ماجد ع محمد
“إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ”
القرآن الكريم
“يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء”
الإعلان العالمي لحقوق الانسان
بالرغم من السوداوية التي تلف المنطقة وعدم إيجابية الكثير من الوقائع الراهنة هنا وهناك، إلّا أن مِن بعض فضائلها أنها تقوم أحياناً بمهمة استحضار الأحداث المماثلة من الماضي القريب أو البعيد، وتُحرك رحى الذاكرة لخض الأفكار وإحداث المقارنات بين الأحداث الراهنة والغابرة، مقاربة ملابسات الوقائع ومن ثم الخروج برؤية جديدة بناءً على الحدث الذي تولى مهمة الاستحضار، أو على الأقل زرع الشكوك في المتلقي بناءً على ما كان يفعله أحد أهم أساطين الفلسفة في العالم، ألا وهو سقراط الذي كانت من إحدى أهم المنهجيات التي تركها هي ليست الصيغ الجاهزة للأسئلة كما يتصور الكثير منا، إنما في زراعة الشك بذهن المتلقي وجعل رأسه مشغلاً لورشة دائمة لتساؤلاته اللاحقة.
لذا فإن ما كان قد تم نشره عن إقامة جمهورية الصين الشعبية منتصف شهر آذار المنصرم تمثالا للرحالة الشهير”الرحالة الأمازيغي ابن بطوطة”، بمتحف مدينة تشيوانتشو بمقاطعة فوجيان الواقعة على السواحل الجنوبية الشرقية للصين، اعترافا بالقيمة التاريخية لهذه الشخصية، وكذلك ما نشره موقع البوابة الأمازيغية في 18/4/2016 عن أن السلطات الجزائرية قررت رفع الحظر عن 300 اسم أمازيغي بعد منعٍ دام عقوداً من الزمن، وموافقة وزير الداخلية الجزائري على عرض مشروع مرسوم يتضمن 300 اسم أمازيغي على الحكومة من أجل الموافقة عليها، كان دافعاً لكتابة هذه المادة، فالخبر كما هو واضح يبين مدى تغلغل هواجس إزاحة الآخر في تلك البلاد من خلال التضييق على هويته، وحرمان الآخ حتى من الاسم الذي هو من أبسط حقوق الأوادم حسب القرآن الكريم ووفق المواثيق الوضعية العالمية، وهو النبأ الذي يذكرنا برواية الكاتب الليبي إبراهيم الكوني وتحديداً روايته المسماة (مَن أنت أيها الملاك) من جهة ومن جهة أخرى بما كتبه سليم بركات يوماً تحت عنوان:(تشريد المكان عن أسمائه) وكيف يتم محاربة الإنسان للإنسان ليس فقط بقوة السلاح، إنما يتم محاربته أيضاً بشكلٍ لا يقل تأثيراً على المرء من النواحي المعنوية، حيث يصادر الفردُ حق الفردِ الآخر حتى بتسمية الأماكن أو الأشخاص وربما الحيوانات.
إذ أن رواية الكوني ترصد هذه القضية من خلال شخصية «مسي» الأب الامازيغي، أحد المنتمين لملة الطوارق في ليبيا، حيث تبدأ الرواية بإشكالية تسجيل المولود “يوجرتن” في «مكتب السجل المدني» بمدينته الجنوبية ومسي كأي مواطن يحاول استخراج شهادة ميلاد لابنه البكر، ولكن موظف السجل المدني يرفض تسجيل اسم الابن «يورجرتن» الذي يعني في لغة الامازيغ «البطل الكبير» بحجة انه اسم وثني مجوسي ولم يرد في لائحة الأسماء العربية التي حددتها السلطات المختصة وجرّمت أي خروج عليها، ومن بعدها حيث تبدأ رحلة طواف (مسي) على المسؤولين لمحاولة نيل حق تسمية ابنه، ولكنه في النهاية أي (مسي) يفشل في تحقيق مراده، ليس فقط في عدم قدرته على تسجيل اسم ابنه بل ويفقد الأب فوقها اسمه هو أيضاً، فتُسحب منه بطاقة هويته ليغدو انساناً بلا اسم وهوية، وذلك عقب التحقيقات الأمنية معه، بل وترى السلطات الأمنية بأنه “سُجل بطريق الخطأ في سجلات الواحة النائية التي نزل عليها من الصحراء في بداية استقراره في المدينة”، وحسب القائمة الأمنية أن “اسم (مسي) مجوسي وثني ولم يرد في لائحة الاسماء المعتمدة من السلطات” وهنا الحدث الروائي يأخذنا إلى بقعة جغرافية أخرى حيث يعيد إلى أذهاننا حادثة مماثلة في سوريا، ألا وهي واقعة تجريد الجنرال توفيق نظام الدين من الجنسية السورية، وهو وقتها كان رئيس الأركان العامة في سوريا بذريعة أنه أجنبي، إذ أن ذلك الأجنبي حسب الفقه البعثي ظل يتدرج في المناصب إلى أن أصبح لواءً وقائداً للأركان، ولكن فجأة تكشف الذائقة القومية بأنه غير مُرحب به في طاقم الحكومة بسبب انتمائه لملة الكرد، وهكذا يبدو كان الحال عليه في ليبيا، حيث حرّمت السلطات القومية ملة الطوارق من ممارسة تقاليدهم والتكلم بلغتهم، أو الاحتفاء بتراثهم وأزيائهم، حتى أسماءهم التي توارثوها جيلاً بعد جيل حُرموا منها باعتبارها من نِتاج ثقافة وثنية تهدد النسيج القومي الصافي في ظل هيمنة اللغة والثقافة السائدتين في تلك البقعة الجغرافية.
ولكن الغريب أن هاجس إزاحة الآخر المختلف لم يكن موجوداً فقط في البقعة المعروفة باسم بلاد الشام حيث انتشرت فيها نظرية العفالقة العنصرية ومن ضنها سوريا كما كنا نظن، إنما ربما كان داءً منتشراً في كل من ليبيا والجزائر وتركيا وإيران وربما هنالك مناطق أخرى لم يُفصح عن إشكالياتها بعد من هذه الجغرافيا المبتلاة بداء إلغاء الغير وإزاحته عن الخارطة الوجودية مادياً أو معنوياً، إذ كما كان خيال القائد الأوحد هو الذي يحدد مصائر البشر في ليبيا نرى الحالة ذاتها لدى البعث السوري الحاكم حيث يقول سليم بركات ” بأن المدينة ظل القائد، والساحة شبحه، والشارع أزرار سترته، والدولة برمتها قبعته، الأسماء فتات خبز بين يديه يرميها لعاصفير الزمن، والمكان الذي يتسمى بها يُغذي الوقت خلوداً، ولأنه عريق ونقي الأرومة فيتوجب تطهير السيرورة، وانتقاء الأصلح من الخصائص الجديرة بالمقام الطاهر للعرق” مضيفاً وهكذا “تترجم أسماء الأمكنة الى عربية صرفة، وتعاد الصفات الى حظيرة الفكرة القويم للحزب ممثل الجماعات بعقد الدم، فقبل حينٍ من الوقتِ كلّم كرديٌّ كردياً، فساءله من أين أنت؟ فرد: من القحطانية. أي من بلدة لها نسب الى عربي قح، جد عريق، واذا استفسره عن موقعها أوضح الآخر ان اسمها كان “القبور البيض”، ففي ثلاثة عقود تهشم اسم البلدة مرتين: مرة بترجمته الى “القبور البيض” عن أصله الكردي: “تربسبي”، ومرة عن استبداله كلياً بنسب الى تاريخ “أعيد الى صوابه، عشرات الاسماء المخصوصة بالتدليل على إقامة الكردي في المكان، اعُتقِلتْ، ثم نُفيت عبر الترجمة الحرفية، ثم أُعدمت في منفاها، في بلد عربي من شمال هذه المنظومة”.
وكما أن قصة إلغاء الآخر ومحو معالم هويته وحرمانه حتى من الاسم لم تقتصر على السلطات الحاكمة في الجزائر، أو كما هي لدى إبراهيم الكوني في روايته (مَن أنت أيها الملاك) حيث يُحرم المواطن (مسي) من أن يُسمي ابنه (يوجرتن) كذلك الأمر نفسه لدى السوري سليم بركات القائل بأنه “كان ممنوعاً تسجيل كردي، في السجلات الرسمية، باسم كردي، لأن العروبة تقتضي نقلة في خصائص الدم، الأمر بسيط لا يستدعي السخط، أو الاستياء، لأن الكل سواسية في رحاب العدل المنتصر، اسماء شخصية، واسماء أمكنة، حاضر الوقت هو أصل ماضيه، وعلة وجوده” وفي نهاية المقالة تراه متسائلاً مندهشاً “يا ترى أي ذعرٍ يكمّم الحقيقة بعلم الحزب؟ إنها أسماء كردية لا تخيف أحداً، فلماذا يجردون الأمكنة من إقامتها”؟.
وفيما يتعلق بإعادة الاعتبار للإنسان من خلال إعطائه حق تسمية نفسه أو تسمية الكائنات المحيطه به بما يراه مناسباً، نعود الى ما ورد في سياق (مَن أنت أيها الملاك) حيث يقول مسي “أن عرف الدولة حرّمت الاعتراف بالمخلوق البشري الذي لا يحمل اسماً”، متحدثاً عن مصير الانسان بلا اسم، “معنى أن يولد المخلوق فلا يكون له نصيب في الاسم، أن يولد الانسان فيقف على باب الرب يستجدي اسماً ظنهُ حقاً مكتسباً، حقاً مكتسباً مثله مثل الهواء أو جرعة الماء أو مثل الأرواح التي تحرك الأجساد، ولكنه يُفاجأ بحاجب الربِ يعبس في وجهه ليقول له إنه لا يملك الحق في الاسم”.
لذا فإن القرار المتعلق بإعادة الأسماء أو لنقل إعادة الاعتبار لـ: 300 أمازيغي في الجزائر وكذلك ما جاء في سياق الرواية الآنفة الذكر، والكثير من كتابات كل من السوري سليم بركات والليبي إبراهيم الكوني يشير بوضوح إلى الممارسات الواقعية بحق الشعوب وإزاحتهم مادياً ومعنوياً عن الخارطة الوجودية، وحيال ذلك يمكننا الانتقال أيضاً الى ما قامت به فعلياً السلطات الإيرانية المتعاقبة من جهودٍ كبيرة لصهر الشعوب والقوميات في دولة إيران، وصهر وإذابة تلك الاثنيات ضمن الهوية الفارسية، “التي لا تمثل أكثر من «30 – 40 %» من إجمالي عدد السكان، إذ عمدت السلطات الإيرانية إلى تغيير ديموغرافية الأقاليم، وقامت السياسة الحكوميّة فيها بعمل عدة خطوات بهذا الصدد أولها كان: محاولة الدمج القسرية للمحيط العرقي ضمن هوية أحادية فارسية، والخطوة الثانية تهميش تلك المناطق، أمّا الثالثه فهي تركز على العبث وتفتيت التركيبة الديموجرافية، سواء بالتهجير أو استبدال الفرس بالسكان الأصليين”، علماً أن الدولة الإيرانيّة المعاصرة تشكلت مع خروج الاحتلال البريطاني أي في النصف الأوّل من القرن العشرين، وقد ترك البريطانيون المجال للسلطات القائمة آنذاك، “بالتوسع الجغرافي الاستيلائي، وضمّ الأقاليم والشعوب المجاورة للمركز الفارسيّ الممثل بـ: طهران، أصفهان، قم، يزد”.
كما أن هذه الممارسات التذويبية والقائمة على نفي الآخر عن الخارطة الوجودية وإزالة معالم هوية المختلف تبقى فاقعة في الاتحاد السوفيياتي الستاليني وكذلك لدى مؤسس الدولة التركية( الطورانية) الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، الذي شاطر ستالين في أفكاه وسلوكياته وعمل معه في محاولاته الدؤوبة لتذويب الكرد سواءً في تركيا أم خارجها، كما تعاون معهما العنصر الفارسي في إيران، حيث تظهر ممارساتهم بأبشع حالاتها، وقد ذكر بعضها الكاتب محمد علي الصويركي* الذي قال: “إنّ الكثير من كرد روسيا مورست عليهم سياسة الصهر والتذويب العنصري من قبل القوميات الكبيرة في جمهوريات الاتحاد السوفيتي خاصة في جمهوريات أذربيجان وتركمانستان وأوزبكستان الذين نفذوا سياسة صهر الكرد في بوتقتهم خدمة لمآرب مقتسمي كردستان الكبرى وخاصة الحكومتين القوميتين في تركيا وإيران، فنفذ الأذريون والتركمان والأوزبك سياسة تذويب الكرد وصهرهم لأنهم مرتبطون بأواصر القرابة مع القومية التركية الطورانية التي بدأها مصطفى كمال أتاتورك في جمهورية تركيا الحديثة”، وذلك لطمس الهوية الكردية داخل تركيا وخارجها، حيث “أجج أتاتورك القوميات التركية في تلك الجمهوريات لطمس الهوية الكردية كما تعاون مع السلطات السوفيتية في موسكو خاصة في عهد (ستالين)، حيث اعتبر أتاتورك الكرد عدوه الأول الذين إذا ما تمكنوا من حريتهم وبنوا دولتهم المستقلة فسوف تتفكك جمهوريته الجديدة، بما أنه واجه أول ثورة قامت في وجهه وهي ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925م، وتلتها ثورة آرارات عام 1927م اللتان نادتا باستقلال كردستان، وبالفعل نجحت علاقاته السياسية مع الاتحاد السوفيتي ومع السلطات الحاكمة في جمهوريتي أذربيجان وتركمانستان في سياسة صهر وطمس هوية الكرد المتواجدين في هاتين الجمهوريتين”، وكان من نتاج ذلك التحالف المقيت أن “أدت سياستهما في النهاية الى ذوبان أكثر من (نصف مليون) كردي ضمن الهوية الأذرية والتركمانية الى درجة أعتبر بعض الكرد نفسه منهم من الخوف الذي عانوا منه والعنف الذي مورس بحقهم لمجرد أنهم كرد، كما وساعده (ستالين) في طرد الكرد الموجودين قرب حدود دولته والقاطنين في أذربيجان وجورجيا وأرمينيا الى سيبيريا وجمهوريات آسيا الوسطى”، وقد تمثلت الإبادة الجماعية خلال الحقبة الستالينية عندما هجروا قسراً من مناطقهم في أذربيجان وأرمينيا وجورجيا على ثلاث مراحل: “الهجرة الأولى عام 1936م، والهجرة الثانية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية 1940-1946م، والهجرة الثالثة عام 1989م”، كما أن حملات التهجير القسرية التي أرعبت الكرد “دفعت الكثير منهم خوفاً على حياتهم وأسرهم الى تخليهم عن كرديتهم، وتسجيل أسمائهم بأسماء قوميات أخرى كالأذرية والتركمانية والكازاخستانية لينجوا من التهجير”، ولم يحاولوا إعادة أسمائهم الكردية، “بدليل وجود نحو (100) ألف كردي في كازاخستان سجلوا قوميتهم الكردية تحت اسم قوميات أخرى”.
وبناءً على ما ورد أعلاه دفعتنا رغبة معرفة الدافع الرئيس لإزاحة الآخر، للعودة الى موضوعة القومية في بلادنا التي لا تستمد مشروعيتها الوجودية إلا من خلال دحر الآخر أو محوه وطمس معالم هويته، وذلك إلى بدايات ظهورالنزعة القومية لدى شعوب العالم ومنبتها الأول، إذ وحسب الموسوعة الحرة أن القومية هي: إيديولوجية وحركة اجتماعية سياسية نشأت مع مفهوم الأمة في عصر الثورات، الثورة الصناعية، الثورة البرجوازية، والثورة الليبرالية، في فترة أواخر القرن الثامن عشر.
إذن فإن الفكر القومي ظهر في أوروبا بمرحلة لم يكن هناك حركات أو نزعات قومية بالمعنى المتعارف عليه الآن في كل من قارتي آسيا وإفريقيا، وحسب الموسوعة نفسها أن صياغة رؤية الجماعات القومية في غرب أوروبا لنفسها قد استغرق وقتاً طويلا جدًّا تم أثناءه صهر أو إبادة بعض الناس من الأقليات الإثنية التي لا تمت بصلة للقومية المسيطرة والتي لها صفة القداسة كما هو الحال مع السلطة التي حرَّمت (مسي) من تسمية ابنه بـ:(يوجرتن) بكونه اسماً غير منتمٍ لقافلة الأسماء المقدسة لدى السلطان الليبي، إضافة الى هواجس التفوق والنقاء العنصرى التي تقدس الذات وتختزل الآخر في عنصر دوني ووضيع، إذ من خلال المقارنة يظهر بأن الفكرة كلما ابتعدت عن المركز يزيد متلقفها من تحويرها، إذ وحسب الدارسين أن التشكيلات القومية عندما انتقلت الى شرق أوروبا ووسطها أخذت طابعًا أكثر تطرفًا في صيغتها الأولى، وقد صارت الفكرة القومية كانتماء عضوى يكاد يكون شبه بيولوجي عدنهم، بل وقد وصل هذا الاتجاه العنصري إلى ذروته عند النازيين الألمان ومن ثم عند أتباع الحركة الصهيونية، إذ أن كليهما عظم الذات ومجَّدها وجاهد لإلغاء الآخر ودحره من الوجود بالحديد والنار.
ومن خلال ما تقدم نلاحظ بأن الشرقيين لم يقوموا فقط بأخذ البذرة كما هي أو الاكتفاء بمحاكاة حركات الفكر القومي التي ظهرت في الغرب فحسب، بل وزادوا عليها الكثير من نتانة أفكار منظري الفكر القومي في بلدانهم، الذين أضافوا الى القومية كل ما هو مبني على إزالة المختلفين في المنطقة مادياً أو معنوياً وبكل الوسائل المتاحة، هذا إذا ما استحالت تصفيتهم وجودياً كما هو الحال عند النازيين، وبالتالي الابقاء فقط على من ينتمي الى الفصيل المقدس بنظرهم والاحتفاء فقط بالعنصر القومي السائد، وهو ما يظهر بأنه ليس فقط قاموا باستنساخ أقبح ما ظهر لدى الغرب فيما يتعلق بمفهوم الفكر القومي في دول المنشأ، إنما أضافوا إليه كل عصبياتهم وأمراضهم وعقدهم التي كانوا يعانون منها، وربما لم يحلو لهم في تجربة الفكر القومي بوجهٍ عام شيء إلا الممارسات الاجرامية للنازيين في ألمانيا، والثقافة العدوانية والاقصائية القائمة على العنف والإكراه لدى الدكتاتورالأحمر جوزيف ستالين، الذي قام بصهر القوميات وتشتيتها في عموم الخارطة السوفيتية، بل ومن خلال المقارنة يبدو بأن ستالين هو الأقرب إلى الذائقة القومية لدى كل من الحكومات الإقصائية في الشرق كإيران وتركيا وليبيا والجزائروسوريا والعراق.
وختاماً نقول لعل السلطات الجزائرية من خلال هذه المبادرة المتمثلة بإعادة حق التسمية لثلاثمئة مواطن أمازيغي، أن تعيد أيضاً ولو شيئاً يسيراً من الدّين الكبير للأمازيغيين الأوائل على ما قدموه للثقافة العربية والاسلامية منذ مئات السنين ونذكر منهم: عباس بن فرناس، بن آجروم الصنهاجي، ابن بطوطة، ابن البناء المراكشي، أبو إسحاق الإجدابي الطرابلسي، ابن رشد، أبو ساكن عامر الشماخي، ابن منظور الافريقي، يحيى بن يحيى بن كثير المصمودي، محمد الصنهاجي البوصيري، يحيى الزواوي، محمد بن أحمد أكنسوس، أبو القاسم الزياني، ابن البيطار، المستكشف المغربي الزموري، محمد بن تومرت، يوسف بن تاشفين، ابو اسحاق الصنهاجي المديوني، ومحمد بن قاسم القوري المكناسي، ابن مخلوف السجلماسي الفلكي، ابن غازي المكناسي ، محمد المختار السوسي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ مَن أنت أيها الملاك/ ابراهيم الكوني/ من اصدارات كل من: مجلة دبي الثقافية والمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.
ـ تشريد المكان عن أسمائه/ سليم بركات/ صحيفة الحياة/ تاريخ النشر: 23/3/1998 م.
ـ خطة طهران لصهر القوميات في الداخل الإيراني/ من تحقيقات صحيفة الخبرالالكترونية المنشورة في 15 ديسمبر، 2015.
ـ (الكرد في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق: أذربيجان، أرمينيا، جورجيا، كازاخستان، قيرغيزيا، تركمانستان، أوزبكستان، روسيا الفدرالية، أوكرانيا، الأديغي) مع حياة الملا مصطفى البرزاني في المنفى). للمؤلف محمد علي الصويركي ونشر من قبل الدار العربية للموسوعات في بيروت، 2015م، في 570 صفحة من القطع الكبير.
ـ القومية: ويكيبيديا/ الموسوعة الحرة.
ـ أبرز العلماء الأمازيغ في الاسلام: من منشورات البوابة الأمازيغية.
ـ نشر قسم كبير من هذه المقالة في موقع البرق للدراسات.