الإدارة الذاتية ..

د. فريد سعدون
من المفترض أنها شكل من أشكال الحكم، ولكنها في جوهرها هي نوع من التمرد والعصيان المدني على نظام حكم قائم في دولة ذات سيادة ، حيث يقوم المجتمع بتنظيم نفسه لإدارة نفسه بعيدا عن نظام الدولة وسلطتها، وبالتوازي معها، وبذلك يجرف الدولة من الداخل تمهيدا لإقامة دولة جديدة وفق مفهوم الأمة الديمقراطية، وكان من المفترض تطبيق هذا النموذج في تركيا، ولكن ذلك غير ممكن بسبب قوة وسطوة الدولة التركية، وسنحت الأزمة السورية الفرصة لتطبيق هذا النموذج في منطقة الشمال الشرقي منها، وبعد مضي سنوات هل استطاعت هذه الإدارة أن تحل محل الدولة ؟؟؟
الجواب هو النفي قطعا !!! 
فقد فشلت فشلا ذريعا في عدة ملفات ، أهمها:
– قطاع الصحة ، الذي تدهور بشكل فظيع وخاصة المشافي العامة التي كانت تقدم خدمات مجانية للشعب، بينما الآن باتت المعالجة الصحية كابوسا يؤرق المواطن بسبب التكاليف الباهظة وفقدان الأدوية والمتطلبات الطبية.
– قطاع التربية والتعليم، حيث من اصل 1715 مدرسة في المحافظة لم يبق في الخدمة غير 150.. والمناهج الكردية التي طرحتها الإدارة لقت استنكارا من الشعب، وذلك لعدم اعتراف الدولة بها، وعدم مناسبتها للبيئة التربوية والثقافية الكردية السورية، وغياب الكادر التدريسي المختص.
– قطاع الخدمات: حيث فشلت الإدارة في تأمين الكهرباء وإصلاح شبكات المياه والمواصلات .
– فشلت في تأمين الخبز، حيث ما زالت الدولة هي التي تدعم الخبز وتقدمه بسعر رخيص للمواطن ولكن بسبب سيطرة المحسوبيات والمفسدين على الأفران فإن الخبز في السوق السوداء له سعره الخاص.
– القطاع الاقتصادي: فشلت الإدارة في إقامة مشاريع اقتصادية واستثمارية أو تطوير القطاعات القائمة كالزراعة والري .
– فشلت الإدارة التي تدّعي أنها اشتراكية وضد الرأسمالية والبرجوازية في حماية المواطن من المافيات التجارية والسماسرة والكمبرادورية ، حيث ظهرت هذه الطبقة الطفيلية التي فتكت بالمجتمع واستولت على معظم قدراته الاقتصادية بما فيها المواد الغذائية كالسكر والرز وغيرها من المواد التي يتم استيرادها من الخارج حتى تدخلت الدولة وعرضت كميات للبيع فأدى إلى تخفيض الأسعار . 
– شكلت هذه الإدارة وزارات شبه وهمية ليس لها مجال عمل على أرض الواقع مثل هيئة المالية و تتبعها أ- الأمانة العامة للمصارف، ومعلوم أنه لا توجد مصارف للإدارة الذاتية، وأيضا هيئة الاتصالات التي لا وجود لها على الإطلاق .
من هنا فإن هذه الإدارة تحتاج لإعادة نظر في بنائها بشكل كامل !!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي * حوالي ظهر يوم السبت الموافق 26 أبريل (نيسان)، وقع انفجار هائل في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس في محافظة هرمزغان، والذي يُعد أحد أهم وأكثر المراكز التجارية حساسية في إيران، مخلفًا أبعادًا واسعة من الخسائر البشرية والمادية. وبينما لم تُنشر حتى الآن، وبعد مرور أكثر من 24 ساعة، معلومات دقيقة وموثوقة حول السبب الرئيسي للانفجار وحجم…

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…