كركوك والقدس … وكرد «الشمال»

عمر كوجري
حفلت كتابات العديد من المهتمين وحتى غير المهتمين فور صدور قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ “تثبيت” القدس كعاصمة لإسرائيل، وتعدّى الأمر منعكس الكتابة والتعبير إلى شوارع العديد من الدول، وعقد اجتماع لمؤتمر الدول الإسلامية في إستنبول برعاية أردوغان، حضرها العديد من الملوك والرؤساء، ولو أن التمثيل للدول الفاعلة في المشهد الإسلامي كالسعودية كان في المستوى المنخفض.
الغضب الشعبي الإسلامي لم يكن عارماً حقيقة، وبدا الأمر في أوج اهتياجه في السويعات والأيام لكن هذا المنسوب بدأ بالنضوب إلى حد بتنا نستشعر قبولاً بالأمر الواقع، وهذا ما كان يتوقعه ترامب حين خطّ على الكتاب بتوقيعه المشهور.
لكن هذا الغضب “الشعبي” انعكس بشكل فاقع على كرد “شمال كوردستان” أو كوردستان تركيا، فقد عمت المظاهرات الحاشدة في مختلف المدن والبلدات ذات الغالبية الساحقة الكردية، وأما تظاهرة ديار بكر «آمد» الكردية فاقت حتى تظاهرات غزة ورام الله، في حين أننا لم نسمع أن هؤلاء الكرد قد اشتغلت في قلوبهم الحمية القومية، وخرجوا ضد احتلال قلب كوردستان كركوك من قبل الحشود الطائفية في العراق وإيران وغيرهما.
 ومن لم يخرج من كرد “الشمال” ضد الحشد الشعبي وقوات الاحتلال العراقي، لا يحبذ احترامه حينما يخرج لنصرة مدينة اسمها «القدس» مع تقديري وإقراري بأحقية أن تكون هذه المدينة على رمزيتها عاصمة للسلام والمحبة. 
وإن دل هذا الأمر على شيء فإنه يدلّ على أن الحس القومي ميّت أو أقرب إليه لدى قطاعات واسعة من أهلنا في “كوردستان تركيا” وأن كل حروب العمال الكوردستاني لم تستطع زرع بذرة الاعتزاز القومي في نفوس حتى أهل آمد عاصمة ومعقل الحزب العمالي بحسب ادعائه طبعاً.
ويدل هذا على أن ولاء مئات الآلاف من الكرد هناك للعقيدة الإسلامية أقوى من أي إيمان آخر، وأن هؤلاء في غالبيتهم منخرطون في حزب العدالة والتنمية.  
إن صمت كرد “كوردستان تركيا” حيال باقي أجزاء كوردستان مثير للاستهجان لا الاستغراب حقيقة، حتى صاروا مثار التندر والسخرية، وفي المحطات التي تتطلب منهم صوتاً بل صراخاً مدوياً يشعر الكرد أن لا كرد في تلك المنطقة التي اسمها «باكوري كوردستاني».
لهذا نسمع أن حزب إردوغان “الإرهابي” يتصدّر قوائم الفائزين في قلب المناطق ذات الغالبية الكردية المطلقة، أما العمال الكوردستاني، فلا يحصد إلا قليل الأصوات، وهنا تكمن علّة هذا الحزب وفشله، وعلّة أهلنا” الكورد” هناك، الذين يخجلون حتى التحدث بلغتهم الكردية في بيوتهم، ويرون التركية لغة الحضارة والرقي.
كوردستان العدد 574 – زاوية «العدسة»

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في عالم يتأرجح بين الفوضى والنظام، يبرز المشهد السياسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية (2025) كمحطة حاسمة لإعادة تعريف التوازنات العالمية. إن صعود ما يُمكن تسميته بـ “الدولة العميقة العصرية”، التي تجمع بين النخب الاقتصادية الجديدة والتكنولوجية والقوى السياسية القومية، يكشف عن تنافس ضمني مع “الدولة العميقة الكلاسيكية”، المتمثلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية التقليدية. هذا…

تعرب شبكة الصحفيين الكُرد السوريين، عن قلقها البالغ إزاء اختفاء الزميلين أكرم صالح، مراسل قناة CH8، والمصور جودي حج علي، وذلك منذ الساعة السابعة من أمس الأربعاء، أثناء تغطيتهما الميدانية للاشتباكات الجارية في منطقة صحنايا بريف دمشق. وإزاء الغموض الذي يلف مصيرهما، فإننا نطالب وزارتيّ الإعلام والداخلية في الحكومة السورية، والجهات الأمنية والعسكرية المعنية، بالتحرّك الفوري للكشف عن مكان وجودهما،…

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…