ابراهيم محمود
أقدّر حساسية العنوان مباشرة، ولأنني أنطلق
من هذا التنويه، فإنني أبادر سريعاً بالمقابل إلى وجوب النظر فيما هو مثار هنا في
حدوده النسبية لا المطلقة، بقدر ما يستدعي الموضوع بالذات” الشرف ” جملة
من التصورات الأخلاقية وصلتها بأصل الدين ” الإسلام ” ومدى تمكنه من
نفوس المؤمنين به، وإذا ما كان هذا الدين قد تأصل في النفوس و” هذَّبها
“.
من هذا التنويه، فإنني أبادر سريعاً بالمقابل إلى وجوب النظر فيما هو مثار هنا في
حدوده النسبية لا المطلقة، بقدر ما يستدعي الموضوع بالذات” الشرف ” جملة
من التصورات الأخلاقية وصلتها بأصل الدين ” الإسلام ” ومدى تمكنه من
نفوس المؤمنين به، وإذا ما كان هذا الدين قد تأصل في النفوس و” هذَّبها
“.
إن أول ما يمكن طرحه هنا هو التالي: في
الأدبيات العربية الإسلامية، من الصعب إيجاد كلمة لها صداها الأخلاقي والاجتماعي ضمناً، مثل
كلمة ” الشرف “، وهي التي تتوزع على مستويات مختلفة: أكاديمية من خلال
دراسة الأصل الفلسفي، وثقافية مجتمعية، عبر تمازجها مع الأدب والنقد الأدبي وفي
الفن، وعامة، استناداً إلى المتناقل عنها، والمأثور فيها عامة الناس، وكيفية
تمثلها، والتفاعل معها في الوسط الاجتماعي طبعاً .
الشرف! تلك الكلمة التي نسمعها يومياً
مباشرة، أو من خلال السماع، أو نقرأها، بدءاً من اعتبارها قسِماً ” بشرفي
“، ومروراً بكونها توصيفاً لما هو إنساني منضبط وسوي ” وعد شرف ”
وانتهاء بما هو مميّز أو نقيضه ” شريف- عديم الشرف “: الشرف هو الذي
يستقطب مجمل القيم الإيجابية، بينما نقيضه فهو في الطرف المضاد بداهةً، ودون أن
ننسى مدلول عبارة ” الأشراف “، أو من يحمل اسم ” شرف الدين “،
أو الاسم المركَّب ” محمد شريف “، أو في الاشتقاق ” أشرف “،
و” مشرَّف “، والمشتق الأنثوي ” شريفة “، وما يعنيه الجمع
” شرفاء “، إلى جانب العبارة الأخرى والتي تقترب من القول المأثور ومغزاها
المستعار وتاريخيتها ” صاير شريف مكة “، وكلها مستويات بحاجة إلى بحث…
. إنما السهل جداً هو مدى الربط بين الشرف كقيمة أخلاقية يتحلى بها الإنسان :
الرجل، والمرأة التي لا تعدو أن تكون عِرض المرء، شرفه، حتى بالمعنى المجازي،
عندما يكون الوطن شرف الإنسان بمفهومه الجنسي.
مباشرة، أو من خلال السماع، أو نقرأها، بدءاً من اعتبارها قسِماً ” بشرفي
“، ومروراً بكونها توصيفاً لما هو إنساني منضبط وسوي ” وعد شرف ”
وانتهاء بما هو مميّز أو نقيضه ” شريف- عديم الشرف “: الشرف هو الذي
يستقطب مجمل القيم الإيجابية، بينما نقيضه فهو في الطرف المضاد بداهةً، ودون أن
ننسى مدلول عبارة ” الأشراف “، أو من يحمل اسم ” شرف الدين “،
أو الاسم المركَّب ” محمد شريف “، أو في الاشتقاق ” أشرف “،
و” مشرَّف “، والمشتق الأنثوي ” شريفة “، وما يعنيه الجمع
” شرفاء “، إلى جانب العبارة الأخرى والتي تقترب من القول المأثور ومغزاها
المستعار وتاريخيتها ” صاير شريف مكة “، وكلها مستويات بحاجة إلى بحث…
. إنما السهل جداً هو مدى الربط بين الشرف كقيمة أخلاقية يتحلى بها الإنسان :
الرجل، والمرأة التي لا تعدو أن تكون عِرض المرء، شرفه، حتى بالمعنى المجازي،
عندما يكون الوطن شرف الإنسان بمفهومه الجنسي.
وهنا أشير إلى البيت الشعري المعروف لدى أهل الشعر
وخلافه :
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الأذى
ولعل الباحث في التاريخ العربي القديم، ومن ثم في
الإسلام اليومي، يتفاجأ أو لا بد وأن من وجود هذه ” الثروة ” من
الأدبيات التي تنتسب إلى دائرة الشرف: شرف البطولة، شرف الإخاء، شرف النسب
والمحتد، شرف التفاني…الخ .
وحديثي عن المفاجأة يرتبط في الحال بما كان
يجري ولا زال يجري حتى الآن، وهو اعتبار المرأة من بين غنائم الحرب، وأن المرأة كانت
تؤثر في مسيرة حرب ما، أو تهدئ فيها، وهذه العادة الجاهلية استمرت في الإسلام حتى
اليوم، وما عبارة ” سالم غانم ” إلا شهادة تاريخية حية على هذا النوع من
التفاعل مع الشرف وتجسيده بالمقابل .
تُرى كيف كان التأكيد على الشرف عبر ربطه
بالمرأة خصوصاً، لتكون المرأة عبر المس بها أو النيل بها: سبياً أو تمكناً منها، أول
غنيمة ترتد إلى فعل القوة، كما لو أن الغالب هنا ينال من المغلوب في الأكثر
اعتباراً وقيمة عنده: المرأة .
هذا يشجع على النظر في العلاقة بين المرأة
كجسد مترَف باللذة، والرجل المقبل عليها بالقوة في الحرب أو السطو أو سوى ذلك من الطرق
العدوانية في موقع كائن الغريزة” الشبق “، أي حيث يكون ” فحلاً
” .
الشرف الرمز، القيمة، العلامة الأخلاقية
الفارقية، بقدر ما يميز أهله من العرب في أدبياتهم الاجتماعية الأخلاقية، بقدر ما يكون التمييز
شهادة على مفارقة النظر أو التناقض في حياتهم اليومية في المجمل العام .
بالمقابل، من الصعب، إن لم يكن مستحيلاً وجود
هذا المسلك الأخلاقي لدى الكُرد، بالعكس، ثمة تأكيد على الفصل بين الرجل والمرأة، إنما
أيضاً على منح المرأة قيمة خاصة بها، لا تنزلها إلى مقام دونيٍّ: عبوديٍّ، يفقدها
إنسانيتها ” .
ولعل الذي جرى في الغزوة الداعشية البغيضة
على الموصل قبل شهرين ونيف، وعلى جبل شنكال في مطلع آب 2014، وتلك الطريقة
الهمجية المتمثلة في سبي النساء وعرضهن في سوق النخاسة والاعتداء عليهن وبفظاظة
تتناسب وهمجية رموزها ورجالاتها وحماتها والمتابعين لها، في الوقت الذي تدّعي
الداعشية أنها تنتمي إلى دائرة الإسلام الأكثر صحة، يفصح عن مأساة الدين في أهله:
هؤلاء ومن معهم، وما أكثرهم في الجوار العربي والأبعد منه، ومدى التباين وفظاعته
بين المثار عن الشرف وما يكون عليه وضعاً في الواقع .
على الموصل قبل شهرين ونيف، وعلى جبل شنكال في مطلع آب 2014، وتلك الطريقة
الهمجية المتمثلة في سبي النساء وعرضهن في سوق النخاسة والاعتداء عليهن وبفظاظة
تتناسب وهمجية رموزها ورجالاتها وحماتها والمتابعين لها، في الوقت الذي تدّعي
الداعشية أنها تنتمي إلى دائرة الإسلام الأكثر صحة، يفصح عن مأساة الدين في أهله:
هؤلاء ومن معهم، وما أكثرهم في الجوار العربي والأبعد منه، ومدى التباين وفظاعته
بين المثار عن الشرف وما يكون عليه وضعاً في الواقع .
نعم، ثم توسع وتنوع في دلالات الشرف، أكثر من
” العرض ” ذي الخصوصية، سوى أن المقروء في سياق تاريخية الشرف، وقاموس
الشرف الاجتماعي والجنساني والقيمي، يضعنا في دائرة جهنمية تتمثل في عدم وجود أي
علاقة بين هؤلاء المثمنين للشرف بالطريقة هذه، والمسجَّلة في التاريخ، وما هم عليه
من زعم شرف، وهم يستبيحون أعراض الآخرين، أي إنهم بالمختصر المفيد: منزوعو الشرف،
عديمه في كل ما يملكونه، ويحرصون على استملاكه، ويطالبون به بالمقابل، أو أن على
” رعاة ” هذا القطيع الهمجي تأكيد النقيض، هذا إذا كانوا رعاته فقط،
وليسوا شركاء في ” الإثم ” الذي لا يبرَّر إطلاقاً !