سوريا والخطوط الحمراء

توفيق عبد المجيد
للمرة الثانية تتصدى قوات التحالف الدولي للمحاولات السورية الرامية لاختراق ” التنف ” وفتح معبر لإيران عبر سوريا إلى البحر المتوسط بذريعة وجود قاعدة أمريكية وقوات بريطانية فيها ، والهدف لم يعد خافياً على من يتتبع سير الأحداث والأهداف التكتيكية والاستراتيجية والتي تخدم في المجمل والمحصلة ” التصدي للتمدد الإيراني ذي الغطاء المذهبي ، وتحطيم الهلال والبدر ومن ثم القمر الشيعي المعبر عنه بعلنية صار يدركها القاصي والداني .
وما يلاحظه المتابع للمشهد السوري ، ومن يقتفي مسار الهلال الشيعي أنه يتعثر كلما حاولت إيران عن طريق ميليشياتها المتعددة وبمختلف مسمياتها تمريره ، فلم يكن ذلك في سنجار سهلاً ، واضطر مهندسوه إلى تغيير المسار في أكثر من محاولة عبر الصحراء السورية المكملة للرمادي العراقية مروراً من ” التنف ” باتجاه البحر المتوسط ، لكن واجهت هذه المحاولات الصد من قبل قوات التحالف وفي طليعتها القوات الأمريكية ، فباءت بالفشل أو على الأقل بالتعطيل .
لكن الغريب في الأمر هذه المرة هو الردود التي صدرت عن النظام السوري وأنه يتحكم في ضبط النفس ليقول : ” لن يطول ضبط النفس لدينا ، ولدى حلفائنا لو تمادت أمريكا ” والحلفاء معروفون ولا يحتاجون للتعريف ، ولا لتبيان مخططاتهم التي تصطدم في كل مرة بحائط الصد من التحالف الدولي عبر قاعدته العسكرية في تلك المنطقة ، ليتابع النظام السوري تهديداته وإظهار قوته وقدرته في ضرب ” المواقع الأمريكية في سوريا وجوارها ” لكن ” ساعة تشاء الظروف ” ليكرر مرة أخرى أن ” سياسة ضبط النفس ستنفد إذا تجاوزت واشنطن الخطوط الحمراء ” واصفاً التصدي الأمريكي بـ ” التصرف المتهور والخطير ” .
لم يتأخر الرد الروسي الذي وصف الضربة الأمريكية لقوات موالية للنظام السوري بأنها ” انتهاك للقانون الدولي ” وكأن قصف خان شيخون بالسلاح الكيماوي ليس انتهاكاً لهذا القانون .
وفي ختام المقالة نتساءل : هل بقيت خطوط حمراء في كل سوريا يحظّر القانون الدولي تجاوزها ؟ أم أن المساحة السورية كلها صارت مستباحة ؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين اثار الأستاذ مهند الكاطع، بشعاره “بمناسبة وبدونها أنا سوري ضد الفدرالية”، قضية جدلية تستحق وقفة نقدية عقلانية. هذا الشعار، رغم بساطته الظاهرة، ينطوي على اختزال شديد لقضية مركبة تتعلق بمستقبل الدولة السورية وهويتها وشكل نظامها السياسي. أولاً: لا بد من التأكيّد أن الفدرالية ليست لعنة أو تهديداً، بل خياراً ديمقراطياً مُجرّباً في أعقد دول العالم تنوعاً. كالهند،…

د. محمود عباس بصوتٍ لا لبس فيه، نطالب الحراك الكوردي في غربي كوردستان بعدم التنازل، تحت أي ظرف، عن مطلب النظام الفيدرالي اللامركزي، وتثبيته بوضوح في صلب الدستور السوري القادم. فهذا المطلب لم يعد مجرد خيارٍ سياسي ضمن قائمة البدائل، بل تحوّل إلى صمّام أمان وجودي، يحفظ ما تبقى من تطلعات شعبٍ نُكّل به لأكثر من قرن، وسُلب…

كفاح محمود   لطالما كانت الحرية، بمختلف تجلياتها، مطلبًا أساسيًا للشعوب، لكنّها في الوقت ذاته تظل مفهومًا إشكاليًا يحمل في طياته تحديات كبرى. ففي العصر الحديث، مع تطور وسائل الاتصال وانتشار الفضاء الرقمي، اكتسبت حرية التعبير زخمًا غير مسبوق، مما أعاد طرح التساؤلات حول مدى حدود هذه الحرية وضرورة تنظيمها لضمان عدم تحولها إلى فوضى. وفي العالم العربي، حيث تتفاوت…

إبراهيم محمود   بداية، أشكر باحثنا الكردي الدكتور محمود عباس، في تعليقه الشفاف والمتبصر” في مقاله ( عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة ” 11 نيسان 2025 “. موقع ولاتي مه، وفي نهاية المقال، رابط للحوار المتلفز)، على حواري مع كاتبنا الكردي جان دوست، على قناة ” شمس ” الكردية، باللغة العربية، في هولير، ومع الشكر هذا، أعتذر…