من أيلول الثورة إلى أيلول الاستقلال

أكرم الملا
الخامس والعشرون من أيلول القادم، سيكون الحدث التاريخي الأبرز في تاريخ القرارات الكوردية الجريئة والصائبة، فلا عجب من قرار يقف وراءه الرئيس البيشمركة مسعود البارزاني، أن يتّسم بالجرأة والمثابرة على تحقيقه بعناد بارزاني مألوف للشعب الكوردي.
قرار الاستفتاء لم يأتِ عن عبث ومزاجية، بل نتيجةً لنضالٍ عنيفٍ وعنيدٍ خاضه الشعب الكوردي في كوردستان العراق بتقديمه الآلاف من الشهداء والمفقودين ومئات الآلاف المؤنفلين وحرق وتدمير للبشر والحجر. إن اللبنة الأساسية لمنجزات اليوم وضعها الخالد البارزاني مصطفى بإيقاد شعلة الثورة في أيلول من العام 1961 عندما قرر البارزاني الخالد الدفاع عن الحق الكوردي وتأمين حقوق الشعب الكوردي من خلال تقرير مصيره بنفسه، 
حينئذ زرع الزعيمُ الخالدُ بذرةَ الدولة الكوردية التي كان يؤمن بقدوم اليوم والساعة التي ستنتصر فيها إرادة الشعب الكوردي، كيف لا وهذه البذرة المزروعة قد تم إرواؤها بدماء الشهداء البررة، فنبتت، وأزهرت على مدى سنوات كثيرة تخللتها أيام عجاف وأعاصير وعواصف لاقتلاع شجرة ميلاد الدولة الكوردية التي بقيت متمسكة بجذورها المغروسة في أرض كوردستان بعناد ووفاء أرساهما فيها البارزاني الخالد.
كان على الأعداء والخصوم أن يفهموا، ويفقهوا أنه لا جدوى من الوقوف في وجه السيرورة التاريخية المنطقية للأحداث وخاصة أنهم تغافلوا عن الأهم وهو أن من حمل الأمانة من بعد رحيل البارزاني الأب هو الابن الذي لا يقل عناداً ومثابرة في النضال من أجل قطف ثمار شجرة الكوردايتي من خلال الدعوة الى الاستفتاء على استقلال كوردستان، وبدأ النضال السياسي الداخلي مع بغداد المركز ومع القوى السياسية العربية وخاصة الكوردية التي كانت تعارض هذا المشروع القومي حتى تم اقناعهم بصوابية قراره الشجاع النابع من ضرورة المرحلة التاريخية لقرار كهذا.
أما على الصعيد الدولي الخارجي، فكانت للرئيس البارزاني جولات دبلوماسية ناجحة من خلال اتباعه الدبلوماسية السلسة لطرح مسألة الاستفتاء التي لا تتعارض مع القوانين الدولية وشرعات حقوق الانسان.
بما أن هذا الشبل من ذاك الأسد، وبما أنه خيرُ خلف لخيرِ سلف، فبالتأكيد كان هذا الـ أيلول من رحم ذاك الـ أيلول.
*جريدة كوردستان العدد 562 زاوية ( العدسة )

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…