جان كورد
الفكر، تحديد المفاهيم الأساسية المستنبطة من الفكر، تثبيت الأهداف وأولويات العمل لتحقيقها، الخطط التي يجب وضعها للخروج من المشروع بنجاح ملموس. وهذا ما نسعى له ونأمل الوصول إليه من خلال ما نطرحه من رؤية متواضعة على كل الناشطين في حراكنا السياسي – الثقافي في غرب كوردستان وفي المهاجر.
قلنا بأن الفكر الذي نشأت وترعرت في ظله الحركة السياسية الكوردية تأثر بمدارس واتجاهات عدة، ولكن أهم ما تسبب في ظهورها، كان رد فعل الشعب الكوردي على السياسات القمعية والممارسات العنصرية التي مارستها النظم السياسية المستبدة به، وهذا ما أفرز على الدوام مفاهيم عقيدية وسياسية طبعت الحركة ويمكن لنا استنباطها أو قراءتها من خلال مراجعة لبرامج ومناهج مختلف الأحزاب الكوردية / الكوردستانية، حيث تتشارك فصائلها على هذه المفاهيم التي تقود بالضرورة إلى وضع أهداف نصب أعينها، تسعى وتناضل من أجل تحقيقها، والأبرز منها هي:
-دفع الظلم عن المستضعفين
-تحقيق العدالة الاجتماعية والقضائية
-التآخي بين المواطنين والشعوب
-حماية الأقليات القومية والدينية
– الأمن والاستقرار
-الحريات السياسية
-حرية الرأي والفكر والعقيدة
-مساعدة المحتاجين والفقراء
– رفض العنف في العائلة والمجتمع عامةً
-احترام حقوق المرأة وحقوق الإنسان على العموم
-نبذ الإرهاب
-احترام المعاهدات والاتفاقيات
-توفير العمل للعاطلين عنه
-بناء المؤسسات الوطنية لعامة الناس
-تحقيق الأمن الغذائي والصحي للجميع
وإلى ما هنالك من مفاهيم أساسية نجدها مثبتة في برامج ومناهج الأحزاب القومية الكوردية، ولذا لا يستطيع أحد اتهامها بالعنصرية والتمييز والاستبداد بالأقوام الأخرى وبالتسلط على خيرات وثروات الجيران، وهذا يعني انتهاج سياسات مبنيةٍ على هذه الأسس الإنسانية الصلدة وهذه المفاهيم الحضارية الرائعةـ بمعنى: الحركة السياسية الكوردية تسير في عكس اتجاه السياسات الفاشية والعنصرية الدموية التي انقادت لها أحزاب قومية في البلدان التي تقتسم كوردستان، وهي سياسات تدميرية بالنسبة للأمة الكوردية التي لن ترضى بالسكوت حيالها، ولذا فإنها أنتجت أحزاباً قومية، ديموقراطية ووطنية مؤمنة بالتعايش السلمي والتآخي بين الشعوب، ولا تغلب عليها النزعة الاستعمارية أو غريزة الاحتلال ولا تقودها الأطماع ورغبة السلب والنهب، وتؤمن بأن إرادة الشعوب لا تقهر، وأن العنصريين لن يتمكنوا من التآمر على وحدة كفاحها التحرري.
وهذا يفسر سر نجاح الحركة الكوردستانية في الاستمرارية والبقاء، رغم الأهوال والتحديات العظيمة، لأنها حركة ذات مفاهيم إنسانية إيجابية، تقدمية، حضارية، وخير مثال على ذلك هو التصرف الجيد للبيشمركة والمقاتلين الكورد في الحروب مع الأسرى ومع المواطنين غير الكورد الذين منهم من كان يدعم العدوان وسياسة الاستيطان ويساهم في الحرب على الشعب الكوردي بطريقةٍ أو بأخرى. إن السلوك الرائع الذي يتعامل به بيشمركة كوردستان، من مختلف الأحزاب والاتجاهات الفكرية، مع اللاجئين والفارين من سوح القتال، رغم الظروف السيئة التي تمر بها كوردستان، دليل كبير على مدى وعي السياسيين الكورد واعتمادهم على الأسس الفكرية والمفاهيم العظيمة لحراكهم السياسي – الثقافي عموماً، كما هو دليل على تربية سياسية ناضجة إنسانياً ومتطورة حضاريا.
لم يحرر بيشمركة الكورد قرى ومدن عربية ومسيحية من عدوان (داعش) فحسب، بل سعى هؤلاء الأبطال في إعادة ماوقع في أياديهم من أموال وأغراض لأصحابها، وساعدوا المدنيين جميعاً، دون تفرقة قومية أو دينية، بل سعوا لأن تأخذ كنائس المسيحيين تألقها من جديد، وفتحت حكومة كوردستان صدرها لملايين اللاجئين، رغم الأوضاع المالية الصعبة لإقليم جنوب كوردستان.
إنها تربية الآباء والأجداد الكرام، تربية قادتنا الثائرين والمناضلين سياسياً، منذ عهد صلاح الدين الذي يحترمه الأعداء والأصدقاء، ومروراً بالأمراء البدرخانيين، والشيخ عبيد الله النهري، والشيخ عبد السلام البارزاني، والشيخ سعيد بيران، والجنرال إحسان نوري باشا، والشيخ علي رضا، والرئيس الشهيد القاضي محمد، ومن سلك سلوكهم في الحرب والسلام، عليهم جميعاً رحمة الله وغفرانه. وهذا ما تراكم وتعمّق وتأطر في إطارٍ جامع، نسميه ب”نهج القائد الكبير مصطفى البارزاني” الذي ظل وفياً تماماً لسلوك تلك السلالة الوطنية الشامخة، وسعى لتربية مقاتليه على ذلك النهج الإنساني الحضاري.
ويجدر بنا بعد أن راجعنا باختصار أسس البناء السياسي الكوردستاني أن نثبت الأهداف التي تتفق عليها الأحزاب القومية الكوردية، ونضع أولوياتها نصب أعيننا لنتمكن من وضع الخطة الشاملة للكفاح الوطني للأمة الكوردية، حيث من دون تثبيت الأهداف المشتركة لا نستطيع وضع أي خطة للمستقبل أيضاً…
07 حزيران، 2017
((يتبع))
kurdaxi@live.com facebook: Cankurd1