م.رشيد
دخلت الأزمة السورية عامها الرابع, وماتزال الأمور متشابكة والآفاق مسدودة وبوادر الانفراج غائبة والخيار العسكري هو المسيطر, حيث يخلف المزيد من القتل و التدمير والتشريد, وباستمراره تكثر الانتهاكات والتجاوزات وتكبر المعاناة و المأساة , أما الخيار الدبلوماسي فقد حطّ بترحاله في أوكرانيا على أعلى المستويات وبأقصى درجات السرعة والاستنفار, لاستكمال المساومات والتوافقات وتقاسم المصالح والمناطق بين الأقطاب, والمبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي المكلف بالملف السوري يسعى يائساً لصنع المعجزات بطهران المثقلة بالملفات الخليجية والإقليمية وأهمها وأخطرها السلاح النووي المطلوب إيقافه ونزعه تنفيذاً لرغبة إسرائيل وحلفائها، وضمانا لأمنها ومصالحها,
ويبقى الخيار السياسي مراوحا في مكانه, فالمشاريع تطرح والمشاورات تجري بهدوء وحذر وبطء، فالنظام يحاول استقطاب المعارضة المعتدلة والداخلية وتجميعها ضمن إطار مؤتمر عام للحوار الوطني لسحب البساط من تحت أقدام الأطراف الداعية والراعية لمسار المفاوضات تحت سقف جنيف1, وذلك بالتزامن مع تقدمه ميدانياّ في جبهات القتال ولاسيما في القلمون (يبرود).
والمعارضة المغلوبة على أمرها والمنقسمة كتلها بين الجهات الداعمة لها ، والمرهونة مصيرها بخلافاتها وتوافقاتها، والتي خذلتها تبعاّ لمصالحها وأجنداتها، تسعى للملمة مكوناتها تحت مظلة الائتلاف الوطني كي يصبح ندّاً معتبراً في الحسابات المحلية والدولية بعد أن أخفقت في تأمين الاجماع للمشاركة في مؤتمر جنيف 2, وفشلت في تحقيق الأهداف التي عقد المؤتمر من أجلها لعدم اتفاق الجهات الراعية له على مبادئ الحل ومراحله.
والكورد وبفضل خصوصيتهم القومية وأهليتهم التنظيمية وممارستهم السياسية كان من المفترض أن يكونوا بيضة قبان في المعادلة السورية وصمام أمان للحالة الوطنية, لكن وللأسف بسبب تشتت صفوفهم وغياب مشروعهم السياسي, وتوزعهم بين الأطراف القائمة كالإئتلاف وهيئة التنسيق وغيرهما، وعدم امتلاكهم للإرادة وعدم استقلالية القرار لديهم، فقد فشلوا في توحيد صفوفهم تحت عنوان الهيئة الكوردية العليا، التي تشكلت بموجب اتفاقية هولير الموقعة بين المجلسين الكورديين برعاية رئيس إقليم كوردستان العراق، وفشلوا أيضاً في حماية مناطقهم وإدارتها وتوفير سبل العيش فيها، ومنع سكانها من الهجرة والنزوح منها، فهم في وضع لا يُحسدون عليه، فالأطراف المتحاربة جميعها تشترك في فرض الحصار عليهم واستنزاف طاقاتهم ومهاجمة قراهم وبلداتهم وإخلائها من أهاليها، وذلك لتقليص دورهم وإخراجهم من الحسابات المستقبلية وإقصائهم من الاستحقاقات القومية والوطنية اللاحقة، هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى تهدف استكمال أطرها وإضفاء الشرعية على وجودها من خلال اشراك بعض الكورد بصورة شكلية وهامشية وتنفيعية، يائسة وخاملة في صفوفها.
فموقف المعارضة بشقيها الخارجي والداخلي من القضية الكوردية متشابهة، خجولة ومترددة لاترتقي إلى مستحقاتها كقضية وطنية ديمقراطية )عادلة ومشروعة(، وتعاملها لا تتجاوز حدود الوصاية والدعاية، وحلولها مسكّنة مؤجّلة لما بعد السقوط، أما النظام الذي استمر في سياسته الشوفينية وتطبيق المشاريع العنصرية والقوانين الاستثنائية بحق الكورد ومناطقهم لعقود من الزمن، يسعى بكل الأساليب المتاحة لديه لتحييدهم واحتوائهم وتوظيفهم في تنفيذ أجنداته (ترهيباً وترغيباً) دون أن يعترف بوجودهم وحقوقهم دستورياً، أو يوفر غطاءً قانونياً لنشاطاتهم وفعالياتهم القائمة من إدارية وثقافية وعسكرية.. (حيث يغض الطرف عنها مؤقتاّ) وهي آيلة للحظر والإلغاء في أية لحظة يتخذ القرار بشأنها.
أما المجاميع الإرهابية المسلحة من التكفيريين والمتطرفين، التي دخلت في صلب الأزمة السورية فزادتها تفاقماً وتعقيداً، تنفذ الهجمات الانتحارية (الإجرامية والوحشية) ضد المناطق الكوردية الآمنة المسالمة، تحت ذرائع واهية وفتاوٍ مختلقة وبمسميات وتوجهات مختلفة، تعتبر الأخطر على وجود الكورد وقضيتهم ومستقبلهم.
لاشك أن محنة الكورد لن تنتهي بانتهاء الأزمة السورية وانتصار أحد طرفي القتال لأن النظام والمعارضة (على حدٍ سواء) يتعاملان مع الكورد بنفس العقلية العروبية الشمولية الإقصائية وإن اختلفا بالشكل والأسلوب، ولن ينجو الكورد من آثار وتداعيات الصراع الدائر بينهما، كونهم جزء من سوريا شعباً وأرضاً، ولا تنفصل معاناة الكوردعن باقي الشعب السوري، التي تتحمل مسؤولية استمرارها واستفحالها المجتمع الدولي برمته، وبخاصة من هم في مراكز القرار، الذين يتصارعون من أجل مصالحهم، ويصفّون حساباتهم على الأرض السورية .
في خضم الأزمة الراهنة بأوضاعها المريبة وأحداثها الخطيرة، تظهر الحركة الكوردية عاجزة وغير كفوءة لقيادة الشعب الكوردي، فلم تحسن استثمار طاقاته وخبراته بالشكل المناسب والصائب بل جنّدت نفسها للقوى الكوردستانية المتنفذة، والتي استغلت الملف الكوردي كورقةً رابحة لتسوية علاقاتها، وتعزيز شروطها ومواقعها مع خصومها وأصدقائها على الأصعدة الكوردستانية والمحلية والإقليمية والدولية، فكل قوة منها دفعت بحلفائها من فصائل الحركة للانخراط في أحد محوري الصراع والتي تنتمي إليه (الروسي بامتداداته أو الأمريكي بتفرعاته).
لم يبق إلا اليسير من الوقت كي تراجع أطراف الحركة الكوردية نفسها وأخص بالذكر الحزبية منها، وتعيد النظر في هيكليتها وسياساتها وعلاقاتها، وتتجاوز أنانياتها وخلافاتها وخصوماتها الشخصية والحزبية، وترتقي إلى مستوى المسؤولية التاريخية، وتسلّم بالحقيقة أن القضية معقدة والتحديات ضخمة تحتاج إلى تضافر جهود الجميع لأنها قضية الجميع، واستحالة تحمّل أي طرف أعباءها بمفرده مهما عظم قوته وسلطته وشعبيته، فينبغي ترتيب أوراقها وأمورها لتعيد لنفسها الاعتبار وتصحح المسار وتثبت حضورها كتلة كوردية موحدة ومستقلة وتفعّل دورها كما يجب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعدم إضاعة الفرصة التاريخية السانحة لتحقيق تطلعات شعبنا في العيش بحرية وكرامة و أمان وسلام.
لعل أهم التحديات التي تواجه الحركة هي الحفاظ على الوجود (جغرافياً وديمغرافياً) وحماية السلم الأهلي والتعايش الأخوي المشترك مع باقي مكونات الوطن على أساس الشراكة الحقيقية فيه، وعدم الانجرار إلى محارق الصراعات الداخلية – القومية والطائفية – المقيتة، التي تشعلها جهات دولية، وتنفذها قوى إقليمية بالنيابة، ووقودها وضحيتها الشعب والوطن.
لهذا يتطلب من جميع أطراف الحركة الكوردية (اليوم قبل الغد) اتخاذ مواقف جريئة وقرارات صعبة باسترداد إدارتها المسلوبة وقرارها المصادر والانسحاب من كافة الخنادق المتحاربة والعودة إلى البيت الكوردي (بعيداً عن الإملاءات والوصايات والأجندات، مهما كانت نوعها ومصدرها إلا ما تخدم قضاياه القومية والوطنية والإنسانية.. ) وترميمه وتوحيده وتقويته ليبقى محصناً وصامداً وسط الأزمة التي تحيط به من كل الجوانب، ويتصدى لكافة المؤامرات والتحديات التي تستهدفه.
وختاماً: من باب الضرورة والواجب يتحتم على كل من تعنيه القضية الكوردية ويهمه أمرها ومصيرها، ومن منطلق الغيرة والحرص، وبوازع أخلاقي والتزام قومي ووطني ودافع انساني، العمل بجدية وجرأة وسرعة لإخراج الكورد من براثن الأطراف المتصارعة والمتحاربة وأجنداتها ومكائدها، والنضال بحكمة وموضوعية واستقلالية من أجل المصلحة القومية العليا، مع أخذ الخصوصية الكوردية في سوريا وظروفها ومقتضياتها بعين الاعتبار، للخروج من الأزمة الخانقة بأقل الخسائر والضحايا، وتحقيق حقوق شعبنا وبلوغ تطلعاته على الصعيد الوطني والقومي.
والمعارضة المغلوبة على أمرها والمنقسمة كتلها بين الجهات الداعمة لها ، والمرهونة مصيرها بخلافاتها وتوافقاتها، والتي خذلتها تبعاّ لمصالحها وأجنداتها، تسعى للملمة مكوناتها تحت مظلة الائتلاف الوطني كي يصبح ندّاً معتبراً في الحسابات المحلية والدولية بعد أن أخفقت في تأمين الاجماع للمشاركة في مؤتمر جنيف 2, وفشلت في تحقيق الأهداف التي عقد المؤتمر من أجلها لعدم اتفاق الجهات الراعية له على مبادئ الحل ومراحله.
والكورد وبفضل خصوصيتهم القومية وأهليتهم التنظيمية وممارستهم السياسية كان من المفترض أن يكونوا بيضة قبان في المعادلة السورية وصمام أمان للحالة الوطنية, لكن وللأسف بسبب تشتت صفوفهم وغياب مشروعهم السياسي, وتوزعهم بين الأطراف القائمة كالإئتلاف وهيئة التنسيق وغيرهما، وعدم امتلاكهم للإرادة وعدم استقلالية القرار لديهم، فقد فشلوا في توحيد صفوفهم تحت عنوان الهيئة الكوردية العليا، التي تشكلت بموجب اتفاقية هولير الموقعة بين المجلسين الكورديين برعاية رئيس إقليم كوردستان العراق، وفشلوا أيضاً في حماية مناطقهم وإدارتها وتوفير سبل العيش فيها، ومنع سكانها من الهجرة والنزوح منها، فهم في وضع لا يُحسدون عليه، فالأطراف المتحاربة جميعها تشترك في فرض الحصار عليهم واستنزاف طاقاتهم ومهاجمة قراهم وبلداتهم وإخلائها من أهاليها، وذلك لتقليص دورهم وإخراجهم من الحسابات المستقبلية وإقصائهم من الاستحقاقات القومية والوطنية اللاحقة، هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى تهدف استكمال أطرها وإضفاء الشرعية على وجودها من خلال اشراك بعض الكورد بصورة شكلية وهامشية وتنفيعية، يائسة وخاملة في صفوفها.
فموقف المعارضة بشقيها الخارجي والداخلي من القضية الكوردية متشابهة، خجولة ومترددة لاترتقي إلى مستحقاتها كقضية وطنية ديمقراطية )عادلة ومشروعة(، وتعاملها لا تتجاوز حدود الوصاية والدعاية، وحلولها مسكّنة مؤجّلة لما بعد السقوط، أما النظام الذي استمر في سياسته الشوفينية وتطبيق المشاريع العنصرية والقوانين الاستثنائية بحق الكورد ومناطقهم لعقود من الزمن، يسعى بكل الأساليب المتاحة لديه لتحييدهم واحتوائهم وتوظيفهم في تنفيذ أجنداته (ترهيباً وترغيباً) دون أن يعترف بوجودهم وحقوقهم دستورياً، أو يوفر غطاءً قانونياً لنشاطاتهم وفعالياتهم القائمة من إدارية وثقافية وعسكرية.. (حيث يغض الطرف عنها مؤقتاّ) وهي آيلة للحظر والإلغاء في أية لحظة يتخذ القرار بشأنها.
أما المجاميع الإرهابية المسلحة من التكفيريين والمتطرفين، التي دخلت في صلب الأزمة السورية فزادتها تفاقماً وتعقيداً، تنفذ الهجمات الانتحارية (الإجرامية والوحشية) ضد المناطق الكوردية الآمنة المسالمة، تحت ذرائع واهية وفتاوٍ مختلقة وبمسميات وتوجهات مختلفة، تعتبر الأخطر على وجود الكورد وقضيتهم ومستقبلهم.
لاشك أن محنة الكورد لن تنتهي بانتهاء الأزمة السورية وانتصار أحد طرفي القتال لأن النظام والمعارضة (على حدٍ سواء) يتعاملان مع الكورد بنفس العقلية العروبية الشمولية الإقصائية وإن اختلفا بالشكل والأسلوب، ولن ينجو الكورد من آثار وتداعيات الصراع الدائر بينهما، كونهم جزء من سوريا شعباً وأرضاً، ولا تنفصل معاناة الكوردعن باقي الشعب السوري، التي تتحمل مسؤولية استمرارها واستفحالها المجتمع الدولي برمته، وبخاصة من هم في مراكز القرار، الذين يتصارعون من أجل مصالحهم، ويصفّون حساباتهم على الأرض السورية .
في خضم الأزمة الراهنة بأوضاعها المريبة وأحداثها الخطيرة، تظهر الحركة الكوردية عاجزة وغير كفوءة لقيادة الشعب الكوردي، فلم تحسن استثمار طاقاته وخبراته بالشكل المناسب والصائب بل جنّدت نفسها للقوى الكوردستانية المتنفذة، والتي استغلت الملف الكوردي كورقةً رابحة لتسوية علاقاتها، وتعزيز شروطها ومواقعها مع خصومها وأصدقائها على الأصعدة الكوردستانية والمحلية والإقليمية والدولية، فكل قوة منها دفعت بحلفائها من فصائل الحركة للانخراط في أحد محوري الصراع والتي تنتمي إليه (الروسي بامتداداته أو الأمريكي بتفرعاته).
لم يبق إلا اليسير من الوقت كي تراجع أطراف الحركة الكوردية نفسها وأخص بالذكر الحزبية منها، وتعيد النظر في هيكليتها وسياساتها وعلاقاتها، وتتجاوز أنانياتها وخلافاتها وخصوماتها الشخصية والحزبية، وترتقي إلى مستوى المسؤولية التاريخية، وتسلّم بالحقيقة أن القضية معقدة والتحديات ضخمة تحتاج إلى تضافر جهود الجميع لأنها قضية الجميع، واستحالة تحمّل أي طرف أعباءها بمفرده مهما عظم قوته وسلطته وشعبيته، فينبغي ترتيب أوراقها وأمورها لتعيد لنفسها الاعتبار وتصحح المسار وتثبت حضورها كتلة كوردية موحدة ومستقلة وتفعّل دورها كما يجب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعدم إضاعة الفرصة التاريخية السانحة لتحقيق تطلعات شعبنا في العيش بحرية وكرامة و أمان وسلام.
لعل أهم التحديات التي تواجه الحركة هي الحفاظ على الوجود (جغرافياً وديمغرافياً) وحماية السلم الأهلي والتعايش الأخوي المشترك مع باقي مكونات الوطن على أساس الشراكة الحقيقية فيه، وعدم الانجرار إلى محارق الصراعات الداخلية – القومية والطائفية – المقيتة، التي تشعلها جهات دولية، وتنفذها قوى إقليمية بالنيابة، ووقودها وضحيتها الشعب والوطن.
لهذا يتطلب من جميع أطراف الحركة الكوردية (اليوم قبل الغد) اتخاذ مواقف جريئة وقرارات صعبة باسترداد إدارتها المسلوبة وقرارها المصادر والانسحاب من كافة الخنادق المتحاربة والعودة إلى البيت الكوردي (بعيداً عن الإملاءات والوصايات والأجندات، مهما كانت نوعها ومصدرها إلا ما تخدم قضاياه القومية والوطنية والإنسانية.. ) وترميمه وتوحيده وتقويته ليبقى محصناً وصامداً وسط الأزمة التي تحيط به من كل الجوانب، ويتصدى لكافة المؤامرات والتحديات التي تستهدفه.
وختاماً: من باب الضرورة والواجب يتحتم على كل من تعنيه القضية الكوردية ويهمه أمرها ومصيرها، ومن منطلق الغيرة والحرص، وبوازع أخلاقي والتزام قومي ووطني ودافع انساني، العمل بجدية وجرأة وسرعة لإخراج الكورد من براثن الأطراف المتصارعة والمتحاربة وأجنداتها ومكائدها، والنضال بحكمة وموضوعية واستقلالية من أجل المصلحة القومية العليا، مع أخذ الخصوصية الكوردية في سوريا وظروفها ومقتضياتها بعين الاعتبار، للخروج من الأزمة الخانقة بأقل الخسائر والضحايا، وتحقيق حقوق شعبنا وبلوغ تطلعاته على الصعيد الوطني والقومي.
—————————– انتهت ———————