معركة الحر- داعش: تصحيح للثورة ام اسفين في نعشها؟

آزاد خالد

الجيش الحر بمختلف فصائله و بتفويض علني هذه المرة من الائتلاف الوطني السوري يدير دفة معاركه باتجاه داعش. و لكن السؤال هنا، هل هذا الصراع سيكون بمثابة تصحيح لمسار الثورة ام الاسفين الاخير في نعشها؟

منذ دخولهم الى المشهد السوري، داعش و شقيقاتها، ماانفكوا يقوضون الثورة و يشوهونها، بل و اعلنوا معاداتهم للثورة على الملأ، و تجلى ذلك واضحا في ممارساتهم لا سيما في المناطق التي احتلوها و طريقة معاملتهم للناس في (اماراتهم) الافتراضية، حيث حظرت النشاط المدني و الصحفي و السلمي و فرضت القيود على العوام و كفرت كل من يخالفها في الرأي و الفكر و اباحت الدماء و قطعت الرؤوس و…و…و….
ان استفحال الخطر الداعشي الذي بات يضاهي او يفوق خطر قوات النظام على الثورة اضطر الجيش الحر و الائتلاف الى اعلان الحرب عليها بل و اعتبارها أداة للنظام. هذه المعركة كان لابد و لا مفر منها لاعادة الثورة الى مسارها الصحيح و استعادة صبغتها الوطنية، فضلا عن استعادة الثقة المفقودة داخليا وخارجيا، حيث ان المعارك التي بدأها الحر مع داعش في مناطق الشمال الغربي لاقت دعما شعبيا كبيرا من قبل المدنيين المثقل كاهلهم بأوزار الممارسات الداعشية الرعناء و الفكر الظلامي التكفيري الذي لا يقبل اي وسطية او اعتدال. كما ان هذا الصراع بين المعارضة و داعش قد يثبت بطلان مزاعم النظام بأن صراعه ليس الا ضد جماعات ارهابية مرتبطة بالقاعدة. و المهم ايضا ان محاربة قوات المعارضة لداعش يمكن ان يعيد الطمأنينة الى المجتمع الدولي اتجاه الثورة السورية و ان يبدد مخاوفه المتجلية في سيطرة جماعات مرتبطة بالقاعدة على الاراضي التي تخرج عن سيطرة قوات النظام، و هذه الطمأنينة من شأنها زيادة الدعم الدولي للثوار المنضوين تحت لواء الجيش الحر و الائتلاف الوطني.
و لكن هذا كله لا يبدد المخاوف الكامنة في ان تؤدي هذه الجبهة الجديدة الى انهاك الثوار و استنفاذ ما قد تبقى لديهم من قوى صرفت خلال ثلاث اعوام من القتال المتواصل مع قوات النظام و الميليشات الموالية له، سيما و أن مقاتلي داعش اصبح لديهم معرفة كبيرة باسلوب قتال الجيش الحر و خططه العسكرية و باتوا يمتلكون الخبرة في تضاريس المناطق التي يسيطرون عليها، مما قد يزيد من صعوبة المعركة و يطيل امدها، الامر الذي من شأنه ان يلهي الثوار عن قتالهم ضد النظام الذي سيستغل بدوره هذه الفرصة الذهبية، مستفيدا من التخاذل الدولي و دعم حلفائه في الجوار الاقليمي، في ترتيب اوراقه و الوقوف على ارجله مرة اخرى و استعادة زمام المبادرة مما سيحصر الثوار بين مطرقة النظام و سندان داعش، الامر الذي سيكون بمثابة الاسفين الاخير في نعش الثورة.
azad.xalid@mail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…