يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
قلم مثقل بالجروح ،وهذه الورقة الحزينة البيضاء العاشقة للغة ،أناملي ترتجف بين أمل مرتقب و طيف مظلم يلف نصفي الأيمن ،ناجيت القدر رفقا بكي جمراته الحمراء التي تخترق دواخلي كقصيدة حب عذري ،كتبت إلى المرض ان يسكنني بلطف ،أن يحادثني بعطف ،ان يضمني و يأخدني إليه ،فأنا لم أعد أتحمل وقوفي في المنتصف .
أنا الوحيد المتوحد….الذي سرقت مني الحياة نفسي ،و أخدت مني التقاليد طبيعتي ،وٱخترق القدر أحلامي .
أنا المنهوب….جميعهم سرقوني و ماتوا.
أنت أيها القدر ؟؟ نعم انت أيها الراقي ،إني أخاطبك بعقل يعاني من شدة الألم ،بقلب ينزف أملا بدم الوحدة و الغربة في حيز يفتقر إلى الإنسانية ،بعينين لا تستطيعان ان ترشدا قلم الكلمات بدقة على الورقة ،بجسد يقاوم ذئاب الموت ملفوف بظلام بالكاد أن يلامسني .
أيها القدر !! هل قرأت يوما معنى الألم ؟؟ ،هل سامرت الليالي و أنت تغازل المرض مكرها ؟؟ ،هل أدرفت يوما دموع وعي الألم ؟؟ ،هل قبلت يوما جدران غرفتك ككثمان آهات جروحك ؟؟ ،هل وضعت يوما يدك في ألمك كونك لا تملك سواها ؟؟ ،هل كتبت يوما عن السعادة بمداد ألمك لغيرك ؟؟ .
أكتب إليك أيها القدر !! ،وانا مختلف عنك ،بلغة تختلف على لغتك ،من مكان بعيد عن موطنك ،بثقافة ليست كثقافتك ،لكن بٱنسانية تسكنك ،بٱحساس يجمعني بك ،بأمل نجري من وراءه انا و أنت ،بألم يبكينا ،بأمل نطمح له .
أيها القدر عفوا !! ،أشتاق إلى نومك ،ان أنام دون خوفي من غدك ،أتوق إلى شفاءك ،إلى شعر الحياة الذي تتناغم به قصيدتك ، بأقلام حرية القافية ،المعزوفة على أوتار الراوي الوحيد ،المنشودة في مقبرة الديوان.
أنظر هنا و هناك لعلي أجدك أيها القدر ،أبحث كثيرا دون جدوى ،حتى أتعب ثم أعود إلى فراشي ، أنهال على فلسفة ليست كالفلسفات ،فلسفة أتجرع منها شيئا من الأمل و القدرة على تحمل الألم ،فلسفة لا أستطيع أن تغيب عن مخيلتي ،تحس بذلك فتتسرب إلي دون عناء .
ويحك !!أمازلت تتسآل من تكون ؟؟ : فلسفة “فريدريك نتشه” العظيم.
اليوم أكتب إليك أيها الإنسان المتألم ،أكتب إلى كل من شرب من بحر الأخلاق على شوارع سفن “إمانويل كانط” ،إلى من تجرع قلبه من حضارة الرقي و العلى على جبال عظمة “فريدريك هيغل” ،إلى من تربع على أمجاد الحياة و الحب و الإنسانية و التضحية في حصن “هوتوفن بيسمارك” ،إلى شعب لا تشعر في أوساط فكره سوى أنك إنسان… .
أشعر أني حي كلما قرأت عنكم أيها المتألمون ،قد لا اجيد لغة الألم لأني كثوم ،لا أتفوه لكني احس بذلك ،شعور يمزقني إلى شظايا تتلاشى مع سرعة الزمن ،كم كنت أطمح إلى رؤية ذلك القدر ،أقاومه حبا لكن جسدي لا يستطيع ،لم أكن أؤمن في صغري بالنهايات لكن هذه نهاية حقيقتي.
لم أعد أبحث عن مكان لي ،فأينما وجدت هو مكاني ،مكاني هي حقيقة وعيي ،حقيقة تشكل من ورائي مجموعة من القراءات لمحيطي ،تملؤه مجموعة من الحقائق التي تاه وجود مكاني في أعماقها .
قد لا أشفى من هدايا القدر ،قد لا أعيش بقدر ما يراه لي القدر ،قد يتملكني ظلام ليل القدر الحالك الأبدي ،ليل يسكن الحياة بقدر ما لا يعيد الإبتسامة إلى محيا وجه هاجرته السعادة بقسوة الأقدار…. ،لا أملك إلا سواي.
إني أنتظر القدر على صفة ملاك أبيض ،يعلوه إحمرار يلامس ألمي ،ان يتفحص جروح شمسي ،أن يعيد ألوان طيفها في سمائي ، بذلك سأكون وكأني رأيت الله علانية ،ولن أشكك في عيناي على أنه الله جاء ليشفيني .
أيها القدر الخائف!! مابك؟؟ فقط سلم لي على تلك التي تنحني لها الجبال ،تلك التي برجها السماء ،و جمالها النجوم ،فقط تلك.
هأنذا في صمتك ايها القدر.