراديكالي” يجمعهم،
وهويجب أن  يترجم هذا التدخل في اتجاهين:
أحدهما من أجل دحر قطعان داعش، أينما تواجدوا، ومن بين ذلك منطقة كوباني، وغيرها
من المناطق الكردية التي باتت ملاذات للسوريين، عامة، وثانيهما: أداء الواجب
الإنساني، تجاه المهجرين، من أبناء كوباني، الذين باتوا خارج الرعاية الدولية، بل
أن هناك آلاف العالقين على الحدود بين كوباني وتركيا، كما غيرهم من المهجرين، غير المعني
بهم، حيث يأتي هذا كله، ضمن حالة دعم مقاومة شباب كوباني في مواجهة داعش، لاسيما
أن أداءهم العالي بات ملفتاً للعالم كله، رغم حالة الحصار العام عليهم، ومن بين
ذلك في ما يتعلق بالذخيرة، والأسلحة، وهم في حالة الدفاع عن النفس والكرامة، لئلا
تتكرر حالة شنكال/ سنجار، مرة أخرى…!؟ 
للحديث عن كوباني بقية….. 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…