إرهاب الكورد على الكورد أفضل من إرهاب العرب ضدّهم

إدريس سالم
أن ينفيني كوردي خارج أسوار مدينتي، أفضل من أن يرميني عربيّ شوفيني بعثي لا يملك من الإنسانية ذرة. أن يعتقلني كوردي وفي زنازين كوردية وتحت باطن الأرض، أفضل من أن أعاني في معتقلات عربية معفّنة برائحة الكره والحقد وكل أشكال الإرهاب، تجاه شعب عريق ذو تاريخ وحضارة على مرّ القرون. أن يجلّدني سجّان كوردي بجبروته وشاربه الكبير وكفّه الواسع وقامته الممتلئة، أهون من أن يضعني عربي في أحد الدواليب المستخدمة، لتعذيب الأبرياء والنشطاء والسياسيين. 
أن يمارس حزب الاتحاد الديمقراطي وقوّته العسكرية ومنظماته الفكرية والثقافية بطشه وجنونه وإرهابه السياسي وغير السياسي ضدّ إرادة وعزيمة الأحزاب الكوردية وحركاتها ومنظماتها ومناضليها، أفضل بكثير من إرهاب العرب المتمثّل بتنظيم داعش وجبهة النصرة والنظام السوري البعثي، وحزب الله اللبناني، وفيلق القدس الإيراني، وكل التنظيمات العربية السورية التي ولدتها الثورة السورية، وعلى رأسهم الائتلاف السوري وهيئة التنسيق الوطنية، والواقفة ضدّ إرادة الكورد. أن نعاني قرناً كاملاً من إرهاب واحتلال واستعمار الكورد ضدّ الكورد، أفضل من أن نعاني قرناً آخر من احتلال واستحقار العرب لنا. 
هذا كلّه، عبارة عن مقدمة جزئية، جراء الرسالة التي وجهتها اللجنة القانونية في الائتلاف السوري المعارض برئاسة عضوها العجوز المحامي هيثم المالح ذو التوجّه الإسلامي، إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، طالبت فيها بوضع حزب الاتحاد الديمقراطي، ومليشياته وأذرعه المسلّحة في قائمة «المنظمات الإرهابية المحظورة»، لكونه فرع لحزب العمال الكوردستاني، الذي وضع سابقاً تحت هذه القائمة، ونتيجة للجرائم والانتهاكات التي يرتكبها هذا الحزب، بحق السكان العرب وباقي المكوّنات السورية الأخرى، في المناطق التي تقع تحت سيطرة قوّاته.
أمّا المجلس الوطني الكوردي فحتماً سيرفض هذه الرسالة، وربّما ببيان رسمي للرأي العام، ولكن؛ المجلس الوطني عضو في الائتلاف السوري، من خلال الكتلة الكوردية التي يترأسها عبد الباسط حمو، نائب رئيس الائتلاف الجديد، خلفاً عن عبد الحكيم بشار، والذي قال أن الكتلة الكوردية ليس لديها علم بهذه الرسالة، ولا يتفقون ما جاء فيها، ووضّح أنه اجتمع مع رئيس الائتلاف بشأن الرسالة، والذي بدوره أكد بأنه غير مطلع على مضمونها. 
بحسب تصريحات عبد الباسط حمو، فإن هيثم المالح هو مَن خطّ هذه الرسالة، وأرسلها إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، هيثم المالح السياسي الذي عانى من بطش أسد الأب والابن، والذي صرّح علناً بأنه لو خُيّر بين النظام السوري وداعش فإنه سوف يختار داعش، إذاً على الكورد أن يطالبوا أيضاً بوضعه على قائمة الشخصيات الإرهابية فكراً وعقلاً، لكون تصريحاته تحفز العرب على ممارسة العنف والعنجهية ضدّ المدنيين الآمنيين، وأن يقطعوا كل علاقات التواصل والتفاعل معه.
أتساءل: 
ما الذي يجري داخل أروقة هذا الائتلاف، الذي يديره جماعة إخوان المسلمين؟ أين دور الكتلة الكوردية الفعلي مما يجري؟ مَن المسؤول عن كل هذه الخروقات التي تحدث بين فترة وأخرى؟ أليس أجدر بهذه الكتلة أن تطالب الائتلاف – كأقل مجهود – بإصدار بيان، لتخليد ذكرى المجزرة التي افتعلتها داعش في مدينة قامشلو؟ أليس أفضل للمجلس الوطني الكوردي أن ينسحب من الائتلاف بشكل رسمي وعلني، وينقل مركز نشاطه من اسطنبول إلى هولير، ويعمل من هناك على تحقيق مطالب الشعب الكوردي في غربي كوردستان، وتهيئة المناخ الاجتماعي والسياسي لضم غربي كوردستان إلى جنوبه؟ لماذا لا يعمل مع جبهة الإنقاذ الوطني، كبادرة جديدة على تفعيل وتنشيط المجلس، وفتح مكتب له في إقليم كوردستان؟ لماذا لا يطالبون بافتتاح أكبر سفارة إسرائيلية في وسط مدينة هولير عاصمة إقليم كوردستان، وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والسياحية معها وبالعلن، بدل حالة الجلوس والقيام مع الائتلاف الذي يعادي إسرائيل علناً، وفي السرّ والخفاء هي الصديقة الوحيدة للشعب السوري، مقارنة بباقي الدول العربية. 
على المنظومة الأوجلانية السياسية والعسكرية والفكرية، أن تمارس إرهابها الشرعي ضدّ كل عربي شوفيني، إن افتعل أي جريمة أو انتهاك حتى ضد الحيوانات التي يربّيها الكورد، على هذه المنظومة أن تفرغ كل سجونها ومعتقلاتها السرية والعلنية من النشطاء والسياسيين والمناضلين المعارضين لها، لكونها لم تؤسَس لنفسها حتى الآن أيّ نظام شرعي معترف به وفق الشرعيات الدولية، على هذه المنظومة أن تلتفت حول معاناة ومطالب مواطنيها الكورد، سواء المؤيّدين أو المعارضين، عليها أن تتوقّف عن إرسال خيرة شبابها وشاباتها للقتال في المناطق والمدن العربية، هذه المدن التي وُلد فيها أمثال هيثم المالح وميشيل كيلو، الذي يطالب بوضع هذه المنظومة تحت قائمة التنظيمات الإرهابية، على هذه المنظومة أن تتوحّد سياسياً وعسكرياً مع شريكه الكوردي الآخر، والمتمثّل بالمجلس الوطني الكوردي وقوّات البيشمركة، المدرّبة في إقليم كوردستان،  وتؤسّس إقليماً كوردياً أو تتوحّد مع إقليم كوردستان في الجزء الجنوبي من كوردستان. وأخيراً ومن منطلق ما أكتب، قد يكون هذا مجرّد آمال وهمية أو وطنيات فارغة، لكنه لسان حال كل كوردي شريف، يريد الخير لنفسه ولوطنه. 
إدريس سالم
ميرسين 28 يوليو/تموز 2017

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في عالم يتأرجح بين الفوضى والنظام، يبرز المشهد السياسي للولايات المتحدة في ولاية دونالد ترامب الثانية (2025) كمحطة حاسمة لإعادة تعريف التوازنات العالمية. إن صعود ما يُمكن تسميته بـ “الدولة العميقة العصرية”، التي تجمع بين النخب الاقتصادية الجديدة والتكنولوجية والقوى السياسية القومية، يكشف عن تنافس ضمني مع “الدولة العميقة الكلاسيكية”، المتمثلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية التقليدية. هذا…

تعرب شبكة الصحفيين الكُرد السوريين، عن قلقها البالغ إزاء اختفاء الزميلين أكرم صالح، مراسل قناة CH8، والمصور جودي حج علي، وذلك منذ الساعة السابعة من أمس الأربعاء، أثناء تغطيتهما الميدانية للاشتباكات الجارية في منطقة صحنايا بريف دمشق. وإزاء الغموض الذي يلف مصيرهما، فإننا نطالب وزارتيّ الإعلام والداخلية في الحكومة السورية، والجهات الأمنية والعسكرية المعنية، بالتحرّك الفوري للكشف عن مكان وجودهما،…

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…